Fajad-Sparpaket in Westjordanland
٦ سبتمبر ٢٠١٠بأرقام حمراء بارزة، على لوحة الترخيص، يمكن تمييز السيارة الحكومية الفلسطينية عن بقية المركبات التي تحمل لوحة ترخيص بأرقام بارزة ولكنها خضراء. آلاف السيارات ذات الأرقام الحمراء تجوب شوارع المدن والقرى الفلسطينية، يستقلها موظفون وأحيانا كثيرة أفراد أسرهم. وينظر إليها في الشارع على أنها تخص شخصية رسمية.
ومنذ تشكيلها، خصصت السلطة الفلسطينية مركبات لكبار الموظفين، في الوزارات والمؤسسات المختلفة. هذه المشاهد كانت تثير الحسد لدى المواطن العادي، وكذلك لدى الموظف الأقل شأنا، فمن يقود هذه السيارة، لا يمتمع فقط بملكيتها بل أيضا بإعفاء كامل من رسوم التأمين والوقود والصيانة، أي منحة كاملة. وتتباين التقديرات الحقيقية لعدد السيارات الحكومية، ففي حين تقول مصادر حكومية إنها تصل إلى ستة آلاف ومائتي سيارة، ترى جهات أخرى أن العدد أقل من ذلك بكثير وهو لا يتجاوز ألفي سيارة. لكن في كل الأحوال فإن القضية ليست في العدد بل في طرق الاستخدام.
القرار الحكومي لماذا الآن؟
في جلسة للحكومة الفلسطينية عقدت مؤخرا في رام الله وخصص معظمها لبحث الوضع المالي للسلطة الفلسطينية، أقر رئيس الوزراء سلام فياض بالأزمة المالية وبتبعاتها على أداء الحكومة والخدمات المقدمة للمواطنين وخاصة الرواتب الشهرية، ودعا إلى ضرورة خفض النفقات. وجاءت هذه الجلسة بعد تقرير قدمه مكتب الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية إلى مجلس الأمن، حذر فيه من إفلاس قريب للسلطة ما لم تسدد الدول المانحة التزاماتها.
ونوقشت في هذه الجلسة قضية السيارات الحكومية واستخدامها إذ تم تبني اقتراح بسحب هذه السيارات من الموظفين من درجة مدير عام فما دون. وتبين حسب تقارير الحكومة، أن هذه السيارات تستخدم للأغراض الشخصية. القرار نص على سحب هذه السيارات اعتبارا من الأول من تشرين أول/ أكتوبر المقبل.
المتحدث الرسمي: "تقليل الاعتماد على الدول المانحة"
يؤكد وزير النقل والمواصلات سعدي الكرنز أن القرار سيتم تطبيقه وأن استخدام السيارات سيقتصر على ساعات العمل الرسمي لتركن في الوزارات والمؤسسات إلى صباح اليوم التالي دون السماح للموظفين الذين وضعت في عهدتهم باصطحابها إلى البيوت كما هي الحال الآن. وتابع الكنز أن هذا الإجراء سيوفر ملايين الدولارات على الخزينة الفلسطينية كل عام.
أما مدير مركز الإعلام الحكومي، غسان الخطيب، فقال إن الحكومة ستمنح مستخدمي هذه السيارات فرصة شراءها بأقساط ميسرة جدا. وأضاف الخطيب "أن الحكومة تخطط لمزيد من الإجراءات لخفض النفقات وضبط الاستهلاك. وأن الهدف الرئيسي هو تقليل الاعتماد على مساعدات الدول المانحة، وإنجاح الخطة الحكومية في زيادة الاعتماد على النفس، لكن كل هذه الإجراءات لن تؤثر على رواتب الموظفين".
شبكة أمان: الأكثر ترحيبا
وظهرت في شوارع المدن الفلسطينية، خلال الأشهر الماضية، لوحات عرض كبيرة، أعدتها شبكة أمان، وهي منظمة غير حكومية، تعنى بالنزاهة والشفافية ومحاربة الفساد، كتب عليها "أبلغوا عن كل فاسد" و"لا لاستخدام السيارات الحكومية لأغراض شخصية"، وغير ذلك من شعارات تدعو إلى محاسبة المستفيدين دون وجه حق من المال العام.
وسارعت أمان إلى الترحيب بقرار الحكومة داعية في بيان لها إلى تطبيقه في موعده المحدد ودون استثناءات أو إعفاءات بضغط من متنفيذين هنا أو هناك. وقال البيان "إن مثل هذه الإجراءات تحقق العدالة وتعزز الثقة بين المواطن والسلطة وتقضي على ظواهر الوساطات والأعطيات وتبديد مقدرات الشعب الفلسطيني".
النقابة ترفض لأن القرار استعراضي
وبعد أيام من صدور القرار سارعت نقابة الموظفين العموميين إلى عقد اجتماع مع ممثلين عن مختلف الوزارات والمؤسسات المعنية لبحث التداعيات. وإثر الاجتماع أصدرت النقابة بيانا اعتبرت فيه القرار متسرعا وأنه جاء دون مشاورات بين الحكومة والنقابة.
وجاء في بيان النقابة أيضا أنها " تدعو الحكومة إلى محاربة الفساد، وسحب السيارات من الفاسدين ولكن دون تعميم، فأغلبية الموظفين شرفاء ووطنيون". كما دعت النقابة الموظفين إلى عدم الانصياع وراء القرار، لأنه نوع من العقاب الجماعي! ولا يستند إلى القانون، حسب رأيها.
وقد علم أن اجتماعا سيعقد بين ممثلين عن الحكومة والنقابة لتجاوز هذه العقبة في ظل تمسك حكومي بالقرار الذي سيكون الأول على درب إصدار قرارات جديدة ومنها سحب الهواتف النقالة من الموظفين، بعد أن تبين أنها تستخدم لأغراض شخصية.
عبد الكريم سمارة ـ رام الله
مراجعة: أحمد حسو