فوائد العيش بالقرب من المساحات الخضراء أو حتى زيارتها بانتظام عديدة على المناخ والصحة. باحثون من إسبانيا وأمريكا توصلوا إلى نتائج مدهشة في أحدث دراسة قاموا بها. فما تأثير الحدائق والغابات على المناخ والصحة؟
إعلان
التأثير الإيجابي للمتنزهات والغابات والحدائق، لا يقتصر على المناخ، بل يشمل الصحة أيضاً. إذ وجد فريق بحث إسباني أمريكي أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المساحات الخضراء، يبدو مظهرهم أصغر بعامين ونصف العام من أولئك الذين لا يعيشون بالقرب من الحدائق والمساحات الخضراء، وفق مجلة "واتسون".
مواجهة الاحتباس الحراري
وقال كيتسو كيم، الباحث المشرف على الدراسة من كلية فينبرغ للطب بجامعة نورث وسترن: "العيش بالقرب من المساحات الخضراء يمكن أن يجعلك تبدو أصغر مما أنت عليه في الواقع". يعتقد الباحثون أن نتائج الدراسة يمكن أن يكون لها آثار مهمة على التخطيط الحضري، ويوضح كيم للموقع الأوروبي "يورونيوز" "توسيع البنية التحتية الخضراء، يهدف إلى تعزيز الصحة العامة وتقليل التفاوتات الصحية بين السكان".
مدن خضراء: أفكار مبتكرة للتنمية الحضرية
03:58
وتلعب المساحات الخضراء في المدن أيضاً دوراً مهماً بالنسبة للاحتباس الحراري. لأن التوسع في المناطق الحضرية قد يؤدي في بعض الأحيان إلى تشكل ما بات يعرف بـ "الجزر الحرارية" في فصل الصيف. الخرسانة والأسفلت تمتص أشعة الشمس وتنبعث منها على هيئة حرارة ترفع من حرارة الجو بهذه المناطق. وهنا يمكن للمساحات الخضراء أن تساعد في تبريد المدن.
اكسير الصحة والشباب
ثبت علمياً أن قضاء الوقت في الغابات والمتنزهات له تأثير إيجابي على الصحة. في الآونة الأخيرة في شهر يناير/ كانون الثاني من هذا العام، توصل باحثون في دراسة فنلندية إلى أن زيارة المساحات الخضراء تقلل من تناول أدوية الربو أو ارتفاع ضغط الدم.يمكن أن تقلل الزيارات المنتظمة إلى المتنزهات أو الغابات أيضًا من تناول أدوية العلاج النفسي بنسبة تصل إلى 33 بالمائة.
من جانبها أكدت ميريام شندلر، أستاذة الجغرافيا البشرية في جامعة فيكتوريا في ويلينجتون، لـ"يورونيوز": "تقدم هذه الدراسة رؤى قيمة يجب على مخططي المدن وصانعي القرار أخذها بعين الاعتبار، لاسيما في المناقشات الجارية حول استراتيجيات الإسكان". القرب من المساحات الخضراء هو إكسير "الصحة والشباب نتيجة قدرتها على إبطاء الشيخوخةاللاجينية".
إ.م
مدن تختنق.. العالم بحاجة إلى حدائق أوسع
تعاني أغلب المدن الكبرى من نقص في المساحات الخضراء، العالم العربي ليس استثناء. جولة في أهم مدن العالم التي تلون مساحاتها بلون الحدائق الاخضر تكشف عن أهمية وجود حدائق في مدن الأسمنت.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Robayo
الصين تحاول
تشير إحصائيات صادرة عن "المنتدى الثقافي لمدن العالم" للفروق الشاسعة في تخطيط المدن حول العالم. ففي مدينة شينزهن الصينية يتم تخصيص 40% من المساحة للمناطق الخضراء، بالرغم من ازدهار قطاع البناء. كما تعمل العاصمة بكين على زيادة المساحات الخضراء بها، والتي تزيد اليوم عن 45 % من المساحة الكلية.
صورة من: picture alliance / dpa
اسطنبول تختنق
بحلول عام 2050، سيعيش أكثر من ثلثي البشر في الحضر بحيث سيتمكن جزء منهم فقط من الحياة في مدن ستتيح لهم الاستمتاع بالطبيعة، وفقا للأمم المتحدة. وتعتبر اسطنبول واحدة من أقل المدن امتلاكا للمساحات الخضراء في العالم، فقد خصصت إدارة المدينة 2.2% فقط من مساحتها للحدائق العامة بداية من عام 2015. ومن ثم اقترحت الحكومة تحويل الساحات العامة القديمة لمتنزهات.
صورة من: Reuters/M. Sezer
نيويورك والبحث عن الصحة
تشجع الحدائق العامة على ممارسة الرياضة، كما يساعد قضاء الوقت وسط الطبيعة على الحفاظ على صحة نفسية أفضل حيث يساعد على تفريغ الضغوط بالإضافة إلى تنمية التواصل الاجتماعي. وبالرغم من سمعتها كمدينة إسمنتية، يحمل حوالي ربع مساحة مدينة نيويورك اللون الأخضر بفعل الحدائق المنتشرة بمناطق صناعية سابقة للسماح لسكان المدينة الأمريكية بالاستمتاع بها.
صورة من: picture-alliance/robertharding/E. Rooney
طوكيو تعاني
تنقي الأشجار والنباتات الهواء، ولهذا فإن وجود المساحات الخضراء يعمل بفاعلية على توفير هواء نظيف نتنفسه. وتزيد أهمية ذلك في المدن المزدحمة مثل العاصمة طوكيو، والتي تحتوي 7.5% من مساحتها على مناطق خضراء، وفقا لدراسة أجراها مكتب التطوير الحضري. ويعاني الكثير من سكان عاصمة اليابان، والذي يزيد عددهم عن 9 مليون نسمة، من الحساسية نحو تلوث الهواء.
صورة من: Imago/Aurora Photos/T. Martin
لوس أنجلس وحرارة الأسمنت
يؤدي الإسمنت إلى ارتفاع الحرارة بالمدن ويجعل السكان أكثر تأثرا بموجات الحرارة المرتفعة، وهذا يعرف باسم "أثر الجزر الحرارية الحضرية"، أي أن المدن تكون أكثر دفئا من المناطق المحيطة بها. إلا أن المساحات الخضراء تقدم حلا للمشكلة لعملها على خفض حرارة الجو. وبالرغم من أن الحدائق العامة تمثل حوالي 35% من مساحة مدينة لوس أنجلس الأمريكية، فإن المدينة مازالت تعاني من ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة.
صورة من: Iwan Baan
أشجار باريس تواجه الفيضان
تتمثل أهمية أخرى للمساحات الخضراء في امتصاص المياه للحد من فيضان المياه الذي شهدته باريس في عام 2018، حيث تغطي الخضرة 9.5% من مساحة العاصمة الفرنسية. يمكن للمساحات الخضراء المخطط لها صد المياه المصاحبة للعواصف وحماية المناطق السكنية منها، بما يجعل تلك المساحات الخضراء عاملا ضروريا في نظام إدارة الفيضان بالمدينة. وتعمل باريس على زراعة 20 ألف شجرة جديدة بحلول عام 2020.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Marin
بوغوتا تريد المزيد..
بوغوتا في كولومبيا هي واحدة من المدن النشطة، التي تخصص حوالي خمسة بالمئة من مساحاتها للمساحات الخضراء. فبينما تنمو مساحة المدن وتزداد ثراءً، تحتاج إلى تحقيق التوازن ما بين التنمية الاقتصادية على المدى القصير والتأثير على المناخ العالمي وصحة المواطنين على المدى الطويل. لويزه أزبرون/ د.ب.