يوصف الجيش الألماني بأنه "جيش المواطن" و "جيش كل الألمان"، بيد أن نظره على تركيبة هذا الجيش تكشف ضعفا كبيرا في تواجد العنصر النسائي فيه، سيما في المواقع والرتب العسكرية العليا. فما السبب وكم نسبة النساء في "البونديسفير"؟
إعلان
"الجميع ينصاع لأوامري"، رددت إنكا فون بوتكامير هذه العبارة العفوية خلال مراسم احتفال توليها قيادة السرب الألماني الثالث المتخصص في إزالة الألغام، لتكون بذلك أول امرأة تتولى قيادة وحدة مقاتلة في البحرية الألمانية.
ومنذ بداية الألفية، بات من الممكن أن تتولى الألمانيات أي وظيفة في الجيش الألماني (البونديسفير) عقب قيام الحكومة والمؤسسة العسكرية بتغيير سياسة الخدمة العسكرية بعد قرار أصدرته محكمة العدل الأوروبية عام 2000 بمنح النساء حق تولي جميع الوظائف العسكرية دون قيد.
وفي مقابلة مع DW، قالت ماجا أبلت، المتخصصة في الشؤون العسكرية بجامعة بوتسدام، "لقد حدث الكثير منذ ذلك الوقت".
وتشير التقديرات إلى تزايد عدد الألمانيات في الجيش مقارنة بالعقود الماضية إذ في عام 1985، كان عدد النساء اللواتي يخدمن في الجيش لا يتجاوز أكثر من مئة وهو رقم صغير جدا مقارنة بالرجال. بيد أنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، جرى توظيف أكثر من 24 ألف امرأة في الجيش الألماني بالتوازي مع تدشين مكاتب تعمل على ضمان تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص.
وفي تعليقها، قالت أبلت إن كل التطورات "طرأت على الجانب الرسمي"، مضيفة أن إجمالي أعداد النساء في كافة أفرع الجيش الألماني مازال منخفضا بما يصل إلى 24 ألف امرأة أي ما يشكل نسبة 13 بالمئة من أفراد الجيش.
وأشارت إلى أن معظم الألمانيات اللواتي يعملن في الجيش يخدمن في المجال الطبي فيما تنخفض نسبة النساء في باقي أفرع الجيش إلى أقل من 9 بالمئة، مضيفة أن هذا يأتي رغم تعهد الحكومة الألمانية برفع مستوى المساواة بين الجنسين بنسبة تصل إلى 20 بالمئة.
ألمانيا والتخلف عن الركب
وفي حالة تمكن الحكومة من الوفاء بهذا التعهد، فإن ألمانيا ستكون في مركز متقدم عن الدول الأخرى، لكنها في الوقت الراهن مازالت حبيسة مركز متأخر عن العديد من الدول إذ على سبيل المثال يجند الجيش الأمريكي ما يقرب من 20% من النساء فيما تصل النسبة إلى 10 بالمئة في صفوف قوات مشاة البحرية الأمريكية المعروفة باسم "المارينز" التي تتطلب الكثير من التدريبات الصعبة.
وأوروبيا، حققت النرويج الكثير من التقدم في مجال تجنيد النساء حيث تبلغ نسبة المجندات مقارنة بالجنود الرجال 15.7 بالمئة فيما تصل نسبة الفرنسيات في الخدمة المسلحة إلى 16.5%.
من جانبها، شددت مفوضة الجيش في البرلمان الألماني "البوندستاغ"، إيفا هوغل، على أهمية التواجد النسائي داخل الجيش، إذ أشارت في تقريرها السنوي الأخير إلى أن الدراسات تفيد بأن "الفرق المختلطة هي الأفضل والأقوى دائما".
بدورها، قالت أبلت إن التواجد النسائي في الجيش الألماني سيضمن الاهتمام بقضايا المرأة في مناطق الصراعات وهو البعد الذي يلقى استحسانا من قيادة الجيش.
وخلال تفقده مركز توظيف تابع للجيش الألماني في مدينة شتوتغارت في أغسطس / آب الماضي، انتقد وزير الدفاع بوريس بيستوريوس بشكل واضح انخفاض أعداد الألمانيات في الجيش، قائلا: "هذا ليس كافيا بل ويتعارض مع التأكيد على أن الجيش الألماني هو جيش كل الألمان وجيش المواطن".
وفي تقريرها، أكدت هوغل على أن الطريق مازال طويلا للقول بأن الجيش الألماني هو "جيش المواطن" خاصة في المناصب العليا، مشيرة إلى أن الجيش الألماني "لا يضم سوى ثلاث نساء برتب جنرال وذلك رغم أن تولي النساء مهام خطيرة مثل تولي امرأة قيادة كتيبة في الجيش".
الجدير بالذكر أن استطلاع للرأي أجراه مركز التاريخ العسكري والعلوم الاجتماعية التابع للجيش الألماني كشف عن أن 36% فقط من الشابات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 16 و29 عاما يعتبرن الجيش الألماني جهة عمل جذابة فيما بلغت النسبة بين الرجال أكثر من 56 بالمئة.
وفي ذلك، قال تقرير مفوضية الجيش الألماني في البوتستاغ إن فترة دورة الأركان العامة تمتد لعامين فيما لازال التحرش يمثل مشكلة في الجيش الألماني إذ جرى الإبلاغ في عام 2022 عن أكثر من 350 واقعة يشتبه بكونها جريمة ضد تقرير المصير الجنسي.
وكشفت دراسة داخلية أجراها الجيش الألماني أن 80 بالمئة من المتضررين هم من النساء.
وفي تعليقها، قالت أبلت إن انخفاض أعداد النساء في الجيش الألماني يرجع إلى عوامل اجتماعية إذ يعكس الجيش مناحي من الحياة ما زال الرجال يهيمنون عليها، مضيفة "وظيفة الجندي ينظر لها بأنها الوظيفة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالرجولة".
لكنها قالت إن ارتفاع عدد النساء في الفرع الطبية الجيش يظهر إصرار الألمانيات على خدمة بلادهن، مشيرة إلى أن تولي النساء مناصب عليا في الجيش سيلهم الكثير من الألمانيات.
وأضافت "من المهم أن نرى ذلك ممكنا وأنا لست الوحيدة التي ترى إمكانية تولي النساء مناصب قيادية في الجيش. وجود النساء في المناصب العليا سيكون مصدر إلهام ويفتح المجال أمام الكثير من الألمانيات".
بدورها، قالت إنكا فون بوتكامير إنها تعتبر نفسها مثالا يحتذى به، رغم إقرارها أن توليها قيادة سرب في البحرية الألمانية قد يُنظر إليه باعتباره أمرا نادر الحدوث.
وفي ذلك، قالت إن "التركيز على كون المجندة امرأة يعد مشكلة. يوفر الجيش الألماني لي ولزوجي الفرصة لشغل مناصب قيادية والقدرة على التوفيق بين عملي في الجيش وحياتي الأسرية، لكنه أمر مرهق ومتعب بلا أدنى شك لأنه يتطلب الكثير من التنظيم والتخطيط".
أعده للعربية: محمد فرحان
نساء تقلدن مناصب رفيعة في هرم السلطة في ألمانيا
من يعتقد أن السياسة من صنع الرجال فقط، عليه إعادة النظر في موقفه. 12 امرأة ساهمن في تشكيل صورة ألمانيا في الحقبات الأخيرة، من روزا لوكسمبورغ إلى أنغيلا ميركل. في ما يلي ألبوم صور عن أقوى النساء في تاريخ ألمانيا السياسي.
صورة من: picture-alliance/dpa
أم الحركة النسائية
كلارا زيتكين، سياسية ألمانية يسارية، (ولدت في 5 تموز/ يوليو 1857 – وتوفيت في 20 حزيران/ يونيو 1933)، لعبت دوراً مهماً في رفع الوعي السياسي لدى النساء العاملات الألمانيات. نشطت في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني حتى عام 1917، ثم انضمت إلى جناحه اليساري. وكانت في 30 آب/ أغسطس 1932 آنذاك نائبة في البرلمان الألماني.
صورة من: picture alliance/dpa
صوت الحركة العمالية
لا يمكن إلقاء نظرة على تاريخ السياسة الألمانية من دون التوقف عند روزا لوكسمبورغ. تزوجت الماركسية المولودة في بولندا (ولدت في 5 آذار/ مارس 1871 – وتوفيت في 15 كانون الثاني/ يناير 1919) من ألماني. انضمت بعدها إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطي SPD. وأسست مع كارل ليبكنشت، "عصبة سبارتاكوس" الشيوعية. بعدها تحولت إلى عدوة لجمهورية فايمار وقُتلت في كانون الثاني/ يناير عام 1919. وشيع جنازتها حوالي مليون شخص.
صورة من: picture-alliance / akg-images
أول وزيرة
كانت إليزابيث شفارتسهاوبت (ولدت في 1 كانون الثاني/ يناير 1901 – وتوفيت في 30 تشرين الأول/ أكتوبر1986) من الحزب المسيحي الديموقراطي أول وزيرة في ألمانيا. في الـ 14 من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1961، أدت اليمين الدستورية في البوندستاغ لتصبح وزيرة الصحة. "ماذا نفعل بامرأة في مجلس الوزراء؟" قد يكون المستشار السابق أديناور قد سأل نفسه. لكن شفارتسهاوبت أثبتت نفسها من خلال عملها، ومهدت طريق ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa
أول رئيسة برلمان
كانت آن ماري رينغر (ولدت في 7 كانون الثاني/ يناير 1919 – وتوفيت في 3 آذار/ مارس2008 )، أول رئيسة للبوندستاغ في ألمانيا. وكانت تنتمي إلى الجناح المحافظ للحزب الاشتراكي الديمقراطي. طبعت أهوال الحرب العالمية الثانية الحياة السياسية لرينغر:" قبلنا كانت ألمانيا حطاماً وكنت مصممة على المشاركة السياسية والمساعدة في بناء ألمانيا الديمقراطية".
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Sanden
السيدة الأولى في الحزب الديمقراطي الحر
على مدى عقود، طبعت هيلدغارد هام بروشر، المشهد السياسي الليبرالي (ولدت في 11 أيار/ مايو 1921– وتوفيت في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2016). كانت هام بروشر، وزيرة الدولة في وزارة خارجية هانس ديتريش غينشر. وكانت تعتبر السيدة الأولى في الحزب الديمقراطي الحر . لكن مع ذلك لم تتمكن من تتويج مسارها السياسي. ففي عام 1994، ترشحت هام بروشر لمنصب الرئيس الاتحادي، لكن فاز بالمنصب مرشح الاتحاد رومان هيرتسوغ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
وزيرة التعليم في جمهورية ألمانيا الديمقراطية
بدا منصبها غير مؤثر، لكنه على العكس من ذلك، فقد كانت وزيرة التعليم لدى جمهورية ألمانيا الديمقراطية، مارغوت هونيكر(ولدت في 17 نيسان/ أبريل 1927– وتوفيت في 6 أيار/ مايو 2016) زوجة الزعيم السابق لألمانيا الشرقية وزعيم الحزب إريش هونيكر. دعمت زوجها في القضايا السياسية، ولعبت دوراً قوياً في ذلك. كما تقبلت سقوط ضحايا جدار برلين. وبعد نهاية الدولة الاشتراكية الألمانية الشرقية، عاش الزوجان في تشيلي.
صورة من: picture-alliance/dpa
غريمة المستشار
تجرأت على المحرمات ودافعت عن حقوق المرأة وشاركت في المحاولة غير المجدية للإطاحة بالمستشار كول (يسار الصورة) كرئيس للحزب المسيحي الديموقراطي CDU. كرست ريتا زوسموت (ولدت في 17 فبراير 1937) نفسها كوزيرة للأسرة والصحة من أجل مساعدة مرضى الإيدز و توفير الأدوية. من عام 1988 حتى عام 1998 كانت زوسموت رئيسة البرلمان الألماني.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Brakemeier
المشاركة في تأسيس حزب الخضر
لم يؤثر شخص من قبل على السنوات الأولى لتأسيس حزب الأخضر، كما فعلت ناشطة السلام بيترا كيلي (ولدت في 29 تشرين الثاني / نوفمبر1947– وتوفيت في 1 تشرين الأول/ أكتوبر 1992). وبسبب انخراطها في العمل السياسي من دون هوادة، كانت تعرف كيلي بـ "جان دارك العصر الذري". في ظل ظروف غامضة، قتلت من قبل شريكها غيرت باستيان (يمين الصورة)، والذي قتل نفسه أيضاً فيما بعد.
صورة من: picture-alliance/dpa
أقوى امرأة في أوروبا
منذ اعلان تخليها عن رئاسة الحزب الديمقراطي المسيحي، اقتربت نهاية حياة ميركل السياسية. لكن تاريخها السياسي كان حافلاً بالإنجازات. ولدت ميركل في جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقاً ( في 17 تموز/يوليو 1954)، وتولت الفيزيائية مناصب وزارية عديدة في ألمانيا الموحدة، لتصبح أول مستشارة في تاريخ ألمانيا. من خلال سياستها الخاصة باللاجئين، أظهرت ميركل في البداية انسانياتها ولكنها خيبت ظن بعض الناخبين بها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schreiber
أول وزيرة دفاع في ألمانيا
على الرغم من ولوج المزيد من النساء مجال السياسة، إلا أن هناك حاجة للحاق بالركب. من المعتاد أن تشغل النساء المناصب الوزارية في وزرات مثل وزارة الصحة أو الأسرة أو العدالة. لكن أورزولا فون دير لاين (ولدت في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 1958) من الحزب الديمقراطي المسيحي CDU، عملت بجد من أجل تغيير ذلك. أولا، ترأست وزارة الأسرة ، ثم وزارة العمل - وهي الآن أول وزيرة دفاع في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K.Nietfeld
أمل الاشتراكيين الديموقراطيين
لفترة طويلة هيمن الرجال على المشهد السياسي للحزب الاشتراكي الديمقراطي. ترأست أندريا نالز (ولدت في 20 حزيران/ يونيو 1970) الحزب الأقدم في ألمانيا كأول امرأة. ما وضع ضغطًا هائلًا عليها. بسبب النزاع داخل الائتلاف الحاكم ، تخلى عدد كبير من الناخبيين عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي. ويجب على نالز الآن تجديد الحزب، وإلا ستكون نهاية وزيرة العمل السابقة.
صورة من: Getty Images/AFP/J. MacDougall
نجمة اليسار الصاعدة
لا يوجد امرأة في السياسة الألمانية، تنقسم حولها الآراء مثل ما هو الحال مع رئيسة حزب اليسار، سارة فاغنكنشت، (ولدت في 20 حُزيران/ يونيو 1969). أحدث مشروع أطلقته المرأة، التي نشأت في ألمانيا الشرقية، وزوجة زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي السابق، أوسكار لافونتين، هو "حركة انهضوا" الألمانية اليسارية لمواجهة اليمين المتطرف. إعداد: غالف بوزن/ إيمان ملوك