1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

في العراق.. الأحجار الكريمة بديلا عن زيارة الطبيب

١٠ مايو ٢٠١٢

تراجع المستوى الطبي في العراق. وانعدام الثقة بين الطبيب والمريض دفع الناس إلى اللجوء للأحجار الكريمة ومقامات الأئمة طلبا للعلاج. تقرير ضياء رسن من العراق يسلط الضوء على هذا الموضوع.

صورة من: picture-alliance/ dpa

وقفت سيدة عجوز يرافقها حفيدها رعد (14) عاما،عند بوابة مجمع طبي كبير يحتوي أكثر من ستين عيادة طبية أهلية في شارع السعدون وسط بغداد، بحثا عن عيادة طبيبها السابق الذي هاجر العراق منذ عام 2007 نتيجة تصاعد أعمال العنف.

قالت العجوز التي عرفت نفسها بأم جبار (62) عاما، إنها قررت مراجعة طبيبها السابق بعد سماعها أنباء عن عودته إلى العمل في العراق وافتتاح عيادة خاصة به في ذات المجمع الطبي، فهي تفضل التعامل مع نفس الطبيب الذي سبق وأن قام بمعالجتها قبل هجرته وعودته مجددا، مؤكدة إنها تثق به وبقدراته وإمكاناته، ومازلت مستمرة على وصفاته العلاجية التي سبق وأن كتبها لها خلال مراجعاتها السابقة لعيادته".

فيما قال حفيدها رعد، إن " جدتي كانت تعاني من عدة أمراض عضوية، بسبب تقدمها بالسن، غير أن العائلة أصرت على أن تمتنع جدتي عن تناول الدواء الذي وصفه لها طبيبها السابق خوفا من عدم حاجتها له أو ضرورة تعاطي غيره من الأدوية "، موضحا أن" جدته كانت ترفض باستمرار الذهاب إلى المستشفى الحكومي لمعاينتها".

وأضاف رعدفي حديثه لــDW /عربية" قبل أيام قليلة فقط أبلغنا أحد الأقارب بعودة الطبيب الذي كانت تتعالج لديه جدتي وعندما ابلغنا جدتي بالأمر، أصرت على معاودة مراجعته لمعالجتها مجددا، رافضة مراجعة أي طبيب أخر".

ثقة متبادلة بين الطبيب والمريض

يرى الباحث الاجتماعي محمد عبد المحسن 42 عاما، إن :" للثقة دور أساسي في تعامل المعالجين بشكل عام مع المرضى سواء كان المعالج من الأطباء أو مساعديهم وحتى العلاج بالطرق غير التقليدية أو أصحاب عيادات الإعشاب الطبية (الطب البديل) أو الوسائل البدائية الأخرى". وأضاف عبد المحسن في حديثه لـDW/عربية إن" المعالج مهما اختلفت طبيعة عمله أو أسلوب ومكان تقديم العلاج والنصائح الطبية فهو بحاجة إلى تعزيز الثقة بينه وبين المريض لأسباب عديدة".

وتابع القول إن "نفس الأمر ينطبق على المريض سواء كان متعلما أو أميّا ،غنيا أو فقيرا، فالمريض يبحث عن شخص يثق به لمعاينته وعلاجه من علته، موضحا "لا تقل الحاجة إلى الثقة بين المريض و المعالج مع اختلاف العمر بالنسبة لشخص المريض إلا انه عادة يفضل أن يكون المعالج اكبر منه بالعمر لتعزيز شعوره بالثقة أكثر ".

وعزا عبد المحسن تدهور صحة المريض إلى أسباب نفسية، ناتجة عن سماعه فقدانه لطبيبه الذي أعتاد عليه، فعادة ما تتفاقم صحة المريض، عندما يسمع المريض بسفر أو وفاة طبيبه الذي اعتاد على معاينته وتفقد صحته باستمرار، حيث يلاحظ تراجع صحة المريض بشكل كبير ويشعر بنوع من الكآبة والقلق في غالي الأحيان، ويزدري بقية الأطباء وغالبا ما يصر على عدم مراجعة أطباء آخرين، ويفضل تعاطي نفس الوصفات الطبية التي حصل عليها من طبيبه السابق "،مشير إلى أنه في حال مراجعة المريض لطبيب آخر بعد فترة فانه يشكك في مهاراته ويقارنها بمستوى مهارات طبيبه السابق ".

وأختتم عبد المحسن حديثه بالقول إن" أهمية وجود روابط ايجابية وعلاقة إنسانية بين المريض ومن يقوم بمساعدته في اخذ العلاج سواء كان ممرضا أو من إفراد أسرته، نجد صحة المريض ستتحسن لو تناول الدواء من شخص يشعر بأنه يحرص على صحته ".

قلة الكادر الطبي تعدم الثقة مع المستفيدين من الخدمات الصحية

أكد أخصائي الباطنية الدكتور يوسف الكعبي أهمية وجود الثقة المتبادلة بين الطبيب والمريض وتحسن صحته بشكل متوازي مع تزايد ثقة "المريض بالشخص المعالج والأشخاص الذين يقدمون له العلاج . وقال الكعبي لـDW -عربيةبهذا الصدد إن" وجود الثقة بين الطرفين مهمة جدا وتساهم في إعطاء شعور ايجابي للمريض في تعافيه، وبالتالي فان حالته النفسية والبدنية ستتلقى العلاج بشكل جيد وتقلل من تأثير العوارض الجانبية التي تصاحب تناول العلاج ".

وعبر الكعبي عن أسفه لغياب العامل الإنساني بينهما، خصوصا في المستشفيات الحكومية، إذ من الصعب تكوين علاقة إنسانية مع جميع المرضى لكثرة انشغال الأطباء، وحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، فضلا عن قلة أعداهم في العراق"، محذرا من أن" تدني الخدمات وقلة الكادر الطبي تعدم الثقة مع المستفيدين من الخدمات الصحية المقدمة في المشافي الحكومية ".

وأشار الطبيب إلى أن " عدم وجود علاقة إنسانية بين الطبيب والكادر الطبي من جهة وبين المريض ومرافقيه أيضا من جهة أخرى يسبب انزعاج وتذمر واضحين للمرضى ويصاحبهم شعور بالقلق والعجز البدني بشكل مستمر مما ينعكس سلبيا على تعافيهم وتلقيهم للعلاج بشكل صحيح "،بل "كثيرا ما تسيء حالة المريض نتيجة شعوره بالإهمال من قبل المعالجين".

صورة من: DW

الثقة تدفع المرضى لوسائل علاجية أخرى طلبا للشفاء

تعزيز الثقة بين المعالج والمريض لا ينحصر مع الأطباء فقط فهناك مصادر ووسائل علاجية عديدة عند عامة الناس في مختلف المجتمعات بدول العالم فهناك من يلجئ إلى قراءة الكتب المقدسة و الذهاب للجامع أو للكنيسة أو المعبد للعلاج وهناك من يعتقد بقدرة الشخصيات المقدسة التاريخية على علاج المرضى، فضلا عن وجود قناعة لدى بعض شرائح المجتمع العراقي، بقدرة ما تسمى "الأحجار الكريمة" و"الحجاب" و"الوقف"على اكتساب الطاقة العلاجية منها .

ويقول السيد علي الاعرجي لـDW -عربية وهو احد رجال الدين في مدينة الكاظمية ببغداد حيث مرقد الإمام موسى الكاظم وهو احد أئمة المذهب الجعفري عند الطائفة الشيعية إن: "الكثير من المرضى والمصابين بإمراض مختلفة منها النفسي والبدني يلجئون إلى مراقد الأئمة على مختلف مشاربهم ومعتقداتهم الدينية طلبا للشفاء".

ويؤكد الموسوي الذي اختار ركنا هادئا في مرقد الإمام للجلوس أن " طلب الشفاء من الإمام لا علاقة له بمذهب الشخص السائل بقدر تعلق الأمر بالثقة المتولدة عند عامة الناس بقدرة الإمام (ع) على تقديم المساعدة الكبيرة في الشفاء ".

وأوضح الموسوي أن "هناك أشخاص من ديانات أخرى كالمسيحية والمندائية، فضلا عن أشخاص غير متدينين اختاروا اللجوء إلى مرقد الإمام الكاظم طلبا للعلاج لشعورهم بالثقة في هذا المكان ". يذكر أن الإمام موسى الكاظم معروف عند عامة الناس بقدرته على علاج الإمراض.

وبخصوص من يلجأ إلى الأحجار الكريمة وقدرتها على الشفاء يقول الخبير في الأحجار الكريمة هاني كاظم اللامي إن:" الكثير من الأشخاص يقصدونه بشكل دوري بحثا عن حجر معين لغرض العلاج أو من اجل اكتساب طاقة صحية جيدة ".

ويضيف اللامي أن " السبب في الطلب على الأحجار الكريمة يأتي لوجود ثقة عمياء بقدرة الحجر على الإتيان بمفعوله "،مستطردا أن "عمل الحجر ونجاحه في إعطاء الطاقة للمريض له شروطه المعقدة أولها تولد الثقة عند حامل أو مقتني الحجر الكريم بأنه وسيلة للعلاج".

وفي سوق الحميدية في منطقة الميدان وسط بغداد عرض تاجر أحجار كريمة عدة أنواع صغيرة من حجر الزمرد الأخضر أمام رجل في الخمسين من عمره يبحث عن مبتغاه كعلاج لابنته التي تصيبها نوبات صرع بشكل مفاجئ.

ويقول الرجل الذي عرف نفسه بابو شيماء بأنه "قصد التاجر لشراء زمردة صغيرة لوضعها في حجاب ترتديه ابنته لتخفيف حدة مرض الصرع لديها بعد أن وصفها له شخصا مقربا من عائلته له خبرة في العلاج بالأحجار الكريمة. ويحذر المختصون من أن انعدام الثقة بين المؤسسة الطبية والمواطن يجعله يلجئ إلى وسائل بدائية في العلاج كالطب الشعبي أو اقتناء الأحجار الكريمة وغيرها من التقاليد البالية التي لا يمكن النصح بها.

يذكر أن التقارير الدولية تصنف حاجة كل ( 10000) مواطن إلى (40) طبيبا بمختلف الاختصاصات، بينما النسبة في العراق منخفضة بشكل كبير عن هذا التصنيف وتصل أحيانا إلى "طبيب واحد لكل عشرة آلاف مواطن".

ضياء رسن

مراجعة: عباس الخشالي

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW