1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

في انتظار القمح.. الخبز بات سلعة نادرة في لبنان!

٩ أغسطس ٢٠٢٢

أصبح الخبز سلعة نادرة في لبنان بسبب التضخم والغزو الروسي لأوكرانيا وإفلاس الدولة. المخابز باتت تخبز كيسين من الدقيق يوميا فقط. مراسل القناة الألمانية الأولى (ARD) زار مخبزا في مدينة طرابلس اللبنانية وأعد هذا التقرير.

لبناني تمكن من شراء ربطة خبز، (29.07.2022)
أصبح الخبز الآن سلعة نادرة في لبنانصورة من: JOSEPH EID/AFP

يزداد القلق في لبنان من انقطاع امدادات القمح، رغم انتظار سفينة قادمة من أوكرانيا تحمل الذرة، بعد فتح الموانئ الأوكرانية لأول مرة منذ الحرب الروسية عليها. لبنان يعاني منذ مدة من أزمة مالية حادة ومشاكل سياسية لا حصر لها، وأصحاب المخابز ينتظرون السفن المحملة بالقمح كي يمكنهم بيع الخبز للزبائن.

في مخبز بمدينة طرابلس يدخل عبد الرؤوف العجينة إلى الفرن المشتعل، وحرارة المكان مرتفعة بشكل لا يطاق. يقول عبد الرؤوف لمراسل القناة الألمانية الأولى (ARD) تيلو سبانهيل: "أقوم بهذا العمل منذ 35 عاما. بالتأكيد، الحرارة مرتفعة جدا، لكني تعودت على الوضع، استريح قليلا وأتبادل العمل مع الآخرين".

خمسة أشخاص يعملون في هذا المخبز. يشتغلون بسرعة ، واحد يعجن، الثاني يحضر العجينة ويقطعها، الثالث يغطيها بالسمسم، الرابع يدخلها إلى الفرن والأخير يجمع الخبز ويضعه في أكياس. 12 ساعة عمل مستمرة، ليأتي فريق عمل آخر، وعبد الرؤوف سعيد أنه يعمل.

ويضيف : "أخاف من توقف العمل، إذا فرغت المخازن من الطحين، ربما سنغلق المخبز بعد شهر. سأتوقف عن العمل والدولة لا تمنحنا أية ضمانات".

 

إغلاق بين الحين والآخر

في الأشهر الأخيرة ، اضطر المخبز إلى الإغلاق لبضعة أيام من وقت لآخر. وحين يكون هناك خبز تصبح طوابير الزبائن طويلة. أصبح الطحين الآن سلعة نادرة في لبنان. والدولة في الواقع تدعم الدقيق للمخابز. لكن بينما كانت الدولة توفر 20 كيسا يوميا للمخابز، أصبحت توفر كيسين فقط، كما يقول مالك المخبز، عمر حمود.

ويوضح: "كانت هناك أيام اضطررنا فيها إلى إغلاق المخبز. لم نتمكن من فتحه لأنهم لم يعطونا الدقيق. لقد مررنا بأيام صعبة. لكننا لا نريد التوقف عن العمل حتى يتمكن الناس من الاستمرار في الحصول على خبز يُؤكل".

طوابير أمام المخابز صورة من: Mohamed Azakir/REUTERS

وإذا لم يكن لدى عمر ما يكفي من الدقيق، فعليه الحصول على بعض منه من السوق السوداء. لكنه أغلى بكثير هناك. والطحين المرتفع التكلفة يعني خبزا أغلى. وهذه مشكلة لكثير من اللبنانيين.

ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن أربعة من خمسة أشخاص في البلاد تحت خط الفقر. وهذا حال محمود صالحة وزوجته. "أحيانا لا يوجد خبز، هذا يقلقني. ابنتي تريد أكل طعام ما. وحين أذهب إلى المخبز لا أجد شيئا، هذه كارثة".

غادر محمود مع أسرته الشقة وانتقل للعيش مع والدته. فهو لم يعد بإمكانه دفع فواتير الغاز والنفط، والكهرباء. مع والدته يتقاسم التكاليف، رغم ذلك فإن التضخم رفع الأسعار إلى 200 بالمئة وأصبحت بعض المواد الغذائية سلعا نادرة. براتبه الضئيل كموظف في شركة أمن لا يستطيع محمود تحمل كل هذه التكاليف.

يقول محمود : "نحن نأكل مرتين فقط في اليوم. عادة هناك ثلاث وجبات، لكن ما معنا الآن يكفي لوجبتين أو حتى وجبة واحدة في بعض الأحيان. كل شيء مختلف حاليا".

 

أزمات لبنان القديمة 

أدت الحرب في  أوكرانيا ونقص الحبوب في العالم إلى تفاقم الوضع في لبنان. لكن معظم المشاكل في البلد المتوسطي الصغيرنابعة من الداخل. فبعد حرب أهلية طويلة، جرى الاتفاق في أوائل التسعينات على نظام يضمن لكل مجموعة حصة معينة من السلطة.

وما بدا في البداية حلا جيدا حينها أدى إلى سياسة المحسوبية وتفاقم الأزمة السياسية. إذ استشرى الفساد واستولت النخب السياسية على الأموال من الخزينة إلى جيوبها. وفي عام 2019، انهار النظام، فقد كانت الدولة مفلسة عملياً، وانفجر التضخم بالمعنى الحرفي للكلمة وخسر الكثير من  اللبنانيين مدخراتهم .

ويشرح محمود صالحه وضع الناس في لبنان بالقول: "لا أعتقد أن الحكومة تساعدنا بأي شكل من الأشكال. فهم (من في السلطة) لا يتمكنون حتى من ضمان أبسط الأشياء: لا يوجد ضمان اجتماعي، ولا تأمين صحي، ولا كهرباء، ولا يمكنك حتى أن تأكل بعد الآن. على الأقل هذا ما يمكن أن تتوقعه - أن الدولة اللبنانية تجعل الخبز ميسور التكلفة".

معظم المشاكل في البلد الصغير نابعة من الداخل. فبعد حرب أهلية طويلة، جرى الاتفاق في أوائل التسعينات على نظام يضمن لكل مجموعة حصة معينة من السلطةصورة من: JOSEPH EID/AFP

 

المغامرة ربما تكون السبيل الأخير 

ومحمود يفكر كغيره بترك لبنان، لكن سلوك طريق البحر خطير بالنسبة إليه لوزوجته وابنته، وهو يسمع الأنباء التي تتحدث عن غرق لبنانيين في البحر بعد محاولات الوصول إلى اليونان. لكنه قد يغامر بحياته وحياة أسرته يوما ما إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فهو يريد توفير مستلزمات الحياة لأسرته للبقاء على قيد الحياة.

يذكر أن صندوق النقد الدولي منح لبنان مؤخراً قرضاً بقيمة 150 مليون دولار أمريكي، حتى يتمكن البلد من شراء القمح من السوق العالمية. الأمر الذي قد يساعد في توفير الخبز خلال الأشهر الستة إلى التسعة المقبلة. وإذا لم تنخفض الأسعار بشكل كبير بعد ذلك، فسيتعين على الدولة رفع الدعم الأخير عن الطحين .

وعلى بعد بضع مئات من الأمتار من المخبز الصغير في طرابلس، كان من المفترض أن تصل سفينة الشحن الصغيرة رازوني في نهاية الأسبوع، على متنها 26000 طن من الذرة. ورغم أن المخبز لا يحتاج إليها حقًا. لكن أخبار تسليم الحبوب أعطت الكثير من الأمل. الأمل في أن يصبح الخبز على الأقل رخيصا قريبا ومتاحا للجميع مرة أخرى.

تيلو شبانهيل/ عباس الخشالي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW