في ضوء تفاقمها.. كيف تؤثر أزمة السكن بأوروبا على المهاجرين؟
٥ يونيو ٢٠٢٣
دول الاتحاد الأوروبي تواجه أزمة سكنية تعتبر الأسوأ منذ عقود، والمهاجرون هم الأكثر تأثرًا بنقص المساكن، وفي حين تريد العديد من الدول الأوروبية تسهيل الإجراءات لجذب العمالة الماهرة، يتم وضع عراقيل أمام اللاجئين.
إعلان
تعاني دول الاتحاد الأوروبي من مصاعب في مجال الإسكان، ويرجع ذلك إلى صعوبة إيجاد حلول لأزمتها السكنية الضخمة. في ألمانيا، من المتوقع أن يصل نقص السكن المتوقع إلى 700،000 وحدة سكنية بحلول عام 2025. إنها أسوأ أزمة سكنية يشهدها البلد خلال 20 عامًا.
في هولندا على سبيل المثال، يجب بناء حوالي 845 ألف وحدة سكنية بحلول عام 2030 لتلبية الطلب في البلاد. كما تقدر مؤسسة Abbé Pierre للدفاع عن المساواة في السكن أن عدد الأشخاص بلا مأوى في فرنسا يبلغ ما لا يقل عن 300 ألف شخص، أي ثلاثة أضعاف عددهم في عام 2001. وفي جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، يزداد عدد الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في العثور على مأوى.
هل المهاجرون هم سبب الأزمة؟
نقص المساكن لا يتعارض مع تزايد الهجرة إلى الشواطئ الأوروبية التي وصلت أرقامها القياسية في عام 2015. أما في عام 2021، فقدر عدد المهاجرين الوافدين إلى الاتحاد الأوروبي بحوالي 2.3 مليون شخص، وهي زيادة تقدر بنحو 18٪ مقارنة بالعام السابق.
ووفقًا للبيانات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، تم تسجيل 217,735 طلب لجوء جديد في ألمانيا في عام 2022، يمثل هذا العدد 24.7٪ من إجمالي عدد طالبي اللجوء لأول مرة في الاتحاد الأوروبي. تليها فرنسا وإسبانيا بـ 137,510 و116,135 طلبًا للجوء لأول مرة على التوالي.
وتنتشر في عواصم الإتحاد الأوروبي مشكلة المهاجرين بلا مأوى، الذين يقطنون في الشوارع. في بلجيكا على سبيل المثال، هناك حوالي 1,600 لاجئ معترف بهم في مراكز الاستقبال في حين أن أكثر من 200 مهاجر آخرين أقاموا مخيمًا على الشوارع بالقرب من مركز المدينة.
وتعهدت ألمانيا بتوفير سكنات إضافية لحوالي 4000 لاجئ للتخفيف من الأزمة السكنية الحالية في محاولة للتعامل مع احتياجات الإيواء لأكثر من مليون لاجئ. بالإضافة إلى ذلك، وافقت الحكومة الفيدرالية الألمانية أيضًا على زيادة المبلغ الثابت المدفوع لحكومات الولايات الـ 16 للتعامل مع اللاجئين بمقدار 1 مليار يورو (1.1 مليار دولار) لعام 2023.
مع ذلك، تشير دراسة أجرتها كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية إلى أن عددًا من العوامل المتقاطعة التي تتراوح من تغيير الأعراف الاجتماعية والعادات تساهم جميعها في نقص المساكن. وعلى الرغم من أن الدراسة ركزت على هجرة العمال المهرة إلى المملكة المتحدة، إلا أن الدراسة تقدم لمحة عامة توضح أن الافتقار إلى السكن الاجتماعي، وزيادة متوسط العمر للسكان ، والمزيد من الأسر التي تؤخر فكرة الزواج أو العيش معًا قد ساهمت جميعها في المزيد من الطلب على الوحدات السكنية.
معايير مزدوجة في مجال السكن
بالنسبة للمهاجرين، فإن بناء مزيد من المساكن لا يعني بالضرورة تقديم حل لهم. تشير الدراسات إلى أن التمييز العنصري في سوق السكن هو مشكلة شائعة على الرغم من وجود حماية قانونية مثل توجيه الاتحاد الأوروبي لمكافحة العنصرية.
يمنح الأوكرانيون الهاربون من الحرب حق الوصول السريع إلى السكن بفضل نوعية الحماية السريعة المقدمة، بينما يعاني طالبو اللجوء في قوائم الانتظار لفترات طويلة.
كشفت دراسة قام بها Cooperative City، وهي مجموعة من خبراء وباحثين في سياسات الحضرية، أن الأشخاص الراغبين في تأجير شقة أو مشاركة مساحتهم الخاصة مؤقتًا يميلون إلى تفضيل الأوكرانيين البيض عمن سواهم.
كما أظهرت وكالة مكافحة التمييز العنصري الاتحادية في ألمانيا أن التمييز العنصري يحدث، حتى لو كانت شروط التأجير ملائمة لمن يرغبون في التأجير من الأجانب.
كما جاء في التقرير أن "خطر التعرض للتمييز سيتزايد بشكل كبير إذا كان هناك ارتباط واضح للمؤجر بالديانة الإسلامية أو اليهودية".
نقص في القوى العاملة
بالإضافة إلى أزمة الإسكان، تعاني أوروبا أيضًا من نقص العمال المهرة في صناعات مثل النقل والبناء والزراعة. تُظهر بيانات المفوضية الأوروبية أن أكثر العاملين في هذه القطاعات هم من المهاجرين.
وفي إطار مواجهة تزايد شيخوخة السكان وانخفاض معدل المواليد، تنظر الدول الأوروبية إلى المهاجرين كحل لسد فجوات القوى العاملة في مختلف القطاعات الصناعية والخدمية، لكنها تنفذ أيضًا تدابير تحد من وصول المهاجرين.
خففت العديد من الدول الأوروبية سياسات الهجرة لجذب العمال المهرة الذين هم بأمس الحاجة إليها للحفاظ على اقتصاداتهم، مشيرة إلى الحاجة إلى ضروروة توافق سياسات الإسكان الفعالة مع تشريعات الهجرة العادلة والإنسانية.
ويشجع البرلمان الأوروبي في تقريره الحصول على سكن لائق وبأسعار معقولة لجميع الدول الأعضاء ويشجع على زيادة الاستثمار العام للقضاء على مشكلة عدم توفر مأوى بحلول عام 2030.
مهاجر نيوز 2023
المنازل الخشبية كبديل عن التشرد والعيش في الشوارع
باتت المنازل الخشبية الصغيرة تشكل في الكثير من المدن الألمانية ملاذا للأشخاص الذين يفتقدون لسكن. فهذه المنازل الصغيرة، التي يبينها متطوعون توفر للمتشردين، وخاصة النساء منهم، فرصة للعيش في غرف خاصة بعيدا عن حياة التشرد.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Wendt
وأخيرا أصبحت آنا تتوفر على مأوى، بعد أن كانت تقضي ليلها ونهارها في العراء. بالرغم من أن غرفة آنا لا تتعدى سبعة متر مربع إلا أنها تتسع للأغراض الأساسية مثل السرير وخزانة الملابس وطاولة. الفضل في ذلك يرجع إلى مشروع مشترك بين كاريتاس (منظمة إغاثة كاتوليكية) و جامعة هامبورغ التطبيقية. تسع نساء يستفدن حاليا من هذا المشروع الذي يوفر لهن مأوى خاص في حاويات سكنية، بعد أن كن ينمن في الشوارع.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Wendt
تقع الحاويات السكنية التي أنشأتها منظمة كاريتاس في وسط جامعة هامبورغ للعلوم التطبيقية. وكانت الحاجة ماسة لإنشاء مثل هذه المآوي السكنية الخاصة بالنساء بالنظر للصعوبات التي تعاني منها السيدات بدون مأوى، حيث يكن باستمرار عرضة للعنف والاستغلال الجنسي. وتوجد في هامبورغ وحدها أكثر 2000 سيدة بدون مأوى.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Wendt
فطور مشترك في الصباح: تتولى أخصائية اجتماعية بالتعاون مع طلبة من شعبة العمل الاجتماعي، رعاية السيدات اللواتي يعشن في هذا المأوى الخاص طيلة أيام الأسبوع، كما يرافق الطلبة ساكنات المأوى إلى الدوائر الحكومية ، والهدف من ذلك هو مساعدتهن لحصول على سكن دائم. بيد أن غلاء أسعار الإيجار تجعل من ذلك هدفا صعب المنال.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Wendt
Sie bietet Härtefällen eine Heimat
حسب أندريا هينوبيك، التي تترأس قسم "الحد الأدنى من المعيشة" في منظمة كاريتاس، فإن النساء يعشن في هذا المأوى المؤقت حوالي ثلاث سنوات، وتقول هينوبيك، التي تعمل أيضا محاضرة في جامعة هامبورغ "نستقبل في المأوى نساء ليست لديهن أي إمكانية للسكن في مكان آخر أو اللواتي تم طردهن من سكنهن لسبب أو لأخر". وكثيرا ما تؤدي الإصابة بالأمراض أو كثرة الديون إلى فقدان السكن والتشرد.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Wendt
روزن المتحول جنسيا إلى امرأة والبالغ من العمر 34 عاما قدم قبل أعوام من بلغاريا إلى ألمانيا من أجل العمل. لكنه أصيب بمرض، ليجد نفسه في الشارع بدون مأوى. ويواجه المتحولون جسنيا صعوبات في إيجاد سكن لهم مع النساء، كما أنهم لا يشعرون بالراحة عند سكنهم في مآوي خاصة بالرجال. وعن ذلك يقول روزن "هنا يطرح السؤال ماهو معيار تصنيفي كإمرأة حتى أتمكن من السكن في المآوي الخاصة بالنساء؟".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Wendt
هنا أشعر بالآمان، تقول سارة المتحولة أيضا جسنيا لامرأة، سارة البالغة من العمر 39 عاما والمنحدرة من سلوفاكيا عانت كثيرا في حياتها. فعندما كانت طفلة بترت ساقها بسبب حادثة سير، وفي سن الخامسة عشرة دخللت عالم الدعارة. عاشت سارة أعواما كثيرة في الشارع، والآن بفضل مشروع كاريتاس وجامعة هامبورغ أصبحت لديها غرفتها الخاصة.
صورة من: picture alliance/dpa/G. Wendt
جولانا السلوفاكية تعيش أيضا في الحاويات السكنية. وشأنها شأن باقي السيدات هناك لا تتلقى أي مساعدات اجتماعية من الدولة. فمشروع الحاويات السكنية هذا مخصص للنساء اللواتي يصعب عليهن الحصول على المساعدات العادية، بسبب إصابتهن بأمراض عقلية أو بسبب الإدمان أو الدعارة أو بسبب عدم صدور قرار نهائي بشأن إقامتهن في البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Wendt
فكرة إنشاء مآوي صغيرة للمتشردين موجودة أيضا في مدن ألمانية أخرى مثل كولونيا. ففي أحد الأيام تفرج المصور سفين لوديك على تقرير تلفزيوني من الولايات المتحدة الأمريكية حول بناء منازل خشبية للأشخاص بدون مأوى. فبادر مباشرة بعدها لشراء معدات وشرع في بناء مآوي صغيرة للمتشردين في مدينة كولونيا. وعن ذلك يقول لوديك "الهدف هو إعادة الناس إلى الحياة الطبيعية".
صورة من: DW/K. Brady
يستخدم لوديك فناء منزله كورشة لإنشاء المآوي الصغيرة. وتبلغ تكلفة بيت خشبي واحد 600 يورو إضافة إلى تكاليف النقل. ويحق للأشخاص الذين سيسكنون في هذا المزل مستقبلا أن يشاركوا في تجهيزه، كاختيار لون الصباغة ونوع السقف وشكل النوافذ. ولتسهيل عمله في هذا المشروع قام لوديك بتأسيس جمعية ويعتمد في تمويل المشروع على التبرعات.
صورة من: DW/S. Lüdecke
قضى بيتر 17 عاما في الشوارع بدون مأوى، والآن انتقل مع كلبه للعيش في منزل خشبي صغير. ويقول لوديك الذي يرجع له الفضل في حصول بيتر على مأوى "لقد بكى من شدة الفرح". توجد في مدينة كولونيا 25 وحدة سكنية على شكل بيوت خشبية صغيرة وتوجد وحدات سكنية مشابهة أيضا في نورنبيرغ وبرلين. للإشارة فإن سلطات المدينة لا تتحمس كثيرا لمثل هذه المآوي المؤقتة وتفضل تحويل المتشردين إلى مراكز الإيواء الخاصة.