1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فيضانات "عاصفة بيرنت" في ألمانيا.. جرس إنذار للأسوأ؟

إيمان ملوك
١٦ يوليو ٢٠٢١

فياضانت عنيفة في عزّ الصيف تسببت فيها "عاصفة بيرنت"، وتسببت بخسائر بشرية ومادية هائلة، إذ لم تشهدها ألمانيا منذ عقود .فما هي تفسيرات خبراء المناخ لهذه الظاهرة؟ في المقابل لماذا انهارت البنية التحية "القوية" بهذا الشكل؟

يتوقع خبراء المناخ حدوث المزيد من الفيضانات المماثلة في المستقبل!
يتوقع خبراء المناخ حدوث المزيد من الفيضانات المماثلة في المستقبل!صورة من: Harald Tittel/dpa/picture alliance

شوارع ومنازل غارقة تحت المياه وسيارات محطمة ومنقلبة وأشجار مقتلعة تجرفها السيول، مشاهد خلفتها مأساة الفيضانات الحالية في ألمانيا. تساقطات الأمطار وصلت إلى مستويات قياسية لم تشهدها البلاد منذ عقود. فقد وصل مقدار مياه الفيضانات في منطقة الرور بغرب ألمانيا إلى مستويات قياسية في أجزاء عديدة من المنطقة.

في هذا السياق قال متحدث باسم رابطة منطقة الرور إن كمية المياه التي تدفقت ظهر الخميس عند منطقة هاتينغن وصلت إلى 1450متراً مكعباً في الثانية، أي 20 ضعف معدلها المعتاد في هذه  الفيضانات على مدار فترة طويلة. وأضاف المتحدث أن فيضاناً بهذه الكمية لم يحدث منذ عام 1960 على الأقل. وفي سياق متصل، قال أولريش فينداو من خدمة الإنذار من الفيضانات التابعة لحكومة دائرة ارنسبرغ: "لدينا في منطقة الرور مستويات مياه تزويد بمقدار متر عما ظهر حتى الآن"، مشيراً إلى أن المنسوب وصل إلى ارتفاع جديد 7.21 متر، كما تم تسجيل قيم فيضانات في منطقة هاتينغن لم تسجل من قبل.

جسر هدمته السيول في إقليم آفايلر بولاية راينلاند بفالس الألمانيةصورة من: Abdulhamid Hosbas/AA/picture alliance

لاتزال فرق الطوارئ الألمانية اليوم الجمعة تبحث عن مئات الأشخاص المفقودين بعد أسوأ فيضانات تسببت حصيلة قتلى بالعشرات حتى الآن ومن المرجح أن ترتفع مع بقاء مئات آخرين في عداد المفقودين في ولايتي شمال الراين وستفاليا وراينلاند بفالس، الأكثر تضرراً. كما نُشر حوالى ألف جندي للمساعدة في عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض في البلدات والقرى المتضررة.

على صفحتها الأولى وصفت صحيفة "بيلد" الألمانية مأساة الفيضانات  بـ "فيضانات الموت" بعد هطول أمطار غزيرة في مناطق عدة، تسببت بأضرار بشرية ومادية وزرعت رعباً بين السكان الذين فوجئوا بالفيضانات. من جهتها أعربت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من واشنطن إثر لقائها في البيت الأبيض، الرئيس الأمريكي جو بايدن عن خشيتها "من عدم القدرة على معرفة الحجم الحقيقي للكارثة إلا في الأيام المقبلة".ووعدت المستشارة بأن تقدّم حكومتها المساعدة للمتضررين من أجل "إعادة الإعمار"، مؤكّدة لهم أنّهم "ليسوا وحدهم".

السيول العارمة في إقليم آفايلر بولاية راينلاند بفالس جرفت أمامها كل شيءصورة من: Abdulhamid Hosbas/AA/picture alliance

جرس إنذار!

عادة ما يشهد فصل الصيف في ألمانيا، هطول الأمطار أيضاً، لكن تسجيل تساقطات وصلت إلى مستويات قياسية وتسببت في فيضانات عارمة وخسائر بهذا الحجم، يثير التساؤل حول ما إن كان الوضع الحالي "طبيعياً". يوهانس كواس، خبير الأرصاد الجوية في جامعة لايبزيغ يجيب عن هذا التساؤل في تصريح لوسائل إعلام ألمانية: "هذا هو الوضع الطبيعي الجديد. تغير المناخ يغير أيضاً تعريف الطقس الطبيعي. نحن نقترب ببطء من وضع طبيعي جديد يتضمن أنماط هطول أمطار مختلفة".في تصريح لإذاعة غرب ألمانيا WDR قال بيرند ميليغ المسؤول البيئي في ولاية شمال الراين وستفاليا وهي أكثر المناطق تضررا بالفيضانات "عادة ما نشهد مثل هذا الوضع في الشتاء فقط". وأضاف "إن أمرا كهذا، وبهذه الشدة، يعد غير معتاد بالمرة في الصيف".

يوضح خبراء البيئة والمناخ أن رتفاع درجات الحرارة يجعل ظواهر الطقس أكثر تطرفاً. نظراً إلى أن الغلاف الجوي الذي أصبح أكثر دفئاً يحبس المزيد من المياه، فإن  تغير المناخ  يزيد من وتيرة وشدة الفيضانات الناجمة عن هطول الأمطارالغزيرة. كما شرحت، خبيرة المناخ فريدريك أوتو من معهد التغير البيئي بجامعة أكسفورد: "هطول الأمطار الذي شهدناه في جميع أنحاء أوروبا خلال الأيام القليلة الماضية هو طقس متطرف يزداد شدته بسبب تغير المناخ وسيستمر في التعزيز أكثر مع المزيد من الاحتباس الحراري".

عن الوضع في ألمانيا يوهانس كواس "باعتارها من الدول الصناعية، فإن الحرارة ترتفع في ألمانيا أسرع مرتين من معدل الاحتباس الحراري"، كما يقول يوهانس كواس ويضيف "هذا يعني أن فرص هطول الأمطار الغزيرة أعلى بنسبة 20 في المائة مقارنة بالقرن التاسع عشر و10 في المائة أعلى مما كانت عليه عندما ولدت، قبل حوالي أربعة عقود"، ويتابع: "طالما واصلنا انبعاث ثاني أكسيد الكربون، فمن المحتمل أن نشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة".

أعادت الفيضانات ظاهرة تغير المناخ إلى قلب الحملة الانتخابية في ألمانيا قبل الانتخابات المقررة في 26 سبتمبر/ أيلول المقبل .وقال وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر إن ألمانيا "يجب أن تستعد بشكل أفضل" في المستقبل. مضيفاً أن "هذا الطقس المتطرف هو نتيجة لتغير المناخ". سارع المرشحون إلى إثارة مسألة المناخ وإطلاق الوعود بشأن المناخ بعد الفيضانات.

ودعا رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا أرمين لاشيت، المحافظ الذي سيخلف ميركل، إلى "تسريع" الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، مشدداً على الصلة بين تغير المناخ والظواهر المناخية القصوى.

دمار هائل خلفته السيول في ولاية راينلاند بفالسصورة من: Abdulhamid Hosbas/AA/picture alliance

 البنية التحتية تنهار أمام الفياضانات!

تسببت فضيانات "عاصفة بيرنت" في جرف العديد من المنازل و تدمير مناطق بأكملها في ألمانيا. في حين باتت العديد من القرى المنكوبة في غرب البلاد معزولة عن العالم. كما تسببت الفيضانات القوية في انقطاع التيار الكهربائى عن أجزاء من البلاد، حسبما أعلنت مجموعة "أيون" الألمانية للطاقة. فقد تسببت الأمطار الغزيرة التي انهمرت خلال اليومين الماضيين في ارتفاعات حادة في منسوب مياه الأنهار، وتفكك التربة، حيث غمرت المياه منشآت البنية التحتية الخاصة بالطاقة في غرب البلاد.

رغم قوتها انهارت البنية التحية في ألمانيا بسبب الفيضانات!صورة من: Oliver Pieper/DW

انهيار البنية التحية في ألمانيا التي تعد من أقوى البنى التحية في العالم، بهذا الحجم يفسره الخبراء بأنه مرتبط بتغيرات المناخ ومخاطره المتزايدة من جهة وكذلك من خلال عوامل أخرى، كما حاول تفسيرها موقع  البرنامج العلمي الألماني Galileo. عندما لا تستطيع أنظمة التربة والصرف الصحي امتصاص الماء بسرعة، أو عندما تمنع عوامل مثل التنمية الحضرية تصريف مياه الأمطار، يمكن أن يتطور الجريان السطحي إلى فيضانات غزيرة سريعة ويتسبب  في أضرار كبيرة.

ويقدم الموقع تفسيراً علمياً لأسباب الفياضانات، إذ كتب: "تحدث الفيضانات عندما يكون هناك تدفق كبير للمياه في مقابل نقص كبير في تصريفها. الأسباب الرئيسية لذلك هي هطول الأمطار الغزيرة والمستمرة وكذلك الذوبان المفرط للثلوج، التي تثقل كمياتها الجداول والأنهار المحلية".

كما يلقى الخبراء اللوم على الإنسان نفسه: "نحن البشر متواطئون في الفيضانات المدمرة التي تجعل المجمعات السكنية بأكملها غير صالحة للسكن. نظراً لأننا نعيش بشكل متزايد بالقرب من المياه و"نغلق" المزيد من المناطق ذات المناظر الخلابة بالإسفلت والخرسانة و لم تعد مياه الأمطار تتسرب بشكل كافٍ إلى الأرض.

عامل آخر للفيضانات المدمرة:  تغير المناخ. ويفترض الخبراء أنه سيؤدي إلى حدوث ظروف جوية قاسية مثل هطول الأمطار الغزيرة بشكل متكرر في المستقبل. دمار "عاصفة بيرنت" يمكن أن يجعل هذا العام واحداً من أكثر الأعوام ضرراً في تاريخ ألمانيا.

إيمان ملوك

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW