تعتزم الألمانية أورزولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، الترشح لولاية ثانية. ما هي آلية الترشيح والانتخاب؟ وما الصعوبات التي تنتظرها في حال تجديد ولايتها؟
إعلان
ترأس السياسية الألمانية المسيحية أورزولا فون دير لاين، كأول امرأة، مفوضية الاتحاد الأوروبي. وتعتزم السيدة البالغة من العمر 65 عاماً الترشح مرة ثانية لنفس المنصب في الانتخابات التي ستجري في بداية حزيران/ يونيو من العام الجاري. وعلى قمة جدول أعمالها ملفات ضخمة مثل إعادة هيكلة الاقتصاد الأوروبي بشكل محايد مناخياً أو انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
"أعتقد أن أداء أورزولا فون دير لاين (في رئاستها للمفوضية) كان جيداً. أعرف صعوبات وتعقيدات المنصب. لا يستطيع النهوض بأعبائه إلا قلة، ومن بينهم أورزولا"، هكذا صرح سلفها، جان كلود يونكر، في خريف عام 2023 لإذاعة "دويتشلاندفونك".
وأعلنت أورزولا (تكتب أيضا: أورسولا) فون دير لاين الاثنين (12 شباط/فبراير 2024) بشكل رسمي في اجتماع لحزبها "حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي" في برلين عن استعدادها للترشح من جديد. ومن المنتظر أن ترشحها كتلة "حزب الشعب الأوروبي الديمقراطي المسيحي" في غضون أيام قليلة.
ولا يجري انتخاب رئيس/ة المفوضية بشكل مباشر من المقترعين، ولكن رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرون هم من يقدمون اقتراحات بمرشحيهم. "فرص فون دير لاين ليست سيئة، لكنها بالتأكيد لن تكون سهلة"، يقول جانيس إيمانويليديس الذي يراقب منذ سنوات عمل زعماء الاتحاد الأوروبي لصالح "مركز السياسة الأوروبية" (EPC)، وهو مركز أبحاث مقره بروكسل.
ويوضح الخبير أن منصب رئيس/ة مفوضية الاتحاد الأوروبي ليس سوى جزء من حزمة شاملة يجب اتخاذ قرار بشأنها في الصيف؛ إذ يتعين التفاوض على رئاسة المجلس الأوروبي ومنصب ممثل الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي ورئاسة البرلمان الأوروبي. وكل تلك المناصب والمواقع تتطلب الإجماع بين الدول الأعضاء. وقد يعرقل ذلك رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، وهو خصم سياسي لدود لأورزولا فون دير لاين. ويقول المحلل السياسي: "سيطالب بالتأكيد بثمن". ويضيف: "وبعد ذلك يحتاج الأمر إلى موافقة البرلمان الأوروبي".
آلية الترشيح والانتخاب
ويتعين على البرلمان الأوروبي الذي سَيُنتخب في حزيران/يونيو أن يناقش ويقرر بناءً على اقتراح من رؤساء الدول والحكومات.
وفي عام 2019، حصلت فون دير لاين على أغلبية ضئيلة من تسعة أصوات فقط. ومن المرجح أن يكون تحقيق الأغلبية أكثر صعوبة هذه المرة لأنه، وفقاً للاستطلاعات، سيدخل البرلمان، الذي يبلغ عدد مقاعده 720، المزيد من الشعبويين اليمينيين وأعضاء آخرون يصعب التنبؤ بسلوكهم السياسي.
وقال النائب الإيطالي الاشتراكي الديمقراطي براندو بينيفي لـ DW إن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى التغيير: "لا أعتقد أن إعادة انتخاب أورزولا فون دير لاين فكرة جيدة. إنها تحاول التقرب مع القوميين (الشعوبيين كرئيسة الوزراء الإيطالية) جورجيا ميلوني. ساهمت أورزولا فون دير لاين بالدفع بإصلاح الهجرة إلى الأمام، بما تتعارض مع مصالح الاتحاد الأوروبي".
بين القول والفعل
يشيد العديد من المراقبين في بروكسل بقدرة فون دير لاين على إثبات نفسها كمديرة أزمات. وتجلى ذلك في جائحة كورونا وفي الرد على العدوان الروسي على أوكرانيا. ويقول سلفها جان كلود يونكر: "لم يكن من السهل على السيدة فون دير لاين رص الصفوف ولكنها نجحت في مهمتها ولهذا تستحق الثناء والتقدير".
أما عضو البرلمان الأوروبي مارتن شيرديفان من حزب اليسار، فهو من المنتقدين لأداء فون دير لاين ويتساؤل في مقابلة مع DW: "ما الذي حققته بالفعل؟ إنها بارعة في الإعلان والعناوين البراقة"، ويقول: "لكن عندما يتعلق الأمر بحماية الديمقراطية، ومكافحة الفقر وتعزيز الصناعة في أوروبا، فلم تفعل أي شيء". كما يرى خبير الاتحاد الأوروبي جانيس إيمانويليديس أن فون دير لاين "في الغالب تقول أكثر مما تفعل.، لكن هذه هي طريقة العمل إلى حد ما للوصول إلى تسويات على المستوى الأوروبي، باستخدام التواصل والضغط ".
ترامب قد يصعب مهمة فون دير لاين
في عام 2019، تولت وزيرة الدفاع الألمانية السابقة أورسولا فون دير لاين منصبها بهدف قيادة "مفوضية الاتحاد الأوروبي الجيوسياسية". في بداية رئاستها، ركزت على تحسين التعاون مع الدول الأفريقية، ولكن الحرب التي شنتها روسيا ضد أوكرانيا أدت إلى تراجع هذا الملف على سلم أولوياتها.
"بشكل عام، ليست مفوضية الاتحاد الأوروبي من ترسم السياسة الخارجية. في السياسة الخارجية والأمنية، تتمتع الدول الأعضاء بصلاحيات كبيرة، ولا تتولى المفوضية زمام الأمور بمفردها. واتخاذ القرارات لا يتم إلا بإجماع الدول الأعضاء"، يؤكد جانيس إيمانويليديس من "مركز السياسة الأوروبية".
والولاية الثانية لفون دير لاين، في حال فوزها، قد لا تكون سهلة؛ إذ قد يعود دونالد ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض. ولا تربطهما علاقة جيدة وترامب لا ينسى. ومن الممكن أن تلوح في الأفق حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا.
يقول خبير الاتحاد الأوروبي جانيس إيمانويليديس من مركز أبحاث "مركز السياسة الأوروبية" (EPC): "(عودة ترامب) سيكون تحدياً لنا جميعاً للاتحاد الأوروبي، ولكن أيضا لحلف شمال الأطلسي (الناتو)".
أعده للعربية: خالد سلامة
الاتحاد الأوروبي - عقود من التقدم والإخفاقات منذ اللبنة الأولى
فيما يلي المحطات الكبرى للاتحاد الأوروبي منذ تأسيس الكتلة الأوروبية وترسيخ بنائها من خطة لتحقيق التكامل بانتاج الفحم لاتحاد عابر للقوميات ومرورا ببريكسيت وأحداث منطقة اليورو وأزمة اللاجئين ووصولا إلى صعود المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/V. Ghirda
في التاسع من أيار/ مايو 1950...
... وضع وزير الخارجية الفرنسي روبير شومان أول حجر في البناء الأوروبي عندما اقترح على ألمانيا بعد خمس سنوات فقط على استسلامها في الحرب العالمية الثانية، تحقيق تكامل في الإنتاج الفرنسي الألماني للفحم والفولاذ في اطار منظمة مفتوحة لكل دول أوروبا. وقعت اتفاقية باريس التي نصت على إنشاء "مجموعة الفحم والفولاذ" بعد عام من ذلك فولدت أوروبا "الدول الست" (ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا).
صورة من: picture-alliance/dpa
في 25 آذار/ مارس 1957...
... وقعت الدول الست المعاهدة التأسيسية لأوروبا السياسية والاقتصادية. وقد أسست المجموعة الاقتصادية الأوروبية، السوق المشتركة القائمة على التنقل الحر مع إلغاء الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء. أما المؤسسات ومنها المفوضية والجمعية البرلمانية الأوروبية فلم تُنشأ إلا مطلع 1958.
صورة من: picture-alliance/AP Images
في كانون الثاني/ يناير 1973...
...انضمت بريطانيا والدنمارك وإيرلندا إلى السوق الأوروبية المشتركة، تلتها اليونان (1981) وإسبانيا والبرتغال (1986) والنمسا وفنلندا والسويد (1995). شكلت معاهدة ماستريخت الوثيقة التأسيسية الثانية للبناء الأوروبي ووقعت في السابع من شباط/ فبراير 1992. وهي تنص على الانتقال إلى عملة واحدة وتنشئ اتحاداً أوروبياً.
صورة من: picture-alliance/AP Images
اعتبارا من كانون الثاني/ يناير 1993...
... أصبحت السوق الواحدة واقعاً مع حرية تبادل البضائع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال. وانتظر الأوروبيون حتى آذار/مارس 1995 ليتمكنوا من السفر بلا مراقبة على الحدود.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/McPHOTO
في الأول كانون الثاني/ يناير2002...
... دخل اليورو الحياة اليومية لنحو 300 مليون أوروبي. وفيما تنازلت معظم دول الاتحاد عن عملاتها الوطنية، اختارت الدنمارك وبريطانيا والسويد فقط الإبقاء على عملاتها.
صورة من: picture-alliance/D. Kalker
أيار/ مايو 2004
وبعد أن كان الأمر أقرب إلى حلم عند سقوط جدار برلين في 1989، جرى توسيع الاتحاد ليضم دولا من شرق أوروبا تدريجياً. قد انضمت عشر دول جديدة إلى الاتحاد الأوروبي في أيار/ مايو 2004 هي بولندا والجمهورية التشيكية والمجر وسلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا وسلوفينيا ومالطا وقبرص. وفي 2007 انضمت بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد ثم كرواتيا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في ربيع 2005...
... دفع رفض الناخبين الفرنسيين والهولنديين للدستور الأوروبي، بالاتحاد الأوروبي إلى أزمة مؤسساتية. ولم يخرج منها إلا باتفاقية لشبونة التي كان يفترض أن تسمح بعمل مؤسسات أوروبا الموسعة بشكل أفضل وتمت المصادقة عليها بصعوبة في 2009.
صورة من: EC AV Service
أزمة مالية خانقة
في السنة نفسها، أعلنت اليونان عن ارتفاع كبير في العجز في ميزانيتها في أول مؤشر إلى أزمة مالية واسعة. طلبت اليونان ثم إيرلندا وإسبانيا والبرتغال وقبرص مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين طالبا بإجراءات تقشفية. أدت أزمة الديون هذه إلى سقوط رؤساء حكومات أوروبية الواحد تلو الآخر وعززت الشكوك في الوحدة الأوروبية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa de Olza
أزمة اللاجئين
وما أن خرجت من هذه الأزمة المالية حتى واجهت أوروبا اخطر أزمة هجرة منذ 1945 مع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين. واخفق الاتحاد الأوروبي في وضع خطة عمل مشتركة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
بريكسيت
جاءت بعد ذلك أزمة بريكسيت التي وجهت ضربة إلى اتحاد اضعفه صعود الشعبوية والتشكيك في جدوى الوحدة الأوروبية. وبعد حملة تركزت على الهجرة والاقتصاد، صوت نحو 17.4 مليون بريطاني (51.9 بالمئة من الناخبين) في 23 حزيران/ يونيو 2016 مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد.
صورة من: picture-alliance/abaca/D. Prezat
لكن ...
... بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء، لم يتم تطبيق بريكسيت الذي كان مقررا في 29 آذار/ مارس 2019. وقد وافقت الدول الـ27 الأخرى الأعضاء على إرجاء الموعد إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر لإعطاء وقت للطبقة السياسية البريطانية للاتفاق على طريقة الانسحاب.
صورة من: picture-alliance/D. Cliff
إتمام "بريكست" في دورة 2019 حتى 2024
لكن "يوم الخروج"، جاء لاحقا. فأخيرا وقع برلمان المملكة المتحدة على اتفاق "البريكست"، الذي أعيد التفاوض عليه، ليتم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسميًا في الساعة 23:00 بتوقيت غرينتش من يوم 31 يناير/ يناير 2020، وهو يقابل الساعة "00:00: من يوم أول فبراير/ شباط 2020 بتوقيت وسط أوروبا). وتبقى بريطانيا العظمى هي الدولة الوحيدة ذات السيادة التي غادرت الاتحاد الأوروبي حتى الآن.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Akmen
دعم واضح لأوكرانيا ضد الغزو الروسي
تعرض الاتحاد الأوروبي لاختبار شديد، حينما اندلع قتال لم يحدث له مثيل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فقد بدأت روسيا هجوما غير مسبوق على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022. وبكل حزم ووضوح وقف الأوروبيون، باستثناء المجر، في وجه الغزو الروسي. وبدأوا خطوات عملية لدعم أوكرانيا ومن بينها فرض عقوبات صارمة على روسيا وتخصيص مساعدات بعشرات مليارات اليورو من أجل دعم أوكرانيا للصمود.
صورة من: Virginia Mayo/AP
"قطر غيت" تهز البرلمان الأوروبي
في ديسمبر 2022، تم سجن اليونانية إيفا كايلي، نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، احتياطياً في بروكسل في إطار تحقيق قضائي بشبهات فساد في البرلمان الأوروبي، يُعتقد أنّها مرتبطة بقطر والمغرب، تتعلق بمبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر لمشرعين أوروبيين للتأثير في قرارات المؤسسة الأوروبية الرئيسية. وتم اطلاق سراح كايلي بعد عدة أشهر. وعرفت القضية باسم "قطر غيت"، ونفت قطر والمغرب أيّ علاقة لهما بهذه القضية.
صورة من: Twitter/Ministry of Labour/REUTERS
أول قانون في العالم للذكاء الاصطناعي
في مارس/ آذار 2024، أقر البرلمان الأوروبي "قانون الذكاء الاصطناعي"، كأول قانون شامل للذكاء الاصطناعي بالعالم. ويريد الاتحاد الأوروبي من خلاله تنظيم الذكاء الاصطناعي (AI) لتطوير واستخدام هذه التكنولوجيا والحماية من مخاطرها. ووافق وزراء الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي على القانون في مايو/ أيار. ومن بنوده وجوب وضع علامة على المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل الصور أو الصوت أو النص.
صورة من: Christian Ohde/CHROMORANGE/picture alliance
إقرار قوانين اللجوء الجديدة بعد سنوات من التفاوض
بعد نحو عقد من الجدل حولها، أقرّ الاتحاد الأوروبي في مايو/ أيار 2024 خطة لإصلاح تاريخي لسياساته المتعلقة بالهجرة واللجوء من أجل السيطرة على الحدود لوقف الهجرة غير النظامية. وتتألف خطة الإصلاح من 10 تشريعات، دعمتها أغلبية كبيرة بالاتحاد. ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2026 بعد أن تحدّد المفوضية الأوروبية كيفية تطبيقها. وجاءت الموافقة قبل شهر من الانتخابات الأوروبية، رغم ذلك صعد اليمين المتطرف.
صورة من: DesignIt/Zoonar/picture alliance
زلزال الانتخابات الأوربية 9 يونيو/ حزيران 2024
في انتخابات الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان الأوروبي 2024-2029، حدث زلزال سياسي بصعود غير مسبوق في تاريخ الاتحاد لقوى اليمين المتطرف والقوميين، الذين حصلوا على أكثر من 140 مقعدا من إجمالي 720 مقعداً. وفي ألمانيا مثلا حل حزب البديل الشعبوي (الصورة لرئيسي الحزب شروبالا وفايدل) كثاني أكبر قوة، بعد حزبي الاتحاد المسيحي المحافظ، متفوقا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أقدم حزب سياسي في ألمانيا.