في إطار سياسة الاتحاد الأوروبي في التعاطي مع إعلانات التبغ نص التوجيه الأوروبي رقم 2003/33/ EG على منع هذه الإعلانات داخل دول الاتحاد. وكان البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي قد قررا في 26 مايو/أيار 2003 إصدار مثل هذا التوجيه، يتلوه تشريع قانون في مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد يمنع إعلانات منتجات التبغ في كل وسائل الإعلام. ولم يدخل هذا الحظر حيّز التنفيذ إلا أواخر شهر يوليو/تموز 2005 الماضي. غير أن التوجيه الأوروبي هذا المنظم لإعلانات التبغ والمتضمن لقواعد عامة تطبق داخل كل الدول الأعضاء في الاتحاد، لقي تحفظا من قبل بعض الدول الأوروبية ومن بينها ألمانيا، علما أنها قد منعت إعلانات التبغ في التلفاز منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي.

ولا يهدف هذا التوجيه في جوهره إلى توحيد التشريعات المنظمة لإعلانات التبغ داخل دول الاتحاد الأوروبي فحسب، بل يتوخى أيضا حماية المواطن الأوروبي من مخاطر التدخين الإدمان. فالاتحاد الأوروبي يجد نفسه معنيا بحماية مواطنيه الشباب على وجه الخصوص من مخاطر التدخين، من خلال منع الترويج لمنتجات التبغ في وسائل الإعلام، خصوصا إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار أن التدخين يتسبب في مقتل نحو نصف مليون شخص سنويا داخل دول الاتحاد الأوروبي.

منع إعلانات التبغ في الصحف والانترنت

يشمل منع إعلانات التبغ كافة وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة بما فيها الصحف والشبكة العنكبوتية داخل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ويستثنى من هذا الحظر الإعلانات الداخلية المخصصة للعاملين في قطاع صناعة التبغ. كما لا يقتصر هذا على الإعلانات التي تصدر من داخل أوروبا فحسب، بل أنها تشمل أيضا حظر إعلانات التبغ داخل البرامج التلفزيونية التي تبث من خارج أوروبا وتذاع داخل دولها، خاصة منها الإعلانات التي تظهر أثناء نقل مسابقات فورمولا واحد التي تعد شركات التبغ أحد اكبر مموليها. وفي السياق ذاته يقضي التوجيه الأوروبي بمنع توزيع علب سجائر مجانا أثناء تلك التجمعات والنشاطات التي تنظم في دول الاتحاد الأوروبي.

اعتراض ألماني وتحذير اقتصادي

تشهد ألمانيا والاتحاد الأوروبي منذ سنوات جدلا قانونيا حول تطبيق توجيهات الاتحاد المتعلقة بمنع إعلانات التبغ. ومع دخول هذا المنع حيز التنفيذ أواخر شهر يوليو/تموز 2005 قامت الحكومة الألمانية برفع دعوى قضائية ضد هذا المنع، معتبرة أن مثل هذا الإجراء يتعدى صلاحيات الاتحاد الأوروبي أو المفوضية الأوروبية. ومع رفض المحكمة الأوروبية للدعوى التي تقدمت بها ألمانيا تجد هذه الأخيرة نفسها ملزمة بمنع إعلانات التبغ مع بداية العام القادم 2007. غير أن الخبراء الاقتصاديين حذروا من عواقب تطبيق التوجيهات الأوروبية المنظمة لإعلانات التبغ داخل ألمانيا. فهي ستنعكس في نظرهم سلبا على أرباح الشركات المنتجة للتبغ وستلحق أضرارا بقطاعات اقتصادية أخرى مرتبطة بتلك الصناعة. ففي هذا السياق يتوقع الخبراء أن تتكبد متاجر بيع السجائر والأماكن الأخرى التي تتعامل معها مثل محطات التزود بالوقود ودور نشر الجرائد والمجلات والشركات المنتجة للإعلانات الترويجية خسائر مالية كبيرة.