شتيفان شميت، قبطان سابق لسفينة الإنقاذ كاب أنامور يشرح في حديث مع DW رؤيته حول أخلاقيات الإنقاذ البحري، مبيناً أن إنقاذ الحياة البشرية يسمح أحيانا بخرق القانون.
إعلان
1800 شخص غرقوا، حسب بيانات الأمم المتحدة في عام 2018 في البحر المتوسط ـ وهو سبب يدفع القبطان الألماني شتيفان شميت لعدم التراخي في عمله. وفي 2004 أنقذ شميت خلال عمله في سفينة كاب أنامور 37 مهاجرا إفريقيا كانوا عالقين وسط البحر. وكمندوب متطوع في شؤون اللجوء والهجرة يعمل الآن بشكل آخر في الإنقاذ البحري. الإنقاذ البحري سلعة أغلى من كل شيء، كما يقول شميت : "عندما يتعلق الأمر بإنقاذ حياة البشر، فبالإمكان أيضا خرق القانون". ومن أجل هذه القناعة تحمل شميت الكثير. ففي عام 2004 بعدما نقل أفارقة إلى إيطاليا، تم اعتقاله مع زملائه وأُطلق سراحهم بعد أيام. وأثناء المحاكمة التي استمرت طوال خمس سنوات كانت تتهدده عقوبة السجن لعدة سنوات، إلا أنه تمت تبرأته في أكتوبر 2009.
"منقذو الحياة البشرية يستحقون التنويه"
وهذه التجربة أثرت على نفسيته وبشكل كبير، كما يقول شميت "إلى حد حملني على أن أواصل التحرك والعمل ضد هذا الظلم الموجود في العالم". وهو لا يتفهم الاتهامات الموجهة إليه بمساعدة مهربي البشر. "إذا قام قبطان بإنقاذ أشخاص عالقين في البحر، فوجب في الحقيقة على العالم أن يقول: انظر إنه أمر جيد، لقد قمت بعمل رائع".
ويبقى شميت أقل تأثرا بحقيقة أن جميع الأفارقة تقريبا الذين أنقذهم في 2004 أُعيدوا إلى بلدانهم، لأنهم قدموا معلومات خاطئة عن بلدانهم الأصلية. فقط مهاجر واحد كان يحق له البقاء. وشميت تهمه نقطة أخرى:" إذا أنقذ قبطان أشخاصا من البحر، فلا يجب عليه سؤالهم من أين يأتون ولا يسأل هل هم سود أم خضر في الوجه، بل يجب أن ينقلهم إلى مكان آمن، هذا ما في الأمر، أكثر من هذا غير وارد".
منقذو البحر وعامل التحفيز
في هذا السياق، احتدم في ألمانيا وبلدان أوروبية أخرى نقاش حول سؤال مفاده إن كان منقذو الناس من البحر يشجعون المهاجرين على الإبحار في قوارب متهالكة لخوض رحلة عبور خطيرة للبحر الأبيض المتوسط، وفق ما بات يُسمى بعامل التحريض.
وفي حال تأكد هذا الاتهام، فإن المنقذين في البحر يتحملون على الأقل مسؤولية كل شخص يموت وسط الأمواج. كما أنهم يقتربون في آن واحد من بوصلة المهربين الذين يحشدون المهاجرين على شواطئ شمال إفريقيا داخل قوارب. وقبل أسابيع تناولت صحيفة "دي تسايت" الألمانية هذا الرابط المحتمل في نقاش بين مؤيد ومعارض. مريم لاو الصفحية في "دي تسايت" قيًمت بشكل انتقادي في تقريرها منقذي البشر: هؤلاء لا يعملون بصفة مستقلة. الحالة العكسية هي الصحيحة، كما تدعي لاو التي أكدت بالقول:" المنقذون باتوا منذ مدة جزءا من نموذج التجارة للمهربين". وأثار تقرير لاو صدى عاليا تجاوز جمهور القراء: فالكثير من الناس انتقدوا موقفها، وآخرون دعموها.
شتيفان شميت يعارض موقف لاو، إذ توجد دراسات تنفي الافتراض بأن المهربين يشجعون الناس أولا على الهرب. وبعض الساسة الأوروبيين ـ مثل المستشار النمساوي سباستيان كورتس ـ يفترضون وجود علاقة بين عمل المنقذين وتزايد عدد رحلات العبور عبر البحر المتوسط. "هنا أجيب بأن السيد كورتس يفكر بطريقة عقيمة"، يرد شرايبر. "يجب عليه أولا التعرف على العالم، قبل أن يصدر أجوبة غبية".
مستغل من طرف المهربين؟
في الواقع العام يلتقي في البحر المتوسط فاعلان مختلفان تماما: فمن جهة المهربون العاملون على كسب الربح وعلى الجانب الآخر منقذو البحر المثاليون. وهذا يثير التساؤل هل المنقذون يشعرون بأنه يتم استغلالهم أحيانا من طرف المهربين. "هذا قد يكون واردا"، يقول شميت. " لكن في المقام الأول توجد عندي حياة البشر. وهل يستغل أحد جانبا ما، فهذا يأتي في مقام ثانوي. لأنه يجب حماية حياة الناس وليس الحدود. وهذا هو الأهم بالنسبة إلي. وهذا ينطبق أيضا على المنظمات غير الحكومية التي تقدم المساعدة حاليا في البحر المتوسط".
ولهذا السبب هو لا يسمح بتوجيه الانتقاد للمهربين: فبدون وجودهم لمات الناس جوعا على الشواطئ في شمال إفريقيا، لأنه لا يمكن لهم ولوج البحر. ثم سيمكثون في شواطئ شمال إفريقيا ويموتون جوعا. لا أدري هل الموت جوعا أفضل من الموت غرقا".
" لا يوجد عندي لاجئون اقتصاديون"
لكن مقدم البرامج توماس شبان يرد في مقابلة مع DW أنه يُلاحظ على ما يُسمى طريق البلقان أنه منذ إغلاقها لم ينتقل شخص عبر هذه الطريق إلى أوروبا. فهل هذه الحجة لا تجعله يفكر مليا في الأمر، يريد شبان أن يعرف من استضافه. لا يمكن القول بأنه يمكن حل مشكلة اللجوء فقط بإقامة سياج، يرد شميت. " وعلى الجانب الآخر من السياج رأينا صورا تعكس كيف أن الناس حاولوا الاغتسال في ماء شديد البرودة، لأن لا أحد يساعدهم". مجموعات دعم ذهبت بشاحنة إلى الحدود في البلقان. "وزعنا الحساء، لأنه لا أحد يشعر بالمسؤولية. وهذا لا يجوز حصوله ".
وفي ألمانيا يدور النقاش حول قضية اللاجئين الفقراء. فهل يحق للبلاد أن تستقبل أشخاصا غادروا بلادهم رغم أنهم لا يواجهون الاضطهاد؟ شميت يرد بالقول في المقام الأول يوجد إنقاذ كل لاجئ. " هل نستقبلهم بصفة دائمة، فهذه مسألة أخرى. فوجب علينا إذن تعديل قوانين اللجوء ودراسة حالة من يوجد سبب حقيقي دفعه الهرب". لكن شميت يقول بأن الاستغناء عن الإنقاذ غير مقبول تحت عذر"لأننا لا نريد في بلادنا أولئك الأشخاص المنقذين". ويؤيد شميت مبدأيا استقبالا سخيا للاجئين:" بالنسبة إلي لا وجود للاجئين اقتصاديين".
كرستن كنيب/ م.أ.م
مآسي المتوسط.. مقبرة الأحلام والهاربين بحثاً عن الحياة
يعرّف البحر الأبيض المتوسط بمقبرة الأحلام، حيث ابتلع المتوسط المئات من المهاجرين الحالمين بالوصول إلى شواطئ أوروبا عبر قوارب الموت. معرض صور يوثق لأكثر حوادث الغرق مأساوية منذ حادثة لامبيدوزا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في 21 شباط/ فبراير 2017 عُثر على 74 جثة لمهاجرين جُرفت إلى الشواطئ الليبية شمالي غربي مدينة الزاوية، حيث لقوا حتفهم بعد غرق المركب الذي كانوا يحاولون العبور به إلى أوروبا. وظهر صف طويل من أكياس الجثامين البيضاء والسوداء على الشاطئ، في صور نشرها فرع الزاوية للهلال الأحمر الليبي على صفحته على فيسبوك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/IFRC/M. Karima
اعتبر في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 حوالي 100 شخصا في عداد المفقودين بعد يوم من غرق قارب يحمل مهاجرين غير شرعيين قبالة السواحل الليبية، وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت مجموعات إنسانية دولية ما يقارب 250 شخصاً في عداد المفقودين ويخشى أنهم ماتوا غرقاً وذلك إثر تحطم سفينة جديدة في المتوسط. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر وخلال حوالي 48 ساعة تحطمت أربع سفن ما أدى لغرق 340 مهاجراً.
صورة من: Reuters/Marina Militare
تم العثور على جثث 26 مهاجراً قبالة السواحل الليبية في الثالث والعشرين من شهر حزيران/يوليو 2016، وفي 21 أيلول/سبتمبر من العام نفسه انقلب قارب يحمل مئات المهاجرين قبالة مدينة رشيد الساحلية المصرية، حيث بلغ عدد القتلى 164 شخصاً وهم عدد الذين تمكنت فرق الإنقاذ من انتشالهم خلال الأيام التالية.
صورة من: Getty Images/AFP/M. El Shahed
كانون الثاني/يناير 2016 شهد غرق أكثر من 30 مهاجراً في حادثتي انقلاب زورقين بشكل منفصل، وفي 26 أيار/مايو تم فقدان 20-30 شخص يعتقد أنهم لقوا حتفهم غرقاً قرب السواحل الليبية، وفي 31 أيار/مايو تم العثور على حطام إحدى السفن التي تقل مهاجرين وسط المتوسط بين شمال أفريقيا وإيطاليا، والتي تعود لأحد السفن الثلاثة التي تحطمت وأودت بحياة حوالي 1000 مهاجر، خلال أسبوع تقريباً.
صورة من: AP
العاشر من حزيران/يوليو 2015 شهد غرق أكثر من 20 مهاجراً بعد أن انقلب قاربهم وتحطم أثناء توجهه من تركيا إلى اليونان. وفي 14 من الشهر نفسه تم العثور على ما يقارب 100 جثة لمهاجرين قرب سواحل مدينة تاجوراء الليبية، بحسب وسائل الإعلام. في السادس والعشرين من آب/أغسطس تم العثور على جثث 50 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا، في حادثتين منفصلتين، وفقا لتقارير مجموعة تعنى بشؤون المهاجرين مقرها جزيرة مالطة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Solaro
شهر أيار/مايو 2015 شهد إعلان نهاية عمليات البحث التي استمرت لمدة 34 أسبوع وتم من خلالها إنقاذ حياة حوالي 7000 مهاجر، كما تم الإعلان في نفس اليوم عن غرق 10 مهاجرين على الأقل، فيما أفادت منظمة "أنقذوا الطفولة" بعد يومين أن عدد الذين لقوا حتفهم يزيد عن 40 في ذلك اليوم.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
وفي 19 نيسان/أبريل 2015 تم الإعلان عن اختفاء ما يقارب 700-950 شخص، ويخشى أنهم لقوا حتفهم غرقاً على بعد 200 إلى الجنوب من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، فيما تم إنقاذ 28 شخصاً فقط، وانتشال 24 جثة بعد ما يقارب 24 ساعة. وبعد يوم واحد أي في العشرين من نيسان/أبريل تمكنت عناصر خفر السواحل اليونانية من إنقاذ 83 شخصاً وانتشال 3 جثث إثر انقلاب قارب للمهاجرين وتحطمه قرب جزيرة رودس اليونانية.
صورة من: Getty Images/A. Koerner
في 11 شباط/فبراير 2015 أعلنت وكالة اللاجئين في الأمم المتحدة أن أكثر من 330 مهاجرا لقوا حتفهم إثر 4 حوادث غرق منفصلة في المتوسط قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. في حين أعلنت منظمة "أنقذوا الطفولة" في الخامس عشر من نيسان/إبريل أن ما يقارب 400 شخص في عداد المفقودين بعد حادثة غرق قارب كان يحمل 550 شخصاً قبالة سواحل ليبيا في 12 نيسان/إبريل، بينما تم إنقاذ 144 شخص كانوا على متن القارب، وانتشال 9 جثث.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2014 عثر خفر السواحل الإيطالي على 16 جثة تعود لمهاجرين كانوا على متن زورق صغير المهاجرين على بعد 75 كيلومترا من ليبيا وعلى بعد 185 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
صورة من: picture-alliance/ROPI
أعلنت منظمة الهجرة العالمية في 15 أيلول/سبتمبر 2014 عن غرق 700 شخص، وقالت المنظمة إن حوالي 500 من الغرقى قتلوا بحادثة غرق متعمد من قبل تجار البشر حيث قاموا بإغراق قارب كان على متنه حوالي 500 شخص كان متوجهاً إلى أوروبا من مصر. في حين لم تكن الذكرى السنوية الأولى لحادثة لامبيدوزا أقل مأساوية إذ تم في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2014 انتشال جثث 130 مهاجراً في حادثتي غرق سفينتين قرب الساحل الليبي.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الثاني عشر من أيار/مايو 2014 لقي 40 مهاجراً على الأقل حتفهم بعد غرق سفينة في المياه المفتوحة بين ليبيا وإيطاليا. وفي 2 حزيران/يوليو تمكنت القوات الإيطالية من انتشال 45 جثة من قارب مهاجرين غرق قبل ثلاثة أيام. بينما سجل الخامس والعشرون من شهر آب/أغسطس رقماً مأساوياً جديداً إذ عثر على 220 جثة مهاجر غرقوا في ثلاثة حوادث غرق لسفن وقوارب بين السواحل الليبية والإيطالية.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Erdinc
في العشرين من كانون الثاني/يناير 2014 لقي 9 أطفال وثلاث نساء حتفهم غرقاً خلال محاولة خفر السواحل اليوناني سحب قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة فارماكونيزي اليونانية إلى الشاطئ. وفي السادس من شباط/ فبراير تم الإبلاغ عن 5 جثث تعود لمهاجرين حاولوا السباحة قرب سبتة الاسبانية على السواحل الإفريقية الشمالية.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
في الثالث من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2013 غرق قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة لامبيدوزا جنوب إيطاليا، فيما اعتبر أعنف حادث بحري في تاريخ أوروبا الحديث. وتم العثور على 366 جثة وبقي أكثر من هذا العدد في عداد المفقودين. وفي الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول غرق قارب في مياه المتوسط قرب مالطة وتمكنت القوات الإيطالية والمالطية من إنقاذ 186 شخص في حين بقي حوالي 200 شخص في عداد المفقودين.