1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قرار مجلس الأمن رهن المصالح الدولية والحسابات الإقليمية

دويتشة فيله/وكالات (هــــــ.ع)٩ أغسطس ٢٠٠٦

القرار الأممي الجديد بِشأن لبنان يتأرجح بين مصالح الدول الكبرى في المنطقة والحسابات الإقليمية لكل دولة. فرنسا تحاول أن تمسك بزمام المبادرة من جديد في لبنان في إطار لعبة شد الحبل الدبلوماسي مع أمريكا.

قرار جديد بشأن لبنان تحدده مصالح الدول الكبرى في المنطقةصورة من: AP

بينما تستمر الآلة العسكرية الإسرائيلية في قصف المدن اللبنانية، يواصل حزب الله إطلاق صواريخ الكاتيوشا على شمال إسرائيل، وتشهد أروقة مجلس الأمن معركة دبلوماسية حول صياغة قرار أممي جديد بشأن الحرب في لبنان. الكل في سباق مع الزمن لوقف نزيف الدماء في المنطقة ولكن كل لاعب سياسي ينظر إلى الأمور من منظاره الخاص الملون بمصالحه القومية في المنطقة. الوفد العربي الذي خاطب مجلس الأمن والذي أعلن رفض العرب لمسودة القرار الفرنسي الأمريكي، أخر إصدار هذا القرار وأحدث نوعا من البلبلة في مواقف الدول الكبرى. العرب أكدوا أن القرار الدولي في صياغته الحالية سيجر لبنان إلى حرب أهلية إذا لم يكن هناك وقف فوري لإطلاق النار وانسحاب للقوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني. وقد عبر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وزير خارجية قطر عن ذلك بقوله:" إذا تبنى المجلس القرار دون دراسة وافية لواقع لبنان فسوف نواجه حربا أهلية وبدلا من مساعدة لبنان فسوف ندمره."

وفي سياق متصل، أعلن لبنان أنه سيرسل 15 ألف جندي إلى الجنوب رغبة منه في بسط السيادة اللبنانية فوق أرجاء الأرض اللبنانية، بيد أن لبنان يدعو إلى إرسال قوة معززة للأمم المتحدة لحفظ السلام ولكن ذات تفويض أضيق نطاقا مما قد يتضمنه على الأرجح قرار مجلس الأمن، خاصة فيما يتعلق بنزع أسلحة حزب الله. يذكر هنا أن فرنسا والولايات المتحدة تقدمت بمشروع قرار يطالب بوقف فوري لهجمات حزب الله على إسرائيل ووقف الدولة العبرية هجماتها العسكرية على لبنان، إلا أن لبنان رفض النص، لأنه لا يتضمن انسحابا فوريا لإسرائيل من الجنوب وطالب بإدخال تعديلات على نصوصه بما يستجيب مع المصالح اللبنانية. وفي تصريح له حول سير المشاورات في نيويورك قال رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة اليوم للصحافيين:"لا تقدم حتى الآن وما زلنا في نفس المكان".

الفرنسيون يقتربون من مشروع "النقاط السبع"

الأوروبيون والأمريكيون في لعبة شد الحبل حول لبنانصورة من: AP

وفي هذا الإطار، ظهر نوع من التباين بين اللاعبين الدوليين الرئيسين في المنطقة: فرنسا والولايات المتحدة. الفرنسيون بدورهم أعربوا عن نيتهم للاستماع للمطالب العربية والأخذ بمطالبهم بما يخدم كافة أطراف النزاع. وفي هذا السياق، أشار سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة جان مارك دو لا سابليير للصحافيين بعد استماع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي للوفد العربي بأن مشروع القرار الاميركي الفرنسي سيخضع لتعديلات بسبب الاعتراضات الشديدة للبنان والدول العربية عليه. وقال لا سابليير :"هدفي هو تضمين النص بعض الأفكار التي اقترحت في الأيام الأخيرة."، مضيفا "المشكلة بالنسبة لنا هي التوصل الى أفضل نص ممكن والأخذ بعين الاعتبار مطالب الجميع"، مشيرا إلى أنه "سيكون هناك إذن نص جديد وآمل ذلك ان يتم التصويت على مشروع القرار هذا الأسبوع."

ومن جهته، رحب وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي بالاقتراح اللبناني بإرسال 15 ألف جندي الى جنوب لبنان حين قال إن هذا القرار يحظى بإجماع وطني لبناني، مضيفا أنه : "يظهر رغبة جميع الأطراف في لبنان في تمكين الحكومة اللبنانية من ممارسة السيادة على كامل أراضيها". كما أضاف: "على الحكومة اللبنانية أن لا تنشر فقط الجيش اللبناني، بل عليها أيضا أن تضمن انسحاب حزب الله." الموقف الفرنسي اعتبر أنّ تحقيق توازن بين انسحاب القوات الإسرائيلية وانتشار الجيش اللبناني محلها مدعوما بقوات الطواريء التابعة للأمم المتحدة هو نقطة محورية في الجهود الدبلوماسية، الأمر الذي يشير إلى اقتراب الموقف الفرنسي من المطالب اللبنانية، بما عرف بمشروع "النقاط السبع."

أمريكا تتحفظ على وقف فوري لإطلاق النار

بوش ووزيرة خارجيته مازالا متمسكين بموقفهما بِشأن وقف فوري لإطلاق النارصورة من: AP

أما الجانب الأمريكي وإن رأى في الطرح اللبناني بإرسال جنوده إلى الجنوب عرضا مهما، إلا أنه يبدي تحفظا وتشككا في قدرة الجيش اللبناني على سد الفراغ الذي سيتركه الجيش الإسرائيلي بعد انسحابه من المناطق التي احتلها. وفي هذا السياق وصف المتحدث باسم الخارجية الاميركية شون ماكورماك العرض اللبناني بأنه"خطوة ضرورية من أجل السلام"، إلا أنه في الوقت ذاته رفض القول والإشارة إلى أن انتشار قوات الجيش اللبناني الفوري سيؤدي، كما تدعو إليه بيروت، إلى انسحاب سريع للقوات الإسرائيلية. ورأى "بأن الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لتأمين الاستقرار المطلوب في جنوب لبنان لمنع هجمات حزب الله على إسرائيل."، مضيفا أن "الجدول الزمني وتسلسل العملية هذا ما نعمل عليه كثيرا في الأمم المتحدة"، في إشارة الى المناقشات الجارية في أروقة الأمم المتحدة بشان مشروع قرار جديد يرمي إلى وقف النزاع.

أما الموقف الروسي فقد بدا أكثر معارضة لمسودة المشروع الفرنسي الاميركي كونه سيطيل أمد الحرب ولن يقود إلى حل للنزاع. وعلى لسان مبعوثها لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، قالت روسيا "من الواضح لنا أن مشروع قرار غير موات للبنان ينبغي عدم إصداره." ومن ناحية أخرى، بدأ وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير تحركا دبلوماسيا جديدا في المنطقة يتمحور حول الأوضاع الإنسانية في جنوب لبنان وكذلك المقترحات اللبنانية الجديدة وخاصة المتعلقة منها بإرسال 15000 جندي إلى منطقة الجنوب. ويحفل برنامج زيارته اليوم إلى إسرائيل بالعديد من اللقاءات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الوزراء أولمرت ووزيري الدفاع والخارجية.

صراع بين فرنسا وأمريكا حول لبنان

وفي ضوء المواقف الدولية المختلفة وخاصة الأمريكية والفرنسية إزاء التحفظات اللبنانية والعربية معها بشأن القرار الجديد التي نراها تتقاطع في بعض الأحيان وتتنافر في أحيان أخرى، ليؤكد كيف أصبح لبنان مرآة للصراعات الدولية، بل ساحةً ومنصة للتصفيات الإقليمية والمعادلات الدولية. ففي الوقت الذي رأت فيه فرنسا الآن ضرورة إعلان وقف فوري لإطلاق النار، مازالت أمريكا تتلكأ في هذا الجانب. وفي هذا الإطار حذر الرئيس الفرنسي جاك شيراك اليوم من التخلي عن "وقف إطلاق نار فوري" في لبنان واعتبر ان ذلك سيكون حلا "لا أخلاقيا"، معتبرا أن النزاع الإسرائيلي اللبناني يهدد "توازن المنطقة برمتها. وكذلك أشار في تصريحاته اليوم إلى "تسلسل مأساوي من الأحزان والمعاناة والدمار الذي لا يحصى"، حيث "يحمل كل يوم جديد فظاعات جديدة." في حين مازال الرئيس الأمريكي يتحدث عن تحميل المآسي إلى سوريا وإيران رغم استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في لبنان. وفي غمز فرنسي للموقف الأمريكي المتصلب أوضح الرئيس شيراك بأنه "لا يمكنني تصور أنه لن يكون هناك حل لان ذلك سيعني أننا نقبل الوضع الحالي وأننا نتخلى عن وقف فوري لإطلاق النار وهو ما سيكون أكثر النتائج تدنيا من الناحية الأخلاقية. لا أستطيع تصور هذا من جانب الامريكيين أو اي شخص آخر."، مضيفا "إذا لم نحل المسألة من الواضح أنه سيحدث جدل في مجلس الأمن وسيقدم الجميع موقفه بوضوح بما في ذلك فرنسا بالطبع."

آدوميت: "الموقف الألماني يتسم بعدم الوضوح"

آدوميت يرى ضرورة إدماج سوريا في أي حل للحرب في لبنانصورة من: SWP

لقد وضعت الحرب في لبنان جميع الأطراف الدولية على المحك، حيث تنوعت المواقف وفقاً للحسابات الاستراتيجية للدول الكبرى. وفي معرض تحليله للمواقف الدولية من شأن مشروع أممي بشأن لبنان، أوضح هانس آدوميت ، الخبير الألماني في الشؤون الأمنية والسياسية الروسية من مؤسسة العلوم والسياسة البرلينية في حوار مع DW.WORLD، بأن روسيا "ستصوت لصالح التعديلات التي طالب بها لبنان" وبين أن الموقف الروسي يتمثل في الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار وانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني. وفي الوقت الذي تتبنى روسيا موقفا واضحا من هذه القضية، انتقد الخبير الألماني موقف بلاده من هذا المشروع والمتسم "بعدم الوضوح"، خاصة "عدم تبنيه موقفا واضحا وصريحا بشأن مسألة الوقف الفوري لإطلاق لنار". وأشار الخبير الألماني أن هذا الموقف قد يعود إلى "موقف ألمانيا والاتحاد الأوروبي من حزب الله والمصنف رسميا على أنه حركة إرهابية" وهو أمر لا تراه على سبيل المثال روسيا. وعلى العكس ذلك، يرى الباحث الألماني أنّ" روسيا لديها الاستعداد للعمل مع حزب الله وحماس وسوريا." وأوضح السيد هانس أدومايت أن الدول الكبرى يجب أن تأخذ في قراراتها اللاعبين الآخرين وعلى رأسهم إيران وسوريا و"بدون انخراطهم لن يكتب النجاح لأي قرار أممي"

وفي ضوء ذلك، فإن أبعاد الصراع الدولي القائم متمثلا بين فرنسا وعلى الطرف الآخر أمريكا التي تلعب بينهما إسرائيل بما يخدم مصالحها يشير إلى مدى تعقيد المشهد الدولي وتداخل المصالح وكذلك غياب موقف عربي فاعل يستطيع أن يوجه بوصلة القرارات الدولية بما يخدم المصالح العربية. وعلى الرغم من أنه يبدوا أن لعبة شد الحبل بين هذه القوى قد حسمت لدرجة كبيرة لصالح النفوذ الأمريكي في التأثير على لبنان ورسم خريطته من جديد بما يتناسب ومشروعها الشرق أوسطي الكبير، إلا أن فرنسا تحاول انتزاع ورقة نفوذها في لبنان من جديد مستفيدة من غرق أمريكا في المستنقع العراقي ومن التحولات سواء على الساحة اللبنانية أو الإقليمية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW