قتلى بينهم طفلة في غرق قارب هجرة قبالة سواحل لبنان
٢٤ أبريل ٢٠٢٢
طالب الرئيس اللبناني ميشال عون من الأجهزة الأمنية بفتح تحقيق في الملابسات التي رافقت غرق زورق ركاب قبالة سواحل طربلس حيث تم انتشال ست جثث. ويذكر أن لبنان يعرف أزمة اقتصادية خانقة زادت من ظاهر الهجرة غير الشرعية.
إعلان
لقي ستة مهاجرين بينهم طفلة حتفهم في غرق قارب قبالة سواحل لبنان، حيث لا يزال الجيش يحاول اليوم الأحد (24 أبريل/ نيسان 2022) العثور على ناجين بعد أن أنقذ حوالي خمسين شخصاً. وتزايدت عمليات الهجرة غير النظامية بحرا من لبنان الذي يعاني أزمة اقتصادية غير مسبوقة. لكن غرق قوارب الهجرة نادر الحدوث.
وغادر القارب السبت من منطقة القلمون جنوب طرابلس كبرى مدن شمال لبنان وعلى متنه نحو 60 شخصاً لم تحدد جنسياتهم. وانتشل الجيش اللبناني الأحد جثث خمسة مهاجرين بعد انتشال جثة طفلة السبت، ليرتفع إجمالي عدد القتلى إلى ستة بحسب حصيلة مؤقتة لوكالة الأنباء اللبنانية. وتم حتى الآن إنقاذ 48 شخصا وفق أحدث الأرقام الرسمية.
وقال الجيش في بيان إن القارب غرق بعيد مغادرته القلمون بسبب اكتظاظه وسوء الأحوال الجوية. لكن أحد الناجين قال إن القارب غرق بعد أن طارده الجيش. واعتبر أن "زورق دورية اصطدم بقاربنا مرتين"، قبل ان تطلب منه عائلات ناجين الصمت وتقتاده بعيدا. بالإضافة إلى ذلك، قال الجيش إنه تم إلقاء القبض على رجل يشتبه في تورطه في نقل مهاجرين غير نظاميين.
وقال وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية السبت إن حوالي 60 مهاجرا كانوا على متن القارب. كما أكد مدير ميناء طرابلس أحمد تامر أن الجيش يواصل البحث عن ناجين. وأغلق الجيش الميناء وسمح فقط لسيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر اللبناني بالدخول والمغادرة. وزار حمية الميناء بعد الحادث وأعرب عن أسفه "للفاجعة الكبرى التي أصابت لبنان بأكمله".
كما انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر الأحد أمام منزل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في طرابلس. وتجمع أقارب أشخاص كانوا على متن القارب ينتظرون خارج الميناء الأحد أملا في تلقي أنباء عنهم. وقال رجل ينتظر أنباء عن قريب له خارج الميناء "حدث هذا بسبب السياسيين الذين أجبروا اللبنانيين العاطلين عن العمل على مغادرة البلاد".
ويشهد لبنان الذي يناهز عدد سكانه ستة ملايين نسمة أزمة مالية خطرة، إذ فقدت الليرة أكثر من 90 بالمئة من قيمتها وبات غالبية السكان يعيشون تحت خط الفقر. ويلقي الكثير من السكان، فضلا عن منظمات دولية وحكومات أجنبية، باللوم في الأزمة على الطبقة السياسية اللبنانية التي ظلت على حالها لعقود في ظل اتهامات لها بالفساد وعدم الكفاءة. و من المقرر مبدئياً إجراء انتخابات تشريعية في 15 أيار/ مايو في البلد حيث يمارس حزب الله المسلح الموالي لإيران نفوذاً كبيراً.
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن ما لا يقل عن 1570 شخصا، من بينهم 186 لبنانيا، غادروا لبنان أو حاولوا المغادرة بشكل غير نظامي عن طريق البحر بين كانون الثاني/يناير وتشرين الثاني/نوفمبر 2021. ويتجه أغلب المهاجرين غير النظاميين إلى جزيرة قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي التي تبعد 175 كيلومترا عن سواحل لبنان. وبلغ عدد هؤلاء المهاجرين عام 2019 نحو 270 بينهم 40 لبنانيا. معظم الذين يحاولون مغادرة لبنان عن طريق البحر هم من اللاجئين السوريين، لكن أعداد اللبنانيين بينهم في تزايد.
ح.ز/ ع.غ (أ.ف.ب)
لبنان 100 عام.. من طوائف الجبل إلى دولة على شفا الانهيار
لبنان.. بلد صغير المساحة، لكنه يختزل على مدار قرن من إعلان قيامه أحداثاً كبيرة جعلته صورة مصغرة عما جرى في العالم العربي من خيبات متواصلة. يحتضن تاريخه كل شيء: العنف والصلح، الحرب والسلم، الرخاء والشدة، الوطنية والتبعية.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Eid
فتنة جبل لبنان
سكنت عدة طوائف في المناطق المعروفة حالياً بلبنان، خاصة منطقة جبل لبنان. لكن الطوائف الأبرز كانت ستة: الموارنة والأرثودوكس والكاثوليك، وفي الجانب الآخر الدروز والسنة والشيعة. بقي الجبل تحت سيطرة العثمانيين، لكنه شهد توترات طائفية خطيرة خاصة المجازر بين الدروز والموارنة عام 1860. تدخلت قوى أوروبية في المنطقة خاصة منها فرنسا، وشهد جبل لبنان بضغط أوروبي قيام نظام "المتصرفية" الذي عزّز الوجود الماروني.
صورة من: picture-alliance/Design Pics
قيام لبنان الكبير
بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، استطاعت فرنسا فرض انتدابها على لبنان بعد توسيعه ليضم البقاع وولاية بيروت فضلاً عن ترسيم الحدود مع سوريا. ويقول جوزيف باحوط في مقال على كارنيغي إن فرنسا هدفت إلى خلق وطن شبه قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، لكن الطوائف المسلمة رفضت بشدة الوضع الجديد. أعلن لبنان استقلاله عام 1943 على يد الرئيس بشارة الخوري، لكن جلاء القوات الفرنسية لم يتم إلّا عام 1946.
صورة من: picture-alliance/United Archives/TopFoto
الميثاق الوطني
شهد إعلان استقلال لبنان ما عُرف بالميثاق الوطني الذي منح رئاسة الدولة للموارنة ورئاسة الوزراء للسنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة. وكان هدف الميثاق تسهيل الاستقلال حتى لا يطلب المسيحيون حماية فرنسا ولا يطالب المسلمون بالوحدة مع سوريا. لم يُكتب الميثاق لكنه بقي مطبقاً في البلاد منذ ذلك الحين، ويرى متتبعون أنه سبب المشاكل الطائفية في البلاد بما أنه هو من أسس لنظام المحاصصة.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Hamzeh
إنهاء حكم شمعون
تحوّلت بيروت إلى مدينة تجمع الكل منذ سنوات الاستقلال، لكن اندلاع النزاع العربي-الإسرائيلى ألقى بظلاله على بلد يصارع لخلق هويته. استقبلت بيروت آلاف اللاجئين الفلسطينيين كما استقبلت مهاجرين عرب وشهدت نمواً اقتصادياً لكن في الآن ذاته ركزت قوى عربية متصارعة نفوذها داخل المدينة منذ ذلك الحين. غير أن أبرز حدث شهدته بيروت في الخمسينيات كان الانتفاضة ضد الرئيس كميل شمعون الذي كان له علاقات قوية مع الغرب.
صورة من: Imago Images/United Archives International
العصر الشهابي
من بين أكثر رؤساء لبنان احتراما هو فؤاد شهاب الذي حكم البلاد منذ 1958 إلى 1964 ورفض التمديد له رغم شعبيته الطاغية. تحقق في عهد شهاب الكثير من الاستقرار في البلد رغم الانتقادات الموجهة له بتقوية دور المخابرات بعد محاولة الانقلاب. جاء بعده شارل حلو الذي حاول اتباع النهج الشهابي بعدم تفضيل أيّ طرف سياسي على آخر، لكن البلد شهد في عهده عدة مشاكل اقتصادية، ما مهد الباب لسليمان إفرنجية ليخلفه.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Tödt
الحرب الأهلية تندلع
شهد لبنان توقيع اتفاق القاهرة عام 1969 بين الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين وبين الدولة اللبنانية حتى لا تتكرر مناوشات بين الطرفين، وبموجبه تم الاعتراف بالوجود الفلسطيني المسلح في لبنان. وقف اليسار اللبناني مع الفلسطينيين، في حين رفضهم اليمين المشكل أساساً من منظمات مارونية. ومع تعاظم النفوذ الفلسطيني تعددت الاحتكاكات مع القوى اليمينية، لتندلع رسمياً الحرب الأهلية في أبريل/ نيسان 1975.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Raouf
بيروت تشتعل
قُسمت بيروت إلى شرقية تحت سيطرة القوات اليمينية وغربية للفلسطينيين والقوات اليسارية. زاد التناحر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين من الحرب خاصة مع وجود اختلالات اجتماعية بينهم. زاد التدخل السوري من سعير الحرب، وكذلك فعلت إسرائيل عندما اجتاحت لبنان عام 1982 وحاصرت بيروت الغربية ما أدى إلى جلاء المسلحين الفلسطينيين، لكن الحرب لم تنته، ووقعت بعد ذلك مواجهات حتى داخل الأطراف التي كانت متحالفة.
صورة من: Ziad Saab
حزب الله يخرج منتصرًا
انتهت الحرب رسميا عام 1991 سنتين بعد توقيع اتفاق الطائف. شهدت الحرب مجازر مروعة كالكرنتينا والدامور وصبرا وشاتيلا، ووثقت الكاميرات مشاهد مرعبة كما جرى في حصار بيروت وحرب المخيمات. تقوّت لاحقا التنظيمات الشيعية، وخصوصا حزب الله المرتبط بإيران، وبقي التنظيم محافظًا على سلاحه بعد حلّ كل الميلشيات، فتراجع نفوذ التنظيمات المسلحة اليمينية واليسارية والفلسطينية، كما ضمنت سوريا استمرار حضورها في البلد.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
الاغتيالات تستمر
استقر لبنان نسبيا في التسعينيات، لكن سنوات الألفية شهدت مواجهات مسلحة بين حزب الله وإسرائيل في صيف 2006، لكن الهزة الأعنف كانت اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء السابق الذي ساهم في إعمار لبنان. كانت من نتائج الاغتيال خروج القوات السورية نتيجة ما عُرف بـ "ثورة الأرز". شهد البلد في تلك السنوات استمرار الاغتيالات السياسية التي وجهت فيها الاتهامات لدمشق كاغتيال الشيوعي جورج حاوي والصحفي سمير قصير.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Mounzer
حراك لبنان
لأول مرة في تاريخ البلاد، يخرج مئات الآلاف من اللبنانيين عام 2019 رفضاً لنظام المحاصصة الطائفية، مطالبين برحيل الطبقة السياسية ككل. جاءت الاحتجاجات في ظل استمرار ترّدي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب الفساد، ما أدى إلى استقالة حكومة سعد الحريري، وتشكيل حكومة حسان دياب التي استقالت بدورها بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة ما يناهز مئتي قتيل. تقرير: إسماعيل عزام