في رسالة مبطنة لتركيا.. عقوبات أوروبية على مقربين من بوتين
١٥ أكتوبر ٢٠٢٠
قام الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على مقربين من بوتين، وذلك بعد جمعِ أدلة على انتهاك روسيا للقانون الدولي في حالة المعارض نافالني. إنها رسالة ضمنية لتركيا وتعبير عن رغبة الأوروبيين باستخدام أسلحتهم السياسية والاقتصادية.
وصرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى وصوله إلى القمة الأوروبية أن "روسيا جارتنا، وروسيا تشاركنا هذه القارة، لكن لا يمكننا الاستسلام والتخلي عن مبادئنا وتوقعاتنا وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالأسلحة الكيميائية".
الاتحاد يستعيد وحدته
وفرض الأوروبيون العقوبات على خلفية التورط المفترض للرئاسة الروسية في عملية تسميم المعارض أليكسي نافالني بمادة سامة للأعصاب من نوع نوفيتشوك وعلى خلفية تدخل الكرملين في الحرب الليبية. وينتهك كلا الفعلين القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
واستغرق الاتحاد وقتًا في جمع الأدلة حتى لا يتم اللجوء إلى القضاء ضد العقوبات. وجاء في القرار الذي نُشر في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي أن "تسميم أليكسي نافالني لم يكن ممكنا إلا بموافقة الفريق الرئاسي".
وتم فرضها من قبل الدول الـ27، بتحريض من باريس وبرلين. وبذلك يبرهن الاتحاد على أنه استعاد وحدته، التي قوضها قيام قبرص بعرقلة فرض عقوبات على نظام ألكسندر لوكاشنكو في بيلاروس.
تحذير ضمني لأنقرة
وأطلق القادة الأوروبيون عبر هذه الإجراءات تحذيرًا ضمنيًا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المتورط في صراعات في ليبيا وسوريا وناغورني كاراباخ، والمتهم من قبل الأوروبيين بانتهاك القانون الدولي بالتنقيب غير القانوني في المياه الغنية بالمحروقات في قبرص واليونان. وسيخصص اليوم الثاني من القمة الأوروبية الجمعة للبحث في السياسة الخارجية والعلاقات مع تركيا.
وتم تطوير الخطة الأوروبية الجديدة من قبل رئيس المجلس البلجيكي شارل ميشال في عدة كلمات ألقاها قبيل القمة المخصصة حصرا للعلاقات الدولية في بداية تشرين الأول/أكتوبر. وقال أمام معهد بروغل، وهو مركز أبحاث مؤثر في بروكسل، "نشأ قوس من عدم الاستقرار حولنا".
وأشار ميشال إلى العلاقات الصعبة مع روسيا وتركيا والمملكة المتحدة، منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة والصين. وأكد "لدينا أدوات قوية. يتعين علينا استخدامها بشكل أفضل". وأوضح أن "سياسات العقوبات والتأشيرات توفر فرصة ذهبية يمكننا استخدامها".
وعمدت نيقوسيا إلى رفع تحفظاتها على العقوبات ضد الرئيس البيلاروسي بعدما تأكدت من إمكانية استخدام العقوبات ضد تركيا.
وحذرت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين بعد القمة الأوروبية في بداية تشرين الأول/أكتوبر "إذا واصلت أنقرة أعمالها غير القانونية، فسنستخدم جميع الأدوات المتاحة لنا". وأوضحت أنه تم إعداد إجراء يتضمن تدابير اقتصادية لها عواقب وخيمة على تركيا و"جاهزة للاستخدام على الفور". وحذر ماكرون من أن "مناقشاتنا غدًا ستعكس بلا شك مطالبنا في ضوء الأحداث الأخيرة".
وكان الاتحاد الأوروبي قرر في وقت سابق من هذا الأسبوع فرض عقوبات على الرئيس البيلاروسي وأفراد عائلته في محاولة للحد من القمع الذي يواجهه المحتجون على إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ص.ش/أ.ح (أ ف ب)
العلاقات التركية الأوروبية ـ محطات من الاتفاق والاختلاف
العلاقات التركية الأوروبية، والتركية الألمانية على وجه الخصوص، لم تكن يوما في غاية التناغم، لكنها شهدت خلال السنة الماضية فترة تقارب مصالح، أعقبتها توترات بلغت أوجها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sagolj/Zivulovic/Kombo
أفضت أزمة تدفق اللاجئين على أوروبا إلى تقارب المصالح بين أنقرة وبروكسل، حيث عول الأوروبيون على أنقره في وقف هذا التدفق عبر أراضيها، فيما وجدت تركيا فرصتها في الاستفادة من هذه الفرصة التي قلما جاد بها الزمن.
صورة من: Getty Images/M. Cardy
يقضي الاتفاق باستقبال تركيا اللاجئين الذين يتم إعادتهم من اليونان مقابل استقبال أعضاء الاتحاد الأوروبي للاجئين سورين بطريقة قانونية، لكن هذا الاتفاق تضمن شروطا ما تزال خلافية منها إعفاء الموطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، وقيام تركيا بتعديل التشريعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وهنا كانت العقد في المنشار أمام هذا الاتفاق.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
المستشارة أنغيلا ميركل، التي تتحمل بلادها العبء الأكبر لتدفق اللاجئين، تزعمت جهود تقريب وجهات النظر بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
لكن العلاقات بين برلين وأنقرة توترت بعد تبني البرلمان الألماني قرارا يصنف مجازر الأرمن عام قبل مئة بأنها "إبادة جماعية".
صورة من: Getty Images/AFP/S. Gallup
وما تزال العلاقات بين تركيا وألمانيا فاترة إثر قرار البرلمان الألماني فضلا عن إحباط أنقرة مما اعتبرته تضامنا فاترا معها في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/ تموز، والذي بدأ على خلفيته فصلا جديدا من التوتر بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Bozoglu
فإثر حملة الاعتقالات وما أسمي بحملة "التطهير" التي نفذتها وتنفذها أنقرة على خلفية محاولة الانقلاب تلك وتكميم الأفواه، تصاعدت الانتقادات الأوروبية لأنقرة، ما أفضى مجددا إلى توترات في العلاقات وعرض الاتفاق بشأن اللاجئين للجمود وربما للفشل قريبا.
صورة من: picture-alliance/Zuma/T. Adanali
وكرد على محاولة الانقلاب رفضت أنقره تعديل قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل، كما أنها تسعى لاستصدار تشريع لإعادة العمل بعقوبة الإعدام التي كانت أنقره قد ألغتها بطلب من الاتحاد الأوروبي ضمن شروط مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد. وهذا ربما يشكل رصاصة الرحمة على هذه المفاوضات. (الصورة لأردوغان مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز)
صورة من: picture-alliance/epa/J. Warnand
وظهرت دعوات من داخل الاتحاد الأوروبي لوقف محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، حيث شككت النمسا في قدرة تركيا على الوفاء بالمعايير الأوروبية الخاصة بالديمقراطية. لكن الاقتراح النمساوي لم يحظ سوى بدعم ضئيل داخل الاتحاد رغم الاستياء داخل التكتل إزاء أنقره.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Atalay
في بداية سبتمبر/أيلول الماضي سعى الاتحاد الأوروبي مع تركيا لاختبار الأجواء لعودة التقارب بين الجانبين عقب التوتر منذ الانقلاب الفاشل، وقال وزير خارجية لوكسمبورج جان أسيلبور "نحتاج لتقارب ونحتاج لتطبيع الوضع". وقد عقد أول اجتماع بين وزراء خارجية التكتل مع وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا عمر جليك، كما زارت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F.Aktas
لكن التوتر عاد مجددا بين أنقره والاتحاد الأوروبي وبينها وبين برلين على خلفية تضييق أنقره على حرية الصحافة واعتقال صحفيين، وكذلك اعتقال نواب معارضين مؤيدين للأكراد. ووصل الأمر بأردوغان مؤخرا إلى اتهام برلين بـ "إيواء إرهابيين"، وهو ما رفضته برلين.