قرار حاسم منتظر للذرية الدولية بشأن نووي إيران وطهران تحذر
عبده جميل المخلافي أ ف ب/رويترز
٩ يونيو ٢٠٢٥
قالت إيران إنها ستقدم قريبا مقترحها بشأن الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة بعدما وصفت عرض واشنطن بأنه يحتوي على "التباسات". يأتي ذلك قبيل اجتماع حاسم لوكالة الطاقة التي اتهمت طهران بحيازة وثائق سرية خاصة بالوكالة.
وتتّهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون الجمهورية الإسلامية بالسعي لحيازة أسلحة نووية، الأمر الذي تنفيه طهران مشدّدة على أن برنامجها النووي غاياته مدنية حصرا. (أرشيف)صورة من: Abedin Taherkenareh/dpa/picture alliance
إعلان
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في مؤتمر صحافي اليوم الاثنين (التاسع من يونيو/ حزيران 2025) إن إيران "ستقدم قريبا مقترحنا إلى الجانب الآخر (الولايات المتحدة) عبر سلطنة عُمان بمجرد إتمامه. إنه مقترح معقول ومنطقي ومتوازن، ونوصي بشدة الجانب الأمريكي باغتنام هذه الفرصة". وانتقد المقترح الأمريكي قائلا إنه "يفتقر إلى العديد من العناصر"، من دون الخوض في التفاصيل.
وقالت إيران الأسبوع الماضي إنها تلقت "عناصر" من الاقتراح الأمريكي للتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي للجمهورية الإسلامية، لكنها اعتبرت أن المقترح يحتوي على "الكثير من الالتباسات".
ولم يعرف ما هو محتوى المقترح الأمريكي لكن رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف قال الأحد إنه لا يتضمن رفع العقوبات الاقتصادية عن الجمهورية الإسلامية.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخلّى عن ذاك الاتفاق في ولايته الرئاسية الأولى في عام 2018. ويعد رفع العقوبات الاقتصادية و تخصيب اليورانيوم من المسائل الشائكة في المفاوضات.
وتتّهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون الجمهورية الإسلامية بالسعي لحيازة أسلحة نووية ، الأمر الذي تنفيه طهران مشدّدة على أن برنامجها النووي غاياته مدنية حصرا.
تهديد بإحالة ملف إيران على الأمم المتحدة
والأحد، حذرت إيران من تقليص التعاون مع الوكالة إذا أصدر مجلس محافظيها قرارا يدينها خلال اجتماع اليوم يبدأ الاثنين في فيينا.
ويعقد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يضم 35 دولة اجتماعا فصليا هذا الأسبوع. وتخطط الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لاقتراح قرار ليتبناه المجلس يتضمن إعلان أن إيران تنتهك التزامات عدم الانتشار النووي و"عدم التعاون التام" على خلفية أوجه قصور أخرى واردة في التقرير.
وسيؤدي هذا الإجراء إلى تفعيل آلية لإعادة فرض عقوبات أممية على إيران .
وعشية الاجتماع، قال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي للتلفزيون الرسمي: "لا يجدر بالوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تتوقع أن تواصل الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعاونها الشامل والودود".
قلق بالغ
بدوره أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة رافاييل غروسي اليوم الاثنين، عن "قلقه البالغ" إزاء التراكم السريع لليورانيوم عالي التخصيب في إيران. وقال غروسي خلال اجتماع لمجلس محافظي الوكالة في فيينا: "إذا لم تتعاون إيران مع الوكالة لحل القضايا العالقة الخاصة بضمانات السلامة، فلن تتمكن الوكالة من تأكيد أن البرنامج النووي الإيراني ذو طبيعة سلمية بحتة".
وفي مؤتمر صحفي عقب الجلسة، أوضح غروسي أن إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج هذا النوع من المواد. وأضاف: "أدعو إيران بشكل عاجل إلى التعاون الكامل والفعال مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وأشار غروسي إلى أن الوكالة لا يمكنها تجاهل مخزون يزيد عن 400 كيلوغرام من المواد عالية التخصيب، بالنظر إلى تداعياته المحتملة على انتشار الأسلحة النووية.
وتعتزم الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة التأكيد على هذه المخاوف عبر مشروع قرار يعرض على مجلس محافظي الوكالة، يتهم إيران بانتهاك التزاماتها القانونية تجاه الوكالة الأممية .
إعلان
غروسي يتهم طهران بجمع وثائق حاصة بالوكالة
وفي سياق متصل قال رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الاثنين إن جمع إيران لوثائق سرية خاصة بالوكالة التابعة للأمم المتحدة خطوة "سيئة" تتعارض مع روح التعاون التي يجب أن تكون سائدة بين الوكالة وطهران.
وذكرت الوكالة في تقرير سري عن إيران أرسلته إلى الدول الأعضاء في 31 مايو/ أيار الماضي واطلعت عليه رويترز أن لديها "أدلة قاطعة على أن إيران جمعت بنشاط وثائق سرية للغاية تخص الوكالة وحللتها".
وقال غروسي في مؤتمر صحفي "هنا، للأسف، وهذا يعود إلى بضع سنوات مضت... استطعنا أن نحدد بكل وضوح أن وثائق تخص الوكالة كانت في أيدي السلطات الإيرانية، وهو أمر سيئ". وأضاف "نعتقد أن عملا كهذا لا يتوافق مع روح التعاون".
وردا على سؤال حول طبيعة الوثائق وما إذا كانت وثائق إيرانية في الأصل استولت عليها إسرائيل وتم تسليمها للوكالة، قال غروسي "كلا، لقد تلقينا الوثائق من دول أعضاء، ولدينا أيضا تقييماتنا الخاصة بشأن الوثائق والمعدات وما إلى ذلك".
تحرير: عماد غانم
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة