قصف متواصل على شرق حلب والمساعدات الإنسانية إلى نفاد
١٦ نوفمبر ٢٠١٦
قالت منظمات حقوقية وطبية إن غارات جوية أستهدفت مناطق شرق حلب، التي تسيطر عليها فصائل معارضة مسلحة، وذلك في اليوم الثاني من تجدد القصف الذي شهد مقتل 20 شخصا على الأقل. وبرنامج الغذاء العالمي يؤكد توزيع آخر المساعدات.
إعلان
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، المحسوب على المعارضة السورية، إن غارات شنتها طائرات سورية أو روسية على شرق حلب قتلت سبعة أطفال على الأقل وعامل إغاثة. وأشار المرصد إلى أن الأحياء المستهدفة في القصف شملت الشعار والسكري وكرم البيك. وقال المرصد وسكان إن شرق المدينة تعرق لقصف بصواريخ وبراميل متفجرة ألقتها مروحيات فضلا عن نيران المدفعية التي أطلقتها القوات الحكومية.
وقال بيبرس مشعل وهو مسعف في منظمة الدفاع المدني السوري في شرق حلب لرويترز اليوم الأربعاء (16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016) "لهذه اللحظة البراميل تسقط بكثافة على حلب..القصف لا يهدأ.. (القصف) المروحي لا يتوقف ولا لحظة.
وأكدت منظمة الأطباء المستقلين لفرانس برس أن مستشفى الأطفال وبنك الدم اللذين تدعمهما تضررا جراء قصف بالبراميل المتفجرة، مشيرة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيهما المرفقان للأضرار نتيجة القصف. وأوضحت أن القصف أسفر عن سقوط أجزاء من السقف والجدران في مستشفى الأطفال الذي يستقبل شهريا أربعة آلاف حالة للاستشارة الطبية. أما بنك الدم فهو الوحيد في شرقي حلب وقد وفر 1500 كيس دم للمرافق الطبية في الأحياء المحاصرة الشهر الماضي.
وارتفعت حصيلة قتلى القصف على الأحياء الشرقية الأربعاء إلى "21 مدنيا بينهم خمسة أطفال"، لترتفع حصيلة القتلى منذ استئناف القصف الثلاثاء إلى "27 مدنيا بينهم ستة أطفال"، حسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ويقول إنه يعتمد على شبكة مراسلين على ألأرض.
وردت الفصائل المعارضة الأربعاء بإطلاق القذائف على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام في المدينة.
ويأتي تجدد القصف الجوي على حلب بعد أيام من استعادة قوات النظام كافة المناطق التي خسرتها عند أطراف حلب الغربية، بعد أسبوعين على هجوم شنته الفصائل المعارضة والإسلامية بهدف فك حصار الأحياء الشرقية، حيث يعيش أكثر من 250 ألف شخص.
روسيا تنفي شن غارات على حلب
ونفت موسكو التقارير بأن طائراتها ضربت المدينة في حملة القصف المتجددة مشيرة إلى أنها تلتزم تعليق العمليات العسكرية على حلب. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها لم تقصف مدينة حلب طوال ما يقرب من شهر. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشينكوف في تصريحات نقلتها وكالة أنباء "تاس" الروسية "أريد أن أؤكد لكم أن الطائرات العسكرية الروسية لم تقم بغارات جوية على مدينة حلب طوال 29 يوما".
من ناحية أخرى حذرت الأمم المتحدة من نفاذ الحصص الغذائية في شرق حلب. كما وزعت منظمة إغاثية في المدينة آخر المساعدات المتوفرة لديها لسكان الأحياء الشرقية يوم أمس الثلاثاء. وقال مدير مؤسسة "الشام" الإنسانية في حلب الشرقية عمار قدح لفرانس برس وهو يقف أمام مخزن فارغ في حي المعادي "فرغت مستودعاتنا ولم يعد بإمكاننا التوزيع".
ع.ج.م/أ.ح (رويترز، أ ف ب، د ب أ)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري