رحبت برلين بإقرار خطة المناخ الجديدة في الولايات المتحدة، وهي خطة أعلن عنها جو بايدن وتمت المصادقة عليها في الكونغرس رغم معارضة الجمهوريين.
إعلان
أشادت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بإقرار الكونغرس الأمريكي مجموعة من القوانين المتعلقة بالمناخ ووصفتها بأنها "قرار تاريخي".
وقالت بيربوك في برلين في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت (13 أغسطس/ىب 2022): "فرصتنا في الوصول إلى هدف الحد من ارتفاع الاحترار العالمي عند درجتين مئويتين زادت قليلا اليوم".
وتابعت: "سيقدم أكبر برنامج استثمار مناخي في تاريخ الولايات المتحدة مساهمة ملموسة في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية وتنفيذ اتفاقية باريس للمناخ".
وكان الكونغرس الأمريكي قد أقر مجموعة من القوانين لاستثمار المليارات في حماية المناخ والشؤون الاجتماعية. وبعد مجلس الشيوخ وافق مجلس النواب أيضا على ما يسمى بقانون مكافحة التضخم أمس الجمعة.
وقالت بيربوك إنها لإشارة مهمة لمفاوضات المناخ الدولية "أن الولايات المتحدة، باعتبارها ثاني أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، تقترب بخطوة حاسمة إلى هدفها المتعلق بالمناخ". وأضافت: "بهذا يمكننا مخاطبة دول أخرى مصدرة للانبعاث بشكل أكثر مصداقية بحيث تقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأسرع ما يمكن".
وفي المقابل، قالت الوزيرة الألمانية إن من المؤسف أن الحزمة التشريعية تلزم أيضا الإدارة الأمريكية مواصلة التنقيب عن النفط والغاز قبالة السواحل الأمريكية قبل إجراء مزيد من الاستثمارات في الطاقة المتجددة، وأنها لا تتضمن زيادة في مساهمة الولايات المتحدة في تمويل إجراءات المناخ الدولية.
وقالت: "بصفتنا أقوى القوى الاقتصادية يجب علينا جميعا أن نقدم مساهمتنا في تمويل إجراءات المناخ حتى تكون لدينا فرصة للتغلب على أزمة المناخ"، موضحة أن العديد من البلدان في العالم ستدير التحول الأخضر لاقتصادها فقط من خلال الاستثمارات الدولية.
انتصار للديمقراطيين في أمريكا
وفي انتصار سياسي كبير للرئيس الديموقراطي، جو بايدن، قبل أقلّ من ثلاثة أشهر من انتخابات تشريعيّة حاسمة، أتاح الديموقراطيّون بغالبيّتهم الضئيلة في مجلس النوّاب إقرار الخطّة التي تزيد قيمتها على 430 مليار دولار، بعد تصويت مماثل في مجلس الشيوخ قبل بضعة أيّام.
وأعلن بايدن في تغريدة أنه سيصدر النصّ الأسبوع المقبل، ليصبح قانوناً نافذاً يهدف إلى وضع البلاد على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها لناحية خفض انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري.
وكتب بايدن "اليوم انتصر الشعب الأمريكي"، مضيفًا أنّه من خلال هذه الخطّة "ستُلاحظ العائلات انخفاضًا في أسعار الأدوية والرعاية الصحّية وتكاليف الطاقة".
وتنص الخطة التي حصلت على تأييد غالبية المنظمات التي تكافح التغير المناخي، على تخصيص 370 مليار دولار للبيئة و64 مليار دولار للصحة.
وفي الوقت نفسه تهدف الخطة التي أطلق عليها اسم "قانون خفض التضخم" إلى الحد من العجز في الميزانية العامة من خلال فرض ضريبة جديدة بنسبة 15% كحدّ أدنى على الشركات التي تجني أرباحا تتخطى مليار دولار.
وصرّحت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي قبيل التصويت "اليوم هو يوم احتفال"، مؤكدة أنّ هذا القانون سيسمح للعائلات الأمريكية "بالازدهار ولكوكبنا بالصمود".
في المقابل، يعتبر المعسكر الجمهوري أنّ النصّ سيولّد نفقات عامّة غير ضروريّة منددا باستخدام الضرائب لتمويله. ودعا الرئيس السابق دونالد ترامب، عبر شبكته الاجتماعية "تروث سوشال"، جميع الجمهوريّين إلى الوقوف ضدّ الخطّة.
ع.ا /ع.ج.م ( د ب أ، أ ف ب)
يقاوم الجفاف وتغير المناخ.. الراين معلم طبيعي وشريان حياة بقلب أوروبا
ليس نهر الراين مجرد نهر غزيز يمرّ عبر ست دول أوروبية، بل هو أيضاَ معلمة تاريخية ورمز حضاري يؤرخ لتاريخ ممتد، وشريان حياة وخط نقل رئيسي في قلب أوروبا، لكنه يواجه أياما صعبة بسبب التغيّر المناخي، إذ تراجع منسوبه بشكل كبير.
صورة من: Peter Schickert/picture alliance
من سويسرا إلى هولندا
ينبع نهر الراين تحديدا من بحيرة توما في كانتون غراوبوندن شرق سويسرا، لكن عمقه لا يزداد إلا بعد تدخل مصادر أخرى للمياه منها بحيرة توماسي. هو أكبر نهر في سويسرا، ويشكل جزءا من حدودها مع النمسا وألمانيا وفرنسا، ومن أجمل معالمه الطبيعية في سويسرا شلالات الراين.
صورة من: imago/Westend61/W. Dieterich
يقطع ست دول بموقع استراتيجي مهم
اسمه يعود إلى اللغة السلتية، رينوس، وتعني "الجاري"، يتدفق النهر على مسافة 1230 كيلومترا. يمر في سويسرا وألمانيا وفرنسا والنمسا وليختنشتاين وهولندا، حيث يصب في بحر الشمال، ورغم أنه لا يوجد في قائمة خمس أكبر أنهار أوروبا، إلّا أن موقعه الاستراتيجي يجعله ضمن أهمها على الإطلاق.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/S. Ziese
شريان نقل وسط القارة الأوروبية
بفضل هذه الأهمية الاستراتيجية، استُخدم الراين وسيلة مثلى للنقل منذ أيام الحكم الروماني، واليوم هو شريان نقل أساسي للبضائع بين الدول التي يمر عليها، فمثلا ينقل الجزء الأكبر من البضائع التي تصل ألمانيا عبر الأنهار والمقدرة بـ195 مليون طن، ويربط مناطق صناعية ضخمة في ألمانيا وفرنسا وسويسرا وهولندا.
صورة من: H. Blossey/blickwinkel/picture alliance
أهمية كبيرة في التاريخ الألماني
رغم أنه يأتي في المرتبة الثانية داخل ألمانيا بعد نهر الدانوب، إلّا أن الراين كان له دور كبير في تشكيل القومية الوطنية الألمانية. يعود ذلك بسبب مروره عبر دول كانت منافسة لألمانيا منها فرنسا، وما نجح عن ذلك من أزمة بينهما عندما طالبت باريس أن يشكل النهر حدودا طبيعية لفرنسا. تقدم الأغنية الشهيرة " Die Wacht am Rhein" الصادرة عام 1871 لمحة عن هذه المشاعر القومية.
صورة من: picture-alliance/Zoonar/N. Okhitin
يضفي على المدن جمالا ساحرا
شكل هذا النهر مصدر إلهام للكثير من الفنانين، منهم رسام المناظر الطبيعية الإنجليزي ويليام ترنر الذي استلهم لوحاته من رومانسية نهر الراين، وكذلك الشاعر لورد بايرون. كما حضر النهر في العديد من الأفلام السينمائية منها Watch on the Rhine. يمر عبر العديد من المدن الجميلة، خصوصا في ألمانيا حيث يقطع 13 مدينة أشهرها كولونيا (الصورة)، وكذلك في روتردام الهولندية.
صورة من: manfredxy/Zoonar/picture alliance
الجفاف يضرب الراين مرة أخرى
تعرّض النهر لموجات جفاف عبر التاريخ استطاع أن يقاوم آخرها عام 2018. هذه الأيام يعاني مجددا من تراجع منسوبه، إذ تراجع مستواه في كوبلنز الألمانية إلى 48 سنتمتر فقط، وهو أقل ثلاث مرات مما تحتاجه السفن للإبحار. صور متعددة التقطت لتراجع المياه وهناك توقعات بأن تنحسر أكثر خلال الأيام القادمة، لكن الخبراء يثقون في صموده مرة أخرى.
صورة من: Ina Fassbender/AFP
تضرر كبير في المجال الاقتصادي
تداعيات الجفاف كبيرة جدا على المستوى الاقتصادي، سيكون لزاما على العديد من شركات النقل تأجيل أو خفض نقل بضائعها، ومن ذلك النفط والفحم الحجري والغاز. يتحدث خبراء عن أن السفن لن تستطيع نقل أكثر من 600 طن حتى وإن كان قدرتها تتجاوز ألفي طن. يحدث هذا في وقت تتخوف فيه ألمانيا وأوروبا من أزمة طاقة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، فضلا عن تضرر حركة النقل السياحي.
صورة من: Getty Images/M. Hitij
خطر كبير على البيئة
التداعيات تصل كذلك إلى المجال البيئي. نهر الراين هو موطن الكثير من النباتات والحيوانات والطيور. بسبب انخفاض منسوبه يزداد التلوث وترتفع درجة الحرارة. تعيش في النهر أنواع سمكية متعددة ما يشكل خطرا على التنوع البيئي، كما تتضرر النباتات التي تنبت على ضفاف النهر، ويؤثر الجفاف بشكل كبير على الغطاء الغابوي القريب من النهر.