عانت العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة من صعوبات خلال حقبة دونالد ترامب الذي ينافس مجددا على الوصول إلى البيت الأبيض. فمن الشخصية الأوروبية القادرة على الدفاع عن المصالح الأوروبية؟
إعلان
مع انطلاق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، يساور الكثير من بلدان الاتحاد الأوروبي القلق حيال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجددا وسط تساؤلات حيال تأثير ذلك على المشهد السياسي والأمني للتكتل.
وخرجت بعض الأصوات الأوروبية لتقترح أسماء وشخصيات يمكنها أن تكون حلقة الوصل بين الاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض حال عودة ترامب.
إعلان
مارك روته.. "الرجل الذي يهمس في أذن ترامب"
يتصدر قائمة الشخصيات التي بمقدورها التواصل مع ترامب، الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته الذي يُنظر إليه باعتباره الخيار الأمثل للتعامل مع التحديات الأمنية والتحدث مع ترامب.
وفي مقابلة مع DW، قالت ثلاثة مصادر من داخل الناتو تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن رئيس الوزراء الهولندي السابق طور صداقة مع ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى، لذا كان ذلك من ضمن مبررات اختياره ليكون على رأس الناتو.
وفي ذلك، قال كاميل جراند، خبير شؤون الدفاع بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ومساعد الأمين العام السابق لحلف الناتو، إن روته "من المعروف أنه كان قادرا على الانخراط مع الرئيس الأمريكي والصمود خلال" المباحثات الثنائية وخلال قمم الناتو.
الجدير بالذكر أن روته نجح في عام 2018 في تجنيب الناتو مشكلة كبيرة عندما هدد ترامب بالانسحاب من الحلف إذا لم تزيد الحكومات الأوروبية من إنفاقها الدفاعي؛ إذ تمكن بطلف من إقناع ترامب بأن الإنفاق الدفاعي آخذ في الارتفاع.
وفي تعليقه، قال إيان ليسر، الباحث البارز في "صندوق مارشال الألماني" للأبحاث بالولايات المتحدة، إنه إذا فاز ترامب، فسيكون روته قادرا على تقديم "رسالة أفضل بشأن تقاسم الأعباء".
ومن المتوقع أن تفي 23 دولة من الدول الأعضاء في الناتو بما في ذلك فرنسا وألمانيا بهدف إنفاق 2% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام أو ربما تتجاوز ذلك.
وأضاف ليسر أن روته سوف يسعى للحصول على ضمانات بشأن المساعدات الأمريكية لأوكرانيا وتعزيز التواجد الأمريكي داخل الناتو، قائلا: "سيعمل روته على التنبؤ بشأن الخطوات التي قد يتخذها ترامب، إذا فاز بالانتخابات، بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا".
فيكتور أوربان.. "حليف أيديولوجي"، ولكن؟
وتضم القائمة أيضا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي وصفه ترامب بأنه "رجل سلام" خلال لقاء جمعهما في يوليو/تموز الماضي.
وعقب جولات في بكين وكييف وموسكو، قدم أوربان نفسه كوسيط من الاتحاد الأوروبي لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا.
وقالت سوزانا فيج، المحللة المتخصصة في شؤون دول أوروبا الوسطى بصندوق مارشال الألماني، إن تواصل أوربان مع ترامب يهدف في المقام الأول إلى تعزيز مكانته الدولية كزعيم ذي أهمية دولية.
وأضافت "سوف يشجع فوز ترامب بالانتخابات أوربان على المضي قدما في خطواته الاستبدادية داخل المجر وأيضا تقويضه مصداقية الاتحاد الأوروبي ككيان يتألف من ديمقراطيات ذات مصالح مشتركة".
يعتقد الخبراء أن سياسات أوربان المناهضة للهجرة ولمجتمع الميم قد جعلته شخصية محبوبة بين أنصار ترامب، لكن في المقابل يخشى مراقبون من أن أوربان قد يردد أفكار روسيا في أذان ترامب في ضوء علاقته القوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومعارضته دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا.
ورغم ذلك، قالت فيغ "أشك في أن بوتين سيحتاج إلى رئيس الوزراء أوربان للضغط على ترامب، لكن دعوته إلى وقف إطلاق النار في ظل الظروف الحالية تخدم بالتأكيد مصالح روسيا".
وأشارت إلى أن أوربان قد يكون "حليفا يتقاسم الروى السياسة مع ترامب، لكن روته هو المحاور الاستراتيجي" القادر أن يتحدث نيابة عن دول حلف الناتو.
أندريه دودا و جورجيا ميلوني..."الأمن أولا"
وتضم قائمة الشخصيات الأوروبية القادرة على التواصل مع ترامب في حالة فوزه بالسباق الانتخابي، الرئيس البولندي أندريه دودا ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
وقد التقى أندريه دودا، الذي ينتمي إلى حزب القانون والعدالة اليميني، مع ترامب في أبريل/نيسان الماضي حيث سعى لإقناعه بالسماح للجمهوريين بإلغاء حظر حزمة مساعدات بقيمة 60 مليار دولار (55.5 مليار يورو) لأوكرانيا داخل الكونغرس.
أما ميلوني، فقد جرى طرح اسمها باعتبارها "صوت الاتحاد الأوروبي المثالي" في حالة فوز ترامب، حيث التقى بعض أعضاء من حزبها "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف، بترامب. فقد شارك أنطونيو جيوردانو، البرلماني عن حزب "إخوان إيطاليا"، في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الذي عُقد في مدينة ميلواكي بولاية ويسكنسن في يوليو/تموز الماضي.
وقد نقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن جيوردانو قوله الشهر الماضي إن ميلوني ستكون "محاور ترامب المثالي إذا أراد الأخير أن يفهم كيفية التعامل بشكل أفضل مع أوروبا".
وقال فيليبو سيمونيلي، الباحث في معهد الشؤون الدولية، إن ميلوني قد تحاول تقديم نفسها "كحلقة وصل بين الولايات المتحدة ومؤسسات الاتحاد الأوروبي".
وأضاف "قد تحاول ميلوني أن تكون حلقة الوصل بين الجناح اليميني داخل الطيف السياسي الأوروبي ومفوضية فون دير لاين التي بدأت تضع في الحسبان تنامي قوة اليمين أكثر من أي وقت مضى، وبالتالي فهي تحاول الاستفادة قدر الإمكان من هذا التوازن المتغير".
بيد أن إيان ليسر، الباحث البارز في "صندوق مارشال الألماني"، قال إن التوافق الأيديولوجي مع ترامب لا يعني أن ميلوني قد صرفت نظرها عن التهديدات الروسية، مضيفا أن رئيسة الوزراء الإيطالية أعربت عن دعمها لأوكرانيا.
أعده للعربية: محمد فرحان
الاتحاد الأوروبي - عقود من التقدم والإخفاقات منذ اللبنة الأولى
فيما يلي المحطات الكبرى للاتحاد الأوروبي منذ تأسيس الكتلة الأوروبية وترسيخ بنائها من خطة لتحقيق التكامل بانتاج الفحم لاتحاد عابر للقوميات ومرورا ببريكسيت وأحداث منطقة اليورو وأزمة اللاجئين ووصولا إلى صعود المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/V. Ghirda
في التاسع من أيار/ مايو 1950...
... وضع وزير الخارجية الفرنسي روبير شومان أول حجر في البناء الأوروبي عندما اقترح على ألمانيا بعد خمس سنوات فقط على استسلامها في الحرب العالمية الثانية، تحقيق تكامل في الإنتاج الفرنسي الألماني للفحم والفولاذ في اطار منظمة مفتوحة لكل دول أوروبا. وقعت اتفاقية باريس التي نصت على إنشاء "مجموعة الفحم والفولاذ" بعد عام من ذلك فولدت أوروبا "الدول الست" (ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا).
صورة من: picture-alliance/dpa
في 25 آذار/ مارس 1957...
... وقعت الدول الست المعاهدة التأسيسية لأوروبا السياسية والاقتصادية. وقد أسست المجموعة الاقتصادية الأوروبية، السوق المشتركة القائمة على التنقل الحر مع إلغاء الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء. أما المؤسسات ومنها المفوضية والجمعية البرلمانية الأوروبية فلم تُنشأ إلا مطلع 1958.
صورة من: picture-alliance/AP Images
في كانون الثاني/ يناير 1973...
...انضمت بريطانيا والدنمارك وإيرلندا إلى السوق الأوروبية المشتركة، تلتها اليونان (1981) وإسبانيا والبرتغال (1986) والنمسا وفنلندا والسويد (1995). شكلت معاهدة ماستريخت الوثيقة التأسيسية الثانية للبناء الأوروبي ووقعت في السابع من شباط/ فبراير 1992. وهي تنص على الانتقال إلى عملة واحدة وتنشئ اتحاداً أوروبياً.
صورة من: picture-alliance/AP Images
اعتبارا من كانون الثاني/ يناير 1993...
... أصبحت السوق الواحدة واقعاً مع حرية تبادل البضائع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال. وانتظر الأوروبيون حتى آذار/مارس 1995 ليتمكنوا من السفر بلا مراقبة على الحدود.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/McPHOTO
في الأول كانون الثاني/ يناير2002...
... دخل اليورو الحياة اليومية لنحو 300 مليون أوروبي. وفيما تنازلت معظم دول الاتحاد عن عملاتها الوطنية، اختارت الدنمارك وبريطانيا والسويد فقط الإبقاء على عملاتها.
صورة من: picture-alliance/D. Kalker
أيار/ مايو 2004
وبعد أن كان الأمر أقرب إلى حلم عند سقوط جدار برلين في 1989، جرى توسيع الاتحاد ليضم دولا من شرق أوروبا تدريجياً. قد انضمت عشر دول جديدة إلى الاتحاد الأوروبي في أيار/ مايو 2004 هي بولندا والجمهورية التشيكية والمجر وسلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا وسلوفينيا ومالطا وقبرص. وفي 2007 انضمت بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد ثم كرواتيا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في ربيع 2005...
... دفع رفض الناخبين الفرنسيين والهولنديين للدستور الأوروبي، بالاتحاد الأوروبي إلى أزمة مؤسساتية. ولم يخرج منها إلا باتفاقية لشبونة التي كان يفترض أن تسمح بعمل مؤسسات أوروبا الموسعة بشكل أفضل وتمت المصادقة عليها بصعوبة في 2009.
صورة من: EC AV Service
أزمة مالية خانقة
في السنة نفسها، أعلنت اليونان عن ارتفاع كبير في العجز في ميزانيتها في أول مؤشر إلى أزمة مالية واسعة. طلبت اليونان ثم إيرلندا وإسبانيا والبرتغال وقبرص مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين طالبا بإجراءات تقشفية. أدت أزمة الديون هذه إلى سقوط رؤساء حكومات أوروبية الواحد تلو الآخر وعززت الشكوك في الوحدة الأوروبية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa de Olza
أزمة اللاجئين
وما أن خرجت من هذه الأزمة المالية حتى واجهت أوروبا اخطر أزمة هجرة منذ 1945 مع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين. واخفق الاتحاد الأوروبي في وضع خطة عمل مشتركة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
بريكسيت
جاءت بعد ذلك أزمة بريكسيت التي وجهت ضربة إلى اتحاد اضعفه صعود الشعبوية والتشكيك في جدوى الوحدة الأوروبية. وبعد حملة تركزت على الهجرة والاقتصاد، صوت نحو 17.4 مليون بريطاني (51.9 بالمئة من الناخبين) في 23 حزيران/ يونيو 2016 مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد.
صورة من: picture-alliance/abaca/D. Prezat
لكن ...
... بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء، لم يتم تطبيق بريكسيت الذي كان مقررا في 29 آذار/ مارس 2019. وقد وافقت الدول الـ27 الأخرى الأعضاء على إرجاء الموعد إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر لإعطاء وقت للطبقة السياسية البريطانية للاتفاق على طريقة الانسحاب.
صورة من: picture-alliance/D. Cliff
إتمام "بريكست" في دورة 2019 حتى 2024
لكن "يوم الخروج"، جاء لاحقا. فأخيرا وقع برلمان المملكة المتحدة على اتفاق "البريكست"، الذي أعيد التفاوض عليه، ليتم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسميًا في الساعة 23:00 بتوقيت غرينتش من يوم 31 يناير/ يناير 2020، وهو يقابل الساعة "00:00: من يوم أول فبراير/ شباط 2020 بتوقيت وسط أوروبا). وتبقى بريطانيا العظمى هي الدولة الوحيدة ذات السيادة التي غادرت الاتحاد الأوروبي حتى الآن.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Akmen
دعم واضح لأوكرانيا ضد الغزو الروسي
تعرض الاتحاد الأوروبي لاختبار شديد، حينما اندلع قتال لم يحدث له مثيل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فقد بدأت روسيا هجوما غير مسبوق على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022. وبكل حزم ووضوح وقف الأوروبيون، باستثناء المجر، في وجه الغزو الروسي. وبدأوا خطوات عملية لدعم أوكرانيا ومن بينها فرض عقوبات صارمة على روسيا وتخصيص مساعدات بعشرات مليارات اليورو من أجل دعم أوكرانيا للصمود.
صورة من: Virginia Mayo/AP
"قطر غيت" تهز البرلمان الأوروبي
في ديسمبر 2022، تم سجن اليونانية إيفا كايلي، نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، احتياطياً في بروكسل في إطار تحقيق قضائي بشبهات فساد في البرلمان الأوروبي، يُعتقد أنّها مرتبطة بقطر والمغرب، تتعلق بمبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر لمشرعين أوروبيين للتأثير في قرارات المؤسسة الأوروبية الرئيسية. وتم اطلاق سراح كايلي بعد عدة أشهر. وعرفت القضية باسم "قطر غيت"، ونفت قطر والمغرب أيّ علاقة لهما بهذه القضية.
صورة من: Twitter/Ministry of Labour/REUTERS
أول قانون في العالم للذكاء الاصطناعي
في مارس/ آذار 2024، أقر البرلمان الأوروبي "قانون الذكاء الاصطناعي"، كأول قانون شامل للذكاء الاصطناعي بالعالم. ويريد الاتحاد الأوروبي من خلاله تنظيم الذكاء الاصطناعي (AI) لتطوير واستخدام هذه التكنولوجيا والحماية من مخاطرها. ووافق وزراء الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي على القانون في مايو/ أيار. ومن بنوده وجوب وضع علامة على المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل الصور أو الصوت أو النص.
صورة من: Christian Ohde/CHROMORANGE/picture alliance
إقرار قوانين اللجوء الجديدة بعد سنوات من التفاوض
بعد نحو عقد من الجدل حولها، أقرّ الاتحاد الأوروبي في مايو/ أيار 2024 خطة لإصلاح تاريخي لسياساته المتعلقة بالهجرة واللجوء من أجل السيطرة على الحدود لوقف الهجرة غير النظامية. وتتألف خطة الإصلاح من 10 تشريعات، دعمتها أغلبية كبيرة بالاتحاد. ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2026 بعد أن تحدّد المفوضية الأوروبية كيفية تطبيقها. وجاءت الموافقة قبل شهر من الانتخابات الأوروبية، رغم ذلك صعد اليمين المتطرف.
صورة من: DesignIt/Zoonar/picture alliance
زلزال الانتخابات الأوربية 9 يونيو/ حزيران 2024
في انتخابات الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان الأوروبي 2024-2029، حدث زلزال سياسي بصعود غير مسبوق في تاريخ الاتحاد لقوى اليمين المتطرف والقوميين، الذين حصلوا على أكثر من 140 مقعدا من إجمالي 720 مقعداً. وفي ألمانيا مثلا حل حزب البديل الشعبوي (الصورة لرئيسي الحزب شروبالا وفايدل) كثاني أكبر قوة، بعد حزبي الاتحاد المسيحي المحافظ، متفوقا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أقدم حزب سياسي في ألمانيا.