برلين - عشرات الآلاف يتظاهرون رفضاً للتطرف اليميني
١٦ فبراير ٢٠٢٥
تجمع عشرات الآلاف من الأشخاص في العاصمة الألمانية برلين اليوم الأحد في مظاهرة لدعم الديمقراطية والتنديد بالتطرف اليميني، في وقت تعرضت فيه حافلة تابعة لحزب المستشار شولتس للإحراق.
مظاهرة "يداً بيد" ضد اليمين الشعبوي في برلين (الأحد 16 فبراير/ شباط 2025) صورة من: Rainer Keuenhof/picture alliance
إعلان
شارك حوالي 30 ألف شخص في مظاهرة، أقيمت في برلين اليوم الأحد (16 فبراير/ شباط 2025)، تحت شعار "بشجاعة، بإنسانية.. معا" في ساحة "بيبل بلاتس"، للتنديد بالتطرف اليميني، حسب أرقام الشرطة، بينما قدر منظمو الحدث من تحالف "هاند إين هاند" (يدا بيد) عدد المشاركين في المظاهرة بنحو 38 ألف شخص.
وأعرب العديد من المتظاهرين عن قلقهم إزاء رؤية حزب "البديل من أجل ألمانيا" يصبح ثاني أكبر حزب في البلاد عقب الانتخابات التشريعية في 23 شباط/فبراير، إذ تتوقع أحدث استطلاعات الرأي فوزه بنسبة تتراوح بين 20 و21 % من الأصوات، خلف التحالف المسيحي الذي يُتوقع أن يحصد ما بين 30 و32 % من الأصوات.
وعلى الرغم من من برودة الجو ودرجات الحرارة التي هبطت لما دون الصفر مئويا، امتلأت ساحة "بيبل بلاتس" وشارع "أونتر دين ليندن" المجاور بالمتظاهرين، وكان من بينهم العديد من الآباء والأمهات برفقة أطفالهم.
وتضمنت الفعالية عروضا موسيقية للفنان هربرت غرونماير، والموسيقي بيلا بي من فرقة "دي ارتسته"/ الأطباء/ لموسيقى البانك روك، إضافة إلى كلمة للناشطة الحقوقية دوتسن تيكال.
لكن في 8 شباط/فبراير، جمعت تظاهرة مماثلة في ميونيخ 250 ألف شخص، واستقطبت تظاهرة أخرى في الثاني من شباط/فبراير في العاصمة الألمانية ما بين 160 و250 ألف مشارك، ما أظهر أن التعبئة ضد حزب "البديل من أجل ألمانيا" بدأت تفقد زخمها قبل أسبوع فقط من إجراء الانتخابات التشريعية في البلاد.
مخاوف على الديمقراطية في ألمانيا
وقالت مشاركة في مظاهرة اليوم، في إشارة إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة: "أرى خطرا كبيرا يتمثل في ضياع الديمقراطية، حيث من الممكن أن تصل إلى السلطة أحزاب تسعى إلى تقويض الديمقراطية وتعطيلها"، لافتة أن الحشد الضخم يمنحها الأمل، موضحة أن "الإحساس بأن هناك أناسا يشاركوننا نفس القيم أو يفكرون مثلنا، يمنحنا قوة كبيرة".
إعلان
وبدوره، ألقى الحاخام أندرياس ناخاما والأسقف الإنجيلي كريستيان شتيبلاين خطابات ضد معاداة السامية والعنصرية. وقال شتيبلاين إن "احترام كرامة الإنسان والآدمية هو ما يجمعنا اليوم. احترام كل واحد وواحدة".
وتخللت المظاهرة، دقيقة صمت حدادا على الأم وابنتها اللتين توفيتا مساء أمس السبت متأثرتين بالإصابات الخطيرة التي وقعت لهما جراء هجوم الدهس الذي وقع في ميونيخ يوم الخميس الماضي.
وتفجر الجدل في ألمانيا بعدما أطلق نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس دعوة مثيرة للجدل إلى الأحزاب الألمانية لفتح الباب أمام اليمين الشعبوي، مطالبا إياها بالتخلي عن رفضها التعاون معه، كما التقى زعيمة الحزب، أليس فايدل.
مدارس وجمعيات تؤكد حضورها في مظاهرة اليوم ضد اليمين المتطرف.صورة من: Matthias Gränzdörfer/pictureteam/IMAGO
اعتداء على حافلة للحزب الاشتراكي الديمقراطي
على صعيد آخر، اشتعلت النيران اليوم الأحد في حافلة دعاية انتخابية تابعة لحزب المستشار الألماني أولاف شولتس "الاشتراكي الديمقراطي"، في ولاية شلزفيغ- هولشتاين شمالي ألمانيا.
وقال متحدث باسم الشرطة: "نفترض أن الحادث كان حريقا متعمدا، ونحن نحقق في جميع الاتجاهات"، وتابع أن الحادث الذي وقع في بلدة بوشن لم يسفر عن إصابة أي شخص. وأضاف المتحدث أنه حتى الآن، لا توجد أي أدلة تشير إلى الجناة.
ووفقا للحزب الاشتراكي، فإن الحافلة تابعة لنائبة في البرلمان الألماني عن الحزب تدعى نينا شير. ورفضت الشرطة التعليق على ما أعلنه الحزب.
من جانبه، قال الأمين العام للحزب، ماتياس ميرش، إن هذا الحادث هو هجوم على الديمقراطية وعلى كل من يعمل بشغف "من أجل مجتمعنا"، مضيفا أن الحزب لن يسمح بأن يتم تخويفه، قائلا:" سنواصل الكفاح من أجل سياسة اجتماعية وعادلة."
ع.ا/ص.ش (أ ف ب، د ب أ)
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)