1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قصف ودخان وخوف - أجواء العيد في مدينة حمص

ديمة الصافي١٦ أكتوبر ٢٠١٣

حل عيد الأضحى على سكان حمص وسط قصف وحصار مستمرين. وفيما تحاول بعض المنظمات التخفيف على الأقل من معاناة الأطفال، تبقى الأجواء الحزينة هي السائدة. مراسلة DW تصف رحلتها من دمشق لحمص وأجواء العيد في هذا الريبورتاج.

صورة من: Reuters/Muzaffar Salman

اعتادت سلام قضاء أيام الأعياد والعطل مع زوجها في مدينة حمص. ولكن، وبعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، تغيرت العديد من الأمور، بحيث تقول: "لقد أصبح يتعين على سائقي السيارات أن يسلكوا طريقاً يمر عبر مدينة التل للخروج من دمشق. ذلك أن الطريق العادي الذي يربط بين المدينتين أصبح مسرحا للاشتباكات بين قوات الأسد ومسلحي المعارضة. كما أن كل المباني على طرفي الطريق تعرضت للتدمير جراء القصف الكثيف على المنطقة. ولا يزال البعض يخاطر بالمرور من هذا الطريق، إلا أن أغلبية المسافرين يسلكون طريق التل رغم أنه أطول وغير مؤهل للسيارات."

ومع تحوّل طريق التل إلى الطريق الوحيد الذي يربط بين دمشق وحمص، ارتفع عدد الحواجز فيه ليصل إلى ثلاثة عشر حاجزاً أمنيا وعسكريا. أما الطريق الرئيسي فقد أصبح شبه فارغ إلا من بعض السيارات والشاحنات العابرة. وقد اختلفت معالمه القديمة كليا لتحل محلها الدبابات وحواجز التفتيش. وأغلقت معظم الاستراحات بعد أن دُمر العديد منها جراء القصف العشوائي.

وتقاوم أشجار السرو والصنوبر، التي تزين مدخل مدينة حمص، الرياح القوية، ورغم شددتها، إلاّ أنها فشلت في اقتلاعها من جذورها أو كسرها. وخلال الشتاء الماضي قام الجيش السوري النظامي بقطع وإحراق العديد من هذه الأشجار للتدفئة ولكشف مساحات أكبر من الطريق. وقد خلّفت عمليات القطع والحرق مساحات محروقة سوداء محزنة.

حواجز وتفتيش على طول الطريق

وتستقبل حمص القادمين إليها بحاجز تفتيش عند دوّار تدمر، حيث يطلب عسكري الهويات الشخصية ليدقق فيها، فيما يفتش آخر السيارة. وينتظر المسافرون القادمون على متن الحافلات وقتاً أطول حتى يتم التدقيق في هوياتهم وتفتيش أمتعتهم. وبعد عبور الحاجز الأول، يصل المسافر إلى دوّار كبير يتوسطه تمثال كبير للرئيس السوري السابق حافظ الأسد. ويوجد في كل مدينة سورية على الأقل تمثال له، ومعظم هذه التماثيل تصوره وهو يقف بشكل رسمي أو رافعاً أحد يديه. أما تمثاله في حمص، فهو يصوره ويفتح ذراعيه وكأنه يرحّب بالزائرين. واعتاد القادمون إلى المدينة ترك التمثال خلفهم ومتابعة الطريق للدخول إلى المدينة، أما اليوم فتتركهم الذراعان المفتوحتان أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الانعطاف يميناً إلى الأحياء الموالية للنظام، أو يساراً إلى ما تبقّى من الأحياء المتمردة، أما الطريق إلى الأمام نحو قلب مدينة حمص، فهو مغلق.

سكان حمص يحتفلون بعيد الأضحى تحت وقع القذائف..صورة من: Reuters

وقد أصبحت مدينة حمص اليوم تشبه متاهةً كبيرة، حيث أصبح جزء مما تبقى من شوارعها وأحيائها محاطا بجدران وحواجز إسمنتية. ومنذ بدء العمليات العسكرية في مدينة حمص، توقفت الحياة كليا في شوارعها لتنحصر في الحارات، على غرار حي الوعر الذي يأوي نحو 400 ألف شخص، أكثر من نصفهم من النازحين من أحياء متضررة في حمص، وفقا للأمم المتحدة.

لكن هذا العيد كسر هذا العرف، وكأن اتفاقا غير معلن جمع بين ما تبقى من أهالي حمص لتحدي الخوف والحرب، فرغم حصار أحياء حمص القديمة، ورغم حصار حي الوعر ومنع المدنين من الدخول إليه والخروج منه، ورغم كل ظروف الحياة الصعبة، بقيت أبواب الأسواق والمحلات التجارية مفتوحة. كما ظلت الحركة واضحة في الشوارع. ولكن وفي تمام الساعة التاسعة مساءا عاد القصف لينغص على سكان مدينة حمص فرحتهم بقدوم العيد.

البعض وجد نفسه مرغما على الاختباء، والبعض الآخر خيّر الصلاة والدعاء. فيما قرر آخرون من سكان حمص تحدّي القصف والخوف وفتح النوافذ – بعد إطفاء الأضواء حتى لا تصيبهم رصاصات قناص برج الغاردينيا الذي أصبح يعرف ب"برج الموت" - ومشاهدة شتى أنواع القذائف والصواريخ التي تضيء سماء حمص قبل أن تنفجر وتتسبب في حرائق وانقطاع في التيار الكهربائي. في غضون ذلك، تغطي سحب من الدخان سماء المدينة وتزيد من سواد الليل - في ليلة عيد الأضحى.

احتفال بالعيد رغم القذائف والصواريخ

وفيما استقبل غالبية المسلمين يوم العيد بفرح وبهجة وسط أهاليهم وأحبائهم، هاهم سكان مدينة حمص يحاولون الاحتفال، قدر الإمكان. وتقول ريما وهي أم لثلاثة أطفال: "ذهب زوجي وابني الصغير إلى الجامع القريب من منزلنا لقضاء صلاة العيد. وقد انهالت القذائف على محيط الجامع عند موعد خروج المصلين منه، كادت حمص أن تكون على موعد مع مجزرة مريعة لولا تأخر الصلاة بسبب تأخر الشيخ على أحد الحواجز صباحاً، فاستقرت القذائف على الطريق دون إصابة أحد." وتضيف قائلة: "رغم ذلك قررت أنا وزوجي أن نحاول رسم ابتسامة العيد على وجوه أطفالنا هذا العيد بأي ثمن!"

وتستمر معاناة السوريين مع استمرار الحرب الأهلية الضارية منذ أكثر من سنتين...صورة من: Reuters/Muzaffar Salman

يذكر أن منظمة اليونسيف قد دقت أجراس الخطر قبل بضعة أشهر، عندما تحدثت عن أن أكثر من 200 ألف طفل في محافظة حمص في حاجة ماسة إلى مساعدات فورية. ووفقا للمصدر نفسه، فقد تعرضت 200 مدرسة من أصل 1500 المحافظة للتدمير، فيما تستخدم 65 مدرسة كمراكز لإيواء النازحين.

وفي ظل هذا الواقع المرير، تحاول بعض المنظمات الإنسانية على غرار الهلال الأحمر السوري واليونسيف وعدد من الجمعيات الأهلية تقديم المساعدات وتنظيم فعاليات وأنشطة للأطفال النازحين للتخفيف من معاناتهم في ظل الحرب المستمرة منذ أكثر من سنتين. وتزامنا مع عيد الأضحى قام فرع الهلال الأحمر في حمص بتنظيم فعاليات خاصة وأن اليوم الأول من العيد يصادف اليوم العالمي لغسل الأيدي. ويقول سامي (13 عاما)، وهو من بين المشاركين في هذه الفعاليات "لقد قام المتطوّعون بتقديم عروض مسرحية حول هدر المياه وأهمية غسل الأيدي، كمان نظموا العديد من الألعاب الهادفة ووزعوا علينا منشورات حول أهمية غسيل الأيدي والطريقة الصحيحة لفعل ذلك، لقد كان يوما ممتعاً ومفيداً جداً".

أما في أحد أزقة حي كرم الشامي في حمص، فتختصر أرجوحة صدئة صغيرة تزاحم عليها الأطفال كل مظاهر الاحتفال بالعيد.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW