تتزايد في الآونة الأخيرة أعداد طلبات اللجوء من الرجال الروس الذين يحاولون الهروب من التجنيد في جيش بلادهم. الكثير من الحقوقيين الألمان يأيدون منحهم حق اللجوء، بينما يعارض الأوكرانيون ذلك.
إعلان
كاترينا ريتز راكول، مواطنة أوكرانية، تعيش وتعمل مترجمة في ألمانيا منذ 20 عامًا. عند سماعها أخبار تفيد بأن ألمانيا تريد استقبال الروس الفارين من بلادهم، اعتقدت أن الأمر مجرد إشاعة. قالت "اعتقدت أن هذا لا يمكن أن يكون صحيحًا، لم أصدق ذلك إلى شاهدت الأخبار".
تحكي المتحدثة أنها كانت مندهشة لرؤية السياسيين الألمان من الأحزاب الثلاثة المؤلفة للحكومة يعرضون أفكاراً لمساعدة الروس الذين يسعون لمغادرة البلاد منذ أن أعلن الرئيس فلاديمير بوتين عن خطة التجنيد الأسبوع الماضي.
ومن بين المرحبين بالفكرة، وزير العدل الألماني، ماركو بوشمان، من الحزب الديمقراطي الحر الذي قال "نرحب بمن يكرهون سياسات بوتين ويدافعون عن الديمقراطية الليبرالية للانضمام إلينا في ألمانيا".
كما أن رئيس وزراء ساكسونيا السفلى، ستيفان ويل، عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي، قال في تصريح حول الموضوع ذاته "أعتقد أن دعم هؤلاء الناس ومنحهم اللجوء، سيكون رد فعل طبيعي".
وطالبت إيرين ميهاليك، برلمانية عن حزب الخضر، بتسهيل حصول الروسيين الرافضين للحرب ضد أوكرانيا، قائلة "كل من لا يريد المشاركة في حرب عدوان بوتين على أوكرانيا، والتي تتعارض مع القانون الدولي، ويفر من روسيا لهذا السبب، يجب أن يحصل على حق اللجوء في ألمانيا".
أما ريتز راكول، ناشطة في منتدى همبولت لمساعدة اللاجئين الأوكرانيين، لم تتفهم هذا الموقف من السياسيين الألمان. قالت إن "منح اللجوء للهاربين الروس خطأ سياسي واضح"، إذ أن هؤلاء حسبها ليسوا شخصيات معارضة أو منشقين، "هؤلاء أشخاص لا يريدون المخاطرة بحياتهم فقط، لم يعارضوا السياسة الروسية أبدا، ولم يستيقظوا إلا الآن". معتبرة أنه "ليست من مهام الدول الغربية حماية هؤلاء الناس".
تتذكر الأوكرانية مقاطع الفيديو التي انتشرت خلال الأيام الماضية. مقاطع أبرزت الوضع على الحدود الروسية مع جورجيا. حين فر ما يقدر بنحو 50 ألف روسي إلى الدولة المجاورة في الأيام الأخيرة، والسبب أن بولندا ودول البلطيق قد أغلقت حدودها أمام الروس، خوفًا من تسلل الجواسيس.
في هذا الموقف يبدي الروس انزعاجهم، لأنه يتم صدهم بسبب ملصق يحمل شارة Z على سيارتهم، أو لأنهم قاموا بوشم شارة Z على أجسادهم، التي أصبحت ترمز إلى دعم الغزو الروسي لأوكرانيا.
هل تستطيع ألمانيا رفض الجنود الروس؟
يحاجج السياسيون الألمان حين دفاعهم عن استقبال الفارين من التجنيد في روسيا بالقول إن "كل جندي يحصل على حق اللجوء في ألمانيا هو خسارة لجيش بوتين". لكن هذه مغالطة بحسب كاترينا ريتز راكول. "روسيا ستجمع مليون جندي بطريقة ما، السماح لبعض الفارين من الخدمة العسكرية إلى ألمانيا لن يغير هذه الحقيقة، بل يعني فقط أننا سنواجه مشكلة أمنية كبيرة هنا".
الهاجس الأمني
شددت وزارة الداخلية الألمانية أن اللجوء يمنح على أساس كل حالة على حدة، استناداً على تدقيق أمني خاصة إذا كان طالب اللجوء عضواً في الجيش الروسي. وحول هذا الموضوع أبرز فريدريك ميرز، رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي، خلال مقابلة تلفزيونية له مع قناة بيلد الألمانية الخاصة أنه "يعارض بشكل صارم إتاحة الوصول إلى ألمانيا لجميع المتهربين من الخدمة العسكرية في روسيا".
وتساءلت الأوكرانية ريتز راكول من جهتها أيضًا عن كيفية تعامل السلطات الألمانية مع السيل المحتمل من طلبات اللجوء في ظل الظروف الحالية. قالت "ألمانيا استقبلت سابقاً النساء والأطفال الأوكرانيين، ووفرت لهم السكن والمساعدة المالية، وأعلنت العديد من الولايات الفيدرالية عن تفاقم أعداد اللاجئين وعدم إمكانية استقبال المزيد. فكيف ستتمكن السلطات من استقبال المزيد من الرجال الروس، وكيف ستتحقق من هوياتهم؟".
آنا* أوكرانية قدمت إلى ألمانيا وهي طفلة، وأصبحت اليوم ناشطة في جمعية "فيتشه" الخاصة بتقديم الدعم للأوكرانيين. تقول في تعليقها عن موضوع استقبال ألمانيا للجنود الروس الفارين من الخدمة العسكرية في بلدهم "نحن النشطاء خائفون، لأننا نواجه في كثير من الأحيان استفزازات خلال المظاهرات، يحاول أشخاص من أصول روسية استفزاز المشاركين. ألمانيا لا تحسب حساب التهديد الأمني الذي يلوح في الأفق".
يخطط أعضاء جمعية فيتشه لتنظيم مظاهرة من أجل لفت الانتباه إلى معضلة سقوط المثقفين والسياسيين في ألمانيا في شباك الدعاية الروسية. كما تعمل المنظمة بشكل دؤوب على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي.
تتذكر آنا قائلةً " كان أعضاء مجموعات Z الروسية الداعمة للحرب على أوكرانيا، يعلنون فرحهم عند وقوع أي جرائم حرب". وتضيف المتحدثة قائلة "لكن بعد ذلك، هرب نفس الأشخاص فجأة أو يخططون حالياً للهرب، لذلك لا ينبغي السماح لهم بدخول هذا البلد".
الأوكرانيون ينتقدون "سذاجة" ألمانيا!
لا تعتقد آنا أن الفحوصات الأمنية يمكن أن تدقق بشكل كاف في الهوية الحقيقية للهاربين من الروس، فسجلات الدردشة من السهل حذفها. وتضيف أن "الطبقة الوسطى ذات الامتيازات غير السياسية من المدن الكبرى هي التي تريد مغادرة البلاد الآن". "لديهم اتصالات جيدة ومال يكفي لتحمل هذه الرحلات باهظة الثمن. وبكل تأكيد، الوسائل الكافية لإخفاء آرائهم وانحيازاتهم في الأشهر القليلة الماضية"، حسب رأيها.
يشعر الأوكرانيون المتواجدون في ألمانيا، أن موقف الساسة الألمان من الفارين الروس يعكس الموقف العام. تقول آنا "لا يزال الكثيرون في ألمانيا يؤمنون بأسطورة الروح الروسية الطيبة".
وحذرت المتحدثة من أن "هذه السذاجة أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم. اعتدنا أن نفتح أذرعنا في أوروبا الغربية وتقبل الآخرين والتسامح مع الجميع، لكن هذه السذاجة لن توصلنا إلى شيء. بل على العكس، لن تؤدي إلا إلى تعريض أمننا وأمن اللاجئين الأوكرانيين هنا للخطر".
أوليفر بيبر
انطباعات رسامي كاريكاتير عالميين عن بوتين وحربه على أوكرانيا
أحدثت الحرب في أوكرانيا صدمة واضطرابا شديدين في العالم كله، وتفاعل معها رسامو الكاريكاتير من ألمانيا وإيطاليا وأستراليا وأفغانستان وغيرها، فكيف جاءت انطباعاتهم عن الرئيس الروسي وأوكرانيا ومواقف الدول الأخرى مثل الصين؟
قابض الأرواح يدلل "ربيبه"
"قابض الأرواح" أو "الموت" (حسب حدوتة الأخوين غريم "موت العرّاب") يحمل بوتين بين ذراعيه ويقوم بتغنيجه وإرضاعه. بالنسبة لرسام الكاريكاتير الإيطالي باولو لومباردي، وجدت الحرب ربيبها النموذجي في الرئيس الروسي. ويحوم الذباب الأزرق حول قابض الأرواح وبوتين انتظارا للضحايا القادمين.
جهاز الملاحة في يد الشيطان
الموت قابع خلف عجلة القيادة، والشيطان يقرأ خارطة الطريق. وكفريق لا يهزم يوجهان الرئيس الروسي مباشرة إلى الحرب العالمية الثالثة. لقد اشتعلت النار بالفعل في عيني بوتين. إنه وضع ميئوس منه حاليا لهذه الدرجة، وفق تفسير الرسام الهولندي تجيرد روياردس. لكن هل يمكن إعادة برمجة نظام الملاحة؟
تطور الأسلحة
كان هناك اعتقاد أن البشرية ربما تعلمت شيئًا جديدًا عبر آلاف السنين وأنها ستعيش معًا بسلام. لكن على العكس، لم يكن الفكر هو من تطور، وإنما جودة الأسلحة فقط، بحسب وجهة نظر الفنان الأوزبيكي محمود إشونكولوف. وبينما كان إنسان "النياندرتال" يلوح في المعركة بسلاحه الذي هو عبارة عن عظمة فخذ حيوان، فإن جندي اليوم مجهز بأسلحة دقيقة ذات تقنية فائقة.
حرب الأخبار المزيفة أيضا
لكن الحروب لم تعد تدار بالأسلحة التقليدية فقط، فالدعاية المغرضة "البروباغاندا" على جميع الجبهات هي أيضًا جزء منها. وسواء كان ذلك عبر تويتر أو فيسبوك أو إنستغرام، فإن شبكات التواصل الاجتماعي هي وسيلة مذهلة لنشر الأخبار المزيفة بين الناس، بحسب ما يعتقد الكوبي ميغيل موراليس. وأسوأ ما في الأمر هو أنه عادة لا يجري التحقق من صحة الحقائق المزعومة التي تنتشر في وسائل التواصل.
"روسيا الجائعة"
مثل أوكرانيا، كانت ليتوانيا ذات يوم جزءا من الاتحاد السوفيتي القوي حتى أعلنت استقلالها في عام 1990. لكن "الدول الشقيقة" السابقة تعرف المزاج الذي يحرك روسيا. ورسام الكاريكاتير كازيس كِستوتيس شياوليتيس ليس هو فقط من يخشى من أن يتمدد جوع بوتين ونهمه للسلطة إلى دول أخرى.
"الصرخة" .. لا للحرب
من خلال تجربة مؤلمة، يعرف الأفغان بأنفسهم ما تعنيه الحرب في بلد الإنسان ذاته. وفي رسمه الكاريكاتوري، استعار شهيد عتيق الله من الفنان النرويجي إدوارد مونش لوحته الشهيرة "الصرخة" التي تعود لعام 1893. هنا يُفهم الوجه المرعوب على أنه رد فعل على مشاهد المدن التي تعرضت للقصف في أوكرانيا.
آفاق المستقبل
للوهلة الأولى، هذا الكاريكاتير للرسام الروماني ماريان أفراميسكو يذكرنا أيضا بفنان مشهور، هو الهولندي إم. سي. إيشر، الذي كان يرسم أشياء تتعارض مع أي منطق ولا تحمل أي أفق. ويبدو أيضًا أن أوكرانيا ليس لديها أي آفاق في ضوء التفوق الروسي، لكن أوكرانيا أعطت العالم درسا أفضل.
الحب بدلا من الحرب
منذ أن غزا الجيش الروسي أوكرانيا، والناس في جميع أنحاء العالم تقوم بمظاهرات ضد الحرب العدوانية الوحشية، لكن بلا فائدة، بحسب الرسامة التركية منكشي جام. فلا الطغاة ولا الموت يسمحون لنشطاء السلام بالتأثير عليهم؛ وهذا ما أظهره التاريخ بما يكفي في كثير من الأحيان.
أوكرانيا تفضل الناتو
لفترة طويلة، كانت أوكرانيا قريبة من "الشعب الشقيق" في روسيا. لكن استقلال البلاد لم يعد يتناسب مع نظرة بوتين للعالم، فهو يعتبر أوكرانيا جزءً من إمبراطورية روسية كبرى. وبالنسبة إلى الرسام عامر من دولة الإمارات، فلا عجب أن أوكرانيا الصغيرة تتطلع بشغف إلى الناتو. لكن روسيا لا تريد أن تسمح لها بالسير وراء هذه الرغبة.
تهديد عالمي
من وجهة نظر الرسام التنزاني "بوبا"، هذه الحرب لا تتعلق فقط بأوكرانيا، وإنما تتعلق بالسلطة والقوة في العالم. فروسيا تهدد العالم الغربي بشن حرب نووية إذا استمر في التدخل. وهذا لا يحظى بالرضا من جانب الولايات المتحدة، التي يمكنها على الفور توجيه ضربة انتقامية. وهناك خوف في جميع أنحاء العالم من قيام شخص ما بالضغط على الزر الأحمر، الزر النووي.
التفاوض على طريقة بوتين
على المسرح الدبلوماسي، يحاول سياسيون غربيون عمل كل شيء من أجل إحضار الرئيس الروسي إلى طاولة المفاوضات. طاولة بوتين الطويلة، التي يجلس إليها على مسافة بعيدة من زواره الدوليين تسببت في إثارة الاستغراب في جميع أنحاء العالم. ومن وجهة نظر رسام الكاريكاتير الألماني أغوستينو تاله، فإن ما يهم بوتين النرجسي هو اعتقاده بأنه: يجب ألا تكون أوكرانيا موجودة.
الدكتور "أوكتوبوتين" يتحكم في الطاقة
في مفاوضاته مع الغرب، لدى الرئيس الروسي حجة قوية: العديد من الدول الأوروبية تعتمد على الغاز والنفط الروسيين. "دكتور أوكتوبوتين"، كما يراه رودريغو من ماكاو / الصين، له اليد العليا. فعلى الرغم من كل العقوبات، لا تزال ألمانيا ودول أخرى تحصل على الطاقة من روسيا، وبذلك تقوم بتمويل صندوق حرب بوتين.
لاجئون من الدرجة الأولى؟
بأعداد هائلة، فر الأوكرانيون من الحرب، وأوروبا ترحب بهم بأذرع مفتوحة، حيث يجدون ببساطة من يلوح لهم مرحبا عند الحدود. وعلى الرغم من كل التعاطف مع اللاجئين، يتساءل رسام الكاريكاتير الفلبيني "زاك" عما إذا كانت هناك معايير مزدوجة؟ وأنه يُسمح لهم بدخول البلاد بسبب لون بشرتهم الفاتح؟ لأن الاتحاد الأوروبي عادة ما يغلق حدوده بإحكام.
حسابات صينية
منذ سنوات وأستراليا تشعر بالتهديد من الصين، التي تسعى جاهدة للسيادة في جنوب المحيط الهادئ، وقد ألمحت مرارًا إلى نيتها في ضم تايوان. وفقًا لرسام الكاريكاتير الأسترالي "برولمان"، يراقب الباندا عن كثب ما إذا كان الدب الروسي سيبلع العسل الأوكراني، أم أن مستعمرة النحل ستقوم بطرده. وإذا لم ينجح الدب، فإن الباندا بإمكانه أن يجرب حظه في وعاء آخر. إعداد: سوزانه كوردس/ صلاح شرارة