في مراكش.. أسوار ومساجد ومنازل تاريخية دفعت ضريبة الزلزال
١٠ سبتمبر ٢٠٢٣
من الأسوار العائدة إلى القرن الثاني عشر ومسجد الكتبية التاريخي، تعرضت المدينة القديمة في مراكش ومواقعها المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي إلى أضرار بسبب الزلزال العنيف الذي ضرب هذه المنطقة السياحية المغربية.
إعلان
في المدينة القديمة لمراكش الممتدة على مساحة 700 هكتار، بدت الأضرار مروعة في بعض الأماكن جراءالزلزال حيث دُمّرت مساكن، وارتفعت بعض أكوام الركام لأمتار عدة في الأزقة.
وتهدّم جزء من الأسوار العائدة للقرن الثاني عشر المحيطة بالمدينة التي بنتها سلالة المرابطين نحو عام 1070.
وضربت فاطمة السنوسي بيدها المتجعدة على جدران منزلها الذي قاوم الزلزال في حين لم تصمد عشرات أخرى. وعملت المرأة البالغة 68 عاماً على كنس الحجارة والركام من أمام القوس المؤدي إلى منزلها المتواضع، مرتدية عباءة صفراء وواضعة وشاحاً أسود على رأسها.
ويقع إقليم الحوز حيث مركز الزلزال على بعد حوالى 70 كيلومترا جنوب غرب هذه الدرة السياحية الغنية بتراثها المعماري في وسط المغرب.
وقال المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو في المغرب العربي إريك فالت "بعد كارثة كهذه، يكون الحفاظ على حياة البشر الأمر الأهم. ولكن علينا أيضًا أن نخطط على الفور للمرحلة الثانية، والتي ستشمل إعادة بناء المدارس والأماكن الثقافية المتضررة من الزلزال".
ومراكش مليئة بالمواقع المُدرجة منذ العام 1985 على قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو).
وعلى سبيل المثال، فإن ساحة جامع الفنا الشهيرة بسحرة الثعابين وبائعي الحناء، مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وعلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية. وبعد ساعات قليلة من وقوع الزلزال العنيف، عاين فريق من الأمم المتحدة برئاسة فالت الأضرار لمدة ساعتين في المدينة القديمة.
وأضاف فالت "يمكننا أن نقول بالفعل إن الأضرار أكبر بكثير مما توقعنا. لاحظنا تشققات كبيرة في مئذنة (جامع) الكتبية البناء الأكثر شهرة، ولكن أيضًا التدمير شبه الكامل لمئذنة مسجد خربوش" في ساحة جامع الفنا. وعلى بعد أمتار قليلة من هذا المسجد ذي الجدران المتصدّعة، جلس تجار على كراس ينتظرون زبائن، وفي الجانب الآخر من الشارع استقبل مقهى يعود لستينات القرن الماضي زبائن رغم امتداد صدع كبير على أحد جدرانه الداخلية.
وتابع فالت "المنطقة الأكثر تضرراً بوضوح هي الملاح (حي يهودي سابقاً) حيث دمار المنازل القديمة هو الأكثر ترويعاً". هناك، تحولت منازل من طابق واحد مبنية بحجارة تتخذ لوناً وردياً تحت أشعة الشمس، إلى ركام. ووضعت قضبان حديد أو دعامات مؤقتة للجدران المنهارة.
وفي حين استفادت مواقع تاريخية في السنوات الأخيرة من عمليات ترميم وخبرة محترفين واستخدام تقنيات موروثة عن الأجداد في طلاء الجير الذي تشتهر به مراكش، فإن هذا ليس حال كل المباني في المنطقة.
وقال سيلفان شرودر من حي دوار كراوة "هناك فوارق كبيرة". ويملك هذا الفرنسي رياضات (منازل مغربية تقليدية) التي ساهمت بدورها في إضفاء سحر على المدينة السياحية. ويتعارض هدوء باحته والزليج ذو الألوان الزاهية مع خراب المنازل الفقيرة المجاورة.
وأشار شرودر إلى الجدران والعوارض وشجرة الليمون قائلاً "تحركت المياه في البركة (أثناء الزلزال)، لكن هذا كل شيء، الباقي سليم".
وقال "توجد هنا خرسانة مسلحة، كما في العديد من الرياضات التي جُدّدَت مؤخرًا، وقد تم تعزيز الهيكل". وفي الجانب الآخر من الزقاق، يقع مبنى سكني ذو جدران واسعة آيلة للسقوط. وأكد شرودر أن "مع هطول الأمطار، فإنها مهدّدة بالانهيار مثل بيت من ورق".
ع.ش/ أ.ح (أ ف ب)
بالصور: وجع ودمار.. زلزال القرن المدمر في المغرب
يسابق رجال الإنقاذ المغاربة بدعم من فرق أجنبية الزمن للعثور على ناجين وتقديم المساعدة للمشردين الذين فقدوا منازلهم بعد أكثر من 48 ساعة على الزلزال المدمر الذي خلف آلاف القتلى والجرحى.
صورة من: PHILIPPE LOPEZ/AFP
عملية انتشال الجثث مستمرة في إقليم الحوز جنوب المغرب بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة وأودى بحياة أزيد من 2400 شخص وخلف أكثر من 2470 جريح حتى ظهر الاثنين (11 أيلول/سبتمبر 2023). هنا في قرية تافغاغت الجبلية جنوب غرب مدينة مراكش ينتشل أفراد الجيش المغربي جثة لأحد ضحايا الزلزال.
صورة من: Fadel Senna/AFP/Getty Images
حزن وألم على فراق الأحباب الذين قضوا في الزلزال. هنا في قرية إيمي نتالا بالقرب من أمزميز في وسط المغرب تبكي هؤلاء النسوة فقدان أفراد عائلتهن بعد انتشالهم من تحت الأنقاض. من بين الضحايا سيدة فقدت زوجها وأولادها الأربعة، لتصبح بين عشية وضحايا وحيدة بدون زوج وأولاد.
صورة من: FADEL SENNA/AFP
تخوض فرق الإنقاذ سباقاً مع الزمن للعثور على ناجين بين الأنقاض بعد أكثر من 48 ساعة على الزلزال الذي خلف أكبر عدد من الضحايا في المغرب خلال أكثر من ستة عقود. والتحدي الأكبر هو صعوبة التضاريس في الكثير من المناطق التي وقع فيها الزلزال مما يعقد من عملية الوصول إلى الضحايا.
صورة من: Nacho Doce/REUTERS
عناصر من فرق الإغاثة من إسبانيا يتفقدون أنقاض مبنى في بلدة مولاي إبراهيم، على بعد 55 كيلومتراً جنوب مراكش وبالقرب من مركز الزلزال الذي وقع الجمعة الماضية، والتي طالت عدة أقاليم في جنوب البلاد. قبل المغرب لحد الآن عروض مساعدة من أربعة دول فقط وهي إسبانيا وبريطانيا والإمارات وقطر.
صورة من: Maria Traspaderne/Agencia EFE/IMAGO
مئات الأشخاص في مراكش والنواحي قضوا لياليهم في العراء خوفاً من هزات أرضية ارتدادية بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة وتسبب في تشرد الكثيرين بعد فقدانهم لمنازلهم. تواصلت الهزات الارتدادية بجهة مراكش بعد الزلزال العنيف الذي بلغ 7 درجات على مقياس ريختر، وفق ما سجلته الشبكة المغربية لرصد الزلازل.
صورة من: Fadel Senna/AFP/Getty Images
صرخة ألم وحزن من سيدة تعرض منزلها لضرر كبير بسبب الزلزال بالمدينة القديمة في مراكش. هذا الجزء من المدينة والمصنف ضمن التراث العالمي لليونيسكو لم يسلم من الزلزال وتعرضت أجزاء كبيرة منه للدمار.
صورة من: Fadel Senna/AFP/Getty Images
ألحق الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب أضرارا بالغة بمسجد تينمل أحد أهم المواقع التاريخية في جبال الأطلس الكبير. ورداً على سؤال لرويترز عن الأضرار التي لحقت بالمسجد، قال مصدر بوزارة الثقافة المغربية إن الوزارة قررت ترميمه وستخصص ميزانية له دون الخوض في تفاصيل. وبُني المسجد الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر في أحد أودية جبال الأطلس، حيث أقامت دولة الموحدين عاصمتها الأولى.
صورة من: Stefan Kiefer/imageBROKER/picture alliance
العشرات من الأشخاص يتجمعون أمام مركز للمستعجلات في المدينة القديمة بمراكش في انتظار التعرف على مصير ذويهم. وسجل أكثر من نصف القتلى في قرى إقليم الحوز الجبلية. ويمتد هذا الإقليم في معظمه على جبال الأطلس الكبير محتضناً العديد من القرى النائية في الغالب، وسط تضاريس وعرة، ومعظم بيوتها تقليدية ليست مقاومة للزلازل.
صورة من: Abdelhak Balhaki/REUTERS
نساء يطبخن داخل خيمة نزحن إليها في بلدة أمزميز، بالقرب من مراكش خوفا من الهزات الارتدادية التي تلت الزلزال المدمر. وتقرّر تعليق الدراسة في 42 جماعة (دائرة) في الأقاليم التي ضربها الزلزال اعتباراً من الاثنين، وفق ما أعلنت وزارة التربية الوطنية الأحد.
صورة من: Mosa'ab Elshamy/AP/picture alliance
يأخذ بعض المتطوعين قسطاً من الراحة لتناول بعض الطعام قبل مواصلة المساعدة في أعمال الإغاثة على أمل العثور على أحياء تحت الأنقاض. وهو أمل يتضاءل مع الوقت بسبب الصعوبة في الوصول إلى الأنقاض خاصة في المناطق الجبلية.
إعداد: هشام الدريوش