قبل الحسم.. غارة إسرائيلية تشعل التوتر في الجنوب اللبناني
صلاح شرارة أ ف ب
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٥
قبل أيام من انتهاء مهلة نزع سلاح حزب الله بالمنطقة الحدودية، خلفت غارة إسرائيلية مقتل ثلاثة أشخاص، استهدفت سيارة في منطقة صيدا. فيما تؤكد إسرائيل أنها ضربت عناصر من حزب الله. وإيطاليا ترغب في بقاء جنودها في الجنوب.
رغم وقف إطلاق النار تواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان، مؤكدة أنها تهدف إلى منع حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية. (صورة من الأرشيف)صورة من: Mohammad Zaatari/AP/picture alliance
إعلان
في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة صيدا جنوب لبنان، قتل ثلاثة أشخاص اليوم الاثنين (22 ديسمبر/ كانون الأول 2025)، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام. فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن الهجوم استهدف عناصر من حزب الله، في تصعيد جديد يأتي مع اقتراب مهلة نزع سلاح الحزب في المنطقة الحدودية.
تصعيد رغم وقف إطلاق النار
وتواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان، مؤكدة أنها تهدف إلى منع حزب الله من إعادة بناء قدراته بعد خسائر كبيرة تكبدها في الحرب الدامية، التي استمرت أكثر من عام قبل وقف إطلاق النار في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، والذي لا يزال يشهد خروقات متكررة.
ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل أكثر من عام، قُتل أكثر من 340 شخصاً في لبنان بغارات إسرائيلية، بحسب بيانات وزارة الصحة في بيروت.
وأوضحت الوكالة الوطنية للإعلام أن "الغارة التي شنها الطيران المسير المعادي على سيارة على طريق في منطقة صيدا، أدت إلى استشهاد ثلاثة أشخاص كانوا بداخلها". فيما أكد الجيش الإسرائيلي أنه استهدف "عدداً من العناصر الإرهابية من حزب الله في جنوب لبنان".
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني ، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
وجاءت الغارة بعد أيام من الجولة الثانية لمحادثات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار، التي تقودها الولايات المتحدة بمشاركة فرنسا وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان(يونيفيل)، إضافة إلى ممثلين لبنانيين وإسرائيليين.
ومن جانبه، شدد الرئيس اللبنانيجوزيف عون خلال لقائه وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو على أن الهدف من التفاوض هو "وقف الأعمال العدائية، تحقيق الانسحاب الإسرائيلي، إعادة الأسرى، وإعادة السكان الجنوبيين إلى قراهم". وأضاف أن "لبنان ينتظر خطوات إيجابية من الجانب الإسرائيلي"، وفق بيان صادر عن الرئاسة.
إعلان
إيطاليا تواصل وجودها العسكري بعد انسحاب اليونيفيل
ومن جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الإيطالية، الاثنين، عزمها الإبقاء على وجودها العسكري في لبنان حتى بعد انتهاء مهمة قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام (يونيفيل) المقررة نهاية عام 2027.
وأكد وزير الدفاع غيدو كروسيتو عبر منصة "إكس" أن بلاده "ستواصل دورها الداعم لضمان وجود دولي في لبنان"، مشيراً إلى أهمية الجيش اللبناني في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
وفي تصريح لوكالة "فرانس برس"، أوضح متحدث باسم الوزارة أن المقصود هو الإبقاء على قوات إيطالية في الجنوب اللبناني، حيث تنتشر حالياً قوة قوامها 1099 جندياً، لتكون ثاني أكبر قوة في اليونيفيل بعد إندونيسيا.
وشدد كروسيتو على أن روما تسعى لترجمة المفاوضات الجارية إلى نتائج ملموسة، "وألا يستفيد أحد من حالة عدم الاستقرار في جنوب لبنان"، مذكّراً بأن ضباط إيطاليين تولوا قيادة اليونيفيل خمس مرات خلال العقدين الماضيين.
خطة نزع السلاح تدخل مراحلها الأخيرة
جدير بالذكر أن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام أعلن أن المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح جنوب الليطاني ستنتهي خلال أيام، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية شمال النهر، وسط ضغوط أمريكية وإسرائيلية لتسريع التنفيذ.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار على انتشار الجيش اللبناني إلى جانب اليونيفيل في المنطقة الحدودية، وانسحاب حزب الله شمال الليطاني وصولاً إلى نزع سلاحه، مقابل انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي تقدم إليها خلال الحرب. لكن إسرائيل أبقت على خمسة مواقع استراتيجية، فيما يرفض حزب الله نزع سلاحه خارج جنوب الليطاني.
تحرير: ع.ش
من الفصائل الفلسطينية لحزب الله.. حروب إسرائيل ولبنان في صور!
على الرغم من تصاعد العنف مؤخرًا، إلا أنه ومنذ عقود هناك معارك على الحدود الإسرائيلية اللبنانية وكذلك في الداخل اللبناني. في هذه الصور نقدم نبذة تاريخية للنزاعات العسكرية بين لبنان وإسرائيل.
صورة من: Aziz Taher/REUTERS
قبل 1948
أصبح لبنان مستقلاً عن الانتداب الفرنسي في عام 1946. حتى قبل إعلان دولة إسرائيل، كان اللبنانيون يناقشون نوع العلاقة التي يمكن أن يقيموها مع جيرانهم. لطالما مثلت الحكومة اللبنانية مجموعة واسعة من الطوائف الدينية والعرقية المختلفة، كان البعض يشعر أن بإمكانهم التحالف مع الصهاينة الراغبين في تأسيس دولة، بينما عارض آخرون ذلك.
صورة من: Hassan Ammar/AP Photo/picture alliance
لاجئون فلسطينيون يفرون إلى لبنان
بعد حرب 1948 بين إسرائيل، حديثة التأسيس، وعدد من الدول العربية، اتفقت الأطراف، بما في ذلك لبنان، على خطوط هدنة رسمية. أسفر هذا الاتفاق عما يعرف بخط الهدنة 1949 أو الخط الأخضر. في نهاية الحرب، كانت إسرائيل تسيطر على حوالي 40% من المنطقة المخصصة في الأصل للفلسطينيين وفق خطة تقسيم الأمم المتحدة لعام 1947. أدت الحرب إلى لجوء 100 ألف فلسطيني إلى لبنان.
صورة من: Eldan David/Pressebüro der Regierung Israels/picture alliance /dpa
فرار جديد إلى لبنان
ظهرت مجموعات فلسطينية جديدة، منها فتح، وبدأت في شن هجمات على إسرائيل عبر الحدود، من لبنان وسوريا والأردن. في الآن ذاته، تصاعدت التوترات بين إسرائيل وجيرانها العرب واستعدت مصر وسوريا والأردن للحرب ضد إسرائيل، لكنها تعرضت لهزيمة عام 1967 فيما عرف بحرب الأيام الست. مرة أخرى، لجأ آلاف الفلسطينيين إلى لبنان إثر احتلال ما تبقى من أراضيهم المخصصة لهم بقرار أممي.
صورة من: Express/Express/Getty Images
انتقال الفصائل الفلسطينية إلى لبنان
عام 1970، بعد معارك فاشلة مع الجيش الأردني فيما بات يعرف ب"أيلول الأسود"، نقلت منظمة التحرير الفلسطينية مقرها الرئيسي من الأردن إلى العاصمة اللبنانية، بيروت. وحولت مقرها العسكري إلى جنوب لبنان. هذا أدى إلى زيادة في الصراع عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل. كان لبنان قد وافق على وجود مخيمات فلسطيينة على ترابه تديرها هذه المنظمة.
صورة من: Nicole Bonnet/AFP
دخول اليونيفيل
غزت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، لملاحقة المقاتلين الفلسطينيين الذين استمروا في شن غارات عبر الحدود ومن ذلك هجوم على حافلة مدنية إسرائيلية أوقع عدة قتلى، في وقت عاش فيه لبنان حالة حرب أهلية بين مجموعات لبنانية ضد مجموعات لبنانية وفلسطينية. دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى انسحاب فوري وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 425 وأنشأت الأمم المتحدة قوات حفظ سلام باسم "يونيفيل" لا تزال تعمل إلى اليوم.
صورة من: Mahmoud Zayyat/AFP
اجتياح إسرائيل للبنان
في يونيو/ حزيران 1982، اجتاحت إسرائيل لبنان، ووصلت إلى بيروت، مبررة تدخلها بملاحقة المقاتلين الفلسطينيين. وكانت "مذبحة صبرا وشاتيلا" التي نفذتها قوات مسيحية يمينية لبنانية، بحق المدنيين الفلسطينيين في المخيمين، أحد أبرز الفصول الدامية، ووجدت لجنة تحقيق إسرائيلية أن القوات الإسرائيلية سمحت بوقوعها.
صورة من: Getty Images/J. Barrak
ظهور حزب الله
أدى الغزو الإسرائيلي للبنان في النهاية إلى إنشاء حزب الله. عندما قرر مجموعة من رجال الدين الشيعة في لبنان حمل السلاح ضد الإسرائيليين، بدعم من إيران. عام 1985 انسحبت إسرائيل إلى الجنوب، حيث احتلت رسميًا منطقة تبلغ حوالي 850 كيلومترًا مربعًا بين النهر والحدود الإسرائيلية، وانسحبت عام 2000، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 425. بعد مواجهات مستمرة مع مقاتلي حزب الله.
صورة من: Fadel Itani/NurPhoto/IMAGO
مواجهات متعددة
وقعت مواجهات متعددة قبل الانسحاب، أهمها "حرب الأيام السبعة" عام 1993، ثم عملية "عناقيد الغضب" عام 1996 عندما قصفت إسرائيل الجنوب اللبناني ومطار بيروت ومحطات طاقة، ورد حزب الله بإطلاق الصواريخ. شهد ذلك العام قصفا إسرائيليا لمجمع تابع للأمم المتحدة قرب قرية قانا اللبنانية أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص كانوا يحتمون هناك، من بينهم حوالي 37 طفلاً، وجرح المئات، ووصفته إسرائيل بأنه حادث.
صورة من: Joseph Barrak/AFP/Getty Images
حرب 2006
قام حزب الله بأسر جنديين إسرائيليين وقتل آخرين. رفضت إسرائيل طلب الإفراج المتبادل عن أسرى، وردت بما عرف "حرب تموز". أدى النزاع إلى نزوح حوالي مليون لبناني ونصف مليون إسرائيلي، كما قتل حوالي 1,200 لبناني، و158 إسرائيلي، جلهم من الجنود. تعرضت البنية التحتية اللبنانية لأضرار بالغة. انتهى القتال بقرار من مجلس الأمن يدعو إلى نزع سلاح حزب الله وانسحاب الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى توسيع مهام يونيفيل.
صورة من: Gali Tibbon/AFP/Getty Images
ضربة موجعة للحزب
منذ 2006، كانت هناك هجمات متبادلة منتظمة عبر الحدود الجنوبية للبنان، لكنها لم تصل للحرب الشاملة. دخل حزب الله، المصنف إرهابياً في عدة دول، الحرب الحالية بمبرّر "إسناد غزة"، بهجمات صاروخية على شمال إسرائيل، لكنه تلقى ضربة موجعة بعد تفجير أجهزة البيجر ومقتل وإصابة المئات من عناصره، ثم الضربة الأخطر باغتيال الصف الأول من قياداته وفي مقدتهم حسن نصر الله.