1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قانون الحشد الشعبي تحرير للعراق من نفوذ طهران أم تكريس له؟

٢٧ أغسطس ٢٠٢٥

أثار قانون تنظيم الحشد الشعبي وإدماجه ضمن مؤسسات الدولة الجدل في الشارع والانقسام داخل البرلمان. يرى البعض أن من شأن القانون ضبط إيقاع الحشد، فيما يعتقد البعض الآخر أنه سيكون حجر الأساس "لما يشبه الحرس الثوري الإيراني".

عناصر الحشد الشعبي (أرشيف)
يضم الحشد الشعبي حوالي 200 ألف عنصرصورة من: AHMAD AL-RUBAYE/AFP/Getty Images

بعد جدل ماراثوني دام لأشهر، وصل قانون الحشد الشعبي إلى أروقة البرلمان العراقي لتبدأ خلافات وانقسامات كبيرة تحت قبة البرلمان.

وفي حال إقراره، يتوقع منتقدوه عواقب وخيمة، فيما استبقت وزارة الخارجية الأمريكيةذلك بالتحذير من أن التشريع "سيجعل الجماعات الإرهابية المسلحة التي تقوض سيادة العراق جزءا من الجيش العراقي".

في المقابل، يرى مؤيدو مشروع القانون أن الأخير سيكون بمثابة وسيلة لإعادة دمج فصائل الحشد في مؤسسات الدولة.

وفي هذا السياق، قال ريناد منصور، مدير مشروع "مبادرة العراق" في مركز "تشاتام هاوس" البريطاني، إن التشريع قد يسمح للعراق بالتحرر أخيراً من نفوذ إيران المستمر منذ عقدين من الزمن على سياسات العراق.

لماذا الجدل؟

ولا يعد التشريع وليد اللحظة، بل هو امتداد لقانون جرى إقراره عام 2016، والذي مكن من انضمام فصائل الحشد إلى القوات المسلحة العراقية.

وتشكلت فصائل الحشد الشعبي لأول مرة عام 2014 في أوج محاربة تنظيم داعش. ومنذ ذلك الحين، أصبحت فصائل الحشد الشعبي عنصر قوة في النظام العراقي، لكنها تعمل ضمنياً بشكل مستقل عن الدولة، بينما يقول مراقبون إن ولاء هذه الفصائل لإيران نظراً للدعم المالي واللوجستي والمعنوي الذي تقدمه.

ويُنظر إلى فصائل الحشد باعتبارها جزءا مما يعرف "بمحور المقاومة" الإيراني، والذي يضم حزب الله  و الحوثيين و حماس.

ويرى بعض العراقيين أن ولاء فصائل الحشد لإيران يمثل مصدر إشكال، خاصة وأن بعض فصائل الحشد شنت هجمات على قواعد أمريكية في العراق و الأردن.

ويهدف التشريع إلى تعديل قانون عام 2016، الذي لم يقدم سوى تعريف محدود لماهية الحشد الشعبي الذي يضم اليوم أكثر من 200 ألف منتسب.

وفي تعليقه، قال علي المولوي، مدير شركة هورايزون الاستشارية  Horizon Advisory ومقرها لندن، إن الغموض بشأن التسلسل القيادي داخل فصائل الحشد، والرقابة على الميزانية، والاندماج في إطار الأمن الوطني، هي مصادر توتر مستمرة. وأضاف في تقرير نشره "مركز ستيمسون" Stimson center في واشنطن أن مشروع القانون الجديد يسعى إلى معالجة الثغرات السابقة من خلال وضع معايير أوضح لدور قوات الحشد الشعبي داخل الدولة العراقية.

ولم ترشح تفاصيل كثيرة عن المشروع، لكن مسودته تقترح إنشاء أكاديمية عسكرية خاصة بالحشد الشعبي، بالإضافة إلى استقلال مالي لهذه المؤسسة، وفقا لتقرير برلماني أعدته لجنة الأمن والدفاع ونشر في وسائل إعلام رسمية. كما رشح أن القانون سيمنح رئيس هيئة الحشد الشعبي صلاحيات أوسع، مما يسمح له بتوجيه العمليات دون الرجوع إلى سلطات أخرى.

وسيُضفي القانون الجديد شرعية أكبر على كيان تجاري مرتبط بالحشد الشعبي، وهو شركة المهندس العامة للإنشاءات والهندسة والمقاولات الميكانيكية والزراعية والصناعية. ويقول مراقبون إن الشركة، التي أُنشئت قبل عامين، تورطت في عمليات استيلاء على أراض، وتحظى بمعاملة تفضيلية في العقود الحكومية. ويبدو أن لاسمها علاقة بـ "أبي مهدي المهندس" الذي قتل بغارة أمريكية رفقة قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، عام 2020.

يقول خبراء إن قضية ولاء فصائل الحشد إلى إيران تمثل إشكالية لجهود دمج الفصائل في مؤسسات الدولية.صورة من: Iranian Supreme Leader's Office via ZUMA Press Wire/picture-alliance

ما حجج معارضي القانون؟

يشير منتقدو التشريع إلى أوجه تشابه بين الحشد الشعبي و الحرس الثوري في إيران المجاورة.

فمنذ تأسيس الحرس الثوري في إيران إبان الثورة الإيرانية عام 1979، ازدادت قوة الكيان الذي بات يعمل بشكل منفصل عن الجيش الإيراني.

وفي هذا السياق، قال مايكل نايتس، الباحث المتخصص في الشأن العراقي في معهد واشنطن، إن التشريع الجديد سوف يجعل من الحشد الشعبي قوة مسلحة موازية مخولة بفعل ما يراه قادتها مناسباً. وأضاف أن التشريع سوف يجعل من الحشد مؤسسة أشبه بوزارة ذات صلاحيات كاملة، وسيكون من الصعب خضوعها لأي عملية إصلاحية، ناهيك عن إمكانية حلها.

وتعارض الولايات المتحدة التشريع؛ إذ قالت الخارجية: "ندعم السيادة العراقية الحقيقية وليس التشريعات التي من شأنها أن تحول العراق إلى دولة تابعة لإيران".

وقد ضغطت الولايات المتحدة على السياسيين العراقيين لعدم إقرار القانون، مع التهديد بفرض عقوبات مالية أو تعليق التعاون الأمني، وسط إصرار أمريكي على نزع سلاح الحشد بالكامل. ويمر دخل النفط العراقي عبر البنوك الدولية، وقد تُعيق الولايات المتحدة الوصول إليه. ويُعتقد أن وجود القوات الأمريكية في العراق منع إسرائيل من قصف البلاد.

كيف يرد المؤيدون؟

وأثار ذلك ردود فعل من ساسة العراق ممن يؤيدون التشريع، وعلى رأسهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث أشاروا إلى أن القانون الجديد ليس سوى وسيلة للسيطرة على الحشد الشعبي.

وفي معرض حديثه، قال علي المولوي، مدير شركة هورايزون الاستشارية  Horizon Advisory إن دعوات نزع سلاح الحشد أو حل فصائله لا تتسم بالواقعية، بل وتخاطر بتأجيج التوترات الطائفية. وأضاف أن الحشد الشعبي ليس مجرد وكيل إيراني مهيمن ومتماسك بحسب التصور الأمريكي، بل يضم مجموعات عديدة ويمتلك جذوراً عميقة داخل المجتمع العراقي، فضلاً عن أنه لا يعمل خارج التسلسل القيادي للحكومة.

وأشار إعلي المولوي لى أن الحشد بات يعاني من تدهور داخلي، ومن تزايد حالة التشكيك والسخرية العامة، قائلاً: "إذا تُركت فصائل الحشد دون رقابة، فإنها قد تبقى قوة مسيسة ومثيرة للانقسام، وتبقى كذلك عرضة للتلاعب الخارجي".

ويؤكد الباحث أن عملية إصلاح فصائل الحشد تعد ضرورية، لكن يجب أن تكون ذات مغزى: "ينبغي أن يكون الحشد أقل تسييساً، وألا يكون قريباً جداً من إيران، مع ضرورة تطبيق الشفافية بشأن شؤونه المالية، وأن يعود بشكل أساسي إلى هدفه الأساسي الذي تأسس لتحقيقه، ألا وهو حماية العراق من الإرهاب".

ويتزامن هذا مع مساعي السوداني إلى إبعاد العراق عن النفوذ الإيراني، بينما يشير خبراء في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" ECFR إلى إمكانية تحقيقه نجاحات في هذا الصدد مقارنة برؤساء الحكومات السابقة. ويعزو الخبراء ذلك إلى حالة الضعف التي أصابت فصائل "محور المقاومة"، والرغبة في تجنب صدام كبير مع الولايات المتحدة  أو  إسرائيل.

الميليشيات المسلحة.. هل سينتهي عصرها في الشرق الاوسط؟

32:43

This browser does not support the video element.

ويقول خبراء المجلس الأوروبي إنه "بعد أن رصدت فصائل الحشد الدمار الذي لحق بحزب الله، فإنها حريصة على تجنب تعرضها لسيناريو مماثل".

وأشار الخبراء إلى أنه من أجل تجنب حدوث تصادم، فإن أي عملية إصلاح يجب أن تتضمن بعث رسالة لحلفاء إيران المحليين بأنهم لا يواجهون أي تهديد وجودي، وأن هناك مساحة لهم في النظام السياسي.

ويواجه التشريع الجديد رفضاً من النواب السنة و الأكراد على حد سواء، كما لم يحظ بإجماع الأحزاب الشيعية، بحسب ما نقلته فرانس برس عن مسؤول حكومي، ما يجعله عالقاً حتى الآن تحت قبة البرلمان الذي لم يدرجه بعد على التصويت.

ويأتي الحديث عن مشروع القانون مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

في الوقت ذاته، ينظر البرلمان في قانون ثان مواز للقانون الرئيسي، يتعلق بأمور التعيين والترقية والرواتب التقاعدية لمقاتلي الحشد الشعبي.

أعده للعربية: محمد فرحان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW