فوق الصفر.. أسواق النفط تتنفس الصعداء غداة انهيار تاريخي
٢١ أبريل ٢٠٢٠
عاودت أسعار النفط الارتفاع في الأسواق الآسيوية إلى ما فوق الصفر بقليل بعد انهيار تاريخي نتيجة لانخفاض شديد في الطلب بسبب كورونا واقتراب سعة تخزين المنشآت الأمريكية من الامتلاء، وسعي المتعاملين للنخلص من مخرونهم الفائض.
إعلان
قفز سعر برميل النفط الأمريكي تسليم أيار/ مايو في التعاملات الآسيوية صباح اليوم الثلاثاء (21 نيسان/ أبريل 2020) إلى ما فوق الصفر بعدما أغلق في نيويورك على سعر غير مسبوق في التاريخ ببلوغه 37,63 دولارا تحت الصفر للبرميل، أي أن المتعاملين دفعوا للمشترين كي يخلصوهم من سلعة فاضت الخزانات بها وندر الطلب عليها بسبب وباء كورونا.
وعند بدء التداولات بلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط تسليم أيار/مايو 0,56 سنتا للبرميل، علما بأن العقود الآجلة لشهر أيار/ مايو تنقضي اليوم الثلاثاء.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن مساء أمس الإثنين أن الولايات المتحدة ستستغل الانهيار التاريخي الحاصل لأسعار الخام لشراء 75 مليون برميل لملء مخزونها الاستراتيجي من النفط.
وقال ترامب خلال مؤتمره الصحافي اليومي في البيت الأبيض بشأن تطوّرات وباء كورونا "نحن نملأ احتياطاتنا النفطية الوطنية... كما تعلمون الاحتياطيات الاستراتيجية. ونحن نتطلع إلى وضع ما يصل إلى 75 مليون برميل في الاحتياطيات نفسها".
وكان ترامب أعلن في 13 آذار/مارس عزمه على ملء المخزون الاحتياطي الاستراتيجي إلى الحد الأقصى. وفي 17 نيسان/ أبريل الجاري بلغ احتياطي الولايات المتحدة من النفط 635 مليون برميل، علما أن السعة القصوى المسموح بها حاليا هي 713,5 مليون برميل.
بدوره، رأى رئيس الوزراء الروسي السابق ديميتري ميدفيديف أن الانهيار الكبير لأسعار الذهب الأسود يُفسر بصفقة ناتجة عن تفاهم احتكاري بين تكتل أطراف. وكتب ميدفيدف على صفحته في موقع فيسبوك "ما نشهده بالنسبة لعقود النفط الآجلة يشبه جداً صفقة داخل كارتيل"، داعيا إلى اتخاذ تدابير لتهدئة السوق.
ع.ج/ ع.ج.م (رويترز، أ ف ب)
هل تتحمل أسواق النفط العالمية أزمة جديدة؟
هل تُقدم اسواق النفط العالمية على أزمة جديدة؟ يبدو أن هذا السؤال هو ما يشغل بال مهتمين كثر بالنفط في العالم. البلدان المنتجة والمستهلكة لم تسلم من تأثير هذه الأزمات الناتجة عن ارتفاع أسعار البترول وانخفاضه كذلك.
صورة من: Getty Images/J. Raedle
حظر عربي
بعد يوم من بداية حرب "الستة أيام"، قررت مجموع من الدول العربية المصدرة للنفط حظر المادة الثمينة على الداعمين لإسرائيل عسكريا. البعض حدد تاريخ الحظر في 6 يونيو/ حزيران 1967. قرار الحظر لم ينجح في التأثير على كمية النفط المتاحة على الأقل بالنسبة لجزء من البلدان، كأمريكا. وتجدر الإشارة إلى أن دول عربية لم تلتزم بالحظر ولا بتحديد شحنات النفط التي تصدرها لهذه البلدان رغم موافقتها على القرار في البداية.
صورة من: Shabtai Tal/GPO/Getty Images
أزمة النفط الأولى
كانت صدمة أكثر من أزمة النفط الأولى، كما يٌطلق عليها. في عام 1973، قررت دول عربية تنطوي تحت منظمة "أوبك" تخفيض إنتاج النفط، وفرضت حظرا على بعض شحنات النفط الخام المتجهة إلى دول كأمريكا وهولندا، للتأثير على إسرائيل. هذه القرارات ساهمت في ارتفاع أسعار النفط بشكل لم يكن منتظراً. واستمرت الأزمة لغاية 1986، كما يشير البعض. ولكن من هي "أوبك"؟
صورة من: picture-alliance/dpa
منظمة عربية بطابع دولي
"أوبك"، هي اختصار لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط. منظمة عربية إقليمية بطابع دولي، تم تأسيسها بموجب اتفاقية وٌقعت في لبنان، بتاريخ 1968. وتمت في البداية بين السعودية والكويت وليبيا، كما تم الاتفاق على الكويت كمقر رئيسي لها. فيما بعد التحقت الجزائر والإمارات والبحرين للمنظمة، مصر تونس والعراق وسوريا. وتهدف المنظم إلى التعاون بين الدول الأطراف في استخراج النفط وتوحيد الجهود في هذا المجال.
صورة من: picture-alliance/dpa
ارتفاع في الأسعار
ارتبطت هذه الأزمة بالثورة الإيرانية. أزمة النفط الثانية في عام 1979، كانت نتيجة لارتفاع الأسعار بعد انخفاض انتاج النفط بإيران. انسحاب عشرات آلاف العمال، وقيام إضرابات واحتجاجات في البلد، فضلا عن خروج شاه إيران وزوجته من بلد، قلص انتاج البترول بملايين البراميل. وبالرغم من محاولات أعضاء "أوبك" بزيادة الانتاج، إلا أن ذلك لم يمنع من ارتفاع الأسعار.
صورة من: picture alliance/UPI
نكسة الثمانينات
عقب الغزو العراقي للإيران، وفي عام 1980 تحديدا، توقف إنتاج النفط في إيران بشكل كبير، كما تقلص إنتاج العراق للنفط بشدة أيضا. وفي عام 1982، شهدت أسواق النفط تنافساً شرساً بين الدول المنتجة، مما ساهم في خفض الأسعار بسبب انخفاض الطلب والإفراط في الإنتاج. الأمور تطورت كثيرا خلال السنوات المقبلة وفي 1986، شهد العالم حرب أسعار طاحنة بين الدول المنتجة ومنافسة في زيادة الإنتاج علاوة على انخفاض الأسعار.
صورة من: cc-by-nd/astronautilus
أزمة قصيرة الأمد
تعتبر الأزمة الثالثة في تاريخ الأزمات بالعالم العربي. كان تأثيرها سلبيا رغم استمرارها لتسعة أشهر لا أكثر. أدت أزمة 1990 إلى ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى وبقيت كذلك إلى غاية1997. وفي هذا العام ظهرت الأزمة الأسيوية، وهي ماجعلت أوبك تجتمع في إندونيسيا وتقرر رفع إنتاجها لتنخفض الأسعار، وترتفع من جديد في 1999.
صورة من: AP
مضاربات على الأسعار
كان للأزمة المالية 2008 دور كبير في رفع اسعار النفط، حيث وصل البرميل إلى 147 دولارا، وهو أعلى مستوى له في التاريخ. إلا أن الأسعار انهارت في النصف الثاني من نفس العام بسبب الأزمة المالية العالمية التي نشأت نتيجة سقوط المصارف الأميركية الكبرى وانهيار شركات الرهن العقاري، ولم تستعد عافيتها إلا بعد اجتماع أعضاء "أوبك" في وهران بالجزائر، حيث استعادت الأسعار عافيتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
انهيار جديد
عام 2014، انخفض سعر برميل النفط في أسواق العالم بنسبة 55 بالمائة في أقل من سبعة أشهر. وقد عرف النصف الثاني من عام 2014 انهيارا في أسعار النفط أفقدها نحو 45% من قيمتها. ويرجع البعض أسباب هذا إلى ضعف الطلب العالمي وزيادة الإنتاج، علاوة على طفرة النفط الصخري في أمريكا. واختلفت حينها التأثيرات بين الدول المنتجة والمستهلكة.
صورة من: Reuters/N. Chitrakar
قلق مستمر
تعرف أسعار النفط ارتفاعا وانخفاضا دائمين، لكن الزياد عن الحد يساهم في ظهور أزمات جديدة. وإذا كانت أزمات النفط تساهم في قلب موازين السياسات فإن هذه الأخيرة أيضا تؤثر على أسعار النفط، لهذا يرجح البعض ظهور أزمة نفطية جديدة خاصة بعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس الإيراني روحاني، وردات الفعل الدولية التي لاحقتها. فهل يمكن أن يعرف النفط نكسة جديدة؟. إعداد: مريم مرغيش.