تفشي المشاكل النفسية بين اللاجئين وأطفالهم في ليسبوس
١٦ نوفمبر ٢٠٢٠
بعد معاناة مريرة جراء التشرد وأهوال الهجرة ظهرت على معظم اللاجئين في مخيم جديد في جزيرة ليسبوس، أعراض أمراض نفسية مزمنة، يعاني منها على وجه الخصوص الأطفال الوحيدون. الأطباء ينبهون لضرورة الاعتناء بهم وإنقاذهم.
إعلان
في مخيم جديد للاجئين مقام على أراضي جزيرة ليسبوس، تؤكد نور البالغة من العمر 17 عاماً من سوريا، أنه عندما اشتعلت النيران في موريا في سبتمبر/أيلول الماضي، طلبت من والدتها أن تتركها هناك لتموت. وعلى غرار عدد متزايد من الأطفال والشباب في مخيمات اللاجئين في الجزيرة، تتناول نور مضادات للاكتئاب.
مشاكل مزمنة
في الأسابيع التي تلت تدمير مخيم موريا، نُقل تقريبا جميع القاصرين غير المصحوبين، أي الأطفال الذين يسافرون دون والد أو وصي، إلى خارج الجزيرة. بيد أن بعض الأطفال تُركوا في الجزيرة، بالإضافة إلى وجود أطفال قاصرينفي الجزر المجاورة.
ووفقاً لغريك كافرانوس، وهو طبيب نفسي يعمل مع منظمة أطباء بلا حدود الخيرية الطبية التي تعمل مع طالبي اللجوء في ليسبوس، فإن الأطفال هم من بين أكثر الفئات عرضة لبقاء الآثار الصحية عليهم، وبالتالي استمرار معاناتهم لسنوات.
ويوضح الطبيب لموقع مهاجر نيوز "الأطفال مرنون ويمكنهم أحيانا التحمل، لكنهم أيضًا في هذه المرحلة يطورون شخصيتهم"، ويتابع وإذا كان عليهم أن يمروا بتجارب مؤلمة في هذا العمر، فإن هذه التجارب ستشكل شخصيتهم في المستقبل، وستترك هذه المشاكل آثارها عليهم طويلا. ويقول "نحن نخلق جيلاً من الأطفال الذين سيُعتمدون على الأدوية النفسية لبقية حياتهم."
ويشعر الأطفال في المخيم على نحو متزايد بالاكتئاب. وقال كافرانوس إن رؤيتهم لآبائهم محاصرين وغير قادرين على اتخاذ القرارات أو اتخاذ إجراءات، يصيب الأطفال باليأس. ويقول "إذا كان الطفل في الثامنة من عمره يشعر باليأس والاستسلام، فكيف سيكون التأثير على من هم أكبر منه مثلا 12 أو 16 عاما. وإذا كان الطفل في الثامنة عليه تناول أدوية للعلاج النفسي، فكيف يمكن أن تكون حالته عندما يكبر، وأية أعراض قد ترافقه؟
ويقول الطبيب أنه عندما تنشأ مشكلة نفسية نتيجة للصدمة، فإن هذه المشكلة النفسية ستصبح مزمنة للفرد في حال عدم معالجتها بنجاح.
أصبحنا مرضى بعد قدومنا للجزيرة
كريمة، من أفغانستان، تتناول أيضا أدوية لعلاج الإكتئاب، كما تعاني من الأرق وصعوبة في النوم. كان معظم أفراد عائلتها، بمن فيهم حفيداتها، في الثانية والثالثة، على متن قارب قادم من تركيا غرق في بحر إيجه. تم إنقاذهم ونقلهم إلى ليسبوس. عاشوا لمدة عامين تقريبًا في مخيم موريا. يقول ابن كريمة لموقع مهاجر نيوز إن الوضع يزداد سوءا، هنالك مشاكل مستمرة بين اللاجئين، هناك من مات، وهناك من غرق، وهناك من قتل، ويتابع: نحن لا ننام، التفكير يرهقنا، ونعاني من مخاوف ومشاكل نفسية عديدة. ويقول لم نكن هكذا في السابق، تغيرنا بعد مجيئنا إلى هنا".
ابنة كريمة ، وهي والدة لفتاتين صغيرتين، أصبحت مريضة لدرجة أنها حاولت الانتحار بجرح يدها. الأم درست القانون في أفغانستان وقتل زوجها في الحرب هناك.
طالب لجوء شاب آخر في المخيم، ويدعى أحمد (اسم مستعار)، يبلغ من عمر 25 عامًا. وسافر وحده من أفغانستان إلى اليونان. يقول إنه حاول الانتحار مرتين، ولولا أصدقائه، لكان نجح في قتل نفسه.
نقل اللاجئين هو الحل الوحيد
وفقاً لمسؤولة في لجنة حقوق الإنسان مارثا روسو: تحاول لجنة الإنقاذ الدولية، التي تقدم الدعم في مجال الصحة النفسية لطالبي اللجوء في ليسبوس، مساعدة المهاجرين في تقديم المشورة والأدوية. ولكن الحل لتحسن صحة هؤلاء الأشخاص، "هو إخراجهم من الحالة المؤلمة التي يعيشون فيها" تقول روسو لموقع مهاجر نيوز.
وتوضح روسو "بغض النظر عن كمية الدواء أو العلاج النفسي الذي تعطيه للشخص المصاب بصدمة، فإن علاجه صعب، وتكون أنت مهما حاولت مساعدته في غالب الأحيان متأخرا بخطوة". وتقول "لا أستطيع أن أفعل أي شيء ممن يعانون الصدمة جراء ما يعيشونه، لا أستطيع أن أقول للشخص: "لا بأس، الأمور ستتحسن"، لأنني لا أعرف ما إذا كانت الأمور ستتحسن بالنسبة لهم".
في اليونان، يمكن الاتصال بخط المساعدة لمنع الانتحار عبر الهاتف على هذا الرقم: 1018. يمكنك أيضًا العثور على مزيد من المعلومات عبر هذا الرابط http://suicide-help.gr
تعرض مخيم اللاجئين موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية للحريق، وقد أصبح الوضع في المخيم المكتظ في غاية الحرج. لكن حتى قبل الحريق كان الوضع مأساويا في أكبر مخيم للاجئين في أوروبا.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Balaskas
ليلة الحرائق
في ليلة الأربعاء (9 سبتمبر 2020) اشتعلت حرائق في مخيم اللاجئين موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية وفي عدة مواقع. ولذلك هناك فرضية أن الحرائق اُضرمت عن قصد. بعض سكان المخيم تحدثوا عن إحراق متعمد من طرف سكان محليين. وهناك تقارير تفيد بأن لاجئين هم الذين أضرموا النيران.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Lagoutaris
على قارعة الطريق
تمكن سكان مخيم اللاجئين المكتظ من النجاة بحيث لم يُسجل موتى ولا مصابون. وحسب وسائل إعلام يونانية، فإن الكثير من الأشخاص لجأوا إلى مرتفعات وغابات بالقرب من المخيم. وتفيد تقارير مساعدين بأن آلاف الأشخاص تائهون في الشوارع ولا يوجد طعام ولا ماء وتعم الفوضى.
صورة من: Imago Images/Xinhua/P. Balaskas
فقدان مقومات الحياة
أُقيم المخيم لاحتضان 2800 شخص. وإلى حين نشوب الحرائق كان يعيش هناك نحو 12.600 لاجئ. وحتى قبل الحريق كانت ظروف الحياة كارثية. وعندما ننظر إلى هذه الصورة بعد الحريق، يظهر بسرعة جليا أنه في المستقبل القريب لا يمكن توفير حياة كريمة في المخيم.
صورة من: Reuters/E. Marcou
قريبا من تركيا
مخيم اللاجئين موريا يقع في شرق الجزيرة اليونانية ليسبوس. ولا يبعد عن الشواطئ التركية سوى نحو 15 كلم. وليسبوس هي ثالث أكبر جزيرة في اليونان وبها حوالي 90.000 نسمة. وحوالي 38.000 شخص يعيشون في عاصمة الجزيرة ميتيليني البعيدة فقط بضعة كيلومترات من موريا.
إخفاء معالم صورة المخيم على غوغل
من يرغب في مشاهدة مخيم اللاجئين موريا على خريطة غوغل من الجو فلا يسعفه الحظ. فصورة المخيم برمته تم إخفاء معالمها ولا يمكن التعرف عليه من خلالها. وردا على سؤال من دويتشه فيله DW قال موقع غوغل بأنه ليس هو من يقوم بحجب الصور، بل جهات ثالثة تنجز صور الأقمار الصناعية. ولا يُعرف لماذا تم إخفاء معالم صورة المخيم.
صورة من: 2020 CNES/Airbus, European Space Imaging, Maxar Technologies
المخيم بصورة جوية
هذه الصورة من الجو تكشف بأن المخيم توسع بشكل ملحوظ، ففي الوقت الذي يظهر فيه على صورة الأقمار الصناعية لخريطة غوغل أن المنزل بالسطح الأحمر لم يكن جزءا من المخيم، يبدو في الصورة الجوية أن المخيم يتوسع بشكل تدريجي ليشمل البناء المذكور.
صورة من: DW/D. Tosidis
نظرة إلى الماضي
تم التقاط صور لمنطقة المخيم في ديسمبر/ كانون الأول 2011. حينها لم يكن هناك مخيم موريا أو أي مخيم آخر. وعوضا عن ذلك كان هناك منشأة عسكرية. واعتبارا من أكتوبر 2015 تم في الموقع تسجيل طالبي لجوء قبل نقلهم إلى البر اليوناني.
صورة من: 2020 Google
البقاء في المخيم يطول منذ الاتفاق مع تركيا
في الوقت الذي ينبغي فيه بقاء المهاجرين في المخيم لوقت قصير ـ هذه الصورة تعود لأكتوبر 2015 ـ يستمر بقائهم في المخيم مع الاتفاقية الأوروبية التركية منذ مارس/ آذار 2016. ومنذ ذلك الوقت ينتظر طالبو اللجوء هنا توزيعهم على دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أو ترحيلهم.
صورة من: DW/D. Cupolo
الانتظار والانتظار ثم الانتظار...
بعد الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لم يعد بوسع المهاجرين الانتقال إلى الأراضي البرية اليونانية، لأن تركيا لن تعيد استقبالهم في حال وصولهم إليها. وبما أن بلدان الاتحاد الأوروبي غير متحدة فيما يخص إيواء المهاجرين، فإنهم يبقون طويلا في المخيم. ويوجد الكثير من الجنسيات في ظروف سيئة وفي مجال ضيق، وعليه لا عجب أن تحصل توترات.
صورة من: DW/D. Cupolo
عندما تتفجر التوترات
تفجرت التوترات منذ سبتمبر/ أيلول 2016 في مواجهات عنيفة أدت أيضا إلى إضرام نيران. وحينها كان يوجد "فقط" نحو 3000 مهاجر في المخيم. يومها تم تدمير أجزاء كبيرة في المخيم. وبعد أشهر قليلة من ذلك الحريق أضرم مئات المهاجرين النار في حاويات مؤسسة اللجوء الأوروبية احتجاجا على الفترة الزمنية الطويلة لمعالجة الطلبات في المخيم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schwarz
نيران وموتى
في سبتمبر/ أيلول 2019 حصل حريق إضافي كبير. حينها اشتعل بستان زيتون وفي الأثناء توسع المخيم على أرضه. وبعد 20 دقيقة من حادث البستان اشتعل حريق إضافي داخل المخيم أدى إلى وفاة شخصين: امرأة ورضيعها. وفي ذلك الوقت كان يقيم في المخيم أكثر من 12.000 شخص.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
قطع زيارة مسؤول ألماني
في أغسطس من العام الجاري زار أرمين لاشيت، رئيس وزراء شمال الراين وستفاليا، أكبر ولاية من حيث عدد السكان في المانيا موريا. وكان ينوي في الحقيقة معاينة ما يُسمى الجانب العشوائي خارج المخيم. ولأسباب أمنية تم شطب هذه الزيارة من البرنامج. قبل ذلك تشنجت الأجواء وحصلت هتافات تدعو إلى "تحرير موريا".
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Hülsmeier
والآن ماذا سيحدث؟
مخيم مكتظ وظروف عيش مخيفة وتوترات عرقية، ثم ظهرت حالات كورونا الأولى. إنه وضع كارثي. كان هذا حتى قبل الحريق. فهل يعني الحريق الأخير زوال المخيم أم تشكل الكارثة نقطة تحول نحو توفير متطلبات حياة كريمة؟ إلى حد الآن لا أحد يمكنه الإجابة على هذا السؤال.