توجد حاليا أربع دول مرشحة للانتساب إلى الاتحاد الأوروبي هي تركيا وكرواتيا ومقدونيا وأيسلندا. وإذا كانت الدول الثلاث الأخيرة لا تعاني من جدل ونقاش حول هويتها الأوروبية وديانتها فإن تركيا تواجه، في المقابل، منذ سنين عديدة جدلا ونقاشات حول الأمرين بعد تراجع المدّ اليساري في البرلمان الأوروبي ووصول الاتحاد المسيحي إلى الحكم من جديد في ألمانيا.

تقرير المفوضية عن تركيا يقدّم حصيلة مزدوجة

وشكّل صدور تقرير المفوضية الأوروبية الدوري، حول مدى التقدم الحاصل لدى الدول المرشحة حاليا للانتساب، مناسبة جديدة لطرح الإشكالية التركية من جديد دون النظر إلى ما جاء في التقرير من إيجابيات وسلبيات ككل واحد.

ومعلوم أن ترشيح تركيا رُبط بتحقيق شروط عدة يتوجب تنفيذها على المستوى الداخلي مثل تعزيز الديمقراطية، وحقوق الإنسان والأقليات، كما على مستوى العلاقات مع دول الجوار الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبصورة خاصة اليونان وقبرص.

ووجد وزير خارجية ألمانيا، رئيس الحزب الليبرالي، الشريك الصغير في الائتلاف الحكومي الذي يقوده الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل، أن التقرير الدوري "يقدّم صورة مفصلة ومتوازنة" عن الجهود التي تبذلها أنقرة لتحقيق المطالب الموضوعة أمام كل دولة مرشّحة. كما يعطي تصورا عن النواقص الموجودة في المجتمع، وفي السياسة، والقضاء، والاقتصاد، والتي لا بد من تجاوزها قبل الموافقة على طلب الانتساب. ولهذا قررت المفوضية الأوروبية في حينه تحديد فترة تمتد ما بين 12 و15 سنة لتمكين أنقرة من تنفيذها.

ثناء على تركيا وتحديد النواقص داخليا وخارجيا

وأثنى تقرير المفوضية الأوروبية على الإصلاحات الدستورية التي أقرت أخيرا في تركيا، ولكنه طالب حكومتها بالعمل على وضعها موضع التطبيق أيضا، خاصة ما يتعلق بحقوق المرأة وحمايتها من جرائم الشرف والزواج القسري. وبعد أن كانت المفوضية أثنت سابقا على خطوات، نُفذت لتعزيز الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير في البلاد، ذكرت في تقريرها الحالي أنه "بعد مرور خمس سنوات على المفاوضات حول الانتساب لا تزال توجد نواقص عديدة في الحقوق الأساسية للفرد وللأقليات، خصوصا الكردية منها، وكذلك في الحريات العامة".

وفي موضوع قبرص ذكرت المفوضية أن المطلوب من تركيا إيجاد حل سريع للجزء التركي من الجزيرة الذي تحتله منذ عقود إن كانت تريد فعلا دفعا قويا للمفاوضات معها. وأعرب مفوض توسيع الاتحاد شتيفان فولّه عن قلقه من تراجع دينامية المفاوضات مع أنقرة، رغم التقدم الحاصل معها، إذا لم تُحل المصاعب الداخلية والخارجية. وقال: "على تركيا التحرك الآن".

ردود فعل متباينة وقراءة مختلفة لتقرير المفوضية

ومن جانبه أشاد وزير الخارجية فيسترفيلّه بـ "التقدم المثير للانتباه الحاصل في تركيا على صعيد الإصلاح الدستوري"، لكنه أشار إلى وجود نواقص في الحريات الدينية، وفي حقوق المرأة، وحرية الصحافة، وضمان حقوق المواطنين الأكراد. وأضاف أنه لا يزال مقتنعا حتى اليوم بأن الإبقاء على الأفق الأوروبي لتركيا هو السبيل الأنجع لمتابعة عملية الإصلاحات في البلاد. وإذ لفت إلى أن "وتيرة الإصلاح في تركيا تزيد من وتيرة تقاربها مع أوروبا"، طالب فيسترفيلّه الأوروبيين "بتنفيذ وعدهم لها والتعامل معها بصورة عادلة".

ووجد النواب الخضر في البرلمان الأوروبي في تقرير المفوضية دفعا لتركيا إلى الأمام. وقالت رئيسة الحزب كلاوديا روت إن التقرير يقدم حصيلة مزدوجة، وطالبت الحكومة الألمانية بالعمل "على إعطاء المفاوضات مع تركيا دينامية جديدة لتحقيق الانتساب إلى الاتحاد الأوروبي". لكن النواب "المسيحيين" في البرلمان الأوروبي طالبوا المفوضية الأوروبية في المقابل بوقف مفاوضات الانتساب مع أنقرة.

وقال رئيس مجموعة الاتحاد المسيحي الديمقراطي الألماني في البرلمان الأوروبي فرنر لانغن "إن بلدا يلاحق الأقليات ووسائل الإعلام لا مكان له على طاولة المفاوضات". ودعا النائب عن الحزب الاجتماعي المسيحي البافاري مانفرد فيبر بدوره إلى إنهاء المفاوضات مشيرا إلى "أن الوقت حان لقول الحقيقة دون مواربة وإقامة شراكة مميزة مع تركيا".

اسكندر الديك

مراجعة: احمد حسو