قضية خاشقجي..المدعي العام التركي يطلب إحالتها إلى السعودية
٣١ مارس ٢٠٢٢
طلب مدعي عام إسطنبول "إغلاق ملف" قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي وإحالته إلى السعودية. المحكمة قالت إنها ستطلب رأي وزارة العدل، فما هي الفرص القانونية لإغلاق ملف القضية التي وترت العلاقات بين الرياض وأنقرة؟
وقالت المحكمة إنها ستطلب رأي وزارة العدل في هذا الطلب. وحددت موعد الجلسة القادمة في السابع من أبريل/ نيسان. وشوهد خاشقجي وهو من منتقدي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لآخر مرة وهو يدخل القنصلية السعودية في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018. ويعتقد مسؤولون أتراك أن جثمان خاشقجي تم تقطيعه والتخلص منه، ولم يتم العثور على أشلائه.
وفي سبتمبر/ أيلول عام 2020 قضت محكمة سعودية بسجن ثمانية أشخاص لمدد تتراوح بين سبعة أعوام و20 عاما لدورهم في عملية القتل، في محاكمة قال منتقدون إنها افتقرت إلى الشفافية. ولم يتم إعلان اسم أي من المتهمين.
وبعد المحاكمة التي جرت في السعودية طلبت المحكمة التركية من وزارة العدل في نوفمبر/ تشرين الثاني إرسال خطاب للرياض تسأل فيها عن أولئك الذين حُكم عليهم في المملكة، لتفادي خطر تعرضهم للعقاب مرتين. وقال المدعي العام التركي إن السلطات السعودية ردت بطلب إحالة القضية إليها وإلغاء ما يسمى بالنشرات الحمراء الصادرة ضد المتهمين. وأضاف المدعي العام أن الرياض تعهدت أيضا بالنظر في الاتهامات الموجهة للمتهمين الستة والعشرين إذا أحيلت القضية إليها.
وقال المدعي العام إنه لابد من قبول الطلب لأن المتهمين كانوا مواطنين أجانب ولا يمكن تنفيذ مذكرات الضبط والنشرات الحمراء ومن ثم لا يمكن أخذ أقوالهم، وهو ما يعني بقاء القضية معلقة دون حسم. وقال تقرير للمخابرات الأمريكية، كُشف النقاب عنه العام الماضي، إن الأمير محمد وافق على عملية لقتل خاشقجي أو القبض عليه. ونفت الحكومة السعودية أي ضلوع لولي العهد في الأمر ورفضت ما ورد في تقرير المخابرات.
وقال ولي العهد السعودي في مقابلة مع مجلة ذي أتلانتيك الشهرية نُشرت هذا الشهر إنه يشعر بأن حقوقه انتهكت بسبب الاتهامات التي وجهت إليه لأن أي شخص يجب أن يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته.
وتسببت عملية قتل خاشقجي في توتر العلاقات التركية السعودية. إلا أن منذ بضعة أشهر تسعى أنقرة التي تواجه صعوبات اقتصادية خطيرة، إلى التقرّب من الرياض. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن مطلع العام الجاري أنه سيقوم بزيارة "قريبة" إلى السعودية لكن الزيارة لم تتم حتى الآن.
وقُتل الصحافي السعودي (59 عامًا) الناقد لحكم العائلة الملكية السعودية والمتعاون مع صحيفة "واشنطن بوست"، في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2018 داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، حيث توجه للحصول على وثائق، بحسب تركيا.
ا.ف/ و.ب (رويترز، أ.ف.ب)
هؤلاء حاصرتهم قضية مقتل خاشقجي وأحرجتهم أمام الرأي العام
شخصيات كثيرة عبر العالم ترغب في نهاية قضية خاشقجي بأسرع وقت نظراً لكمّ الإحراج الذي تتعرض له، لكن مع كلّ تسريب جديد تعود القصة للحياة من جديد. من هم هؤلاء الذين حاصرتهم القضية؟
محمد بن سلمان
هيأ ولي العهد السعودي كلّ شيء لأجل قيادة السعودية خلفاً لوالده، ورغم ثقل الملّفات المتهم بتورطه بها، كحرب اليمن وحملة الاعتقالات الواسعة، إلّا أن اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده وضع الأمير الشاب في مرمى الانتقادات، خاصة مع تسريبات السي أي إيه التي استنتجت أن العملية جرت بموافقته. ولا تستبعد عدة تقارير إعلامية، إقدام القصر السعودي، في حال اشتداد الضغوط عليه، على عزل ولي العهد من منصبه.
صورة من: picture-alliance/AP/A. Nabil
عادل الجبير
اختفى الجبير تماماً في قضية خاشقجي، رغم أن الأمر يتعلّق بقنصلية هو المسؤول عنها سياسياً. تعوّد المتتبع على كثرة تصريحات وزير الخارجية الشاب في دفاعه عن القصر الملكي، لكن صمته أعطى رسالة بوجود أوامر عليا بضرورة تجنب التعليق في قضية خاشقجي. أول تصريح من الجبير في القضية كان: "القيادة السعودية خط أحمر"، ويبدو أن الرجل يحسب ألف مرة قبل الإدلاء بأيّ كلمة كي لا يجد نفسه في دائرة الإعفاء أو المحاسبة.
صورة من: Reuters/W. Kurniawan
بلاط بن سلمان
رغم كل ما قدمه المستشار سعود القحطاني، من قيادته لأدوات الدعاية الإلكترونية وردوده "العدائية" على خصوم ولي العهد، ورغم اضطلاع أحمد العسيري بمهام التواصل في حرب اليمن ثم انتقاله للمخابرات بناءً على رغبة بن سلمان، إلّا أنهما كانا في الصفوف الأولى لمن تمت التضحية بهم في قضية خاشقجي. غير أن حظهما العاثر جعل تنحيتهما من منصبيهما غير ذات قيمة، فتداعيات القضية لم تتوقف.
صورة من: Getty Images/AFP/F.Nureldine
الإعلام السعودي
أسئلة كثيرة تُطرح حول طريقة تعامل وسائل الإعلام السعودي مع القضية. تماهت أولا مع الإنكار الرسمي، وحمّلت المسؤولية لإيران وقطر والإخوان، ولما بدأت السعودية الاعتراف بوقوع الجريمة، بذل الإعلام ذاته جهدا كبيرا لمحاولة إقناع الرأي العام برواية شكّك فيها الكثيرون، في وقت استغل فيه الإعلام القطري القضية لـ"تصفية" حسابات بلاده مع الرياض. (في الصورة وليد إبراهيم مالك مجموعة إم بي سي).
صورة من: picture-alliance/abaca/Balkis Press
عبد الرحمن السديس
يعرف المسلمون خطيب المسجد الحرام في مكة بصوته المنتشر في أشرطة قراءة القرآن، لكنهم فوجؤوا به يقرأ خطباً سياسيةً تدافع عن ولي العهد بشكل غير مسبوق. وجد السديس تفسيراً لقضية خاشقجي بالقول إن هناك محاولة لاستفزاز مشاعر مليون مسلم، لكن ليس السديس لوحده في هذا السياق، فالمؤسسة الدينية السعودية برمتها تدافع عن سياسات القصر، وعبّرت على الدوام عن مواقف لصالح حكام البلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Images/M. Elshamy
دونالد ترامب
فضائح كثيرة حاصرت الرئيس الأمريكي واستطاع الإفلات منها، لكن مطرقة خاشقجي تدق في رأسه منذ عدة أسابيع. الضغط في الولايات المتحدة يدفع بترامب إلى تحديث تصريحاته حول القضية، ما أدى إلى تناقضه أكثر من مرة في الأجوبة. يعلم ترامب أن الانصياع للضغوط قد يكلفه خسارة علاقته مع ابن سلمان، ومن ثمة خسارة صفقات مالية ضخمة، لذلك يحاول إيجاد صيغة وسطية لا تضرب تحالفه مع السعوديين في مقتل.
صورة من: Reuters/K. Lamarque
جاريد كوشنر
صهر ترامب وأحد مستشاريه. يُعرف بكونه أحد أبرز أصدقاء ابن سلمان في الخارج. تقول تقارير الإعلام الأمريكي إنه يشكّل الوسيط المهم بين ابن سلمان وترامب، وإنه دافع على الدوام عن الرياض في دهاليز السياسة الأمريكية ووجد الكثيرمن الأعذار لولي العهد السعودي، لكنه يبدو أنه لم يستطع إيجاد الأعذار المناسبة في قضية خاشقجي، بل بات كوشنر، وفق تقارير إعلامية، يتهرب من التواصل المباشر مع ابن سلمان حول القضية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Vucci
محمد بن زايد
راهن ولي العهد الإماراتي على محمد ابن سلمان، لأجل محاصرة الإسلام السياسي والنفوذ الإيراني ووقف تداعيات الربيع العربي، لكن مهندس السياسات الإماراتية لم يدل بمواقف في قضية خاشقجي، فهل تخلّى تماماً عن حليفه الشاب؟ عمق الشراكة بين الرجلين تجعل كل واحدٍ منهما يحتاج للآخر في مثل هذه الملفات الحساسة، لكن الزلزال الذي أحدثه مقتل خاشقجي قوي جداً ووصلت شظاياه إلى أبعد ما تخيله أصحاب العملية.
صورة من: picture-alliance/AA/B. Algaloud
عبد الفتاح السيسي
منذ صعوده إلى الرئاسة، والسيسي يمثل حليفاً استراتيجيا للسعودية، خاصة في المعركة ضد الإخوان. يراهن السيسي على المساعدات السعودية لتحسين أوضاع بلدٍ يعاني اقتصادياً، وفي المقابل لا يبخل بأيّ شكل من الدعم السياسي للرياض. لكن دفاعه عنها جاء محتشما في قضية خاشقجي. يعي السيسي أن سقوط بن سلمان سيؤثر سلباً على حكمه لمصر، لكنه لا يريد رفع النبرة في جريمة ستضيف المزيد من السواد لسيرته الحقوقية .
صورة من: picture-alliance/Xinhua/MENA
إيمانويل ماكرون
كجل زعماء الغرب، يرفع الرئيس الفرنسي شعار حقوق الإنسان في تعامله مع الشرق، لكن عندما يتعلّق الأمر بالسعودية، التي تشتري ملايين اليوروهات من أسلحة فرنسا، يجد ماكرون مبرّرات الاقتصاد والتعاون الاستراتيجي لاستمرار العلاقة. وحتى عندما تعالت الأصوات بوقف صادرات الأسلحة رداً على جريمة خاشقجي، رّد ماكرون بحدة عكست موقفه الصعب، لكنه حاول الاستدراك بالتأكيد على خطورة جريمة خاشقجي.
صورة من: Imago/Belga/E. Lalmand
تيريزا ماي
قبل أشهر، خرج عشرات المتظاهرون للضغط على رئيسة الوزراء البريطانية حتى توقف صفقات الأسلحة خلال استقبالها لابن سلمان، لكنها رفضت التفريط في تحالف لندن والرياض. تواجه ماي أياما صعبة بسبب دعوات لسحب الثقة منها، لذلك لا ترغب بإضافة صداع جديد يخصّ قضية خاشقجي، وحاولت تقديم ردٍ قوي بوصف اعتراف السعودية الأول في القضية بالفاقد للمصداقية، غير أن مثل هذه التصريحات لم تشف غليل معارضيها.
صورة من: Reuters/H. Nicholls
بنيامين نتنياهو
انتظرت القيادة الإسرائيلية لعقود موقفا معتدلا من السعودية إلى أن جاء عهد ابن سلمان الذي لم يمانع بحق إسرائيل في الوجود. لذلك تشكّل أزمته الحالية مشكلاً لدى بنيامين نتنياهو الذي لا يرغب حتماً في عزل أمير يتقاسم مع إسرائيل الكثير من الأهداف، منها "صفقة القرن" ودورها في مشروع نيوم، والوقوف في وجه المشروع الإيراني بالمنطقة، وتقزيم دور حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المقاتلة.