تتواصل الغارات والقصف على مناطق مختلفة من حلب مخلفة قتلى وعشرات الجرحى في صفوف المدنيين، فيما أصبحت المعارضة المدعومة من تركيا على وشك طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من آخر معاقله في محافظة حلب.
إعلان
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض إن ما لا يقل عن ستة مدنيين قتلوا اليوم الأحد (13 نوفمبر/تشرين الثاني 2016) في هجوم جوي وآخر صاروخي في مدينة حلب شمالي سوريا. وقال المرصد، الذي يعتمد على شبكة ناشطين داخل سوريا، إن ثلاثة مدنيين، بينهم طفل، قتلوا في غارة جوية على بلدة الأتراب التي يسيطر عليها المعارضة المسلحة، على الطرف الغربي من حلب. كما ذكر المرصد أن قوات النظام قصفت أيضا عدة مناطق شرقي حلب الذي تسيطر عليه المعارضة، ما تسبب في خسائر غير محددة. وأضاف المرصد أن عناصر المعارضة المسلحة أطلقوا في الوقت ذاته صواريخ على حي الجديدة الذي يسيطر عليه النظام في القسم الجنوبي الغربي من مدينة حلب، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين على الأقل.
من ناحية أخرى قال المرصد قُتل اليوم أيضا 12 شخصا على الأقل وأصيب 50 في انفجار في قرية غزاوية التابعة لمنطقة عفرين وهي منطقة خاضعة للأكراد. ولا يزال سبب الانفجار غير واضح. وفي حين اتهمت المواقع الموالية للمعارضة طائرات روسية بالمسؤولية عنه، قالت مصادر كردية إن الطائرات الحربية كانت تركية. ولم يمكن التحقق من أي من الادعاءين.
وتعد غزاوية جزءا من قطاع عفرين الخاضع لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية. وكانت مصادر طبية في مستشفى عفرين قالت في وقت سابق من اليوم لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من 50 آخرين جراء انفجار وقع عند قرية غزاوية في منقطة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي.
اشتباكات في المناطق الشرقية لحلب
في غضون ذلك، تدور اشتباكات بين القوات السورية والفصائل المعارضة المسلحة على مشارف المناطق الشرقية لمدينة حلب، بحسب ما أفاد المرصد. يأتي ذلك بعد أن تلقى السكان رسائل من الجيش تمهل المسلحين 24 ساعة لمغادرة تلك المناطق. وتحدث المرصد ومراسل وكالة فرانس برس في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شرق حلب عن وقوع اشتباكات في أحياء كرم الطراب وقرية عزيزة على مشارف المدينة.
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
11 صورة1 | 11
وذكر مراسل فرانس برس أن القتال سمع في معظم مناطق حلب الشرقية التي تحاصرها قوات النظام السوري، وتتعرض لهجوم متكرر منذ إعلان الجيش السوري عن إطلاق عمليته لاستعادة المدينة في أيلول/سبتمبر. وتلقى سكان مناطق حلب الشرقية رسائل نصية تمهل المسلحين 24 ساعة لمغادرة المنطقة. وجاء في إحدى الرسائل "أيها المسلحون في أحياء شرق حلب. نمهلكم 24 ساعة فقط لاتخاذ القرار بالخروج". وأضافت "كل من يريد الحياة الآمنة عليه بإلقاء السلاح ونضمن سلامته. بعد انتهاء المهلة سيبدأ الهجوم الاستراتيجي المقرر وسنستخدم اسلحة الدقة العالية". واعتادت الحكومة والقوات السورية إرسال الرسائل النصية إلى المسلحين والسكان في شرق حلب تطلب منهم الخروج من المناطق المحاصرة من المدينة.
المعارضة السورية على وشك طرد "داعش" من حلب
وفي تطور آخر، باتت فصائل سورية معارضة مدعومة من قوات تركية على بعد كيلومترين من مدينة الباب، آخر معقل لتنظيم "الدولة الإسلامية" في محافظة حلب في شمال البلاد، وفق ما أفاد المرصد. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "باتت فصائل المعارضة المدعومة من قوات تركية على بعد كيلومترين شمال وشمال غرب مدينة الباب" في ريف حلب الشمالي، والتي تتعرض حاليا "لقصف جوي ومدفعي تركي".
وبدأت تركيا في 24 اب/أغسطس هجوما بريا غير مسبوق في سوريا دعما لفصائل معارضة لطرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من المنطقة الحدودية في شمال حلب، كما استهدفت مقاتلين أكراد. وتقع الباب على مسافة 30 كلم من الحدود التركية، وطالما شكلت هدفا للحملة التي اطلق عليها "درع الفرات". وأوضح عبد الرحمن أن "التقدم إلى الباب يأتي في إطار العملية ذاتها التي بدأت بسيطرة الفصائل المعارضة على مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي". وأكد أن الفصائل المعارضة والقوات التركية طردت الجهاديين من مساحة تبلغ "2500 كيلومتر مربع في المنطقة الحدودية مع تركيا". وكانت جرابلس تعد الى جانب مدينة الباب آخر معقلين لتنظيم "الدولة الإسلامية" في محافظة حلب، بعدما تمكنت قوات سوريا الديموقراطية من طرد الجهاديين من مدينة منبج.