اللاعب الألماني مسعود أوزيل كان حتى فترة قريبة محبوب الجماهير الألمانية، إلى أن انطلق الجدل حول صورته مع أردوغان وما تبعها من خروج المانشافت المبكر من المونديال. فما دلالات هذا الجدل لمستقبل الاندماج في ألمانيا؟
إعلان
شخصية أوزيل..كرة قدم وسياسة ودين وحياة خاصة مثيرة
01:47
مع أن خمس المجتمع الألماني لديهم أصول أجنبية، ومع أن ألمانيا باتت مقصد طالبي اللجوء والمهاجرين والباحثين عن حياة أفضل وأكثر أمانا، فإن بعض الأطياف السياسية يجد صعوبة في تعريف ألمانيا كبلد هجرة والمجتمع الألماني كمجتمع متعدد الثقافات. هذه قضية تطرح اليوم بشكل ملح مع الجدل، الذي أثير حول لاعب المنتخب الألماني مسعود أوزيل بعد الصورة الإشكالية التي انتشرت له مع الرئيس التركي أردوغان، وبعد خروج المانشافت المبكر من مونديال روسيا.
فإلى أي درجة ساهم الجدل حول الاندماج في ما باتت تعرف بـ "قضية أوزيل"، وإلى أي مدى ستؤثر (القضية) في مستقبل الاندماج في ألمانيا؟
جدل غلبت عليه العاطفة
منذ ظهور أوزيل مع أردوغان، قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية المبكرة في تركيا، والأصوات الإعلامية والسياسية المستنكرة للصورة والباحثة عن أي تبرير منطقي أو عاطفي للموقف، لم تهدأ. وإذا كان أردوغان محبوباً لدى غالبية الجالية التركية في ألمانيا، فإنه يمثل بالنسبة لشريحة واسعة من المجتمع الألماني نموذجاً للحاكم المتسلط الذي يعمل على تقويض الديمقراطية التي أوصلته إلى الحكم.
مبدئياً كان هناك شبه إجماع على أن ظهور أوزيل مع الرئيس التركي في تلك الصورة كان تصرفاً غير موفق من اللاعب الألماني ذي الأصول التركية. في مقابلة مع DW عربية قال الكاتب والباحث الألماني من أصول تركية إرين غوفيرجين "أوزيل لا يملك مستشارا جيدا كباقي اللاعبين، وهو ما جعله يلتقي بالرئيس التركي قبل دخوله مباريات كأس العالم"، مضيفاً أن أوزيل لم يكن مدركاً للأبعاد السياسية للصورة.
رأي شاطره إياه الصحفي الألماني موريتس رينكه، الذي حاول العثور على مبرر لتصرف أوزيل. وأضاف رينكه في حوار مع DW عربية: "عندما تصور أوزيل إلى جانب أردوغان، لم يفكر، بالطبع، بما يمارسه الرئيس التركي من تضييق على الصحفيين والقضاء أو بالتدخل العسكري غير الشرعي في شمال سوريا. أوزيل كان يفكر حينها بجدته التركية وبأصوله التي تعود إلى هذا البلد".
في نهاية الأسبوع شهدت القضية تطوراً جديدا تمثل بمطالبة رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم راينهارد غريندل أوزيل بتقديم تبرير واضح لما حصل. أمر وصفه رينكه بـ "ازدواجية المعايير"، مشيرا إلى أن "هؤلاء الذين ينتقدونه عليهم أن ينتبهوا إلى أن فريق بايرن ميونخ يتدرب بل ويقضي بعض عطله في قطر، وفريق شالكه يحصل على تمويل من غازبروم الروسية ويضع اسمها على قمصان اللاعبين، والألمان ساهموا أيضاً في إنجاح ملف قطر وقبله روسيا لاستضافة المونديال."
"المذنب هو الغريب"
وما زاد الطين بلة هو خروج المنتخب الألماني مبكراً من مونديال روسيا، فقد تعالت الأصوات المشككة في ولاء أوزيل ورغبته في اللعب مع المانشافت، على الرغم من سجله الحافل بالنجاحات على المستوى الألماني والعالمي. والغريب أن أبرز الانتقادات التي وجهت لأوزيل جاءت من لاعب المانشافت السابق لوتر ماتيوس الذي قام بنفسه بأخذ صورة له مع الرئيس الروسي بوتين.
وهو تصرف رأى فيه سيرغيه لاغودينسكي، الإعلامي والسياسي الألماني وممثل الجالية اليهودية في برلين، أمراً يستحق الانتقاد تماما كما حصل مع صورة أوزيل مع أردوغان.
ولكن لاغودينسكي رأى أن عدم حصول جدل حول صورة ماتيوس مع بوتين "دليل على أن الاستياء العام من صورة أوزيل مع أردوغان لم يكن لمجرد أن الأخير ديكتاتور، وإنما بسبب الشك بأن من لا يحمل اسما ألمانيا يكن الولاء لألمانيا". لاغودينسكي استنكر أيضاً أن المشكلة تم إسقاطها على أصل اللاعب الذي تم تتبعه لثلاثة أجيال، فأوزيل ينتمي للجيل الثالث لعائلته في ألمانيا.
وتابع لاغودينسكي قائلاً: "لسان حال اتحاد كرة القدم الألماني يقول: لو أننا فزنا، لكنا فزنا جميعاً، ولكن بما أننا الآن خسرنا، علينا أن نبحث عن تفسير لذلك، علينا أن نجد من المذنب، وطبعاً أسهل شيء القول: المذنب هو الغريب".
عبرتان مستخلصتان من الجدل الحالي
الجدل حول أوزيل، وما قيل من محاولة تحميله وزر خسارة المانشافت، أعاد إلى الأذهان النقاش المتكرر حول جدوى سياسات اللجوء وحول مدى تقبل فكرة التعددية الثقافية في ألمانيا. الكاتب والخبير الألماني من أصل تركي غوفيرجين رأى أن الجدل حول أوزيل سيؤثر سلباً على اندماج الشباب في ألمانيا. وأضاف أن الحديث اليوم هو عن جيل ولد وشب في ألمانيا التي أصبحت بالتالي بلده، "ولكن وسائل الإعلام ما زالت تتحدث عن اندماج هؤلاء داخل المجتمع".
موريتس رينكه كان أكثر تفاؤلاً واعتبر أن الجدل الحالي يمكن أن تستخلص منه عبرتان. الأولى: وهي الجانب المؤسف حسب رأيه، هو أن الجدل الحالي كشف مجدداً عن العنصرية الموجودة في المجتمع الألماني. أما العبرة الثانية فهي ضرورة أن تكون الشخصيات العامة مثل ماتيوس أو أوزيل في غاية الوعي عندما يتعلق الموضوع بصور تنتشر في الفضاء العام.
وتابع رينكه يقول: "وبشكل خاص لاعبو كرة القدم يجب أن يتجنبوا الظهور الإعلامي مع السياسيين"، مذكراً بموقف مشابه تعرض من خلاله اللاعب المصري العالمي محمد صلاح لموجة من الانتقاد بسبب صورة جمعته مع شخصية سياسية إشكالية هي رئيس جمهورية الشيشان محمد قديروف.
ميسون ملحم
"المانشافت"- شريط مباريات بطعم الهزيمة
لم يكن خروج ألمانيا من مونديال 2018، في الدور الأول، في الحسبان. لكن نتيجة مباراة المانشافت وكوريا الجنوبية، خيبت الآمال وجرَت على الماكينات تاريخا أسودا من الهزائم. بالصور: أسوأ المباريات التي خاضها المنتخب الألماني.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
هزائم بدأت من فرنسا!
من أشهر الهزائم التي سجلها المنتخب الألماني تلك التي ذاقها بفرنسا في 1938. المانشافت خرج من الدوري التأهيلي حينها، باعتبار أن المونديال كان يعتمد نظام التصفيات التأهيلية بين المنتخبات المشاركة ليتأهل الفائزون إلى دور الستة عشر. في هذه المباراة كان الفوز لصالح فريق سويسرا، الذي تمكن من الربح بفضل الركلات الترجيحية، وحسم النتيجة لصالحه في حين خسرت ألمانيا مباراة ماتزال الذاكرة الكروية تحتفظ بها.
صورة من: Imago
تعادل سبب خسارة
في عام 1967، ستخيب ظنون المشجعين للفريق الألماني مرة أخرى. تعادُل المانشافت السلبي مع منتخب ألبانيا، ضمن التصفيات المؤهلة لكأس أمم أوروبا، أقصى الماكينات من المشاركة في كأس أمم أوروبا 1968. تجدر الإشارة إلى أن البطولة كانت من نصيب الفريق الإيطالي، كما تم تنظيم الكأس في إيطاليا حينذاك.
صورة من: Imago
"عار قرطبة"
شاركت ألمانيا في كأس عالم 1978 بالأرجنتين، لكن المنتخب الألماني لم يقدر على مجاراة فريق النمسا الذي هزمه "شر هزيمة" في 21 يونيو/ حزيران من نفس العام. ثلاثة أهداف ضمن بها المنتخب النمساوي نجاحه، ولم يكن لهدفي المانشافت دورا في قلب موازين الربح لصالحه. صحيفة ألمانية وصفت خسارة الفريق بـ"عار قرطبة"، ولم تتمكن الماكينات بعد المباراة من اجتياز الدور الثاني من نهائيات هذا المونديال.
صورة من: STAFF/AFP/Getty Images
على يد الجزائر
تكرر سيناريو الهزيمة عند المنتخب الألماني عام 1982. كأس العالم الذي نُظم في اسبانيا، شهد مفاجئات عديدة، وكان أبرزها تغلب المنتخب الجزائري على نظيره الألماني بهدفين مقابل هدف واحد. وبتوقيع كل من رابح ماجر و لخضر بلومي، استطاع المنتخب الجزائري أن يسحب البساط من تحت الماكينات ويبعدها عن حلم الظفر بالكأس.
صورة من: AP
خروج لم يكن في الحسبان!
الخسارة هذه المرة جاءت على يد منتخب كرواتيا. لم يكن أحد يتوقع لهذا الفريق الذي يشارك للمرة الأولى في المونديال أن يتفوق على الماكينات. لكن كرواتيا فاجأت الجميع في مونديال فرنسا 1998، وسجلت 3 أهداف نظيفة حسمت من خلالها النتيجة وأقصت ألمانيا من من الدور ربع النهائي.
صورة من: AP
واحدة من أسوأ المباريات
رباعية نظيفة أدخلها راقصو السامبا في شباك المانشافت. عام 1999، لعب الفريق الألماني واحدة من أسوأ مبارياته، إذ لم يقدر على منافسة منتخب البرازيل في المباراة التي جمعتهما ضمن كأس القارات. في هذه البطولة التي نُظمت في المكسيك، كانت أول مشاركة للمنتخب الألماني في بطولة كأس القارات.
صورة من: AP
"الكارثة"
لا يمكن لذاكرة عشاق الساحرة المستديرة الألمان أن ينسوا هذه الليلة التاريخية. ففي بطولة أمم أوروبا عام 2000، خسرت ألمانيا أمام الفريق البرتغالي. 3 أهداف نظيفة سجلها لاعبو المنتخب البرتغالي في شباك الماكينات ضمن دور المجموعات.
صورة من: picture-alliance/dpa
ميونيخ شاهدة على الفداحة!
في عام 2001، انتصرت انجلترا على ألمانيا بخمس أهداف مقابل هدف يتيم سجله المانشافت. الصحف الألمانية حينذاك تحدثت عن الفزع واليأس الذي تسبب فيه الفريق الانجليزي ضمن تصفيات كأس العالم في كوريا واليابان، وقيل حينها أيضا أن هذه الهزيمة هي الأسوأ في تاريخ المنتخب الألماني، خاصة وأنها سُجلت على الأراضي الألمانية.
صورة من: picture-alliance / dpa
تعادل سلبي
عام 2004، كانت البرتغال شاهدا على هزيمة ألمانيا مرة أخرى. تعادلت لاتفيا مع ألمانيا في مباراة افتتاح الجولة الثانية من منافسات المجموعة الرابعة ضمن بطولة أمم أوروبا 2004 لكرة القدم. وكان خروج المانشافت على يد منتخب التشيك الذي طرح المنتخب الألماني خارج اليورو.
صورة من: AP
صفعة إيطالية
مرات كثيرة هزمت فيها إيطاليا الفريق الألماني. وكان عام 2006، من بين السنوات التي خسر في الماكينات مباراة جمعته بفريق إيطاليا على أرضهم وبالضبط في مدينة فلورانسا. المباراة الودية أُجريت قبل استضافة ألمانيا لكأس العالم، وسجل فيها الفريق المضيف 4 أهداف مقابل تسجيل واحد للمانشافت. ووصف البعض النتيجة بـ"الصفعة".
صورة من: picture-alliance/dpa
نتيجة حزينة
لم يمر عقد واحد حتى تكرر سيناريو الخسارة الألمانية والفوز الإيطالي. عام 2012، وفي مثل هذا اليوم 28 يونيو/ حزيران، خسرت ألمانيا أمام منتخب إيطاليا بهدفين لواحد. ولم يستطع المانشافت اللعب بعد مباراة نصف نهائي اليورو عام 2012. ماريو بالوتيلي قاد فريقه نحو الفوز حين سجل هدفيه في الدقيقة 20 و36، وتسبب في خسارة الماكينات رغم تسجيلها لهدف وحيد.
صورة من: picture-alliance/dpa
السقوط المفاجئ!
آخر الهزائم التي ذاقها المنتخب الألماني، هي هزيمة الأربعاء (27 يونيو/ حزيران 2018) التي أخرجته من الدور الأول لكأس العالم بروسيا 2018. لم يتوقع مشجعو "المانشافت" الخسارة في المباراة الافتتاحية أمام المكسيك وكانوا يأملون في الفوز بمباراة أمس، لكن آمالهم تبخرت بعد نهاية المباراة. كوريا الجنوبية دكت شباك الماكينات بهدفين دون أن تستقبل أي رد، وأخرجت ألمانيا من المونديال في وقت مبكر. إعداد: مريم مرغيش