تحيي الولايات المتحدة هذا العام ذكرى إنهاء العبودية في خضم موجة اضطرابات أشعلها مقتل جورج فلويد، ووسط احتقان بسبب تكرار عنف الشرطة والممارسات العنصرية والتمييز والشعور بالتهميش لدى الأمريكيين من أصول إفريقية.
إعلان
أغلق صباح اليوم الجمعة (19 يونيو/حزيران 2020) عدد من الشوارع وسط واشنطن أمام حركة السير مع انتشار واسع النطاق للشرطة في محيط البيت الأبيض والساحة المسماة حديثا "حياة السود تهم"، حيث يتوقع أن يلتقي المتظاهرون خلال النهار (بالتوقيت المحلي)، وفق ما لاحظ صحافيون في فرانس برس.
ومن المرتقب مشاركة الآلاف في عدة تظاهرات تمتد من نيويورك إلى لوس انجليس بمناسبة الذكرى 155 لما يسمى بـ"جونتينث" (دمج حزيران/يونيو و19 وفق لفظهما بالانكليزية)، وهو ذكرى إنهاء العبودية، وهو اليوم الذي أدرك خلاله "العبيد" في غالفستون في تكساس أنّهم صاروا أحراراً.
وتأتي هذه المناسبة هذا العام وسط موجة احتجاجات أشعلها مقتل المواطني الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد على يد شرطي أبيض حثم على رقبته في مدينة في مينيابوليس، وعقب احداث عنصرية شهدتها الولايات المتحدة، وتراكمات فجرت الوضع، الأمر الذي دفع نحو الشروع في إعادة النظر بالممارسات العنصرية التي طبعت ماضي البلاد ولا تزال ماثلة في المجتمع، وهو ما عبر عنه شقيق فلويد بالقول إن "الحقيقة المؤلمة أنّ ما جرى لا يمثّل حادثة منفصلة". وأوضح أنّ "الطريقة التي عذّب بها شقيقي ومقتله الذي وثقته الكاميرا يعكسان كيفية معاملة الشرطة للسود في (الولايات المتحدة)".
ووسط الهتاف بشعار "حياة السود تهم"، تظاهر ملايين في الشوارع تنديداً بعدم المساواة. وألقت هذه التعبئة التي شابتها أعمال عنف ونهب، الضوء على أساليب قوات إنفاذ القانون تجاه الأقليات في البلاد وسلوكها الجائر. وأججت الغضب حادثة شهدتها مدينة اتلانتا في 12 حزيران/يونيو، حينما أطلق شرطي ابيض رصاصتين على ظهر الأمريكي الأسود رايشارد بروكس الذي كان يحمل آلة صعق بيده ويحاول الفرار من الشرطة. وكما في مينيابوليس، أقيل الشرطي واتّهم بالقتل.
أنا أسود البشرة... كفى عنصرية!
56:05
ودفعت هذه التظاهرات والاحتجاجات بالأمريكيين إلى إعادة النظر في تاريخ بلدهم، ومسألة العبودية التي كانت نظاما وفّر الازدهار الاقتصادي. وتكررت الدعوات لإزالةنصب تكرّم جنرالات ومسؤولين كونفدراليين في زمن الحرب الأهلية (1861-1865)، وهي منتشرة في جنوب البلاد، وجرت إزالة بعضها. وأمرت زعيمة الديموقراطيين في الكونغرس نانسي بيلوسي الخميس بإزالة صور لأربعة رؤساء سابقين لمجلس النواب لأنّهم انحازوا إلى أنصار الكونفدرالية.
ووسط توترات متصاعدة وغضب من جانب منظمات الحقوق المدنية إزاء تعاطيه مع الاحتجاجات المنددة بعنف الشرطة، اضطر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترامب إلى إرجاء تجمع انتخابي كان مقررا اليوم في
ذكرى إنهاء العبودية "جونتينث". وقال في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال نشرت الخميس إن "أحدا لم يسمع بها قط" مضيفا "فعلت أمرا جيدا: جعلت جونتينث شهيرة جدا". والبيت الأبيض في الواقع يصدر سنويا بيانا لإحياء الذكرى التي تحييها أيضا جميع الولايات الأمريكية تقريبا.
وبرغم المكاسب التي سجّلت في الخمسينيات والستينيات بفعل حركة الحقوق المدنية، ما يزال السود الذين يمثلون نحو 13% من السكان يشعرون بمرارة المعاناة من التهميش. وتعاني هذه الأقلية من نسب فقر عالية وهي غير ممثلة بشكل منصف على المستوى السياسي.
ع.ج.م/ع.ش (أ ف ب)
بالصور - الاحتجاجات ضد العنصرية تعم قارات العالم
مقتل المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد في مينيابوليس بعد أن جثم شرطي أبيض على رقبته حرك الناس في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من وباء كورونا قرر مئات الآلاف الخروج للشوارع للتظاهر ضد العنصرية التي تُمارس بشكل ممنهج.
صورة من: Reuters/R. Casilli
باريس: احتجاج في متنزه لو شامب دي مارس
قبل بضعة أيام، قامت الشرطة الفرنسية بتفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع. وكان في البداية قد تم حظر المظاهرات التي أعلن عن تنظيمها عند برج إيفل وخارج السفارة الأمريكية. لكن مع ذلك، خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع ضد العنصرية، حتى خارج باريس. عنف الشرطة ضد السود منتشر بشكل خاص في الضواحي.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/A. Morissard
لييج: مظاهرة رغم الحظر
بلجيكا، مثل معظم البلدان الأوروبية، لديها نصيب من الاستغلال الاستعماري وإخضاع مناطق أخرى من العالم: فقد كانت جمهورية الكونغو الديمقراطية الحالية مملوكة ملكية خاصة للملك ليوبولد الثاني، الذي تم إنشاء نظام الظلم العنصري نيابة عنه. وقد جرى التظاهر ضد العنصرية في بروكسل وأنتفيرب ولييج؛ على الرغم من الحظر المتعلق بفيروس كورونا.
صورة من: picture-alliance/abaca/B. Arnaud
ميونيخ: بافاريا ذات التعددية
في مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا، نظمت واحدة من أكبر المظاهرات في ألمانيا تجمع فيها 30 ألف شخص. كما خرجت مظاهرات في مدن ألمانية أخرى كبيرة منها كولونيا وفرانكفورت وهامبورغ. أما في برلين، فتحتم على الشرطة منع وصول المتظاهرين لبعض الوقت إلى ميدان ألكسندر بسبب توافد الكثير من الناس للمشاركة في المظاهرة.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/S. Babbar
فيينا: 50 ألف متظاهر ضد العنصرية
في العاصمة النمساوية فيينا ذكرت الشرطة يوم الجمعة أن 50 ألف شخص تجمعوا، في واحدة من أكبر المظاهرات في السنوات الأخيرة، في البلد الذي شهد العام الماضي "فضيحة إيبيزا" والسقوط المدوي للائتلاف الحكومي اليميني في 2019. وبحسب صحفيين، كُتبت عبارة "حياة السود مهمة" على سيارة للشرطة.
صورة من: picture-alliance/H. Punz
صوفيا: لفت الانظار للعنصرية في بلغاريا أيضا
كما هو الحال في العديد من البلدان الأوروبية الأخرى، تحظر بلغاريا حاليا التجمعات التي تضم أكثر من عشرة مشاركين. ومع ذلك اجتمع المئات في العاصمة صوفيا. المتظاهرون صرخوا بكلمات جورج فلويد الأخيرة "لا أستطيع التنفس"، لكنهم لفتوا الانتباه أيضا إلى العنصرية في المجتمع البلغاري.
صورة من: picture-alliance/AA
تورين: احتجاج في زمن كورونا
بسرعة، قامت هذه المرأة في تورين بتدوين مخاوفها السياسية على الكمامة التي لا تزال ضرورية بسبب كورونا: "حياة السود مهمة أيضًا في إيطاليا". المظاهرات ضد العنصرية بما في ذلك تلك التي أقيمت في روما وميلانو، ربما تكون أكبر التجمعات التي شهدتها إيطاليا منذ بدء إجراءات كورونا. وإيطاليا هي واحدة من الدول المستقبلة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة في الاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/M. Ujetto
لشبونة: تحرك الآن!
"تحرك الآن" هي العبارة المكتوبة على هذه اللافتة التي رفعها هذان المتظاهران في العاصمة البرتغالية لشبونة. لم تتم الموافقة على المظاهرة، لكن الشرطة سمحت للمشاركين بالمسيرة. في البرتغال أيضا، هناك دائما عنف من قبل الشرطة ضد السود. وعندما تظاهر المئات بشكل عفوي بعد حادث مشابه في يناير/ كانون الثاني 2019، ردت الشرطة فأطلقت عليهم الرصاص المطاطي.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/J. Mantilla
مكسيكو سيتي: ليس فلويد فقط وإنما لوبيز أيضا
في المكسيك، لم يثر مقتل جورج فلويد الغضب في البلاد فحسب، بل لفت الأنظار لمصير عامل البناء جيوفاني لوبيز أيضا، الذي تم القبض عليه في مايو/ أيار في ولاية خاليسكو الغربية لعدم ارتدائه كمامة واقية. ويبدو أنه مات من عنف الشرطة. ويتزايد غضب المتظاهرين المكسيكيين منذ ظهور شريط فيديو قبل أيام قليلة عن عملية قبض الشرطة على لوبيز.
صورة من: picture-alliance/Zumapress
سيدني: لا للعنصرية ضد السكان الأصليين
بدأت المسيرة في سيدني بمراسم دخان تقليدية. ولم يكن التضامن الصريح لما لا يقل عن 20 ألف مشارك مع جورج فلويد فقط، ولكن أيضا مع الأستراليين من السكان الأصليين (أبورجيون)، الذين كانوا أيضا ضحايا لعنف الشرطة العنصري. وطالب المتظاهرون بعدم السماح مرة أخرى بمقتل أي شخص منهم في حجز الشرطة.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/I. Khan
بريتوريا: بقبضة مرفوعة مثل مانديلا
القبضة المرفوعة في الهواء هي رمز لحركة # BlackLivesMatter (حياة السود مهمة) لكن الرمز أقدم بكثير؛ فعندما أطلق نظام الفصل العنصري سراح المقاتل من أجل الحرية، نيلسون مانديلا، من السجن في فبراير/ شباط 1990، رفع قبضته في طريقه إلى الحرية، مثلما فعلت هذه المحتجة في بريتوريا الآن. لا يزال البيض يتمتعون بامتيازات في جنوب أفريقيا. إعداد: دافيد إيل/ ص.ش