قبل المونديال- الاحتجاجات تلقي بظلالها على المنتختب الإيراني
٢٨ سبتمبر ٢٠٢٢
تصطدم مساعي المنتخب الإيراني لكرة القدم في تحقيق إنجاز خلال مونديال قطر 2022 بالاحتجاجات، وسط شائعات عن انقسام داخل الفريق، ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تختفي بظروف غامضة، ودعم للتظاهرات من نجوم سابقين.
إعلان
يستعد "تيم ملي" (لقب المنتخب الإيراني) للمنافسة خلال مونديال قطر ضمن المجموعة الثانية التي تحمل إلى جانب الرياضة طابعاً سياسياً، والوصول إلى الأدوار الإقصائية للمرة الأولى في تاريخه، عندما يواجه الولايات المتحدة وإنجلترا وويلز.
لكن الاحتجاجات التي هزّت إيران منذ وفاة الشابة الكردية مهسا أميني البالغة 22 عاماً، خلال اعتقالها من شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة للجمهورية الإسلامية، أثارت تساؤلات غير مريحة للمنتخب الذي يتمتع بتأثير كبير في بلد مولع بكرة القدم.
وكانت الأضواء مسلطة على مهاجم المنتخب الذي يلعب لصالح باير ليفركوزن الألماني. في البداية، بدا وكأن آزمون يشير إلى أوامر بحظر النشر من قبل المنتخب، مديناً في الوقت نفسه حملة القمع التي تشنها السلطات، قبل أن يتراجع.
في غضون ذلك، بات أحد أكبر الأسماء في كرة القدم الإيرانية، نجم المنتخب الوطني السابق علي كريمي، بطلاً للعديد من المتظاهرين في إيران من خلال دعمه الصاخب للاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي، في تحدٍ للانتقادات الشديدة في وسائل الإعلام الموالية للحكومة.
هتافات في الملاعب
ووصلت أصداء الاحتجاجات إلى مباراة إيران الودية الاستعدادية لكأس العالم ضد السنغال الثلاثاء في فيينا، عندما ردد محتجون خارج الملعب شعارات مناهضة للجمهورية الإسلامية، هاتفين باسميّ كريمي وآزمون.
وقال مهران مستعد، وهو أحد منظمي الاحتجاج "نحن هنا فقط للتوسل (للفريق): أرجوكم ساندونا بدلاً من الوقوف ضدنا. أرجوكم ادعمونا".
وأضاف "من المؤكد أن هناك عواقب على لاعب كرة القدم للتعبير عن دعمه، لأن العواقب في إيران بالنسبة للأشخاص الذين يعارضون النظام كبيرة حقاً. لكن بالتأكيد عليهم مواجهة تلك العواقب".
بدأ آزمون المباراة جالساً على مقاعد البدلاء، ما أثار شائعات عن احتمالية استبعاده. لكنه شارك في الشوط الثاني وسجل هدفاً برأسية متقنة أفرحت المدرب المعيّن حديثاً للمنتخب البرتغالي كارلوس كيروش.
لم يحتفل آزمون بالهدف، على غرار زملائه في المنتخب الذين بقوا مرتدين ملابسهم السوداء خلال النشيد الوطني بدلاً من إبراز زيّ المنتخب كما تجري العادة.
اختفاء غامض لمنشورات على مواقع التواصل
وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي، نشر مدوّنون متخصصون بكرة القدم الإيرانية لقطات لمنشور على حساب آزمون على إنستغرام، يقول إنه بسبب "القواعد التقييدية على تيم ملي، لم أتمكّن من قول أي شيء". لكنه أضاف أنه لا يمكنه البقاء صامتاً بسبب قمع الاحتجاجات التي يقول ناشطون إنها أسفرت عن مقتل أكثر من 75 شخصاً.
وكتب آزمون "هذا لن يمحى من وعينا. عار عليكم!". غير أن المنشور حُذف لاحقاً واختفى معه المحتوى الكامل لحساب اللاعب على إنستغرام الذي يتبعه نحو خمسة ملايين شخص، لأيام عدة.
أبدى نادي باير ليفركوزن دعمه لآزمون. وكتب عبر حسابه الرسمي على تويتر ناقلاً عن مديره الرياضي سيمون رولفس قوله "بالطبع نحن ندعم تضامن سردار مع نساء إيران".
بعد مباراة السنغال، عاد حساب آزمون للظهور مجدداً على إنستغرام، وبدا أن اللاعب يقدّم اعتذاره عن منشوره السابق. قال إنه "لم يكن هناك ضغط عليّ لكتابة أو حذف أي شيء بخاصية القصص على إنستغرام"، مضيفا "لا يوجد انقسام في المنتخب". وتابع "أعتذر لأصدقائي في المنتخب الوطني لأن تصرّفي المتسرع تسبب في إهانة المدوّنين لزملائي وتعكير صفو النظام داخل الفريق". وأضاف لاحقاً تعليقاً آخر يدعم فيه نادي كرة طائرة للسيدات سبق أن أسّسه بنفسه، قائلاً إن وفاة أميني "تركت ألماً في الأمة لن يُنسى أبدًا".
"حتى الماء المقدس لا يمكنه أن يزيل هذا العار"
من المرجح أن تخيّب تعليقات آزمون آمال أولئك الذين أرادوا موقفاً سياسياً قوياً من المنتخب قبل كأس العالم، مستذكرين كيف ارتدى اللاعبون أساور خضراء في العام 2009، دعماً للاحتجاجات التي أطلق عليها اسم "الحركة الخضراء" وشهدتها إيران اعتراضاً على فوز محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية.
أحد اللاعبين آنذاك، علي كريمي، نشر مراراً وتكراراً تعليقات عبر إنستغرام وتويتر دعماً للاحتجاجات وإدانة وفاة أميني، قائلاً إنه حتى الماء المقدس لا يمكنه أن "يزيل هذا العار". وأضاف أنه "على غرار عامة الناس في بلدي، لا أبحث عن أي منصب أو موقع. أنا أبحث فقط عن السلام والراحة والرفاهية للناس في كل أنحاء بلدي".
ودفعت تلك المنشورات وكالة أنباء "فارس" في إيران إلى نشر مقالة تدعو إلى اعتقاله، تزامناً مع اقتراحات بالحجز على ممتلكاته في إيران.
وحذا لاعبون سابقون آخرون حذو كريمي في منشورات على إنستغرام، على غرار مهدي مهدويكيا الذي لعب لسنوات طوال في الدوري الألماني، واتهم السلطات بـ"تنفير الناس وتجاهلهم".
ومثله المهاجم الأسطوري علي دائي نجم مونديال 1998، الذي طالب النظام بـ"حل مشاكل الشعب الإيراني بدلاً من استخدام القمع والعنف والاعتقالات".
خ.س/إ.ف (أ ف ب)
إيران - الأناقة الناعمة تتحدى الحجاب
فُرض الحجاب في إيران ليكون زياً إسلامياً للنساء يصادر حريتهن في ارتداء ما يرغبن فيه، لكنّ هذا الزي المفروض قسراً اتخذ بمرور الزمان هوية جديدة، ولم يفلح في تحويلهن الى صنف بشري موحد المظهر أسوة بالعسكر مثلاً.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Noroozi
تحجيب النساء أول قوانين "الثورة الإسلامية"
قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران لم يكن ارتداء الحجاب شائعاً، بل كنّ أغلب المحجبات يرتدين "تشادور"، والذي هو عبارة عن عباءة سوداء تغطيهن من قمة الرأس إلى أخمص القدمين. لكن بعض طالبات الجامعة اخترن ارتداء ربطة الرأس. بعد قيام الثورة تغير الوضع فشاع الحجاب الإسلامي في إيران ومنها انتشر إلى العالم العربي والإسلامي.
صورة من: bornanews.com
الأناقة ظاهرة "طاغوتية"!
نهاية سبعينات ومطلع ثمانينات القرن العشرين إبان سنوات الحرب مع العراق، فرضت الأزمات الاقتصادية الخانقة صعوبات حياتية جمّة على الإيرانيين، ولم يعد أحد يفكر في الأناقة ومستلزماتها، وهكذا باتت الموضة ظاهرة كمالية يصفها الثوريون بأنّها "طاغوتية". آنذاك شاعت الجبة (مانتو) وربطة الرأس داكنة اللون وباتت إلزامية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Abedi
نهاية الحرب أعادت ذائقة المجتمع العصرية
مع انتهاء الحرب أواخر ثمانينات القرن العشرين، تراجعت الأزمات الاقتصادية والسياسية، ما انعكس على ملابس الناس بشكل مباشر، لاسيما أن انتشار أجهزة عرض الفيديو وأشرطته أعاد الحياة إلى ذائقة المجتمع العصرية؛ فظهرت على الجبة ألوان تنوعت بين الخردلي والحشيشي والبنفسجي الداكن. لكن الأقمشة خشنة الملمس بقيت سائدة.
صورة من: picture-alliance/dpa
الجبة المزررة والسروال الفضفاض إجبارية!
خلال الثمانينات كانت الجبة فضفاضة طويلة تصل إلى مفصل القدم. أزياء النساء في تلك الفترة مقارنة بمرحلة التسعينات كانت أشبه بالمعاطف، وما لبثت أن زحفت على أكتفاها البطانات الضخمة. وكانت الجبب تزرر حتى نهايتها، بحيث لا يظهر سوى طرف سروال فضفاض من تحتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
من الجبة المعطفية الى الجبة الخفاشية
مطلع الثمانينات كانت ربطة الرأس قاتمة اللون، وتربط حافتها بإحكام تحت الحنك بحيث تغطي الرقبة، لكن انفتاح الاستيراد في مطلع التسعينات، أغرق الأسواق بسراويل الجينز القادمة من آسيا فبات شائعاً تحت الجبة التي تحول تصميمها إلى شكل "خفاشي" كما يصفنه الإيرانيات.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Fahimi
"المقنعة" ربطة رأس إجبارية منذ سن السادسة!
شاعت خلال الثمانينات والتسعينات "المقنعة" وهي ربطة رأس مخاطة مقفلة ترتديها المرأة كما تظهر الصورة. شاعت المقنعة في البداية في المدارس الابتدائية حيث ترتديها البنات منذ سن السادسة، ثم باتت إلزامية في المدارس وعلى العاملات في المصانع ودوائر ومؤسسات الدولة، واللواتي لم يلتزمن بها يجري نقلهن إلى أماكن نائية لإجبارهن على الاستقالة.
صورة من: picture-alliance/dpa
الجبة أقصر وأضيق وربطة الرأس زاهية الألوان
بحلول منتصف التسعينات تقاصرت جبب النساء لتصل مستوى الركبة وباتت ضيقة تظهر استدارات الجسد، كما تغيرت خاماتها إلى أقمشة رقيقة، وتغيرت موديلاتها فباتت تكشف عن مساحات أكبر من ملابس المرأة ولم تعد معطفاً محكم الغلق. واختفت الجبة الخفاشية بألوانها المعتمة. كانت قوات السباه تطارد النساء في المدن وتمنع التطور الجديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Taherkenareh
الشال طرد المقنعة وباتت الجبة معطفا قصيراً
منذ الألفية الثالثة باتت الجبب أقصر وأشد ضيقاً، وحلّ شال خفيف يلقى على الرأس بعفوية مقصودة محل ربطة الرأس والمقنعة. أكمام الجبة القصيرة اختلفت أيضا عن الجبة القديمة وكذلك ياقاتها فباتت أكثر انفتاحاً وتظهر جزءاً من عنق المرأة. وشاعت في طهران الجبب الكتانية ولم يعد للجبة الإسفنجية المعطفية وجود.
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb/epa/A. Taherkenareh
جبة طويلة ضيقة بلا أزرار وربطة رأس رمزية
مع هذا الانفتاح بدأت الشرطة بالتشدد، وللالتفاف على إجراءاتهم التعسفية شاعت المعاطف الضيقة الطويلة الخالية من الأزرار التي مهما طالت تبقى كاشفة عن مساحة كبيرة من ملابس المرأة، وشاع تحتها ما يعرف ب "ليغنغ" أي السروال الملتصق بالجسد كما شاعت الأحذية الرياضية من الماركات الشهيرة. أما ربطات الراس فأضحت تكشف عن مقدمة ونهاية شعر المرأة بإصرارٍ شديدٍ رغم القيود.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Taherkenareh
وداعاً للجبة وللربطة وللسروال الفضفاض!
منذ العقد الثاني من الألفية الثانية شاعت موضة "سابورت" وبات زيا لكل البنات، أما سروايل الفيزيون اللحمية فباتت زي الطهرانيات الثابت، وأمست الجبة مجرد عباءة عصرية بألوان أنيقة مفتوحة من كل الجهات، فيما استقر الشال كغطاء نهائي للشعر. مع كل ذلك تعاظمت كمية الماكياج الذي يضعنه الإيرانيات حتى نهاراً.
صورة من: Khabarde.ir
الحجاب "الإسلامي" عنوان أنوثة المرأة وسحرها!
ببلوغ " الثورة الإسلامية" عقدها الرابع من العمر، لم يعد للحجاب المفروض على النساء أي شبه بالحجاب الذي فُرض في أعوام الثورة الأولى. بل أضحى زياً أنيقاً يميز المرأة الإيرانية عن غيرها ويكشف أكثر مما يخفي من أجسادهن وجمالهن. وبات إظهار الشعر الملون جزءاً من أناقة المرأة رغم ارتدائها الشال "الإسلامي".
صورة من: Instagram
حملة "الى حجاب أفضل" جعلت الحجاب زياً أنيقاً
منذ 2015 بدأت الإيرانيات بالظهور في الميادين الرياضية دون حجاب وبشعور مكشوفة خاصة على سفوح التزلج على الجليد لجبال البرز المطلة على مناطق شمال طهران. المرأة الإيرانية ترى أنها قد نجحت في خلق زي جديد أنيق يليق بها من خلال حملة سلمية صامتة جرت تحت شعار "إلى حجاب أفضل".DW / م.م