في البوسنة.. المتطوعون لمساعدة اللاجئين يشتكون التضييق
١٤ مارس ٢٠٢١لا يوجد لدى ياسمينا هوسيديك كثيرا من الوقت، فخلال هذا اليوم الغائم الممطر في فيليكا كلادوسا في شمال البوسنة والهرسك، لديها مهام عليها الإسراع في تنفيذها. أوقفت السيارة وخرجت منها مسرعة، متجهة نحو سوبر ماركت لاقتناء ما يلزمها.
قبل حلول الظلام، على هيسيديك تسليم الأرز والزيت واللحوم وكذلك الأحذية والمعاطف الدافئة للمهاجرين واللاجئين الذين يحتمون في الغابة أو المباني المهجورة المجاورة لمسقط رأسها. فهي تعتني بهم منذ أكثر من عام، وتوفر ما استطاعت من حاجياتهم كل مساء بعد إنهاء عملها في وكالة حكومية بوسنية.
منذ أن أقامت المجر الأسوار الحدودية، حاول العديد من اللاجئين والمهاجرين دخول الاتحاد الأوروبي عبر البوسنة . على الرغم من أن لا أحد منهم يخطط للبقاء، إلا أن هوسيديك تحاول أن تجعلهم يشعرون بأنه مرحب بهم، كما تقول، وهي تحزم الأحذية الشتوية وسراويل الجينز المتبرع بها في أكياس بلاستيكية.
تقول المتحدثة "ابنتاي طالبتان جامعيتان، إحداهما في النمسا والأخرى في ألمانيا. إذا كانت الهجرة قد منحتهما فرصة في حياة أفضل، فلماذا يحرم منها آخرون".
المحطة الأولى: مصنع متداعٍ
المحطة الأولى لهوسيديك هي بناية مصنع قديم متهالكة، تُعرف باسم "المدخنة"، لأن مدخنتها هي الجزء البارز بوضوح من بعيد. "هل يمكنك مساعدتي من فضلك!" نادت الشاب الذي يقترب منها وأعطته عدة أكياس في يديه.
يمشون معًا إلى المدخل، وسط الوحل والزجاجات البلاستيكية الفارغة. في الطابق الثاني من المبنى، نصب بعض الرجال الجزائريين خياماً. يعرض أحدهم على هوسيدك صورة لابنته الصغيرة داريا على هاتفه الخلوي. تجيبه إنها "لطيفة للغاية"، وتوقفت لبضع دقائق لتحدثه قبل أن تمضي قدمًا.
بعد إنهاء مهمتها، تقول هوسيديك البالغة من العمر 49 عامًا، وهي في طريق عودتها إلى السيارة "أحيانًا يكون كل شيء صعبًا للغاية". غالبًا ما تشعر المتحدثة بالسوء لأنها لا تستطيع فعل المزيد لأجل هؤلاء المهاجرين وتحسين وضعيتهم أكثر. لهذا السبب قامت هي وبوسنيون آخرون بتأسيس جمعية مساعدة. حتى الآن، كانت تعمل مع منظمة غير حكومية نمساوية، تقدم أيضًا تبرعات عبارة عن ملابس وأحذية ومال من ألمانيا والنمسا.
إنهم يأملون في تسجيل جمعية المساعدة الخاصة بهم قريبًا لأن الطريقة التي يقدمون بها المساعدة حاليًا - رسميًا – تعد غير قانونية. على عكس البعض الآخر في مجموعتها، تقول هوسيديك إنها لم تواجه أي مشاكل حتى الآن، ربما لأن شقيقها يعمل في الشرطة. تقول هوسيديك إنها وأصدقاءها لايحاولون التباهي، وهم لا "يتحدون أي شخص، بل يقدمون أفضل ما يمكنهم في هذه الحالة". فالحقيقة أنه ليس كل السكان المحليين يرحبون بآلاف المهاجرين واللاجئين في البلاد بصدر رحب.
أشياء سيئة حدثت
تقول هوسيديك "أشعر بالخجل من بعض الأشياء التي فعلها الناس هنا، لقد حدثت أشياء كثيرة سيئة". من بينها أن أحد المواطنين قد أبلغ الشرطة عن أحد المتطوعين البوسنيين وأخبرهم أنه يقوم بمساعدة المهاجرين واللاجئين.
يؤكد ممثلو منظمات الإغاثة من دول أوروبية أخرى أن السلطات البوسنية تصعب عليهم دعم اللاجئين الذين لا يعيشون في الملاجئ الرسمية - مثل الأشخاص الذين وجدوا مأوى في المباني المهجورة أو الغابة والذين تحاول المنظمات الوصول إليهم ومساعدتهم. هوسيديك لا تريد الإسهاب في التحدث عن الموضوع، لأن منظماتهم حاليًا في عملية التسجيل.
ترحيل من لم يحصل على تصريح عمل
في بيهاتش، على بعد ساعة جنوب فيليكا كلادوسا، قال مسؤول الشرطة في منطقة كانتون أونا سانا، نيرمين كلياجيتش، إن الأشخاص الذين يمتثلون للقانون ليس لديهم ما يخشونه. وأضاف أن "الأجانب الذين يعملون بدون تصاريح سيتم ترحيلهم"، كما قال في تصريحات لـ DW "علينا التأكد من أن الطعام لا يتم توزيعه إلا في الملاجئ الرسمية".لا تحب السلطات البوسنية رؤية مثل هذه المخيمات، فهم في نظرها "يعرضون سلامة المواطنين للخطر".
محطة هوسيديك الأخيرة في المساء هي منطقة في الغابة، حيث يخيم العديد من الرجال البنغاليين. يتجمع عدد قليل منهم حول نار صغيرة، فما يزال الجو باردًا هنا في الليل.
من جهته يحكي جهانجير ألوم سومون، وهو شاب بنغلاديشي يبلغ من العمر 22 عامًا، إنه والمهاجرون الآخرون يبلون بلاءً حسنًا إلى الآن فقط بسبب مساعدات المتطوعين مثل هوسيديك، لكن ما يريدونه هو الانتقال إلى الاتحاد الأوروبي بأسرع ما يمكن، أولاً إلى كرواتيا، ثم إلى إيطاليا، ثم ربما إلى فرنسا أو ألمانيا.
تقول هوسيديك إنها تأمل أن تحقق أحلامهم في مستقبل أفضل. ولكن طالما يتواجد هؤلاء المهاجرون في مسقط رأسها، فإنها ستفعل ما في وسعها لمساعدتهم كل مساء.
الكاتبة: مارينا شتراوس/ م.ب