قتل إمام مسجد في ألمانيا... جريمة كراهية أم "نزاع عائلي"؟
٢٦ ديسمبر ٢٠٢٠
عكرت جريمة قتل إمام مسجد أجواء عيد الميلاد، التي ألقت عليها بالأصل جائحة كورونا ظلالها الثقيلة، في مدينة شتوتغارت الألمانية ومحيطها. كيف وقع الاعتداء البشع على شهيد نواز قادري؟ وما هي دوافعه؟
إعلان
صلاة جمعة تبدو للوهلة الأولى - في زمن كورونا - عادية في "جامع مسجد المدينة"، الذي تديره جمعية باكستانية (Pakistan Welfare Society Stuttgart e.V)، والواقع في حي باد كانشتات أكثر أحياء مدينة شتوتغارت اكتظاظاً وأقدمها؛ إذ يعود تاريخه إلى العهد الروماني.
منضدة خارج المسجد عليها كمامات ودفتر لتسجيل أسماء المصلين ومعلومات الاتصال. مشهد أصبح اعتيادياً في زمن الجائحة، لكن غير الاعتيادي هناك هو اعتداء وقع في بداية الأسبوع وذهب ضحيته مساعد الإمام في المسجد، الباكستاني شهيد نواز قادري.
في حوالي الساعة 18:00 من مساء الاثنين (21 كانون الأول/ديسمبر 2020) تعرض شهيد نواز قادري لهجوم من قبل مجهولَين حين كان يقوم رفقة زوجته بفسحة في الهواء الطلق في مدينة "إيبرسباخ آن دير فيلز" الوادعة والتي تقع في مقاطعة غوبينغن على بعد حوالي 30 كيلومتراً شرق مدينة شتوتغارت.
ولقي الرجل البالغ من العمر 26 عاماً حتفه في عين المكان إثر تعرضه "لضرب عنيف في رأسه"، وفق بيانات شرطة مدينة "أولم" التي أوضحت أن وحدات الإسعاف لم تتمكن من إسعاف الرجل الذي توفي في مسرح الجريمة. وحسب زوجة الضحية فإن رجلين ملثمين هاجما زوجها ووجها له ضربات متتالية في منطقة الرأس. ونقلت مصادر صحفية ألمانية أن زوجة الضحية أصيبت بجروح طفيفة.
سارعت الشرطة إلى مكان الاعتداء وباشرت بتطويقه وجمع الأدلة. وقد شكلت الشرطة الجنائية لجنة خاصة للتحقيق. وقد شاركت طائرة مروحية في العملية. وأعلنت الشرطة أنها تحقق "في جميع الاتجاهات"في إشارة إلى احتمالية وجود دوافع عنصرية للجريمة البشعة.
أكبر صحيفة تصدر بالإنكليزية في باكستان The News International ذكرت في مقال لها أن القتل "ليس جريمة كراهية" وأن دافع الجريمة "نزاع عائلي". وأضافت الصحيفة أن زوجة الضحية، الألمانية الجنسية والتي تكبره بأربع سنوات، كانت متزوجة سابقاً من مواطن ألباني. وحسب الصحيفة فقد كان المقتول، المنحدر من إقليم البنجاب، يعمل بشكل جزئي سائق سيارة أجرة. وذكرت الصحيفة أن السفارة الباكستانية تقوم بالإجراءات اللازمة لنقل الضحية إلى بلاده ليصار إلى دفنه هناك.
"لا" للتكهنات
أحمد عويمر، مفوض الحوار والشؤون الكنسية في "المجلس الأعلى للمسلمين" في ألمانيا، امتنع في تصريح لـ DW عربية عن الدخول في لعبة "التكهنات"، مفضلاً الانتظار حتى ظهور نتائج التحقيقات الأولية، وبعدها "سيكون لنا بالتأكيد موقف قوي". وأكد عويمر أنهم في المجلس "على تواصل مع عائلة المقتول". وعبر عويمر عن صدمته على خلفية أن هذه الاعتداء هو الأول من نوعه على إمام مسجد في ألمانيا. وختم بالتعبير عن "ألمه الشديد بفقدان إنسان". وقد حاولت DW عربية الحصول على تصريح من زوجة الضحية، بيد أنها فضلت عدم الإدلاء بأي شيء في الوقت الحاضر.
من حهته أعرب عمدة المدينة إيبرسباخ، إيبرهارد كيلر، عن تضامنه مع أسرة الضحية. وطلب من سكان المدينة عدم المشاركة في التكهنات، وإذا أمكن، دعم أعمال التحقيق التي تقوم بها الشرطة، حسب ما ذكر الموقع الإلكتروني لتلفزيون RTL الألماني الخاص. وقد وجهت الشرطة نداء لكل من يمكنه ان يدلي بأي معلومة تساعد في التحقيق.
وقد أجرت وكالة أنباء Ruptly الروسية مقابلة مع روحيل منير من الجمعية التي تدير المسجد عبر فيها عن "صدمتهم وتأثرهم العميق"، مؤكداً أن الجريمة البشعة لن تثني المصليين عن القدوم للصلاة وتبقيهم في المنزل خائفين. وقد عبر عن "استمرار ثقتهم بالسلطات الألمانية".
وقد صدمت الجالية المسلمة في المنطقة بالخبر. في مجموعة "البيت السوري في شتوتغارت" تفاعل كثيرون مع منشور حول الجريمة معبرين عن خوفهم ومترحمين على الضحية. وأفصح البعض عن معرفتهم بالمقتول شاهدين له بـ "حسن الأخلاق ولطف المعشر".
خالد سلامة
"الإيمان في أزمنة غير معتادة".. يوم المسجد المفتوح في ظل كورونا
قبل 23 عاما أطلق مسلمو ألمانيا "يوم المسجد المفتوح" واختاروا له يوم الوحدة الألمانية (الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر) من كل عام، حيث تفتح المساجد أبوابها لتعريف الزوار بالإسلام، لكن كورونا في 2020 ألقى بظلاله على الحدث.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Roessler
ألقت جائحة كورونا بظلالها على فعاليات "يوم المسجد المفتوح" في ألمانيا في 2020 فحملت المناسبة السنوية هذا العام عنوان "الإيمان في أزمنة غير معتادة"، في إشارة إلى تأثير الجائحة حتى على الدين والعبادات. هنا نرى هنريته ريكر، عمدة مدينة كولونيا تجلس (السبت 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020) مع زوار آخرين في مسجد "ديتيب" الكبير في كولونيا محافظة على قواعد التباعد الاجتماعي والقيود الصحية.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture-alliance
عندما أصدرت الحكومة الألمانية في مارس/ آذار 2020 ما يعرف بقيود كورونا، أغلقت حتى دور العبادة بما فيها المساجد أبوابها. لكن بعد تخفيف القيود في مايو/ أيار، سمح بالعودة للمساجد بشروط من بينها ارتداء الكمامة والتابعد لمسافة 1٫5 متر بين كل شخص في المسجد. وفي يوم المسجد المفتوح 2020 يظهر جليا قلة أعداد الزوار وتباعدهم عن بعضهم البعض.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture-alliance
منذ عام 1997، تقام فعالية "يوم المسجد المفتوح" في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، والذي يصادف يوم الوحدة الألمانية. واختيار هذا اليوم بالذات لم يأت مصادفة، فالمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا يود في هذا اليوم أن يؤكد على "أن المسلمين جزء من الوحدة الألمانية بالإضافة إلى التعبير عن ارتباطهم بمجموع السكان في ألمانيا". وفي هذه السنة يتوقع أن يبلغ عدد زوار المساجد 100 ألف شخص.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
الجاليات الإسلامية تريد في هذا اليوم أن تقرب الزوار من الإسلام أكثر، واختارت المساجد كأفضل مكان للالتقاء، فالمساجد ليست مكاناً للصلاة فقط، بل ولعقد اللقاءات والندوات أيضاً.
صورة من: picture-alliance/dpa/Paul Zinken
معظم المساجد تقدم جولات في هذا اليوم، وتظهر الصورة إحدى تلك الجولات في مسجد في بلدة هورت التابعة لمدينة كولونيا، حيث يتلقى الزوار معلومات عن العمارة والتاريخ والحياة اليومية في المساجد التي تعتبر أهم ملتقيات الجاليات الإسلامية في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Baumgarten
المسجد المركزي في مدينة دويسبورغ هو من أكبر المساجد في ألمانيا، وتم افتتاحه عام 2008. يشارك المسجد في نشاطات تدعم الاندماج في المدينة. في يوم المسجد المفتوح، يتيح المسجد لزواره، بالإضافة للجولة، فرصة مشاهدة صلاتي الظهر والعصر، بالإضافة إلى تقديم الشاي لهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Skolimowska
يتعرف الزوار على الإسلام أكثر ابتداء من اتباع بعض القواعد البسيطة المتبعة في المساجد، حيث يخلعون أحذيتهم قبل الدخول إلى مكان الصلاة، كما يشاهدون كيف يتوضأ المسلمون. ويقوم المسجد المركزي في كولونيا بتوضيح بعض الطقوس والقواعد للزوار في يوم المسجد المفتوح.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Baumgarten
المسجد الأزرق في هامبورغ، الذي أخذ اسمه من المسجد الأزرق في إسطنبول، لا يقع على البوسفور، بل على نهر ألستر! وهو رابع أكبر مسجد في ألمانيا. في العام الماضي وفي يوم المسجد المفتوح، رسم الفنان حسن روح العالمين "مذبحة كربلاء"، ذات الأهمية الكبيرة في المذهب الشيعي.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Scholz
أبواب المساجد لا تفتح في يوم المسجد المفتوح فقط، وإنما هناك فرصة لتبادل الزيارات في يوم الكاثوليك أيضاً، كما في مسجد يافوز السلطان سليم بمانهايم، حيث قامت الراهبات وطالبات الدين من كنيسة مريم العذراء المقابلة للمسجد بجولة تعرفن فيها على الإسلام بشكل أقرب.
صورة من: picture-alliance/dpa
يحصل الناس أحياناً على بعض الهدايا الرمزية في هذا اليوم، كالصبي الصغير الذي يظهر في الصورة، والذي حصل على مَسبَحة في يوم المسجد المفتوح في منطقة بونامس بفرانكفورت.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Rumpenhorst
ويتيح يوم المسجد المفتوح للزوار مشاهدة المصلين عند تأدية الصلاة ولو لمرة واحدة. ورغم أنه لا يمكن للزوار دخول مكان الصلاة إلا أنهم يمكن أن يتابعوا الصلاة من أماكن تطل عليها، كما يظهر في الصورة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Hanschke
وبعد الجولة في يوم المسجد المفتوح، يمكن للزوار أن يستمتعوا بوجبات من جميع أنحاء العالم. وقد قدم مسجد شهيتليك (جامع الشهادة) في حي نويكولن ببرلين تشكيلة واسعة من الأطباق لزواره خلال السنوات الماضية.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Hanschke
مسجد فضل عمر في هامبورغ والذي تم افتتاحه عام 1957 لديه شيء للجميع في يوم المسجد المفتوح، حيث تقام فيه ورشات عمل للرسم والخط العربي، بالإضافة إلى معرض يمكن فيه القيام بـ"رحلة عبر الزمن الإسلامي". كما يقدم الرعاية للأطفال، ومشروبات منعشة لراكبي الدراجات خلال استراحتهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/Daniel Reinhardt
وفي مدينة دريسدن أيضاً تدعو المساجد الناس للتعرف على الإسلام وإلى التبادل الثقافي. وقد أطلق مسجد المصطفى في المدينة برنامجاً يتم فيه تقديم القهوة للزوار إضافة إلى محاضرات توضيحية عن الإسلام.
هيلينا فايزه/ محي الدين حسين