فوضى تهيمن على أجواء تحضيرات أوكرانيا لبطولة الأمم
٢٦ مايو ٢٠١٢ رغم اقتراب موعد بطولة الأمم الأوروبية 2012، التي ستنطلق في 2012/6/8، فلا تزال أوكرانيا تخوض غمار التحضيرات لضيافة المباريات، حيث لا تزال مظاهر البناء والإصلاح تسيطر على شوارع العاصمة الأوكرانية كييف والمدن الثلاثة، التي ستضيف المباريات بالاشتراك مع بولندا. وحتى في ضواحي العاصمة لم تنته أعمال البناء. أمر أعتاد عليه اريك أيجنر، مهندس الترميم الألماني، الذي يعيش في أوكرانيا منذ 15 عاماً. يقول ايجنر " هذا هو المعتاد في السياسة الأوكرانية: الانتظار حتى آخر لحظة". ويرى متخصص الترميم أن البلاد لم تدرك تحديات استضافة بطولة الأمم الأوروبية. ويضيف "لدي شعور بأنهم اعتقدوا أن بناء الملاعب والمطارات كافٍ".
و حتى الملاعب الجديدة لم تسلم من الفوضى، كما يقول أوليكساندر بوبوف، رئيس تحرير الموقع الاليكتروني " Dynamo Kiew "، والذي يتابع الاستعداد لبطولة الأمم الأوروبية بمشاعر مختلطة "أنا قلق بعض الشيء بصراحة. تذكرني العديد من الأمور بعلبة مغلفة جميلة، لا يعرف أحد محتواها".
تم بناء ملاعب جديدة في الأربعة مدن المضيفة لبطولة الأمم الأوروبية في أوكرانيا. وجاء الافتتاح في خريف عام 2011، متأخراً لمدة عدة أشهر في العاصمة كييف ولفيف في غرب أوكرانيا. أما المدن الصناعية الشرقية خاركيف ودونيتسك فلم تشهد أي مشاكل من هذا القبيل، فقد تولى تنفيذ هذه المشاريع في كلتا المدنيتين رجال أعمال أثرياء والذين مولوا بناء ملاعب كرة القدم الحديثة لأنديتهم الخاصة. ويصف أيجنر الذي يعيش في دونيتسك، استاد دونباس قائلاً "أمر مثير للإعجاب، ملاعب رائعة".
ضعف البنية التحتية
من ناحية أخرى، فإن مرافق البنية التحتية لا تبدو في وضع يسمح باستضافة البطولة. تم بناء مطارات جديدة في كييف وخاركوف ودونيتسك، لكن الطرق التي تربط بين المدن الأوكرانية الأربعة المستضيفة والممتدة لمئات الكيلو مترات لم يتم تجديدها بالشكل الكافي، كما يقول المراقبون. ويصف ايجنر الطريق السريع الرابط بين كييف ودونيتسك "بالكارثي"، فالطرق الضيقة غالباً ما تكون بمسارين فقط وغير ممهدة. أما خيار السفر بالقطار فلا يعد حلا بديلاً، فمتوسط سرعة القطارات تبلغ 60 كيلومترا في الساعة، أي أن الرحلة من كييف إلى دونيتسك تستغرق حوالي 10 ساعات. ورغم بدء تشغيل القطارات السريعة، التي تم شراؤها في إطار التحضير للبطولة الأوروبية من كوريا الشمالية وجمهورية التشيك، فإن سرعة هذه القطارات لا تتجاوز 120 كيلو متر في الساعة، وفقاً لمصادر إعلامية.
أسعارالفنادق خيالية
لكن المشكلة الأكبر في بطولة كرة القدم الأوروبية في أوكرانيا لا تكمن في القطارات البطيئة ولا في الطرق الوعرة، ولكن في الفنادق، كما يرى الخبراء. فقد ارتفعت أسعار الفنادق لأرقام خيالية، كما يقول ميشيل بلاتيني رئيس الإتحاد الأوربي لكرة القدم والذي وصف أصحاب الفنادق ب "المحتالين والنصابين". ارتفعت أسعار الفنادق في فترة انعقاد كأس الأمم الأوروبية إلى ما بين ثلاثة إلى سبعة أضعاف وفي بعض الحالات إلى عشرة أضعاف، كما صرحت رابطة الفنادق الأوكرانية. ويبلغ سعر الغرفة لشخص واحد في فندق من فئة ثلاث نجوم في المدن المستضيفة للبطولة حوالي 200 يورو لليلة الواحدة، وهو ما يعادل تقريبا أسعار الفنادق من فئة أربع نجوم في نيويورك.
ويتعجب فاسيل يورتشيشن من مركز راسوموكف (Rasumkow) للدراسات الاقتصادية والسياسة في كييف من هذا التطور " أتعجب من أن يتوقع أصحاب الفنادق ومديريها قدوم الزائرين إليهم بعد زيادة السعر عشرة أضعاف ". ويتوقع يورتشيشن أن يحدث العكس تماماً " لن يأتي الكثير من المشجعين لمدة 3 إلى 4 أيام، على عكس ما نأمله، بل ليوم أو يومين فقط" ويعتقد الخبير أن بعض المشجعين سيقدمون برحلات رخيصة وسيعودون إلى بلادهم بعد انتهاء المباراة مباشرة"
فن الارتجال
كلف التحضير لبطولة كأس الأمم الأوروبية البلاد حوالي 3.5 مليار يورو، حسبما قال الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش. وتكلف بناء ملعب مدينة كييف وحده نصف مليار يورو، لكن هناك ثمة تساؤلات حول حجم الأموال، التي ضاعت في قنوات غير شرعية، كما يقول متخصص الترميم اريك أيجنر.
ويرى الخبير الاقتصادي فاسيل يورتشيشن أن الحكومة الحالية لا تتحمل المسئولية وحدها عن عدم مطابقة البنية التحتية للمعايير الأوروبية " المشكلة سببها الحكام، وليس الموجودين في السلطة الآن فقط ولكن الذين سبقوهم أيضاً". ويرى اريك أيجنر أن المشكلة تكمن في الـ "عقلية الأوكرانية"، حيث يتم انجاز أمور كثيرة "في اللحظة الأخيرة." ويرى ايجنر أن السياح الأجانب قد يشهدون بطولة فوضوية، لكنها ستكون رغم ذلك "فوضى خلاقة". ورغم دواعي التشاؤم فإنه يرى أن هناك فرصة بنسبة 50 في أن ينجح الأوكرانيون في استضافة البطولة ،"هذا هو الجانب الإيجابي في الأوكرانيين أنهم قادرون دائما على الارتجال".
رومان كونشارينكو/ مي المهدي
مراجعة: هبة الله إسماعيل