فولغاست.. مدينة ألمانية تدفع ثمن وقف تصدير الأسلحة للسعودية
٢٧ نوفمبر ٢٠١٨
أوقفت ألمانيا صادرات الأسلحة إلى السعودية لترسل بذلك إشارة إلى المملكة على خلفية قتل الصحفي جمال خاشجقي. إلا أن مدينة صغيرة على بحر البلطيق تُصنع فيها زوارق حربية ستدفع الثمن. موفد DW زار المدينة واطلع على الوضع هناك.
إعلان
الطقس في مدينة فولغاست في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر غير لطيف حيث تهب رياح بحرية باردة، وفي المساء تكاد تكون الشوارع خالية من المارة. هذه المدينة الساحلية فيها منازل قديمة وهي تقع في منطقة البنية التحتية فيها ضعيفة، ويلاحظ المرء ذلك عندما يذهب من برلين إلى هناك. عندما وصلنا إلى المدينة الصغيرة وفي طريقنا إلى الفندق مررنا بشارع يحتاج للتعبيد وقال لنا عمدة المدينة شتيفان فايغلر "في الحقيقة وجب علينا إغلاق الشارع".
وحلمه بشوارع معبدة تبخر في برلين، حيث قررت الحكومة وقف لصادرات الأسلحة إلى العربية السعودية. وجزء من تلك المعدات زوارق دورية لخفر السواحل، يتم إنتاجها في حوض بناء السفن القديم الذي يعود لسبعين عاما مضت، تابع للمدينة على بحر البلطيق. وبهذا انعكس الموقف السياسي للحكومة على مدينة فولغاست حيث يخشى الناس الآن دفع الثمن بسبب موقف أنغيلا ميركل من حقوق الإنسان.
في فندق صغير ليس بعيدا عن مصنع السفن، يجلس ثلاثة رجال يتناولون وجبة العشاء، إنهم عمال والفندق الرخيص بمثابة بيتهم الثاني، لأن التنقل اليومي من البيت إلى العمل ليس سهلا. في مصنع السفن يتم إنتاج أسلحة، وبالتالي فإن الإجراءات الأمنية شديدة. فمنذ أيام ألمانيا الشرقية سابقا يتم انتاج سفن حربية. عام 1989 كان يعمل 4 آلاف عامل في المصنع الذي تمت خصخصته وخفض عدد العمال ومن ثم الإفلاس. في 2013 جاءت الصفقة المنقذة للمصنع وليستمر إنتاج زوارق الدورية لخفر السواحل.
الضربة القاضية للمدينة
بالنسبة إلى عمدة فولغاست، شتيفان فايغلر الذي لا ينتمي لأي حزب، فإن وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية هو حاليا أهم موضوع يتم تداوله. ويقول العمدة إن الناس جميعا معنيون بالأمر، إذ أن ربع فرص العمل في قطاع الصناعة بالمنطقة مرتبط بمصنع السفن الذي يشغل نحو 1800 عامل وموظف. ولا يتعلق الأمر على الأقل بالنسبة إلى عمال مصنع السفن بالبطالة، فصناعة السفن تزدهر لتو ومصانع السفن المجاورة تبحث عن 400 من العمال المختصين. وكثيرونن ممن سيفقدون وظائفهم في المصنع من سكان فولغاست سيجدون عملا لهم في تلك المصانع. لكن بالنسبة إلى المدينة سيكون ذلك بمثابة "الضربة القاضية"، لاسيما من الناحية المالية حيث ستفقد في 2019 ربع ميزانيتها.
الطلبية للعربية السعودية تشمل 34 سفينة، 15 منها تم إنتاجها، وستة أخرى اكتملت، لكن لا يحق تسليمها! وتبقى 12 سفينة إضافية كانت ستشغل المصنع حتى 2020. ولا يمكن في الأثناء تنفيذ تكليف آخر، لأن أروقة المصنع الكبيرة تكون مبنية ومجهزة لتنفيذ التكليف الأول. وفي حال نقصان التكاليف واليد العاملة المختصة، فإن المصنع قد يُغلق.
العمال الثلاثة الذين يتناولون وجبة العشاء داخل الفندق يتعجبون خلال تبادل أطراف الحديث، ويقول أحدهم بأن المانيا تريد البرهنة للعالم كيف أن الألمان جيدون، علما أن المسؤولين السياسيين سيدفعون ثمنا غاليا بسبب سلوكهم. ويضيف العامل الثالث بأن الناس "خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة صوتت أغلبية سكان العديد من القرى للحزب النازي، ناهيك عن الكثيرين الذين صوتوا لحزب البديل من أجل ألمانيا" والذين يتمتع هنا بأعلى شعبية في ألمانيا.
مزيد من التعبئة لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا
عمدة المدينة فايغلر ليس مندهشا من ذلك، ويشير إلى خارطة مدينته ويقول إن "حزب البديل من أجل ألمانيا حصل على أصوات 40 بالمائة من السكان الميسورين والطبقة الوسطى" لكنه أضاف بأن "هؤلاء الناس ليسوا جميعا يمينيين متطرفين، بل فقط سئموا من الوضع ووجهوا نداء استغاثة للساسة".
وقال العمدة إنه علم بقرار وقف صادرات الأسلحة من وسائل الإعلام، ولم يتصل به أحد من برلين، علما بأن وثيقة تشكيل الائتلاف الحكومي بين الحزب الاشتراكي والاتحاد المسيحي تنص على أنه يجب إتمام الطلبيات التي تمت المواققة عليها سابقا، ووصلت تلك الطلبيات في عام 2018 إلى 416 مليون يورو من السعودية. وقال عمدة المدينة إنه يقبل قرار برلين، إلا أن السفن الـ 18 لن تغير وضع حقوق الإنسان في المملكة. وأن يتم استخدامها للحصار البحري أمام اليمن، فهذا "عبث من ناحية تقنية بناء السفن" التي هي من مادة الألومينيوم، إذ وجب عليها أن تكون سريعة لمطاردة سفن القراصنة.
وفي منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر بعث عمدة المدينة برسالة إلى نواب البرلمان حول مصير مدينته التي عكف برلمان الولاية على مناقشة وضعها. وتبين أن الأحزاب الشعبوية تستغل مثل هذه الموضوعات لتقول إن سياسة الأحزاب التقليدية لا تهتم بقضايا المواطنين. وأشار أحد السياسيين المحليين من اليمين الشعبوي إلى أنه على الحكومة الألمانية أن تشتري السفن لإنقاذ مدينة فولغاست.
كاي ألكسندر شولتس/ م.أ.م
السعودية ـ أزمات دبلوماسية متلاحقة في عهد ولي العهد الطموح
تزداد حدة الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا بشكل غير مسبوق، غير أن هذه الأزمة ليست الأولى، إذ شهدت الرياض منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد أزمات دبلوماسية مع دول بينها ألمانيا بسبب ملفات أبرزها ملف حقوق الإنسان.
صورة من: picture-alliance/dpa/SPA
الأزمة بين مونتريال والرياض
االأزمة بين السعودية وكندا هي أحدث الأزمات الدبلوماسية في عهد محمد بن سلمان والتي بدأت بسبب انتقادات وجهتها السفارة الكندية للمملكة بشأن حقوق الإنسان، وذلك على خلفية اعتقال نشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم الناشطة سمر بدوي. الأمر الذي اعتبرته السعودية تدخلاً في شؤونها الداخلية واتخذت قرارات تصعيدية تجاه كندا مست الطلاب السعوديين الدراسين هناك والمرضى والرحلات الجوية.
صورة من: picture alliance/AP/G. Robins/The Canadian Press
سحب السفير السعودي من برلين
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 2017، استدعت السعودية سفيرها في برلين، عندما انتقد وزير الخارجية آنذاك زيغمار غابريل السياسة الخارجية السعودية تجاه كل من لبنان واليمن. وبعدها قامت الرياض بسحب سفيرها من ألمانيا، ولم يتم إرجاعه لحد الآن، بالرغم من إبداء الحكومة الألمانية حينها رغبتها في عودة السفير السعودي إلى برلين، كما عبّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية عن أملها في العمل على تحسين علاقات الجانبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
الأزمة مع قطر بتهمة دعم الإرهاب
بدأت الأزمة مع قطر قبل أكثر من عام عندما أطلقت فضائيات ومواقع إماراتية وسعودية هجوماً كاسحاً على الدوحة متهمة إياها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة ودعم جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها مصر والسعودية والإمارات والبحرين تنظيماً إرهابياً. على إثر ذلك قطعت الدول الأربعة علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، وشنت حملة حصار عليها لاتزال مستمرة. من جهتها نفت قطر دعم أي تنظيم متطرف.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Faisal
الخلاف مع لبنان بسبب الحريري
الأزمة مع لبنان بدأت إثر اعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته المفاجئة من الرياض، وظهر التصعيد بعد إقرار الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بتعرض رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري للاحتجاز هناك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ما أدى إلى نشوب توتر في العلاقات بين البلدين. من جهته نفى الحريري والرياض احتجازه في السعودية رغما عنه. وبعد تدخل دولي شارك فيه ماكرون غادر الحريري المملكة وعدل عن استقالته.
صورة من: picture-alliance/ MAXPPP/ Z. Kamil
بين طهران والرياض أكثر من خلاف
الأزمة السعودية مع إيران وصلت إلى أشدها بعد أن قام محتجون في طهران باقتحام مبنى السفارة السعودية احتجاجاً على قيام المملكة بإعدام الزعيم الشيعي البارز نمر باقر النمر . ويذكر أنه قد تم اضرام النار في أجزاء من مبنى السفارة وتدمير أجزاء أخرى في الهجوم عليها، وهو الأمر الذي أدى إلى القبض على خمسين شخصاً من جانب السلطات الإيرانية، ودفع السعودية مطلع عام 2016 إلى قطع علاقاتها مع إيران.
صورة من: Reuters/M. Ghasemi
تركيا والخلاف حول زعامة العالم الإسلامي
بالرغم من تاريخ العلاقات التركية السعودية التي تميزت في كثير من الأحيان بتعاون اقتصادي وتعاون عسكري، إلا أن تصريحات بن سلمان بشأن تركيا كشفت النقاب عن خلافات جوهرية بين البلدين. ومما جاء في هذه التصريحات أنه "يوجد ثالوث من الشر، يضم تركيا وإيران والجماعات الإرهابية". كما أوضح أن "تركيا تريد الخلافة وفرض نظامها على المنطقة، بينما تريد إيران تصدير الثورة ".
الخلاف مع مصر تسبب بعقوبة نفطية
قبل تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، عرفت العلاقات السعودية المصرية توتراً منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وذلك عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار روسي لم يتم تمريره متعلق بمدينة حلب. كما وقعت مصر والمملكة اتفاقية تؤول بموجبها ملكية جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر إلى الرياض، تبعتها احتجاجات مصرية. وكان الرد السعودي وقف تزويد القاهرة بشحنات شهرية من منتجات بترولية.
صورة من: picture-alliance/AA/Egypt Presidency
السويد تتهم الرياض بأساليب القرون الوسطى
في آذار/ مارس 2015 استدعت الرياض سفيرها في ستوكهولم بسبب انتقادات وجهتها وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم لسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، وخصت بالذكر منها القيود المفروضة على النساء ووصف حكم القضاء السعودي بجلد المدون السعودي المعارض رائف بدوي بأنه من "أساليب القرون الوسطى". إعداد: إيمان ملوك
صورة من: Reuters/TT News Agency/Annika AF Klercker