علماء يعيدون نشاط فيروسات متجمدة منذ آلاف السنين في محاولة لفهم تأثيرها على بني البشر، وذلك بسبب تواصل ارتفاع درجة حرارة الكوكب وذوبان التربة الصقيعية، ما يهدد بعودة سلالات من الفيروسات كانت قد اختفت من على سطح الأرض.
إعلان
أظهر بحث جديد قام به مجموعة من علماء المناخ الدوليين أن ما يسمى بـ "فيروسات زومبي" التي أعيدت للحياة من جديد، يمكنها إصابة بعض أنواع الكائنات وحيدة الخلية.
ونظرت الدراسة - التي نُشرت في مجلة the open journal Viruses- في أكثر من عشرة فيروسات جديدة تم عزلها من سبع عينات من التربة في مناطق متجمدة بصحراء سيبيريا الجليدية.
اعتمد البحث على دراسات سابقة من العقد الماضي أظهرت أن الفيروس - والذي بلغ عمر بعض عيناته عشرات الآلاف من السنين - يمكنه أن يكون معديًا بمجرد إحيائه واستعادته للنشاط، بحسب ما نشرت صحيفة نيويورك بوست.
وأطلق على الفيروسات الجديدة مصطلح "فيروسات زومبي" نظراً لتوقفها التام عن النشاط لآلاف السنين تحت تأثير التجمد لكن بمجرد زوال تأثير البرودة الشديدة بدأت تستعيد نشاطها فيما يشبه عودة الموتى إلى الحياة (زومبي) كما يحدث في أفلام الرعب.
وكتب فريق الباحثين في الدراسة إنه "لحسن الحظ ، يمكننا أن نأمل بشكل معقول في أن الوباء الناجم عن الفيروسات المسببة للأمراض التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ يمكن السيطرة عليها بسرعة بواسطة المضادات الحيوية الحديثة الموجودة حالياً، على الرغم من أن البكتيريا والفيروسات التي تحمل جينات مقاومة للمضادات الحيوية تبدو منتشرة بشكل مفاجئ في التربة الصقيعية"، بحسب ما نشر موقع يورونيوز.
اكتشف باحثون من فرنسا وروسيا وألمانيا، من خلال التأريخ بالكربون المشع للتربة المتجدة، أن الفيروسات كانت في حالة سكون تام لمدة تراوحت بين 27 ألف عام و 48500 عام.
والتربة الصقيعية هي عبارة عن طبقة متجمدة من التربة توجد على نطاق واسع إما على اليابسة أو تحت قاع المحيط، لا سيما في المناطق التي نادرًا ما ترتفع فيها درجات الحرارة فوق درجة التجمد. وتشير التقديرات إلى أن حوالي ربع نصف الكرة الشمالي تغطيها التربة الصقيعية. وحسب الأبحاث فإنّ التربة الصقيعية تعد بمثابة مادة حافظة ممتازة. لكن العلماء قلقون من أنه مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب تدريجياً وذوبان التربة الصقيعية، قد يأدي في نهاية المطاف إلى إصابة البشر بهذه الفيروسات، بحسب ما ذكر موقع "اكسبريس" البريطاني.
وأشار الباحثون إلى أن "هذا الذوبان السريع للتربة الصقيعية يتسبب في تكاثر المواد العضوية القديمة المحفوظة سابقًا لآلاف السنين في طبقات التربة الصقيعية العميقة، وهي ظاهرة أكثر وضوحا في سيبيريا، حيث توجد التربة الصقيعية العميقة تحت معظم الأراضي الشمالية الشرقية.
ويضيف الباحثون أنه مع ذوبان التربة الصقيعية سيتم إطلاق مواد عضوية كانت مجمدة لمدة تصل إلى مليون عام، يتحلل معظمها إلى ثاني أكسيد الكربون والميثان، مما يزيد من تأثير غازات الاحتباس الحراري.
ويحاول الباحثون في هذه الأثناء تقييم حجم الخطر الذي قد تشكله عودة تلك الفيروسات إلى النشاط من جديد ومدى التأثير المحتمل الذي قد يقع على البشر من استعادتها لنشاطها الحيوي.
عماد حسن
ألبوم صور...ارتفاع حرارة الأرض يهدد بانقراض الحياة البحرية
تتزايد مخاوف العلماء من تاثيرات ارتفاع حرارة كوكب الأرض والتغير المناخي. واليوم يحذر علماء من احتمال تعرض الأرض لكارثة انقراض هائلة على مستوى الحياة البحرية. فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟
صورة من: XL Catlin Seaview Survey
تأثيرات كارثية
يوماً بعد يوم، تتزايد مخاوف العلماء من التأثيرات الكارثية لارتفاع حرارة كوكب الأرض والتغير المناخي. ومؤخراً، حذرت دراسة جديدة نشرت بعض خلاصتها صحيفة الغارديان البريطانية من أن الاحتباس الحراري قد يتسبب في حدوث تغيير جذري في محيطات العالم لدرجة قد تهدد بانقراض جماعي للأنواع البحرية ليصبح الانقراض الأكبر من نوعه في تاريخ كوكب الأرض. الصورة يظهر الحاجز المرجاني العظيم في استراليا.
صورة من: picture alliance / Stringer/dpa
انخفاض الثراء البيولوجي.. البداية!
يتسبب تسارع تغير المناخ في إحداث تأثير "عميق" على النظم البيئية للمحيطات " قد يؤدي إلى تزايد مخاطر الانقراض. يقول العلماء إن الأمر قد يبدأ في الحدوث مع انخفاض الثراء البيولوجي والتنوع البحري وهو ما لم يحدث في تاريخ الأرض منذ عشرات الملايين من السنين.
صورة من: Gabriel Guzman/Calypso Productions/picture alliance
الوقود الأحفوري.. القاتل الصامت
ترتفع درجة حرارة مياه البحر في العالم بشكل مطرد بسبب حرق الوقود الأحفوري، وانبعاثات النشاطات الصناعية بينما تنخفض مستويات الأكسجين في المحيط وتتزايد حموضة المياه بسبب امتصاص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Esiri
استنفاد الأكسجين من المسطحات المائية
مع ارتفاع حرارة المحيطات تنخفض نسب الأكسجين بشكل يؤثر على قدرة الكائنات البحرية على التنفس. تضاعف حجم مياه المسطحات المائية المستنفدة من الأكسجين بقدر يصل إلى 4 مرات منذ ستينات القرن العشرين. لم تعد كائنات كالمحار وبلح البحر والجمبري قادرة على تكوين أصداف بشكل صحيح بسبب ارتفاع حموضة المياه، كما اختنقت الأسماك في عشرات الأماكن. هذا يعني أن الكوكب يمكن أن يصل لمرحلة "انقراض جماعي" للكائنات البحرية.
صورة من: Billy H.C. Kwok/Getty Images
انقراض جماعي كارثي.. قد يتكرر!
تقول الدراسة المنشورة في مجلة ساينس Science إن ضغوط ارتفاع حرارة البحار والمحيطات وفقدان الأكسجين تذكر بحدث الانقراض الجماعي الذي حدث منذ حوالي 250 مليون عام. أدت هذه الكارثة، المعروفة باسم "الموت الكبير"، إلى زوال ما يصل إلى 96٪ من الحيوانات البحرية من على كوكب الأرض.
صورة من: Stephanie Abramowicz, courtesy of the Natural History Museum of Los Angeles County
مستويات انقراض كارثية متوقعة
يشير البحث الجديد إلى أنه قد يتم الوصول إلى مستويات انقراض كارثية إذا أطلق العالم غازات الدفيئة بشكل غير مقيد، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب بأكثر من 4 درجات مئوية من متوسط درجة الحرارة التي كانت عليها الأرض في أوقات ما قبل الصناعة وذلك بحلول نهاية القرن الحالي. من شأن ذلك أن يؤدي إلى انقراض أنواع حية قد تعيد تشكيل الحياة في المحيط لعدة قرون أخرى.
صورة من: Tomasz Mikielewicz/Panther Media/picture alliance
الخطر يقترب بسرعة
لكن حتى في أفضل السيناريوهات، لا يزال العالم على وشك فقدان جزء كبير من الحياة البحرية. فعندما ترتفع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين بأعلى مما كانت عليه قبل عصر الصناعة، وهو ما يُتوقع أن يحدث حتى في ظل التعهدات المناخية الحالية من قبل حكومات العالم، سيتم القضاء على حوالي 4 ٪ من إجمالي نحو مليوني نوع من الكائنات البحرية في البحار والمحيطات.
صورة من: W.Poelzer/WILDLIFE/picture alliance
الكائنات القطبية أكثر عرضة للخطر
وفقًا للدراسة، تعتبر الأسماك والثدييات البحرية التي تعيش في المناطق القطبية أكثر عرضة للخطر، لأنها لن تكون قادرة على الهجرة إلى المناخات الأكثر برودة، على عكس الأنواع الاستوائية، ولن تجد تلك الكائنات مكان تذهب إليه.
صورة من: AP
أخطار أخرى
يؤدي خطر تغير المناخ إلى تعاظم الأخطار الرئيسية الأخرى التي تواجهها الحياة المائية، مثل الصيد الجائر والتلوث. وجدت الدراسة أن ما بين 10٪ و 15٪ من الأنواع البحرية معرضة بالفعل لخطر الانقراض بسبب هذه التهديدات المختلفة بحسب بيانات الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
صورة من: NAVESH CHITRAKAR/REUTERS
ما نفعله اليوم.. يحدد شكل مستقبلنا
يقول العلماء إن مستقبل الحياة في المحيطات يعتمد بقوة على ما نقرر فعله مع غازات الدفيئة اليوم. وبناء على ذلك سيتحدد شكل المحيطات في المستقبل: إما مساحات مائية شاسعة شبه خالية من أي حياة أو محيطات تحتفظ بما بها من كائنات بحرية. يعتمد ذلك على نجاحنا في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
إعداد: عماد حسن