قتلى وجرحى بعد زلزال جديد ضرب الحدود التركية السورية
٢٠ فبراير ٢٠٢٣
بعد أسبوعين فقط من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا وخلف أكثر من 47 ألف قتيل، ضرب زلزال جديد المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا وصل مداه إلى لبنان الذي شعر سكانه بهزة قوية أصابتهم بالهلع.
إعلان
ضرب زلزالان جديدان بقوة 6,4 و5,8 درجات مساء اليوم الاثنين (19 شباط/ فبراير 2023) محافظة هاتاي الواقعة في جنوب تركيا والأكثر تضررا من زلزال السادس من شباط/فبراير الذي خلّف أكثر من 41 ألف قتيل في البلاد، وفق هيئة إدارة الكوارث التركية (أفاد).
وعبر تويتر دعت "أفاد" السكان إلى الابتعاد من الساحل في إجراء احترازي، محذّرة من مخاطر ارتفاع مستوى البحر. وتقع محافظة هاتاي على ضفاف البحر المتوسط على غرار مدينة انطاكية وميناء إسكندرونة.
وحددت "أفاد" مركز الزلزال الأول في بلدة دفنة، لافتة الى أنه سجل في الساعة 20,04 (17,04 ت غ). وشعرت به فرق فرانس برس بقوة في أنطاكية وأضنة على بعد مئتي كلم شمالا.
هذا الزلزال أعقبه بعد ثلاث دقائق زلزال آخر بقوة 5,8 درجات ضرب مدينة السويدية الساحلية الواقعة جنوب انطاكية، وفق "أفاد" التي حذّرت من "ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار يصل إلى 50 سنتيمترا". وقال وزير الداخلية التركي أن زلزال هذا المساء أدى إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة 213 آخرين.
وأفاد مراسلو وكالة فرانس برس بأن سكان محافظة حلب الواقعة في شمال غرب سوريا شعروا بالزلزالين اللذين تسببا بحالات ذعر وخروج إلى الشوارع. وأفاد مصوّر فرانس برس بانهيار أقسام من مبان متضرّرة.
وأصيب 42 شخصا على الأقل في أعقاب الزلزال الذي ضرب شمال غربي سوريا مساء اليوم، والذي تسبب في حادث تدافع وقفز بعض الأشخاص من المباني. وقفز أشخاص من أسطح مباني وشرفات منازل بحثا عن الأمان في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، حسبما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في أعقاب الزلزال الذي بلغت قوته 6,4 درجة على مقياس ريختر. وقال المرصد إنه كان هناك أيضا إصابات جراء سقوط الطوب والأنقاض في بلدات سلقين وحريم وإدلب وخربة الجوز وريف حلب، وأوضح أنه في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، انهارت مبان مدمرة في منطقتي الميدان والجميلية في حلب.
وكتبت رولا أمين المتحدثة باسم باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في المنطقة على موقع تويتر إن العديد من الأشخاص تركوا منازلهم ويتجولون في الشوارع خوفا من حدوث مزيد من الزلازل، بما في ذلك في العاصمة دمشق.
وفي انطاكية، أثار الزلزال حالة من الذعر بين السكان، وتسبب بارتفاع سحب من الغبار في المدينة المدمرة. روى الشاب السوري علي مظلوم البالغ 18 عاما في تصريح لفرانس برس لحظات الرعب في وسط أنطاكية. وقال "كنا مع +افاد+ التي تبحث عن جثث أقربائنا عندما فاجأنا الزلزال"، مضيفا أن الإنسان "لا يدري ما العمل" في هذه الحال. وتابع "تشبّثنا بعضنا ببعض وبدأت الجدران تنهار أمامنا. بدا لنا أن الأرض تنشق لابتلاعنا".
وعلى مقربة، كانت جرافة تعمل ليلا على رفع الأنقاض عن الطريق المغطى بالركام. وقال عامل إغاثة لفرانس برس "هذا وقع للتو"، في إشارة إلى بقايا مبنى منهار. وأفاد مراسل لفرانس برس بمشاهدة وسماع انهيار جدران مبان تضررت بشدة اصلا، وأشخاصا يستغيثون بعد إصابتهم على ما يبدو.
لبنانيون يشعرون بالرعب بعد هزة أرضية
وفي لبنان شعر السكان أيضا، مساء اليوم الاثنين، بهزة أرضية قوية أصابت العديد منهم بالهلع حيث تركوا منازلهم وتوجهوا إلى الشوارع. ففي العاصمة بيروت هرع العديد من المواطنين إلى الشوارع للابتعاد عن المباني. وبعضهم استقلوا سياراتهم مع عائلاتهم وتوقفوا في الشوارع في مناطق بعيدة عن المباني السكنية.
وشهدت الشوارع في مدينة طرابلس شمال لبنان حالة من الهلع وإطلاق رصاص كثيف لتحذير الناس للنزول من المنازل، وإخلاء المباني المرتفعة من ساكنيها. وشعر سكان منطقة صور جنوب لبنان بهزة أرضية وهرع بعض الأهالي الذين يقطنون في الطوابق العليا الى الساحات والشوارع خوفا من هزات ارتدادية أخرى. وتحدثت معطيات أن الهزة مركزها الحدود السورية التركية وبلغت قوتها 3,6 درجات على مقياس ريختر.
والإثنين تفقّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هاتاي المحاذية لسوريا، وهي إحدى المحافظات الـ11 التي تضررت من زلزال السادس من شباط/فبراير في جنوب تركيا. وقرّرت السلطات التركية وقف جهود البحث عن ناجين في غالبية المناطق باستثناء محافظتي كهرمان مرعش وهاتاي الأكثر تضررا.
وقال إردوغان من محافظة هاتاي إن زلزال السادس من شباط/فبراير دمر أو ألحق أضرارا بالغة بأكثر من 118 ألف مبنى.
وأضاف أنه "سيتم إعادة تشييد جميع المباني (...) على أرض صلبة ووفقا للمعايير الجيدة" مشيرا إلى أن بناء هذه المساكن سيبدأ في آذار/مارس.
وتابع أن هذه المساكن ستُبنى بعيدا من خطوط الصدع و"أقرب إلى الجبال للحماية من المشاكل الناجمة عن الأرضية غير المتينة". وبحسب "افاد" سُجّلت أكثر من ستة آلاف هزّة ارتدادية منذ وقوع الكارثة.
هـ.د/ ع. ج (أ ف ب، رويترز)
تراجع فرص الناجين.. خراب زلزال سوريا وتركيا بعد انقشاع الغبار
يقترب زلزال تركيا وسوريا من إتمام أسبوعه الثاني. أرقام الضحايا مفزعة والخسائر المادية باهظة والمعاناة مضاعفة في شمال سوريا. فكيف يبدو الوضع مع اقتراب عمليات الإنقاذ من نهايتها؟
صورة من: Kyodo/picture alliance
آمال العثور على ناجين باتت نادرة
لا تجد فرق الإنقاذ، على مدار الأيام القليلة الماضية، إلا الكثير من جثت القتلى، وفي حالات قليلة جدا بعض الأحياء. في تركيا طوال يوم كامل، لم يعثر سوى على ناجيتين يوم الخميس (16 فبراير/ شباط)، بينما في الجانب السوري لم يتم العثور على ناجين منذ التاسع من الشهر. حاليا مرت أزيد من 260 ساعة على حدوث الزلزال، وهي مدة تجعل من شبه المستحيل العثور على ناجين جدد.
صورة من: Ugur Yildirim/AP/picture alliance
عدد الضحايا مفزع
تجاوز عدد القتلى في البلدين 43 ألفا. الحصيلة الأكبر كانت في تركيا بأزيد من 38 ألفا. لكن هناك مخاوف كذلك من أن ترتفع الحصيلة أكثر في سوريا التي تعاني تأخرا كبيرا في عمليات الإنقاذ. أرقام الجرحى بعشرات الآلاف، بينما لا يوجد رقم رسمي لعدد المفقودين في البلدين. أجلت السلطات التركية حوالي 150 ألفا من السكان في المنطقة، بينما تحوّلت أماكن عامة إلى مقابر عمومية لجمع الجثامين في انتظار التعرف على أصحابها.
صورة من: BULENT KILIC/AFP
ملايين بدون مأوى
سارعت الكثير من الدول لمد يد العون إلى تركيا وسوريا، لكن حجم الكارثة كان كبيرا إذ تشرد الملايين، وقدرت الأمم المتحدة عدد المتضريين بحوالي 23 مليونا وأن من صاروا بدون مأوى في البلدين يقدر عددهم بـ5,3 مليون. ويعاني البلدان من نقص كبير في الخيام المؤقتة، لكن حجم المأساة مضاعف في الشمال السوري، وفاقمتها الظروف المناخية الباردة، ولم تكف المدارس والمساجد والسيارات والشاحنات لإيواء المتضررين.
صورة من: Burcu Karakas/DW
الانقسام السياسي يزيد المعاناة
عانت عمليات إرسال المساعدات لسوريا، خصوصا مناطق الشمال الغربي من عراقيل ومشاكل كبيرة. دول كثيرة لا تعترف بنظام الأسد، لكن كذلك لا تعترف بسلطة المعارضة المسلحة، ما جعل إرسال المساعدات ممكنا فقط عبر المعابر الحدودية من تركيا، كما لم تصل جل المساعدات التي تسلمها النظام إلى مناطق المعارضة، عرقلت الخلافات بين الأكراد المسلحين والمعارضة المدعومة من تركيا انسياب المساعدات.
صورة من: BAKR ALKASEM/AFP
نظام يستغل الزلزال لصالحه!
تحت تأثير الضغط الدولي، سمح النظام السوري بفتح معبرين إضافيين لدعم الشمال الغربي بعدما كانت جلّ المساعدات تأتي من معبر واحد هو باب الهوى. حكومة الأسد كانت تتمسك في البداية بتوزيع المساعدات تحت إشرافها، خصوصا مع سيطرتها على المطارات وتنسيق عدة دول بشكل مباشر معها، كما لم تقرّر الحكومة إيصال المساعدات إلى مناطق المعارضة إلّا بعد خمسة أيام على وقوع الزلزال.
صورة من: SANA/dpa/picture alliance
هناك من يستغل الزلزال للسرقة!
يجد البعض في الكوارث الطبيعية فرصة للنهب. السلطات التركية أوقفت حوالي 48 شخصا للاشتباه بأعمال نهب في مناطق الزلازل، وأصدرت أكثر من 113 مذكرة اعتقال. كما تحدث مراقبون عن وجود عمليات إطلاق نار واشتباكات بين مجموعات، ما دفع فرق إنقاذ أجنبية إلى تعليق عملياتها لدواعِ أمنية، ومنها بعثة الجيش النمساوي، وذلك الفرع الألماني لمنظمة I.S.A.R غير الحكومية.
صورة من: UMIT BEKTAS/REUTERS
الدعم الدولي كبير لكنه غير كافٍ
أرسلت عشرات الدول المساعدات وفرق الإنقاذ للشعبين التركي والسوري، سواء منها الدول العربية والغربية أو المنظمات غير الحكومية، لكن الحاجة كبيرة جدا وسط تباين واضح في الاستفادة منها بين تركيا وسوريا. الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أكد أنه يحتاج إلى 702 مليون دولار لإغاثة المنكوبين، بينما ناشدت الأمم المتحدة الدول الأعضاء جمع حوالي 400 مليون دولار.
صورة من: Ahmed Saad/REUTERS
خسائر مادية باهظة
قدر اتحاد الشركات والأعمال التركي خسائر الزلزال بـ84 مليار دولار، من بينها 70,8 مليار دولار لترميم آلاف المنازل المتضررة، فضلا عن تضرّر الطرقات ونقاط التصنيع والقدرة الإنتاجية، ما سيكون له أثر على النمو الإجمالي. لكن في الجانب الآخر بين الزلزال وجود عيوب كبيرة في تشييد كثير من المباني، ما أدى إلى إيقاف 12 مقاولا في تركيا، وتأكيد وجود خطط لهدم حوالي 50 ألف مبنى.
صورة من: CLODAGH KILCOYNE/REUTERS
ما الحل لمواجهة الزلزال؟
أثار الزلزال أسئلة كثيرة حول قدرة البشر على مواجهة الزلازل، على الأقل التنبؤ بحدوثها بوقت كافٍ. الجدل قديم –جديد خصوصا مع تغريدة لخبير هولندي نبها فيها لوقوع زلزال في المنطقة. لكن العلماء يؤكدون أنه مستحيل حاليا توقع الزلازل بدقة قبل أيام أو أشهر من وقوعها. لكن البناء الآمن في المناطق التي توجد في بؤر الزلازل، وتطوير آليات الإنقاذ يمكن أن يساهما في تقليل أعداد الضحايا مستقبلا.