يأمل مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية الفرنسية فرنسوا فيون أن يشكل تجمع أنصاره الأحد في باريس استعراضا للقوة في مواجهة القضاة الذين يتوقع أن يوجهوا الاتهام إليه قريبا، وأعضاء حزبه الراغبين في إخراجه من السباق.
إعلان
وبين احتمالي الفشل والتحدي يبدو هذا "التجمع الشعبي الكبير" الذي ينظم قرب برج إيفل مع توقعات بمشاركة عشرات الآلاف، إحدى آخر أسلحة فيون للخروج من مشكلة الوظائف الوهمية لزوجته ولاثنين من أبنائه. وسحب نحو 250 مسؤولا منتخبا دعمهم لفيون تحت تأثير القلق إزاء تراجع مرشح اليمين الذي باتت الاستطلاعات تشير إلى خروجه من الجولة الأولى التي ستجري بعد 49 يوما. وتشير الاستطلاعات إلى تصدر مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن ووزير الاقتصاد السابق ايمانويل ماكرون (وسط) هذه الجولة.
وسيتيح مدى نجاح تجمع اليوم (الأحد الخامس من مارس/ آذار 2017) معرفة مستوى شعبية فيون الذي احتفل السبت بعيد ميلاده الـ 63. والجمعة فتش محققون منزله الريفي في سارت (غرب) بعد تفتيش شقته بباريس الخميس. وتنظم تظاهرة مضادة ضد فساد المسؤولين المنتخبين الأحد في ساحة الجمهورية بباريس.
وكان فيون حض السبت أنصاره على عدم "الخضوع للخوف" رغم الانشقاقات في معسكره والدعوات لانسحابه من السباق. وقال أمام قاعة امتلأ نصفها في المنطقة الباريسية "هناك من يريد إخافتكم. لا تخضعوا أبدا". وقال برونو ريتايو السيناتور ومنسق حملة فيون لقناة "بي اف ام تي في" السبت إن هذا التجمع هدفه "القول للفرنسيين (إذا أردتم أن استمر يجب أن تدعموني)" مضيفا "سيكون هناك أحد الخيارين : يحضر الكثير من الناس رغم توقعات بهطول المطر، أو تأتي أعداد أقل، وأظن انه سيُقَوم إثر ذلك بكل مسؤولية بمقارنة الايجابيات والسلبيات. هو شخص لا يهرب إلى الأمام أو يعاني عمى" سياسي.
وكتبت صحيفة لوموند (وسط يسار) أن فيون "يراهن على الشارع لإنقاذ ترشحه"، في حين يعبر البعض عن خشيته من انحراف مرشح اليمين إلى التشكيك في القضاء. وخرجت زوجته بينيلوبي عن صمتها لتعبر في مقابلة مطولة مع أسبوعية "لو جورنال دو ديمانش" عن دعمها لزوجها وتكذيب شبهات قضائية بتوليها وظائف وهمية. وقالت بينيلوبي "قلت له يجب أن تستمر حتى النهاية. وفي كل يوم أقول له ذلك" لكن "القرار يعود إليه". واعتبرت "لا أحد غيره يمكنه أن يكون رئيسا. والقدرة على تحمل ما يجري تمثل دليل شجاعة مميزة".
ولدى تطرقها إلى مسالة الوظائف الوهمية التي يشتبه في أنها تولتها أكدت زوجة فيون أنها قامت بـ"مهام متنوعة" لصالح زوجها وأنها قدمت إثباتات على ذلك للمحققين. لكن الانشقاقات تتوالى في اليمين منذ الإعلان الأربعاء عن احتمال توجيه الاتهام في 15 آذار/مارس لفيون في قضية الوظائف الوهمية المفترضة.
ويعقد حزب الجمهوريين المنقسم على نفسه مساء الاثنين اجتماعا للجنته السياسية "لتقييم الوضع". وقال وزير سابق ما يزال مخلصا لفيون "الأمر واضح أنهم يريدون فصله إنها الحرب". وعنونت صحيفة "لوباريسيان" الأحد "بداية العد العكسي". وأشار استطلاع لمعهد ايفوب نشر الأحد إلى أن 71 بالمائة من الفرنسيين لا يرغبون في مواصلة فيون لترشحه للانتخابات الرئاسية. ودعا العديد من شخصيات اليمين في الأيام الأخيرة فيون إلى التخلي وإفساح المجال لترشح آلان جوبيه رئيس بلدية بوردو ورئيس الوزراء الأسبق إبان عهد جاك شيراك. واشترط جوبيه الذي كان هزم أمام فيون في الانتخابات التمهيدية "أن ينسحب فرنسوا فيون من تلقاء نفسه" وان يلقى دعما بالإجماع من الحزب.
ح.ز/ و.ب (أ.ف.ب)
تعصب وتطرف أم خوف من الآخر؟ مظاهر العنف في أوروبا
لئن عاشت الأغلبية العظمى في أوروبا من أوروبيين ومن أصول مهاجرة من مختلف الأديان والثقافات في كنف السلام والاحترام، إلا أنها لم تخل أيضا من مظاهر للعنف تحت ذرائع مختلفة: دينية وقومية وغيرها، لكنها مرفوضة من الأغلبية.
صورة من: picture-alliance/dpa/SDMG/Dettenmeyer
مظاهر التطرف والدعوة إلى العنف باسم الدين لم تقتصر على الدول العربية والإسلامية، بل أيضا دول غربية على غرار ألمانيا شهدت بدورها مظاهرات لأقلية سلفية حمل بعض عناصرها الأعلام السوداء ودعا فيها للعنف. الصورة لمظاهرة تعود إلى عام 2012 في مدينة بون الألمانية حيث تظاهر سلفيون ضد يمينيين متطرفين واعتدوا خلالها على رجال شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa
استخدام الدين كذريعة لارتكاب جرائم إرهابية، مثلما حدث خلال الاعتداء على مقر صحيفة شارلي إيبدو مطلع هذا العام وقتل 11 شخصا من طاقمها بدافع الانتقام لصور كاريكاتورية للرسول محمد نشرتها الصحيفة، أثار استهجان الملايين ليس في فرنسا وأوروبا فقط وإنما ايضا في العديد من الدول الإسلامية والعربية.
صورة من: Reuters/Platiau
الإرهابيون لم يستهدفوا مقر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية فقط وإنما أيضا شرطيا مسلما واسمه أحمد وشرطية أخرى كانت تنظم حركة المرور وكذلك أربعة يهود، بينهم يهودي تونسي، كانوا في أحد المتاجر اليهودية بصدد التبضع لإحياء مراسم السبت. العمليات الإرهابية كانت من توقيع تنظيم "الدولة الإسلامية".
صورة من: AFP/Getty Images/K. Tribouillard
وبعد الهجمات الإرهابية التي طالت باريس واسفرت عن سقوط 18 شخصا، ها هو الإرهاب تحت ذريعة الدين يضرب العاصمة الدنماركية كوبنهاغن ويتسبب في مصرع رجل يهودي كان يحرس كنيسا يهوديا وآخر مخرجا سينمائيا، ذنبه أنه كان حاضرا في ندوة حول حرية التعبير.
صورة من: Reuters/S. Bidstrup
ولكن مساجد المسلمين بدورها تعرضت أيضا للاعتداء بالحرق وتهشيم النوافذ وحتى لهجوم بالمتفجرات. ففي فرنسا مثلا ارتفع عدد الأعمال "المعادية للإسلام" بنسبة 70 بالمائة منذ الاعتداءات التي قام بها جهاديون في باريس في كانون الثاني/ يناير، مقارنة بعام 2014، وفقا لجمعية التصدي لمعاداة الإسلام الفرنسية.
صورة من: Reuters/Y. Boudlal
حتى المقابر اليهودية لم تسلم من اعتداءات بعض المتطرفين إما بدافع العنصرية أو بدافع معاداة السامية. على أحد القبور اليهودية في مقاطعة الآلزاس الفرنسية كتب باللغة الألمانية "أرحلوا أيها اليهود" إلى جانب الصليب المعقوف، رمز النازيين الذين أبادوا ستة ملايين من يهود أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
حتى وإن كان هؤلاء لا يمثلون إلا أقلية مطلقة داخل المجتمع الألماني، إلا أن النازيين الجدد، الذين يستلهمون أفكارهم من النازية واليمين المتطرف، يشكلون مصدر قلق في ألمانيا، خاصة وأنهم لا يتوانون عن استخدام العنف ضد الأجانب أو من كان شكله أو مظهره يوحي بأنه ليس ألمانيا. وفي الفترة الأخيرة سجل في عدد من الدول الأوروبية صعود التيارات اليمينية المتطرفة، مستغلة أعمال الإرهابيين للإسلاميين المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
ولازال القضاء الألماني ينظر في قضية خلية تسيفيكاو النازية، والتي سميت نسبة لمدينة تسيفيكاو الواقعة شرقي ألمانيا، في محاكمة تحظى باهتمام دولي الواسع. هذه الخلية متهمة بقتل عشرة أفراد، تسعة أتراك ويوناني في ألمانيا، ذنبهم الوحيد أن أشكالهم توحي بأصولهم الشرقية. في الصورة العضوة الوحيدة المتبقة من الخلية، بعدما انتحر عنصران منها، والتي ترفض الإدلاء بأي تفصيل يساعد في الكشف عن الحقيقة.
صورة من: Reuters/M. Rehle
اليمينيون المتطرفون استغلوا مخاوف البعض في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية من عدم معرفتهم للإسلام والمسلمين وخلطهم بالتطرف الإسلامي، خاصة بعد الجرائم البشعة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، للدعوة إلى مظاهرات مناهضة للإسلام. الصورة مظاهرة مناهضة للإسلام في مدينة هانوفر، شمالي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
وبعد الانتقادات اللاذعة والرفض الشعبي الألماني الواسع للمظاهرات المناهضة للإسلام، أصبحت هذه الاحتجاجات نقتصر على بعض اليمينيين المتطرفين الذين خرجوا للتظاهر ضد قدوم اللاجئين إلى ألمانيا، معللين رفضهم بأن ثقافة هؤلاء تختلف عن ثقافتهم وأنه لا يمكنهم الاندماج في المجتمع الألماني.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
بعض المتطرفين اليمينيين أصبح يعمد بدل الاحتجاج إلى إضرام النيران في البنايات والمقرات التي من شأنها أن تأوي اللاجئين. حتى وإن لم تسفر عمليات إحراق المباني عن أي أضرار بشرية، إلا أن تكرارها في عدد من الولايات والمدن الألمانية أثار قلقا وجدلا واسعا في البلاد.