قضية اغتيال خاشقجي.. بن سلمان وضجيج الاتهامات مجددا!
٢٠ يونيو ٢٠١٩
رغم أن السعودية بذلت جهودا كبيرة لاحتواء تداعيات مقتل خاشقجي، إلا أن جهودها تبدو في مهب الريح حاليا بعد صدور تقرير المحققة الأممية لشؤون الإعدام خارج القانون كالامار والذي دعا إلى التحقيق مع ولي العهد السعودي في الجريمة.
إعلان
وجه تقرير المحققة الأممية أغنيس كالامار المعنية بملف الإعدامات خارج نطاق القانون، ضربة قاصمة لجهود المملكة العربية السعودية في احتواء تداعيات مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في سفارة المملكة في اسطنبول الخريف الماضي، وخصوصا ما يتعلق بتورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جريمة الاغتيال السياسي.
فقد قالت محققة بالأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضي إنه يتعين التحقيق مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين كبار آخرين في مقتل الصحفي جمال خاشقجي نظرا لوجود أدلة موثوق بها على مسؤوليتهم عن مقتله.
المحققة الدولية كالامار خرجت باستنتاجاتها بعد ستة أشهر من تحقيق دؤوب لما متوفر من آثار وأدلة، خصوصا تلك التي وضعتها تركيا تحت تصرف المحققين الدوليين، وبينها تسجيل صوتي، حيث شمل تقريرها 100 صفحة اتهمت فيه السعودية بتنفيذ "إعدام متعمد ومدبر"، حسب ما جاء في التقرير. وقالت كالامار "هناك أدلة موثوقة كافية تتعلق بمسؤولية ولي العهد تتطلب إجراء المزيد من التحقيق".
مسؤولية ولي العهد
المحققة الأممية لم توجه تهمة مباشرة لولي العهد السعودي بالضلوع المباشر في عملية الاغتيال السياسي، إلا أنه، وحسب تقرير كالامار، لم يكن ممكنا أن يحدث كل ذلك دون علم الرجل القوي والحاكم الفعلي في المملكة، محمد بن سلمان.
وقالت كالامار إن "كل الخبراء أجمعوا على حقيقة أن هذه العملية لا يمكن تنفيذها دون علم ولي العهد على الأقل"، كما خلصت إلى أن تدمير الأدلة - الذي حدث بعد 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018للتستر على جريمة القتل- لا يمكن أن يحدث دون علمه أيضا".
ورغم أن كالامار لم تتوصل -بحسب صحيفة واشنطن بوست- إلى استنتاج حول مسؤولية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أو مستشاره السابق سعود القحطاني، فإن تقريرها أفاد بأنه من غير المعقول تنفيذ عملية بحجم قتل خاشقجي دون علم محمد بن سلمان.
من جانبها، دعت صحيفة غارديانالبريطانية إلى التحقيق مع ولي العهد السعودي لأن "أدلة موثوقة" بحسب رأيها تشير إلى أنه مسؤول عن القتل، خاصة أن هذا الاستنتاج توصلت إليه وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي) في وقت سابق.
لا جديد في الرد السعودي
لكن الرياض رفضت التقرير جملة وتفصيلا ووصفته بأنه "يتضمن ادعاءات لا اساس لها وتطعن في مصداقيته"، حسب ما صرح به وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير.
وقال الجبير في تغريدة على تويتر "لا جديد.. يتضمن تقرير المقررة في مجلس حقوق الإنسان تناقضات واضحة وادعاءات لا أساس لها تطعن في مصداقيته". ورفض الجبير أي محاولة للتأثير على المحاكمة أو تعليق نظر القضاء السعودي في القضية. وقال الجبير في بيان لاحق نشرته وكالة الأنباء السعودية إن التقرير يحوي "ادعاءات واتهامات زائفة يؤكد بأنها نابعة من أفكار ومواقف مسبقة" لدى كالامار بشأن المملكة.
وتحدد كالامار مسؤولية ولي العهد في نقاط مهمة، حيث قالت كالامار للصحفيين بعد صدور تقريرها: "ما يتعين التحقيق فيه هو إلى أي مدى علم ولي العهد أو كان ينبغي له أن يعلم بما حدث للسيد خاشقجي، وما إذا حض على القتل بشكل مباشر أو غير مباشر... وما إذا كان بإمكانه منع الإعدام عند بدء المهمة وتقاعس عن فعل ذلك".
كما حثت كالامار دول العالم في تقريرها على وقف تراخيص تصدير تكنولوجيا المراقبة حتى تبرهن السعودية على أن استخدامها يقتصر على "الأغراض القانونية". كما دعت الولايات المتحدة إلى فتح تحقيق لمكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) والشروع في إجراءات قضائية داخل الولايات المتحدة. لكن مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي رفض التعليق على التقرير.
صراع حاد في واشنطن
قال السناتور بوب منينديز زعيم الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إن الأعضاء يعملون أيضا على تشريع "لتحميل السعودية المسؤولية" عن انتهاكات لحقوق الإنسان وعن مقتل خاشقجي. واضاف بأن لجنة العلاقات الخارجية ستبحث قريبا ربما الأسبوع المقبلتشريعا ينتزع من ترامب أو أي رئيس غيره إمكانية استخدام سلطات الطوارئ لبيع سلاح لأي بلد بخلاف أعضاء حلف شمال الأطلسي وشركاء رئيسيين آخرين محددين.
كما حثت كالامار دول العالم على توسيع نطاق العقوبات لتشمل ولي العهد وثروته الشخصية إلى أن يتمكن من إثبات عدم تحمله أي مسؤولية. وقالت كالامار للصحفيين "الأشخاص المتورطون مباشرة في جريمة القتل مسؤولون أمامه" ويرفعون تقاريرهم له لذا يجب التحقيق أكثر في هذه النقطة.
تركيا تشعر بالإساءة إليها
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء إن المسؤولين عن قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي سيدفعون الثمن وسيتم محاسبتهم وذلك ردا على تقرير كالامارحول القضية. وقال أردوغان في لقاء في اسطنبول إن النتائج التي تضمنها تقرير كالامار توضح أن تركيا تعرضت للإساءة في تلك العملية.
وكانت الخارجية التركية قد دعت مساء الأربعاء جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية للإصرار على تنفيذ التوصيات الواردة في تقرير محققة تابعة للمنظمة الدولية بشأن مقتل خاشقجي. وذكرت الوزارة في بيان أن التقرير أكد على النتائج التي توصلت إليها السلطات التركية، في حين شدد أيضا على أن القتل المتعمد يمثل انتهاكا للقوانين والمبادئ الدولية.
ح.ع.ح/إ.م
هؤلاء حاصرتهم قضية مقتل خاشقجي وأحرجتهم أمام الرأي العام
شخصيات كثيرة عبر العالم ترغب في نهاية قضية خاشقجي بأسرع وقت نظراً لكمّ الإحراج الذي تتعرض له، لكن مع كلّ تسريب جديد تعود القصة للحياة من جديد. من هم هؤلاء الذين حاصرتهم القضية؟
محمد بن سلمان
هيأ ولي العهد السعودي كلّ شيء لأجل قيادة السعودية خلفاً لوالده، ورغم ثقل الملّفات المتهم بتورطه بها، كحرب اليمن وحملة الاعتقالات الواسعة، إلّا أن اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده وضع الأمير الشاب في مرمى الانتقادات، خاصة مع تسريبات السي أي إيه التي استنتجت أن العملية جرت بموافقته. ولا تستبعد عدة تقارير إعلامية، إقدام القصر السعودي، في حال اشتداد الضغوط عليه، على عزل ولي العهد من منصبه.
صورة من: picture-alliance/AP/A. Nabil
عادل الجبير
اختفى الجبير تماماً في قضية خاشقجي، رغم أن الأمر يتعلّق بقنصلية هو المسؤول عنها سياسياً. تعوّد المتتبع على كثرة تصريحات وزير الخارجية الشاب في دفاعه عن القصر الملكي، لكن صمته أعطى رسالة بوجود أوامر عليا بضرورة تجنب التعليق في قضية خاشقجي. أول تصريح من الجبير في القضية كان: "القيادة السعودية خط أحمر"، ويبدو أن الرجل يحسب ألف مرة قبل الإدلاء بأيّ كلمة كي لا يجد نفسه في دائرة الإعفاء أو المحاسبة.
صورة من: Reuters/W. Kurniawan
بلاط بن سلمان
رغم كل ما قدمه المستشار سعود القحطاني، من قيادته لأدوات الدعاية الإلكترونية وردوده "العدائية" على خصوم ولي العهد، ورغم اضطلاع أحمد العسيري بمهام التواصل في حرب اليمن ثم انتقاله للمخابرات بناءً على رغبة بن سلمان، إلّا أنهما كانا في الصفوف الأولى لمن تمت التضحية بهم في قضية خاشقجي. غير أن حظهما العاثر جعل تنحيتهما من منصبيهما غير ذات قيمة، فتداعيات القضية لم تتوقف.
صورة من: Getty Images/AFP/F.Nureldine
الإعلام السعودي
أسئلة كثيرة تُطرح حول طريقة تعامل وسائل الإعلام السعودي مع القضية. تماهت أولا مع الإنكار الرسمي، وحمّلت المسؤولية لإيران وقطر والإخوان، ولما بدأت السعودية الاعتراف بوقوع الجريمة، بذل الإعلام ذاته جهدا كبيرا لمحاولة إقناع الرأي العام برواية شكّك فيها الكثيرون، في وقت استغل فيه الإعلام القطري القضية لـ"تصفية" حسابات بلاده مع الرياض. (في الصورة وليد إبراهيم مالك مجموعة إم بي سي).
صورة من: picture-alliance/abaca/Balkis Press
عبد الرحمن السديس
يعرف المسلمون خطيب المسجد الحرام في مكة بصوته المنتشر في أشرطة قراءة القرآن، لكنهم فوجؤوا به يقرأ خطباً سياسيةً تدافع عن ولي العهد بشكل غير مسبوق. وجد السديس تفسيراً لقضية خاشقجي بالقول إن هناك محاولة لاستفزاز مشاعر مليون مسلم، لكن ليس السديس لوحده في هذا السياق، فالمؤسسة الدينية السعودية برمتها تدافع عن سياسات القصر، وعبّرت على الدوام عن مواقف لصالح حكام البلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Images/M. Elshamy
دونالد ترامب
فضائح كثيرة حاصرت الرئيس الأمريكي واستطاع الإفلات منها، لكن مطرقة خاشقجي تدق في رأسه منذ عدة أسابيع. الضغط في الولايات المتحدة يدفع بترامب إلى تحديث تصريحاته حول القضية، ما أدى إلى تناقضه أكثر من مرة في الأجوبة. يعلم ترامب أن الانصياع للضغوط قد يكلفه خسارة علاقته مع ابن سلمان، ومن ثمة خسارة صفقات مالية ضخمة، لذلك يحاول إيجاد صيغة وسطية لا تضرب تحالفه مع السعوديين في مقتل.
صورة من: Reuters/K. Lamarque
جاريد كوشنر
صهر ترامب وأحد مستشاريه. يُعرف بكونه أحد أبرز أصدقاء ابن سلمان في الخارج. تقول تقارير الإعلام الأمريكي إنه يشكّل الوسيط المهم بين ابن سلمان وترامب، وإنه دافع على الدوام عن الرياض في دهاليز السياسة الأمريكية ووجد الكثيرمن الأعذار لولي العهد السعودي، لكنه يبدو أنه لم يستطع إيجاد الأعذار المناسبة في قضية خاشقجي، بل بات كوشنر، وفق تقارير إعلامية، يتهرب من التواصل المباشر مع ابن سلمان حول القضية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Vucci
محمد بن زايد
راهن ولي العهد الإماراتي على محمد ابن سلمان، لأجل محاصرة الإسلام السياسي والنفوذ الإيراني ووقف تداعيات الربيع العربي، لكن مهندس السياسات الإماراتية لم يدل بمواقف في قضية خاشقجي، فهل تخلّى تماماً عن حليفه الشاب؟ عمق الشراكة بين الرجلين تجعل كل واحدٍ منهما يحتاج للآخر في مثل هذه الملفات الحساسة، لكن الزلزال الذي أحدثه مقتل خاشقجي قوي جداً ووصلت شظاياه إلى أبعد ما تخيله أصحاب العملية.
صورة من: picture-alliance/AA/B. Algaloud
عبد الفتاح السيسي
منذ صعوده إلى الرئاسة، والسيسي يمثل حليفاً استراتيجيا للسعودية، خاصة في المعركة ضد الإخوان. يراهن السيسي على المساعدات السعودية لتحسين أوضاع بلدٍ يعاني اقتصادياً، وفي المقابل لا يبخل بأيّ شكل من الدعم السياسي للرياض. لكن دفاعه عنها جاء محتشما في قضية خاشقجي. يعي السيسي أن سقوط بن سلمان سيؤثر سلباً على حكمه لمصر، لكنه لا يريد رفع النبرة في جريمة ستضيف المزيد من السواد لسيرته الحقوقية .
صورة من: picture-alliance/Xinhua/MENA
إيمانويل ماكرون
كجل زعماء الغرب، يرفع الرئيس الفرنسي شعار حقوق الإنسان في تعامله مع الشرق، لكن عندما يتعلّق الأمر بالسعودية، التي تشتري ملايين اليوروهات من أسلحة فرنسا، يجد ماكرون مبرّرات الاقتصاد والتعاون الاستراتيجي لاستمرار العلاقة. وحتى عندما تعالت الأصوات بوقف صادرات الأسلحة رداً على جريمة خاشقجي، رّد ماكرون بحدة عكست موقفه الصعب، لكنه حاول الاستدراك بالتأكيد على خطورة جريمة خاشقجي.
صورة من: Imago/Belga/E. Lalmand
تيريزا ماي
قبل أشهر، خرج عشرات المتظاهرون للضغط على رئيسة الوزراء البريطانية حتى توقف صفقات الأسلحة خلال استقبالها لابن سلمان، لكنها رفضت التفريط في تحالف لندن والرياض. تواجه ماي أياما صعبة بسبب دعوات لسحب الثقة منها، لذلك لا ترغب بإضافة صداع جديد يخصّ قضية خاشقجي، وحاولت تقديم ردٍ قوي بوصف اعتراف السعودية الأول في القضية بالفاقد للمصداقية، غير أن مثل هذه التصريحات لم تشف غليل معارضيها.
صورة من: Reuters/H. Nicholls
بنيامين نتنياهو
انتظرت القيادة الإسرائيلية لعقود موقفا معتدلا من السعودية إلى أن جاء عهد ابن سلمان الذي لم يمانع بحق إسرائيل في الوجود. لذلك تشكّل أزمته الحالية مشكلاً لدى بنيامين نتنياهو الذي لا يرغب حتماً في عزل أمير يتقاسم مع إسرائيل الكثير من الأهداف، منها "صفقة القرن" ودورها في مشروع نيوم، والوقوف في وجه المشروع الإيراني بالمنطقة، وتقزيم دور حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المقاتلة.