في أول اتصال.. بايدن يؤكد لسلمان على "أهمية حقوق الإنسان"
٢٦ فبراير ٢٠٢١
قبل نشر تقرير أمريكي عن جريمة قتل جمال خاشقجي، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في أول اتصال له مع ملك السعودية، على "الأهمية التي توليها بلاده لحقوق الإنسان"، "وعلى أنه "لن يسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي".
إعلان
أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس (25 شباط/فبراير) أول محادثات له مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز منذ توليه سدة الرئاسة الأمريكية، وذلك في اتّصال هاتفي يتوقّع أن يعقبه نشر تقرير استخباري أمريكي حول جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.
وجدد بايدن التأكيد على "الشراكة المستدامة" و"التاريخية" بين البلدين الحليفين، كما شدد على "الأهمية التي توليها الولايات المتحدة على صعيد حقوق الإنسان ودولة القانون"، وفق بيان للبيت الأبيض.
وفي هذا الإطار أشار بيان الرئاسة الأمريكية إلى أن بايدن "رحّب بالإفراج مؤخراً عن عدد من النشطاء الأمريكيين-السعوديين وعن الناشطة لجين الهذلول". كذلك تطرّق الرئيس الأمريكي إلى "التزام الولايات المتحدة دعم السعودية في الدفاع عن أراضيها في مواجهة هجمات تشنها مجموعات متحالفة مع إيران".
من جهتها، أوردت وكالة الأنباء السعودية "واس" أن العاهل السعودي "شكر" الرئيس الأمريكي على "التزام الولايات المتحدة الأمريكية الدفاع عن المملكة تجاه مثل هذه التهديدات" وتأكيده بأنه "لن يسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي".
وبحث بايدن والملك سلمان الجهود الأمريكية المبذولة لوضع حد للحرب في اليمن، حيث أوقف الرئيس الأمريكي دعم واشنطن للتحالف العسكري الذي تقوده الرياض. وجاء في بيان البيت الأبيض أن "الرئيس أبلغ الملك سلمان أنه سيعمل على تعزيز العلاقات الثنائية وجعلها على أكبر قدر ممكن من المتانة والشفافية".
لكن البيان لم يتطرّق إلى النشر المرتقب لتقرير استخباري أمريكي حول جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، يتوقّع أن يسلّط الضوء على ضلوع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في ذلك، وهو ما تنفيه المملكة.
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي قد أعلنت أن بايدن يعتزم إجراء اتصال هاتفي بالعاهل السعودي قبيل نشر التقرير. والخميس قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنه بحث خلال محادثات مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان في "أهمية أن تحقق السعودية تقدماً على صعيد حقوق الإنسان، لا سيما عبر إصلاحات قضائية".
التقرير الأمريكي بشأن اغتيال خاشقجي.. كيف سترد الرياض؟
38:01
"خطوة نحو الشفافية والمساءلة"
وكان خاشقجي، المعارض لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مقيماً في الولايات المتحدة وكان يكتب في صحيفة واشنطن بوست، حين قتل في العام 2018 داخل قنصلية بلاده في إسطنبول. وخلص مجلس الشيوخ الأمريكي بعد اطلاعه حينها على تقرير استخباري حول الجريمة إلى "مسؤولية" ولي العهد عنها. إلا أن مايك بومبيو، وزير الخارجية في ذلك الوقت، أكد أن تقرير وكالة الاستخبارات المركزية لا يحتوي على "أي عناصر تربط بشكل مباشر ولي العهد بالأمر بقتل جمال خاشقجي".
كما أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجنّب اتّهام ولي العهد السعودي علناً حفاظاً على التحالف مع السعودية التي تعد إحدى دعامات استراتيجيته المضادة لإيران، علماً أن المملكة هي أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر سوق للأسلحة الأمريكية.
وصرّح المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى سيمون هندرسون لوكالة فرانس برس: "أتوقّع أن يظهر التقرير بشكل أوضح ضلوع محمد بن سلمان في جريمة قتل خاشقجي". وفي حين أن الإدارة الأمريكية الجديدة تلوح بتدابير عقابية، إلا أنها لم تؤكد حتى الآن ما إذا كانت جاهزة للذهاب بعيداً الى حد فرض عقوبات على ولي العهد السعودي.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحافيين إن التقرير "خطوة مهمة باتجاه الشفافية. والشفافية كما في غالب الأحيان، هي عنصر لحصول مساءلة "عن تلك الجريمة "المروعة"، وتابع: "إنها جريمة، كما سبق وقلت، شكّلت صدمة للضمائر"، ملوّحاً بقرب البحث في "تدابير لمحاسبة المسؤولين".
وقالت المتحدثة باسم الرئاسة إنه ستكون هناك "سلسلة تدابير مطروحة على الطاولة"، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وسبق أن أكدت الإدارة الأمريكية الجديدة أن بايدن يعتزم "إعادة ضبط" العلاقات مع السعودية باعتماد الملك سلمان محاوراً أساسياً بدلاً من ولي العهد، وبالتشديد على أهمية ملف حقوق الإنسان.
م.ع.ح/خ.س (أ ف ب، رويترز)
هؤلاء حاصرتهم قضية مقتل خاشقجي وأحرجتهم أمام الرأي العام
شخصيات كثيرة عبر العالم ترغب في نهاية قضية خاشقجي بأسرع وقت نظراً لكمّ الإحراج الذي تتعرض له، لكن مع كلّ تسريب جديد تعود القصة للحياة من جديد. من هم هؤلاء الذين حاصرتهم القضية؟
محمد بن سلمان
هيأ ولي العهد السعودي كلّ شيء لأجل قيادة السعودية خلفاً لوالده، ورغم ثقل الملّفات المتهم بتورطه بها، كحرب اليمن وحملة الاعتقالات الواسعة، إلّا أن اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده وضع الأمير الشاب في مرمى الانتقادات، خاصة مع تسريبات السي أي إيه التي استنتجت أن العملية جرت بموافقته. ولا تستبعد عدة تقارير إعلامية، إقدام القصر السعودي، في حال اشتداد الضغوط عليه، على عزل ولي العهد من منصبه.
صورة من: picture-alliance/AP/A. Nabil
عادل الجبير
اختفى الجبير تماماً في قضية خاشقجي، رغم أن الأمر يتعلّق بقنصلية هو المسؤول عنها سياسياً. تعوّد المتتبع على كثرة تصريحات وزير الخارجية الشاب في دفاعه عن القصر الملكي، لكن صمته أعطى رسالة بوجود أوامر عليا بضرورة تجنب التعليق في قضية خاشقجي. أول تصريح من الجبير في القضية كان: "القيادة السعودية خط أحمر"، ويبدو أن الرجل يحسب ألف مرة قبل الإدلاء بأيّ كلمة كي لا يجد نفسه في دائرة الإعفاء أو المحاسبة.
صورة من: Reuters/W. Kurniawan
بلاط بن سلمان
رغم كل ما قدمه المستشار سعود القحطاني، من قيادته لأدوات الدعاية الإلكترونية وردوده "العدائية" على خصوم ولي العهد، ورغم اضطلاع أحمد العسيري بمهام التواصل في حرب اليمن ثم انتقاله للمخابرات بناءً على رغبة بن سلمان، إلّا أنهما كانا في الصفوف الأولى لمن تمت التضحية بهم في قضية خاشقجي. غير أن حظهما العاثر جعل تنحيتهما من منصبيهما غير ذات قيمة، فتداعيات القضية لم تتوقف.
صورة من: Getty Images/AFP/F.Nureldine
الإعلام السعودي
أسئلة كثيرة تُطرح حول طريقة تعامل وسائل الإعلام السعودي مع القضية. تماهت أولا مع الإنكار الرسمي، وحمّلت المسؤولية لإيران وقطر والإخوان، ولما بدأت السعودية الاعتراف بوقوع الجريمة، بذل الإعلام ذاته جهدا كبيرا لمحاولة إقناع الرأي العام برواية شكّك فيها الكثيرون، في وقت استغل فيه الإعلام القطري القضية لـ"تصفية" حسابات بلاده مع الرياض. (في الصورة وليد إبراهيم مالك مجموعة إم بي سي).
صورة من: picture-alliance/abaca/Balkis Press
عبد الرحمن السديس
يعرف المسلمون خطيب المسجد الحرام في مكة بصوته المنتشر في أشرطة قراءة القرآن، لكنهم فوجؤوا به يقرأ خطباً سياسيةً تدافع عن ولي العهد بشكل غير مسبوق. وجد السديس تفسيراً لقضية خاشقجي بالقول إن هناك محاولة لاستفزاز مشاعر مليون مسلم، لكن ليس السديس لوحده في هذا السياق، فالمؤسسة الدينية السعودية برمتها تدافع عن سياسات القصر، وعبّرت على الدوام عن مواقف لصالح حكام البلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Images/M. Elshamy
دونالد ترامب
فضائح كثيرة حاصرت الرئيس الأمريكي واستطاع الإفلات منها، لكن مطرقة خاشقجي تدق في رأسه منذ عدة أسابيع. الضغط في الولايات المتحدة يدفع بترامب إلى تحديث تصريحاته حول القضية، ما أدى إلى تناقضه أكثر من مرة في الأجوبة. يعلم ترامب أن الانصياع للضغوط قد يكلفه خسارة علاقته مع ابن سلمان، ومن ثمة خسارة صفقات مالية ضخمة، لذلك يحاول إيجاد صيغة وسطية لا تضرب تحالفه مع السعوديين في مقتل.
صورة من: Reuters/K. Lamarque
جاريد كوشنر
صهر ترامب وأحد مستشاريه. يُعرف بكونه أحد أبرز أصدقاء ابن سلمان في الخارج. تقول تقارير الإعلام الأمريكي إنه يشكّل الوسيط المهم بين ابن سلمان وترامب، وإنه دافع على الدوام عن الرياض في دهاليز السياسة الأمريكية ووجد الكثيرمن الأعذار لولي العهد السعودي، لكنه يبدو أنه لم يستطع إيجاد الأعذار المناسبة في قضية خاشقجي، بل بات كوشنر، وفق تقارير إعلامية، يتهرب من التواصل المباشر مع ابن سلمان حول القضية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Vucci
محمد بن زايد
راهن ولي العهد الإماراتي على محمد ابن سلمان، لأجل محاصرة الإسلام السياسي والنفوذ الإيراني ووقف تداعيات الربيع العربي، لكن مهندس السياسات الإماراتية لم يدل بمواقف في قضية خاشقجي، فهل تخلّى تماماً عن حليفه الشاب؟ عمق الشراكة بين الرجلين تجعل كل واحدٍ منهما يحتاج للآخر في مثل هذه الملفات الحساسة، لكن الزلزال الذي أحدثه مقتل خاشقجي قوي جداً ووصلت شظاياه إلى أبعد ما تخيله أصحاب العملية.
صورة من: picture-alliance/AA/B. Algaloud
عبد الفتاح السيسي
منذ صعوده إلى الرئاسة، والسيسي يمثل حليفاً استراتيجيا للسعودية، خاصة في المعركة ضد الإخوان. يراهن السيسي على المساعدات السعودية لتحسين أوضاع بلدٍ يعاني اقتصادياً، وفي المقابل لا يبخل بأيّ شكل من الدعم السياسي للرياض. لكن دفاعه عنها جاء محتشما في قضية خاشقجي. يعي السيسي أن سقوط بن سلمان سيؤثر سلباً على حكمه لمصر، لكنه لا يريد رفع النبرة في جريمة ستضيف المزيد من السواد لسيرته الحقوقية .
صورة من: picture-alliance/Xinhua/MENA
إيمانويل ماكرون
كجل زعماء الغرب، يرفع الرئيس الفرنسي شعار حقوق الإنسان في تعامله مع الشرق، لكن عندما يتعلّق الأمر بالسعودية، التي تشتري ملايين اليوروهات من أسلحة فرنسا، يجد ماكرون مبرّرات الاقتصاد والتعاون الاستراتيجي لاستمرار العلاقة. وحتى عندما تعالت الأصوات بوقف صادرات الأسلحة رداً على جريمة خاشقجي، رّد ماكرون بحدة عكست موقفه الصعب، لكنه حاول الاستدراك بالتأكيد على خطورة جريمة خاشقجي.
صورة من: Imago/Belga/E. Lalmand
تيريزا ماي
قبل أشهر، خرج عشرات المتظاهرون للضغط على رئيسة الوزراء البريطانية حتى توقف صفقات الأسلحة خلال استقبالها لابن سلمان، لكنها رفضت التفريط في تحالف لندن والرياض. تواجه ماي أياما صعبة بسبب دعوات لسحب الثقة منها، لذلك لا ترغب بإضافة صداع جديد يخصّ قضية خاشقجي، وحاولت تقديم ردٍ قوي بوصف اعتراف السعودية الأول في القضية بالفاقد للمصداقية، غير أن مثل هذه التصريحات لم تشف غليل معارضيها.
صورة من: Reuters/H. Nicholls
بنيامين نتنياهو
انتظرت القيادة الإسرائيلية لعقود موقفا معتدلا من السعودية إلى أن جاء عهد ابن سلمان الذي لم يمانع بحق إسرائيل في الوجود. لذلك تشكّل أزمته الحالية مشكلاً لدى بنيامين نتنياهو الذي لا يرغب حتماً في عزل أمير يتقاسم مع إسرائيل الكثير من الأهداف، منها "صفقة القرن" ودورها في مشروع نيوم، والوقوف في وجه المشروع الإيراني بالمنطقة، وتقزيم دور حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المقاتلة.