قانون "مصادرة الأملاك" في سوريا يثير مخاوف اللاجئين
محي الدين حسين
٢٨ أبريل ٢٠١٨
القانون المتعلق بالأملاك والذي صدر في سوريا مؤخرا، يثير جدلا واسعا. ففي وقت يظهر وكأن هدفه إعادة الإعمار، يتخوف لاجئون من أن يؤدي لتجريدهم من أملاكهم، في حين يخشى حقوقيون من أن تكون غايته "مصادرة أملاك" معارضي النظام.
إعلان
قبل سنة ونصف وصل زياد أبو طارق إلى ألمانيا، هارباً من سوريا، خوفاً من أن يلقى مصير أخيه الذي "استشهد تحت التعذيب"، كما يقول لمهاجر نيوز، ويضيف "بعد خروجي من حمص لم يبقَ لوالدتي وأخواتي الاثنتين وعائلة أخي أحد يعيلهم"، ويتابع: "أتواصل معهم ويؤكّدون لي أن الأوضاع في حمص صعبة وليست آمنة لجميع الناس كما يروج النظام".
ويقول إن والدته اضطرت لمغادرة منزلها، لأن الحيّ الذي تسكن فيه "أصبح مكاناً للغرباء"، على حد تعبيره. ويؤّكد اللاجئ السوري الذي يبلغ الرابعة والأربعين من العمر أن إسكان "غرباء" في أحياء مدينته دون علم أهاليها ليس أمراً جديداً ويتابع "حتى بيتي الذي انقصف عام 2013، لا أستبعد أن يعطوه لشخص آخر".
وقد زادت المخاوف لدى أبو طارق من إمكانية "مصادرة ملكية" أرضه، كما يقول، بعد القانون رقم 10 لعام 2018، والذي أصدرته الحكومة السورية، في بداية هذا الشهر نيسان/ أبريل، والذي يلزم مالكي المنازل والأراضي بتقديم ما يثبت ملكيتهم لعقاراتهم خلال مدة تبلغ ثلاثين يوماً، وإلا فإنهم يخسرون ملكيتها.
"عقاب جماعي للمعارضين"
وبالرغم من أن القانون المثير للجدل يسمح "لأقارب أصحاب الحقوق حتى الدرجة الرابعة أو بموجب وكالة قانونية" إمكانية إثبات ملكية العقار، إلا أن ملايين اللاجئين السوريين مهددون بخسارة منازلهم التي تركوها وراءهم بصورة نهائية، وذلك لأن إثبات الملكية يحتاج إلى موافقات أمنية من المخابرات، كما ذكر تقرير لصحيفة تايمز البريطانية، وهو ما لا يمكن للأشخاص المعارضين للحكومة السورية الحصول عليه.
ويؤكد المستشار القانوني في ألمانيا، فواز الرفاعي والذي زاول المحاماة في سوريا لمدة عشرين عاماً، أن القيام بأي إجراءات رسمية في سوريا الآن يحتاج إلى تراخيص من الفروع الأمنية، ويقول لمهاجر نيوز "بالرغم من أن هدف القانون يبدو في الظاهر إعادة إعمار المناطق المتضرّرة أو تنظيم العشوائيات، إلا أن الغاية الأساسية منه هي مصادرة أملاك أيّ شخص معارض"، ويضيف "الخطير في هذا القانون هو نصه المطلق الذي يعطي السلطات إمكانية إعادة توزيع ملكية أيّ عقار في أيّ منطقة من سوريا، لأنه لم يحدّد مناطق التنفيذ".
ويعتقد الرفاعي أن قرار "إلغاء الملكية" ليس سوى تمهيد لقانون آخر وهو "إلغاء الجنسية"، والذي لا يستبعد إصداره قريباً، ويقول "يسعى الأسد من خلال قوانين كهذه إلى تحقيق التجانس الذي يريده في سوريا المفيدة التي ليس فيها مكان لمعارضيه".
ويرى السوري سامي أ. المقيم في برلين أن هذا القانون هو "عقاب جماعي" للمعارضين، ويقول لمهاجر نيوز "بالرغم من أنني أمتلك مع إخوتي بيتاً في دمشق، إلا أننا لا نستطيع أن نذهب لنثبت ذلك، فنحن من المعارضة ولا يمكننا السفر إلى دمشق".
ألمانيا تدين القانون وتطالب بالضغط
قانون "مصادرة الملكية" الذي أصدرته الحكومة السورية، قوبل باستياء كبير من الحكومة الألمانية، حيث عبّرت الخارجية الألمانية عن قلقها الكبير من "محاولات نظام الأسد التشكيك في حقوق الملكية لكثير من السوريات والسوريين الفارين، وذلك عبر قواعد قانونية مريبة"، وذكرت الوزارة أن نظام الأسد يحاول على ما يبدو "تغيير الأوضاع في سوريا على نحو جذري لصالح النظام وداعميه وتصعيب عودة عدد هائل من السوريين".
وقد طالبت الحكومة الألمانية الأمم المتحدة بتبني هذه القضية، داعية في الوقت نفسه "داعمي نظام الأسد، وروسيا في المقام الأول، إلى الحيلولة دون تطبيق هذه القوانين."
ويشير المستشار القانوني فواز الرفاعي إلى إمكانية اللجوء إلى المحاكم ودوائر القرار الأوروبية من أجل أن تقوم بالضغط على حلفاء النظام السوري لإلغاء هذا القانون وتداعياته، مؤكّداً في الوقت نفسه على ضرورة عودة كلّ شخص لا يواجه أية مخاطر أمنية في سوريا إلى بيته، لكي لا يخسره.
وقد صدر القانون المتعلق بـ"تنظيم الملكية" بعد عدة أيام من سيطرة القوات الموالية للحكومة السورية على الغالبية العظمى من مناطق الغوطة الشرقية، وإجلاء أهلها إلى إدلب، التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى من المعارضة المسلحة.
ولا يستبعد اللاجئ السوري زياد أبو طارق "استمرار الأسد في تطبيق خطته في مصادرة الأراضي وإجراء التغيير الديمغرافي، وسط صمت المجتمع الدولي"، ويتساءل مستنكراً "إذا لم تتحرك الدول ضد الأسد بسبب إزهاقه لعشرات آلاف الأرواح، فهل ستفعل شيئاً كي تبقى البيوت لأصحابها؟" .
أسلاك شائكة وبعض الأمل - اللاجئون السوريون حول العالم
فيما يناقش قادة العالم خلال قمة تعقدها الأمم المتحدة في نيويورك أخطر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، تبقى مواقف الدول بشأن استقبال اللاجئين متباينة. جولة من الصور حول وضعية اللاجئين السوريين حول العالم.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Gouliamaki
فيما أغلقت الأغلبية العظمى للدول الأوروبية أبوابها أمام اللاجئين، كانت ألمانيا، وبنسبة أقل السويد، من أكثر الدول استقبالاً للاجئين. ففي غضون أشهر فقط استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ، أغلبهم من السوريين. ورغم الترحيب الذي أبداه الكثير من الألمان إزاء اللاجئين، إلا أن قدومهم بأعداد كبيرة لم يرق للعديد أيضاً، إذ تسببت سياسة الأبواب المفتوحة في خسائر انتخابية لحزب المستشارة أنغيلا ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
تركيا، التي تستضيف أكثر من 2,7 مليون نسمة، هي بلا منازع أكبر بلد يستقبل اللاجئين السوريين في العالم. ووسط توافد سيل اللاجئين على أوروبا العام الماضي انطلاقا من تركيا، تعهدت بروكسل بدفع 3 مليارات يورو لدعم اللاجئين السوريين وإحياء محادثات عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي مقابل أن تساعد أنقرة في الحد من عدد الأشخاص الذين يحاولون الوصول لأوروبا من تركيا. إلا أن هذا الاتفاق يبقى هشاً.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Kose
لبنان، هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 5,8 ملايين نسمة، يستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري يقيم معظمهم في مخيمات عشوائية وسط ظروف معيشية صعبة. وبالتالي، فإن لبنان، الذي يتسم بالموارد الاقتصادية المحدودة والتركيبة السياسية والطائفية الهشة، يأوي أكبر نسبة من اللاجئين بالمقارنة بعدد سكانه، إذ أن هناك لاجئاً سورياً مقابل كل خمسة مواطنين لبنانيين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Mohammed Zaatari
الأردن، ورغم صغر مساحته وعدد سكانه، إلا أنه من أهم الدول المستقبلة للاجئين السوريين. فوفقاً للأمم هناك نحو 630 ألف لاجئ سوري مسجل في المملكة الأردنية، بينما تقول السلطات إن البلاد تستضيف نحو 1,4 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في سوريا في آذار/ مارس 2011. ويعيش 80 بالمائة منهم خارج المخيمات، فيما يأوي مخيم الزعتري في المفرق، وهو الأكبر، نحو 80 ألف لاجئ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Adayleh
يبدو أن أغلبية دول الخليج ترفض استقبال الللاجئين السوريين على أراضيها، باستثناء السعودية التي استقبلت نحو 500 ألف لاجئ سوري، دون أن تكون لهم رسمياً وضعية لاجئ، منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. الدول الأخرى فضلت تمويل مخيمات وبرامج مخصصة للاجئين للسوريين في دول الجوار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
استقبلت السويد نحو 160 ألف طالب لجوء العام الماضي، لكن الأعداد انخفضت إلى نحو ألفين في الشهر بعد تطبيق قيود على الحدود وإجراءات تجعل من الأصعب على اللاجئين دخول الاتحاد الأوروبي. كما تبنى البرلمان السويدي الصيف الماضي قواعد أكثر صرامة حيال طالبي اللجوء، ومن بينها عدم منح تصاريح إقامة دائمة لكل من تم منحهم حق اللجوء في البلاد.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Nilsson
الدنمارك استقبلت بدورها في 2015 أكثر من 21 الف طلب لجوء، بارتفاع بنسبة 44 بالمائة مقارنة مع 2014، لكن ذلك أقل بكثير من عدد الطلبات في جارتها الشمالية السويد. كما أن الدنمارك كانت من أول الدول التي سارعت بفرض اجراءات التدقيق العشوائي للهويات على طول الحدود الألمانية بهدف منع "أعداد كبيرة من اللاجئين والمهاجرين" من الدخول إلى البلاد. وقبلها قامت بتخفيض المساعدات المالية المخصصة للاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/K.Sörensen
المجر كانت من أولى الدول الأوروبية التي قامت بمد أسلاك شائكة على طول حدودها مع بدء توافد سيل اللاجئين عبر طريق البلقان لمنعهم من دخول أراضيها. كما أن المجر وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية تشيكيا لا تزال ترفض أي آلية الزامية لتوزيع اللاجئين. كما رفضت دعوات سابقة من ألمانيا وإيطاليا واليونان بالتضامن أوروبياً في معالجة ملف اللجوء والهجرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Ujvari
سلوفاكيا من الدول الشرق أوروبية التي ترفض استقبال اللاجئين. وفي تصريح لأحد قادتها السياسيين مطلع العام الجاري جاء فيه أن البلاد لاترغب في استقبال اللاجئين المسلمين، معللة أن هؤلاء يختلفون ثقافياً عن سكان البلاد وأنه لا يوجد في سلوفاكيا مساجد ودور عبادة كافية لهؤلاء. كما شهدت البلاد احتجاجات قادها يمينون متطرفون ضد اللاجئين (الصورة).
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Gavlak
الولايات المتحدة ورغم كبر مساحتها وكثافتها السكانية التي تقدر بـ320 مليون نسمة، إلا أنها حددت سقف عدد اللاجئين السوريين الذين تستقبلهم البلاد العام الجاري بـ10 آلاف شخص. كما يتعين على هؤلاء الخضوع للإجراءات أمنية مكثفة ومشددة. ورغم ذلك هناك سياسيون من الحزب الجمهوري الذين يرفضون استقدام لاجئين من سوريا لأسباب أمنية. على أي حال واشنطن أعلنت أنها سترفع العدد بنسبة 30 بالمائة خلال العام القادم.