"المهربون يبيعون الأمل"
٣١ أغسطس ٢٠١٥ DW: السيد دي نيكولا، كلنا مصدومون من الحادثة المروعة في النمسا، بعد العثور على جثث لـ71 لاجئا يرجح أن غالبيتهم سوريين في شاحنة على الطريق السريع. لكن هذا لا يثير الدهشة، أليس كذلك؟
أندريا دي نيكولا: لا هذا ليس مدهشا على الإطلاق. هذه فقط واحدة من الطرق التي يسلكها مهربو البشر. المشكلة أننا في الوقت الذي نوجه فيه أنظارنا إلى البحر المتوسط، يطور المهربون وسائلهم ويسلكوا طرقا جديدة. إننا نتعامل مع تجارة إجرامية ضخمة تعمل على اليابسة وفي البحر والجو.
حين تتحدث الشرطة عن اعتقال ثلاثة من مهربي البشر في المجر، هل يتعلق الأمر هنا بزعماء الشبكة؟
أنا لا أعرف ما إذا كان الثلاثة المعتقلون قادة أم لا. في تجارة تهريب البشر تعمل عادة عدة مجموعات إجرامية وبأحجام مختلفة مع بعضها البعض وهم في حركة دائمة. مهربو البشر الذين نعتقلهم على الحدود هم "أسماك صغيرة"، أما "الأسماك الكبيرة" فهي تعمل في الخلفية، ما يعني أننا لا نستطيع الحديث عن نجاح كبير حين نلقي القبض على سائق شاحنة وندينه.
نحن إذن أمام تجارة كبيرة، هل يمكن تحديد عدد الأشخاص المهرَبين أو المبالغ التي تمّ جنيها من عمليات التهريب؟
تقديرات الأمم المتحدة تتحدث عن 10 مليارات دولار. ونحن نقدّر وبناء على أبحاثنا أن المهربين يحصلون على 600 – 800 ألف دولار من تهريب البشر عن طريق البحر المتوسط فقط. هنا نتحدث عن آلاف "الزبائن"، وأعتذر عن استخدام هذا المصطلح، لكن المهربين الذين تحدثنا إليهم استخدموا مصطلح الزبائن.
يميل السياسيون إلى استخدام مصطلح تجار البشر لوصف المهربين الذين لا تعني حياة اللاجئين شيئا بالنسبة إليهم، لكن اللاجئين يحتاجون إلى المهربين للوصول إلى أوروبا، ومن هذا المنطلق فهم "زبائن"، أليس كذلك؟
بالضبط هذه هي المشكلة. تحدثنا مع لاجئين ومهربين. المهرب يقول: "أنا الوحيد الذي يستطيع مساعدة هؤلاء الفقراء. أنا أبيعهم الأحلام. أنا أبيعهم الأمل. أعرف أن بعضهم يموت، لكن ليس لهم غيري". وحين نتحدث مع لاجئي حروب ولاجئين لأسباب اقتصادية، فإنهم يقولون: "إذا بقيت في وطني سأموت. وفقط حين أقبل خدمات هؤلاء المهربين يصبح لدي فرصة. أعرف أنني ربما قد أموت أثناء التهريب، لكن هذا يبقى أفضل من أن أموت في وطني. وكيلي إنسان طيب". أنا لا أنكر أن هذه التجارة تتسم بالعنف وأن المهربين أناس مجرمون، لكن المهم هو أن هذا سوق مدعوم بكثرة الطلب عليه من أناس يائسين.
مشكلة اللاجئين هي أنهم، ورغم حقهم بتقديم طلب لجوء سياسي في بلادنا، يلجأون إلى خدمات المهربين. وهذا أمر علينا إعادة النظر فيه. نحتاج إلى حلول جديدة، فبينما نحن نتفاوض يستمر تهريب البشر. وفي الحقيقة ليس لدينا وقت نضيعه في النقاش.
لكن ماذا تستطيع أوروبا أن تفعله، فلا يمكنها فتح الحدود للجميع؟
نحن حاليا لا نفعل الكثير. المهربون يستغلون بطء أوروبا وضعفها. حين تحدثنا مع المهربين ضحكوا ساخرين من أوروبا. قالوا لنا: "جدرانكم هي فرصة عملنا". أنا لا أقول إن علينا فتح الحدود، لكن هناك منطقة وسطى بين "فتح كل الحدود" و"إغلاق كل الحدود".
هل يعني ذلك إغلاق الثغرات مقابل تسهيل عملية الدخول إلى أوروبا لبعض اللاجئين؟
نعم. الناس الذين لديهم الحق بالذهاب إلى أوروبا سيفعلون ذلك. وسنمنحهم اللجوء السياسي لمن له الحق في ذلك.
هل تقصد بذلك السوريين على سبيل المثال؟
نعم، سوريون وإريتريون وصوماليون وأفغان. هؤلاء يستحقون اللجوء ويحصلون عليه أيضا. ورغم ذلك يلجأون إلى المهربين. لماذا إذن لا نسحب البساط من تحت أقدام المهربين ونسمح لهؤلاء بالدخول؟
أندريا دي نيكولا خبير في علم الإجرام بجامعة ترينتو الإيطالية وله أبحاث في تهريب البشر.