قبرص.. قاصرون متروكون لمواجهة مصيرهم في مخيم بورنارا
١٩ مارس ٢٠٢٢
قطعة خبز على الإفطار وغرف مكتظة ومرافق صحية غير كافية في مخيم بورنارا الذي يستقبل خصوصا 356 قاصرا غير مصحوبين بذويهم ويتكدس به الآلاف. و"تستضيف قبرص، مقارنة بعدد سكانها، أعلى نسبة من طالبي اللجوء" في الاتحاد الأوروبي".
إعلان
في مواجهة الجدل الذي أثير حول أوضاع المهاجرين "غير الإنسانية" في مخيم بورنارا، توجه رئيس جمهورية قبرص نيكوس أناستاسيادس إلى المخيم الاثنين (14 آذار/مارس 2022) حيث قال للصحافيين "إنها مأساة أن يتم استغلال هؤلاء الأشخاص الذين ينشدون حياة أفضل بعيدًا عن وطنهم من قبل المتاجرين بالبشر الذين يقدمون وعودًا كاذبة. ومن المؤسف أيضًا أن قبرص، مقارنة بعدد سكانها، فيها أعلى نسبة من طالبي اللجوء بين دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إذ تبلغ الآن 5 بالمائة".
بسبب الاكتظاظ، تدهورت الظروف المعيشية لطالبي اللجوء في السنوات الأخيرة في مخيم بورنارا ومعهم أولئك القصر غير المصحوبين من ذويهم وأكثرهم تراوح أعمارهم بين 15 و17 عامًا وقد غادروا وحدهم من بلدان مثل الكونغو والصومال بحثًا عن حياة أفضل أو للفرار من التجنيد في الميليشيات.
مرحاضان وحمام واحد!
بأسف، قالت المفوضة المسؤولة عن حقوق الطفل ديسبو ميخائيليدو بداية آذار/مارس للصحافيين "يتشارك نحو 15 شخصًا غرفة واحدة، وفي أكثر الأحيان يتشاركون الأسرّة، وغالبًا ما ينتهي الأمر بالأطفال إلى النوم على الأرض. ويتعين على الأطفال البالغ عددهم نحو 300 طفل في المخيم أن يتشاركوأ مرحاضين ودشًا واحدًا للاستحمام". وقال بعض هؤلاء الشباب إنهم قد لا يحصلون على الإفطار سوى على قطعة صغيرة من الخبز.
يستقبل المخيم 2535 شخصًا فيما تصل سعته القصوى إلى 1000 شخص، وفقًا لأحدث بيانات وزارة الداخلية. وقال وزير الداخلية نيكوس نوريس على هامش زيارة الرئيس "نُقل تسعون قاصرًا إلى فندق في لارنكا".
عيش طالبي لجوء بمنطقة حياد قبرصية بين تركيا واليونان
03:22
في ظل هذه الظروف، احتفلت آن (التي تم تعديل اسمها) وهي في الأصل من الكونغو، بعيد ميلادها السادس عشر في أوائل آذار/مارس عندما التقت بها وكالة فرانس برس. في عام 2013، عندما كانت في السادسة من عمرها، فقدت الاتصال بوالدتها التي "غادرت الكونغو إلى فرنسا بحثًا عن حياة أفضل لي ولأختي ولأخي". وأضافت الفتاة بغصة في حلقها بحضور عاملة اجتماعية تشرف على القصر "غادرت كينشاسا للانضمام إليها لكنني لم أعرف إلا عندما وصلتُ أنني في قبرص". بينما يفترض ألا تتجاوز مدة الإقامة وكذلك رعاية القصر غير المصحوبين التي تتولاها الخدمات الاجتماعية أسبوعًا واحدًا، ما زالت آن عالقة في المخيم منذ ثلاثة أشهر.
تقول هارا تابانيدو، مسؤولة الخدمات الاجتماعية: "لقد تجاوزت الأعداد كل توقعاتنا. في عام 2016، استقبلنا 26 قاصرًا غير مصحوبين من ذويهم".
فراغ قانوني
بأسف، قالت إميليا ستروفوليدو، المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في قبرص، في العادة، يوضع هؤلاء الأطفال غير المصحوبين من ذويهم "في مناطق مؤمنة"، لكن العدد المتزايد من الوافدين أدى بالسلطات إلى إيواء بعضهم في أماكن أخرى.
والمشكلة الأخرى التي تواجه مسؤولي الهجرة هي تحديد عمر هؤلاء الشباب الذين تجرى لهم فحوصات للعظام أو الأسنان، وهي ممارسات تعترض عليها منظمات غير حكومية.
قالت ستروفوليدو: "تنطوي هذه الإجراءات على مشكلات أخلاقية بالإضافة إلى هامش خطأ متأصل في الفحوصات الطبية المتعلقة بتقييم العمر".
ويقول دوروس بوليكاربو، الرئيس التنفيذي لمنظمة كيسا غير الحكومية التي تساعد المهاجرين، إن "دور الوصي هو حماية مصالح القاصر. إذا أعلن القاصر نفسه أنه كذلك، يجب على الوصي ألا يشك في ذلك ويبلغ دائرة اللجوء. لقد أدان القضاء هذا التضارب في المصالح مؤخرًا، لكن هذه الممارسة ما زالت شائعة للأسف". وأضاف "عندما يحضر القاصر للمقابلة المتصلة بطلب اللجوء، فإنه يواجه فراغًا قانونيًا. وفي المحكمة عند وجود نزاع، تمثله الخدمات الاجتماعية التي تقوم بتوكيل محام من الدولة لا يمكن أن يعمل في غير صالحها".
تدعو المنظمات غير الحكومية السلطات إلى وضع آلية للإشراف على القاصرين غير المصحوبين من ذويهم ودمجهم والاستعداد للأسوأ للتعامل مع الأزمات المقبلة، لا سيما تلك الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
تعرض مخيم اللاجئين موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية للحريق، وقد أصبح الوضع في المخيم المكتظ في غاية الحرج. لكن حتى قبل الحريق كان الوضع مأساويا في أكبر مخيم للاجئين في أوروبا.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Balaskas
ليلة الحرائق
في ليلة الأربعاء (9 سبتمبر 2020) اشتعلت حرائق في مخيم اللاجئين موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية وفي عدة مواقع. ولذلك هناك فرضية أن الحرائق اُضرمت عن قصد. بعض سكان المخيم تحدثوا عن إحراق متعمد من طرف سكان محليين. وهناك تقارير تفيد بأن لاجئين هم الذين أضرموا النيران.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Lagoutaris
على قارعة الطريق
تمكن سكان مخيم اللاجئين المكتظ من النجاة بحيث لم يُسجل موتى ولا مصابون. وحسب وسائل إعلام يونانية، فإن الكثير من الأشخاص لجأوا إلى مرتفعات وغابات بالقرب من المخيم. وتفيد تقارير مساعدين بأن آلاف الأشخاص تائهون في الشوارع ولا يوجد طعام ولا ماء وتعم الفوضى.
صورة من: Imago Images/Xinhua/P. Balaskas
فقدان مقومات الحياة
أُقيم المخيم لاحتضان 2800 شخص. وإلى حين نشوب الحرائق كان يعيش هناك نحو 12.600 لاجئ. وحتى قبل الحريق كانت ظروف الحياة كارثية. وعندما ننظر إلى هذه الصورة بعد الحريق، يظهر بسرعة جليا أنه في المستقبل القريب لا يمكن توفير حياة كريمة في المخيم.
صورة من: Reuters/E. Marcou
قريبا من تركيا
مخيم اللاجئين موريا يقع في شرق الجزيرة اليونانية ليسبوس. ولا يبعد عن الشواطئ التركية سوى نحو 15 كلم. وليسبوس هي ثالث أكبر جزيرة في اليونان وبها حوالي 90.000 نسمة. وحوالي 38.000 شخص يعيشون في عاصمة الجزيرة ميتيليني البعيدة فقط بضعة كيلومترات من موريا.
إخفاء معالم صورة المخيم على غوغل
من يرغب في مشاهدة مخيم اللاجئين موريا على خريطة غوغل من الجو فلا يسعفه الحظ. فصورة المخيم برمته تم إخفاء معالمها ولا يمكن التعرف عليه من خلالها. وردا على سؤال من دويتشه فيله DW قال موقع غوغل بأنه ليس هو من يقوم بحجب الصور، بل جهات ثالثة تنجز صور الأقمار الصناعية. ولا يُعرف لماذا تم إخفاء معالم صورة المخيم.
صورة من: 2020 CNES/Airbus, European Space Imaging, Maxar Technologies
المخيم بصورة جوية
هذه الصورة من الجو تكشف بأن المخيم توسع بشكل ملحوظ، ففي الوقت الذي يظهر فيه على صورة الأقمار الصناعية لخريطة غوغل أن المنزل بالسطح الأحمر لم يكن جزءا من المخيم، يبدو في الصورة الجوية أن المخيم يتوسع بشكل تدريجي ليشمل البناء المذكور.
صورة من: DW/D. Tosidis
نظرة إلى الماضي
تم التقاط صور لمنطقة المخيم في ديسمبر/ كانون الأول 2011. حينها لم يكن هناك مخيم موريا أو أي مخيم آخر. وعوضا عن ذلك كان هناك منشأة عسكرية. واعتبارا من أكتوبر 2015 تم في الموقع تسجيل طالبي لجوء قبل نقلهم إلى البر اليوناني.
صورة من: 2020 Google
البقاء في المخيم يطول منذ الاتفاق مع تركيا
في الوقت الذي ينبغي فيه بقاء المهاجرين في المخيم لوقت قصير ـ هذه الصورة تعود لأكتوبر 2015 ـ يستمر بقائهم في المخيم مع الاتفاقية الأوروبية التركية منذ مارس/ آذار 2016. ومنذ ذلك الوقت ينتظر طالبو اللجوء هنا توزيعهم على دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أو ترحيلهم.
صورة من: DW/D. Cupolo
الانتظار والانتظار ثم الانتظار...
بعد الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لم يعد بوسع المهاجرين الانتقال إلى الأراضي البرية اليونانية، لأن تركيا لن تعيد استقبالهم في حال وصولهم إليها. وبما أن بلدان الاتحاد الأوروبي غير متحدة فيما يخص إيواء المهاجرين، فإنهم يبقون طويلا في المخيم. ويوجد الكثير من الجنسيات في ظروف سيئة وفي مجال ضيق، وعليه لا عجب أن تحصل توترات.
صورة من: DW/D. Cupolo
عندما تتفجر التوترات
تفجرت التوترات منذ سبتمبر/ أيلول 2016 في مواجهات عنيفة أدت أيضا إلى إضرام نيران. وحينها كان يوجد "فقط" نحو 3000 مهاجر في المخيم. يومها تم تدمير أجزاء كبيرة في المخيم. وبعد أشهر قليلة من ذلك الحريق أضرم مئات المهاجرين النار في حاويات مؤسسة اللجوء الأوروبية احتجاجا على الفترة الزمنية الطويلة لمعالجة الطلبات في المخيم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schwarz
نيران وموتى
في سبتمبر/ أيلول 2019 حصل حريق إضافي كبير. حينها اشتعل بستان زيتون وفي الأثناء توسع المخيم على أرضه. وبعد 20 دقيقة من حادث البستان اشتعل حريق إضافي داخل المخيم أدى إلى وفاة شخصين: امرأة ورضيعها. وفي ذلك الوقت كان يقيم في المخيم أكثر من 12.000 شخص.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
قطع زيارة مسؤول ألماني
في أغسطس من العام الجاري زار أرمين لاشيت، رئيس وزراء شمال الراين وستفاليا، أكبر ولاية من حيث عدد السكان في المانيا موريا. وكان ينوي في الحقيقة معاينة ما يُسمى الجانب العشوائي خارج المخيم. ولأسباب أمنية تم شطب هذه الزيارة من البرنامج. قبل ذلك تشنجت الأجواء وحصلت هتافات تدعو إلى "تحرير موريا".
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Hülsmeier
والآن ماذا سيحدث؟
مخيم مكتظ وظروف عيش مخيفة وتوترات عرقية، ثم ظهرت حالات كورونا الأولى. إنه وضع كارثي. كان هذا حتى قبل الحريق. فهل يعني الحريق الأخير زوال المخيم أم تشكل الكارثة نقطة تحول نحو توفير متطلبات حياة كريمة؟ إلى حد الآن لا أحد يمكنه الإجابة على هذا السؤال.