"قرار نهائي".. فنلندا ترفض مجددًا تسليم ستة مطلوبين لتركيا
٩ سبتمبر ٢٠٢٢
رفضت فنلندا طلبًا تركيًا لإعادة النظر في امتناع هلسنكي عن تسليم ستة مطلوبين لأنقرة، مؤكدة أن "القرار نهائي". وتشترط تركيا على فنلندا والسويد تسليم مطلوبين لها للموافقة على انضمام البلدين الأوروبيين إلى الناتو.
إعلان
أعلنت فنلندا الخميس (الثامن من أيلول/سبتمبر) أنها رفضت طلبًا تركيًا بإعادة النظر في ستّة طلبات تسليم مشتبه بهم، وهو أحد مطالب أنقرة للسماح بانضمام هلسنكي وستوكهولم إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وأكدت وزارة العدل الفنلندية لوكالة فرانس برس أنها تلقّت في آب/أغسطس طلبات تركية لإعادة النظر في هذه الحالات الستّ التي سبق أن رفضتها هلسنكي، مشيرةً إلى أن القرار المعلن "نهائي".
وقالت المستشارة في مجلس الوزراء سوتيا فارباسوو لفرانس برس: "تمّت تسوية القضايا والقرار نهائي. ليس ممكنًا استئناف قرار وزارة العدل الذي اتُخذ بموجب قانون التسليم"، وأضافت أنه "من الممكن إعادة فتح قرار نهائي في حال أثّر تقرير جديد بالكامل على القرار بشكل جوهري".
ولم يتمّ تقديم أي تقرير من هذا النوع في إطار الطلب التركي، بحسب هلسنكي. وتركيا هي الدولة الوحيدة في الناتو التي عبّرت عن معارضتها لانضمام الدولتين الاسكندنافيتين إلى الحلف، متّهمةً إياهما بأنهما ملاذان لأشخاص مرتبطين بـ"حزب العمال الكردستاني" و"قوات سوريا الديمقراطية" وكذلك لأشخاص متورطين في محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016.
ووقعت الدول الثلاث مذكرة ثلاثية أثناء قمة الناتو في حزيران/يونيو في مدريد أعطت فيها تركيا موافقتها الأولية على انضمام ستوكهولم وهلسنكي إلى الحلف، مقابل تنسيقهما في مجال مكافحة الإرهاب.
وكانت تركيا أكدت في أعقاب ذلك أنها طلبت من فنلندا تسليمها 12 مشتبهًا بهم ومن السويد 21. وقال الرئيس التركي إنه حصل على "وعد" من ستوكهولم بشأن تسلم "73 إرهابيًا".
وكما بالنسبة لكافة الأعضاء الثلاثين الحاليين في حلف الأطلسي، ينبغي على البرلمان التركي أن يصادق على انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو. والتقى قادة الدول الثلاث مرة جديدة في آب/أغسطس للبحث في شروط أنقرة ومن المقرر عقد اجتماع جديد "في الخريف".
م.ع.ح/ف.ي (أ ف ب)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP