1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فيديو محمد علي.. فضح لفساد في الجيش المصري أم بحث عن الشهرة؟

علاء جمعة
٥ سبتمبر ٢٠١٩

الاتهامات الخطيرة التي أطلقها المقاول والممثل محمد علي ضد الرئيس المصري، أثارت الجدل، واعتبرها مراقبون تجاوزا للخطوط الحمراء. فهل ما حصل كشف للفساد من الداخل، أم أنه امتداد لظاهرة هروب الممثلين من مصر؟

Ägypten - ägyptische Sicherheitseinheiten in Kairo
صورة من: Getty Images/AFP/M. Khaled

أثار الفيديو الثاني الذي نشره رجل الأعمال والممثل المصري محمد علي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والذي هاجم فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المزيد من الجدل في مصر والعالم العربي، وكحال الفيديو الأول هاجم الفيديو الثاني السيسي وقادة الجيش.

وكان محمد علي قد كشف في ظهوره الأول عن تكليفه من ضابط في الجيش برتبة لواء بإنشاء فندق بملياري جنيه في منطقة التجمع الخامس، رغم عدم وجود أي جدوى اقتصادية، كما كشف المقاول المصري عن توجيه قادة الجيش له بالإسراع إلى الإسكندرية لبناء قصر على وجه السرعة، لأن السيسي وزوجته قررا قضاء العيد هناك، وقال إن كلفة القصر بلغت 250 مليون جنيه دون داع.

وفي الفيديو سخر الممثل المصري  من اتهامه من قبل إعلاميين محسوبين على النظام من أنه من الإخوان، مؤكدا أنه يعمل مقاولا مع الجيش منذ 15 عاما، بالإضافة إلى عمله في التمثيل، وبأن هذه التهمة غير منطقية، مؤكدا في الوقت ذاته  "تعرضه للابتزاز وسرقة أمواله، وأنه يريد أن يعرف مصير أموال شركته". وبحسب ما صرح به علي، فإن شركته خسرت أموالاً كبيرة، بسبب ما وصفه بـ "الفساد" في الجيش، موضحاً كيف تتعامل المؤسسة العسكرية مع أصحاب الشركات المنفذين للمشاريع.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.صورة من: Getty Images/AFP/B. R. Smith

ظاهرة هروب الممثلين

ويرى الباحث سامح راشد غرابة في توقيت بث هذا الفيديو ويقول، هناك ظاهرة غريبة ظهرت في مصر مؤخرا، وهي هروب أكثر من ممثل مصري إلى الخارج، ومهاجمته للنظام المصري. وقال راشد لـ DW عربية "عندما نحلل ما يقوم به المقاول والممثل محمد علي نرى أنه متبع لسياسة معينة، فهو لم يظهر في فيديو واحد فقط، ليتكلم عن مشكلته، بل إن ظهوره تكرر، وهو ما يوحي بأن هناك فيديوهات أخرى قادمة، وبأن الأمر لم ينته بعد".

وتابع راشد بأن العديد من الفنانين الهاربين اتبعوا نفس الوسيلة، فهم لم يكن لديهم موقف سياسي واضح قبل الثورة، وهربوا جميعا خارج مصر، وهاجموا النظام وانتقدوه، وظهور اعلامي متكرر. وقال "عندما نحلل هذا كله، يظهر السؤال، هل أن الأمر فردي، أم أن هناك أياد داخلية أو خارجية تريد أن تحدث تشويشا سياسيا وإعلاميا على النظام في مصر؟".

وكشف علي من خلال الفيديو عن وجود صراع كبير بين المسؤولين العسكريين، والذي عايشه بنفسه عندما تلقى أمراً  من أحد الأشخاص ويدعى " اللواء شريف" بضرورة إيقاف أحد المشاريع، وهو ما رفضه علي بحجة أنه يعمل مع الهيئة الهندسية العسكرية.

وبعد صراع كبير بين الهيئة الهندسية من جهة، واللواء شريف من جهة أخرى، تمكن الأخير من الانتصار بحكم قربه من السيسي، وأصدر قراراً يأمر بوقف المشروع ميدانياً فقط، على أن يستمر تواجد العمال في المشروع دون عمل، وهو ما وصفه علي بأنه "إهدار كبير للأموال".

وأكد الكاتب المصري راشد أن قوة الفيديو وخطورته تكمن، في أنه "يهاجم أعلى مقامات الدولة، وهو ما يمثل تجاوزا لكل الخطوط الحمراء السابقة". ويوضح "هناك من اعتقد أن الدولة سمحت بظهور هذا الفيديو من أجل إلهاء الشارع المصري، وشغله عن أمور الدولة"، إلا أنه لا يؤمن بهذا الأمر، وذلك "لسببين اثنين الأول خطورة الاتهامات ولأنها موجهة إلى رأس الدولة، والأمر الثاني أن الوضع السياسي الحالي لا يتطلب مثل هذا الأمر". وأوضح راشد أن خطورة الاتهامات الموجهة بالفساد تؤكد أحدى الاحتمالين الأول أن محمد علي "متهور ولا يملك ما يخشى عليه" أو أنه "يدرك جيدا ماذا يفعل، وأنه يملك غطاء يحميه ويحمي أفعاله".

الباحث والكاتب المصري سامح راشد.صورة من: privat

كشف لفساد داخلي؟

وبالرغم من الاهتمام الكبير، لا سيما من الشارع المصري بالفيديو والاتهامات الواردة فيه، والأرقام الكبيرة التي حملتها، في وقت يدعو فيه السيسي الشعب المصري إلى التقشف وشد الحزام، وبأن الدولة فقيرة حاليا، يرى الباحث والمحلل السياسي محمود إبراهيم في لقاء مع DW عربية أن الأرقام المطروحة "مبالغ فيها ومشكوك في أمرها". وقال إبراهيم إن الإعلامي أحمد موسى استضاف والد محمد علي للحديث عن صحة الواقعة، حيث لم ينف والد محمد علي الأحداث والوقائع التي ذكرها ابنه في فيديوهاته، بل إنه أكدها وقال "فعلا كان هناك تعاقد مع الجيش"، بيد أنه نفى صحة ما ذكره ابنه بخصوص الأموال، وقال إن ادعاءات ابنه "غير صحيحة". وبحسب المحلل المصري فإن هذا النفي يصاحبه تشكيك في رواية المقاول والممثل محمد علي، واصفا إياه بأنه "باحث عن الشهرة". وأوضح محمود "من الواضح أنه يبحث عن شهرة فقط، بهذا الأسلوب خسر أمواله، ومع ذلك يستمر في الظهور الإعلامي، ويريد أن يظهر نفسه بمظهر البطل، مع أنه كان منغمسا في العمل مع منظومة الجيش".

واعترف إبراهيم أن الحدث أثار تساؤلات بلا شك في الشارع المصري، وبغض النظر عما إذا كانت معلوماته صحيحة أم لا، إلا أنه أثار فضولا لدى الشارع لمعرفة حقيقة ما يجري في مؤسسات الدولة. وبحسب إبراهيم فإن التهم التي أطلقها محمد علي  لاقت حالة بين القبول والتشكيك لدى الناس، وأوضح: "من الطبيعي أن يدفع الفضول رجل الشارع للاستماع، بيد أن معارضي أو مؤيدي ثورة يناير والذين يرون أن الثورة فشلت ويلقون باللوم في ذلك على الجيش، من الطبيعي أن يميلوا لتصديق أي شيء سلبي يطلق على الجيش ومحاولة ترويجه".

من جهته صرح الكاتب والباحث المصري سامح راشد في مقابلة مع DW عربية أن الاتهامات، لا يمكن اعتمادها كاتهامات قطعية وكشف عن الفساد، وذلك بسبب أن محمد علي لم يطرح أية وثائق أو أدلة دامغة تؤكد صحة هذه الاتهامات، وقال راشد تابعت الفيديوهات، ووجدت أنها "تتضمن اتهامات، دون تقديم أية وثائق مكتوبة أو صورا لعقود موثقة". وتابع: "بالرغم من ظهوره لأكثر من مرة لم يبين محمد علي أية أدلة، وهو ما يلزمنا هنا للأخذ به، واعتباره كشفا لأي شبهات فساد داخلية".

هل يسيطر الجيش على الاقتصاد في مصر؟

وبغض النظر عن صحة الاتهامات، أكد الفيديو على دور الجيش المصري في مجال العقارات داخل مصر،  ودوره في الاقتصاد المصري بشكل عام، ورغم تأكيدات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في أكثر من مرة وجود دور محدود للجيش في الاقتصاد المحلي، إلا أن تقارير إعلامية مختلفة تشير إلى تعاظم دور الجيش في الاقتصاد المصري، وكيف أن الكثير من المستثمرين باتوا يتعاملون بعلانية مع الجيش، وذلك لعلمهم بنفوذه في هذا المجال. وقد يكون خير مرجع في هذا الأمر تأكيدات العقيد أركان حرب تامر الرفاعي، المتحدث العسكري للقوات المسلحة الذي أعلن في مداخلة  هاتفية في 2 أيلول/ سبتمبر 2019 مع برنامج "الحكاية" الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب عبر قناة "إم بي سي مصر"، إشراف القوات المسلحة على تنفيذ 2300 مشروع يعمل فيها قرابة 5 ملايين موظف في جميع التخصصات، وتم نشر هذه التصريحات في العديد من المواقع الاعلامية المصرية المحلية.

وفي دراسة لمعهد العلوم والدراسات السياسية SWP ومقره برلين، أشار المعهد الألماني إلى وجود نمو متزايد للقوات المسلحة داخل الدولة المصرية، والتحكم في بعض مرافقها وزيادة نفوذها في قطاعات أخرى.

لماذا لم يرد الجيش على الفيديو؟

لا يعتقد الباحث والمحلل السياسي محمود إبراهيم أن الجيش المصري أو المتحدث العسكري قد يصدر بيانا رسميا لمواجهة هذه الاتهامات، ويقول" المخاطب والمتهم في الفيديو كان الرئيس السيسي، وأنا أعتقد أنه سيقوم بالرد، ولكن بطريقته وأسلوبه المعهودين، عن طريق الدردشة والحوار مع الشعب. وتابع سيخرج ويوضح الأمور، لأن الشعب المصري أصبع متعطشا لمعرفة هذا الأمر".

وبالرغم من أن هناك من ربط ظهور الفيديو الخاص بمحمد علي، والأنباء التي ظهرت حول توقيف الإعلامي المصري أسامة كمال ومنعه من الظهور إعلاميا وتقديم برنامجه المصري قي قناة DMC مؤخرا، وتصويرها على أنه دليل على وجود تغييرات في الخفاء، يرى سامح راشد أن الأمرين مختلفين تماما، ويقول إن "الأمر ليس مرتبطا بكمال فقط، لقد سبقه توقيف إعلاميين آخرين"، ويرى راشد أن الأمر مرده إلى "خلل في المشهد الإعلامي المقرب للحكومة"، وأن هناك تغييرات داخلية اعلامية قد تطفوا قريبا على السطح.

الكاتب: علاء جمعة 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW