قضية فلويد تؤجج الجدل حول مقتل إياد الحلاق بإسرائيل
٩ يونيو ٢٠٢٠
قضية جورج فلويد تعيد للواجهة في إسرائيل ظروف مقتل شاب فلسطيني مصاب بالتوحّد، ومقارنات بين أداء الشرطة الإسرائيلية وتظيرتها في الولايات المتحدة الأمريكية.
إعلان
في كل صباح تقريبا كان إياد الحلاق يتوجه على رجليه إلى المدينة القديمة في القدس الشرقية. وطريقه كان يقوده عبر أزقة ضيقة إلى مؤسسة الوين، لرعاية الأشخاص ذوي إعاقة. كان الفلسطيني الشاب يتمم تكوينه ليصبح مساعد طباخ. إياد البالغ من العمر 32 عاما كان يعاني من مرض التوحد والطريق اليومي على الأرجل كان تحديا وقسطا في الاستقلالية في آن واحد. لكن في الأيام الأخيرة من مايو/ أيار وجد هذا كله نهاية مؤلمة. وإعلان الشرطة الإسرائيلية في صباح السبت يمكن قراءته بواقعية: مشتبه به بالقرب من باب السبع في المدينة القديمة للقدس تم "تحييده" ـ وهو تعبير في لغة الشرطة الإسرائيلية يعني في الغالب موت الشخص المقصود.
طلبت عناصر شرطة الحدود من إياد الحلاق التوقف، كما يفيد بيان للشرطة. وبدؤوا ملاحقته وأطلقوا النار عليه. وكان على ما يبدو يحمل شيئا مشبوها، ربما مسدسا، كما ذكر البيان. ومات الرجل الشاب خلف حاويات قمامة اختبئ وراءها، بعيدا ببعض الأمتار عن وسط المدينة. واعترفت الشرطة لاحقا بأنها لم تجد سلاحا لديه.
وحتى عماد مونا، الذي يأتي في هذا الصباح بابنته البالغة من العمر 21 عاما مصدوم ويقول: "من السهل على هؤلاء الناس قتل أي أحد، لاسيما عندما يتعلق الأمر بفلسطيني". ويعبر عماد بذلك عما يفكر فيه الكثير من الفلسطينيين. وفي القدس الشرقية تعود الناس للأسف على هذا النوع من الحوادث، ولكن إطلاق النار على شاب معوق وأعزل وقتله جعل العديد من السكان قلقين بشكل خاص.
أوجه شبه مع عنف الشرطة الأمريكية
ومنذ الحادثة المميتة تسود حالة من الغليان في مواقع التواصل الاجتماعي، ويجري نشطاء فلسطينيون وبعض الإسرائيليين مقارنات مع عنف الشرطة العنصرية في الولايات المتحدة والاحتجاجات التي أثارها موت الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد.
وعلى هذا النحو حصلت مثلا في بيت لحم بالضفة الغربية والقدس ويافا وحيفا مظاهرات طالبت بالعدالة لإياد الحلاق. وبعض المشاركين في المظاهرات رفعوا صورا للحلاق وفلويد ولافتات بعبارة "حياة الفلسطينيين مهمة". وفي إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة تنتقد مجموعات حقوقية منذ مدة طويلة العنف غير المتناسب أحيانا من قبل قوات الشرطة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وغياب تطبيق القانون على أفراد الجيش والشرطة.
وفي حالة إياد الحلاق تولت وزارة العدل التحقيقات الداخلية، كما يقول متحدث باسم الشرطة. وتم حاليا إيقاف عناصر الشرطة عن العمل.
وفاة الحلاق أثارت بشكل غير معتاد الكثير من تعليقات السياسيين الإسرائيليين واعتذارات رسمية. "نحن نأسف للحادثة"، كما قال وزير الدفاع بيني غانتس خلال جلسة حكومية وعبر عن عزائه للعائلة. أما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي كان يجلس بقربه فلم يتحدث. لكن نتنياهو عاد وقدم التعازي لأسرة الحلاق بعد أسبوع من مقتله، ووصف يوم الأحد عملية القتل بأنها مأساة. وقال نتنياهو في تصريحات علنية لمجلس وزرائه "أعلم أن (الشرطة) تجري تحقيقات. كلنا نشاطر الأسرة أحزانها".
ويحقق قسم الشئون الداخلية بالشرطة في واقعة إطلاق النار، وكان وزير الأمن الداخلي، أمير أوحانا، من حزب الليكود المحافظ، قد وعد بإجراء تحقيقات شاملة وإصدار تعليمات جديدة في التعامل مع "المشتبه بهم بإعاقة". وفي الوقت نفسه أكد أن رجال الشرطة أثناء الخدمة يكونون "مجبرين على اتخاذ قرارات سريعة تفصل بين الموت والحياة. وقال بأنه في السنوات الماضية قام جناة فلسطينيون بالهجوم على مارة وقوات أمن إسرائيلية في القدس وقتلوهم في الغالب.
لا ثقة في حماية الدولة
الأب خيري الحلاق لا يكاد يصدق للآن موت ابنه. وتلقت العائلة طوال الأسبوع زيارات التعازي في سرادق العزاء. "لقد كان يحب الذهاب إلى المركز"، يقول خيري، الذي يحكي عن أهمية ذهاب إياد لوحده إلى العمل. وحول باب السبع ينتشر عدد من قوى الأمن الإسرائيلي، لأنه أحد الطرق المؤدية إلى الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى. وفي البداية كانت هناك مرافقة تمشي مع إياد وتشرح له نقاط التفتيش وتواجد عناصر الشرطة. "على الرغم من أنه كان شابا في الـ 32 من عمره، إلا أنه بقى في كيانه طفلا في الثامنة. ومن الصعب فهم لماذا تم قتله بلا سبب من قبل الشرطة"، يقول الأب.
وفي مركز الوين يعمل المشرفون والمتدربون والآباء على تفادي وقوع مثل هذه الحوادث في المستقبل، وهم لا يعولون على الحماية من طرف الشرطة. "في الآونة الأخيرة كنت في كثير من الأحيان أترك ابنتي تذهب بمفردها وأراقبها من بعيد إلى أن تصل إلى الباب بأمان كي تعيش قسطا من الاستقلالية"، يقول عماد مونا. "لكن الآن من الأفضل أن أرافقها إلى المركز كل يوم"، يضيف الرجل.
تانيا كريمر/ م.أ.م
في صور - محطات في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
الاختلاف في المواقف حول "صفقة القرن" بين إسرائيل والفلسطينيين، يخفي تاريخاً طويلاً من النزاعات والحروب بين الجانبين. في ما يلي نظرة عامة بالصور حول أبرز المحطات في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلال العقدين الماضيين.
صورة من: AP
قمة كامب ديفيد عام 2000 / الانتفاضة الثانية
لم تنجح قمة كامب ديفيد، التي عُقدت في يوليو/ تموز عام 2000، وجمعت آنذاك رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود براك، ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، بوساطة الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون في التوصل إلى اتفاق بشأن وضع القدس أو ترسيم الحدود بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وبعدها انطلقت شرارة الانتفاضة الثانية في سبتمبر/ أيلول عام 2000 على إثر زيارة ارييل شارون للمسجد الأقصى.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Edmonds
الانسحاب من غزة
على إثر الانتفاضة الثانية، قررت إسرائيل الانسحاب الجزئي من الأراضي الفلسطينية. وانسحبت بعض القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، ليتم بعدها إخلاء جميع المستوطنات الإسرائيلية البالغ عددها 21 مستوطنة في القطاع، وفقًا لخطة ارييل شارون. وبنت إسرائيل جداراً عازلاً يصل طوله إلى 750 كيلومتراً حول الضفة الغربية، بهدف منع وقوع هجمات.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Zaklin
حرب لبنان و الانقسام الفلسطيني الداخلي
بلغ الصراع في الشرق الأوسط ذروته عام 2006. في حين كانت إسرائيل تشن حرباً ضد حزب الله في لبنان، ساد الصراع الداخلي بين حركتي فتح وحماس على السلطة. وفي عام 2007، أضعف انقسام السلطتين الفلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة ـ والذي لا يزال مستمراً حتى اليوم ـ الجانب الفلسطيني.
صورة من: AP
عملية "الرصاص المصبوب"
في ديسمبر/ كانون الأول 2008، شنت إسرائيل هجمات اسمتها عملية "الرصاص المصبوب" على مجموعة أهداف في غزة. الهدف من هذه العملية كان إضعاف حركة حماس والقضاء عليها. وسبق الضربة العسكرية الإسرائيلية، تصعيد للصراع بين حركتي فتح وحماس. لكن بعد سيطرة حماس على القطاع، عاد التوتر. وفي يناير/ كانون الثاني عام 2009، انتهى الصراع بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وفقًا للمصادر الفلسطينية.
صورة من: AP
عملية "عمود السحاب"
بقي الصراع مستمراً عام 2009، وفي 14 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012، اغتال سلاح الجو الإسرائيلي، نائب القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أحمد الجعبري، ما أجج الصراع بين الجانبين. في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني، بدأت إسرائيل عملية اسمتها "عمود السحاب". بعدها وافقت الحكومة الإسرائيلية وحماس على وقف إطلاق النار مرة أخرى.
صورة من: Getty Images
عملية "الجرف الصامد"
تعد حرب غزة عام 2014 أو ما يعرف بعملية "الجرف الصامد" الصراع العسكري الأكثر عنفاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال العشرين سنة الماضية. الحرب، التي استمرت سبعة أسابيع، تسببت في مقتل أكثر من ألفي شخص.
صورة من: picture-alliance/dpa
نقل السفارة الأمريكية إلى القدس
في مايو/ أيار عام 2018، تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بعد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لإسرائيل. القرار أثار موجة احتجاجات واسعة، استمرت لأسابيع وخلفت أكثر من ألفي جريح و حوالي خمسين قتيلاً.
صورة من: Reuters/R. Zvulun
القرار بشأن الجولان
لا تزال سياسة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب تجاه الشرق الأوسط تثير الكثير من الجدل. وقد أثار اعترافه مؤخرا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، ردود أفعال دولية غاضبة عبرت عن مخاوفها من تأجيج الصراعات والحروب في منطقة الشرق الأوسط.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/Ting Shen
تجدّد التصعيد
تجدد التصعيد مرة أخرى بين الإسرائيليين و الفلسطينيين، بعد شن الطائرات الإسرائيلية غارات على غزة رداً على إطلاق صاروخ منها على شمال تل أبيب أواسط مارس/ آذار 2019. وعلى إثرها ازدادت وتيرة التصعيد في غزة واستهدفت الغارات الإسرائيلية مكتب زعيم حركة حماس إسماعيل هنية.
صورة من: picture-alliance/A.A. Alkahlout
موقف أمريكي جديد
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 أعلنت إدارة ترامب أنها لم تعد ترى في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية خرقا للقانون الدولي، وفيما رحبت إسرائيل بالموقف الأمريكي، أدانته السلطة الفلسطينية والأردن. فيما أكد الاتحاد الأوروبي أن موقفه لم يتغير، مؤكدا أن كل النشاط الاستيطاني بالأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني. فيما حذر مراقبون من تداعيات هذا الموقف على الوضع في الشرق الأوسط.
صورة من: imago images/UPI Photo
التمهيد لـ"صفقة القرن"
يُطلق مصطلح "صفقة القرن" على خطة السلام في الشرق الأوسط، التي عكفت إدارة ترامب منذ عام 2017 على إعدادها لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وكان من المتوقع أن يتم الكشف عنها مطلع 2018، لكنها تأجلت. وفي أول مؤتمر علني حول "صفقة القرن" في حزيران/ يونيو 2019 أطلق مستشار ترامب وصهره غاريد كوشنر الجانب الاقتصادي منها، في البحرين ضمن ورشة "من السلام إلى الازدهار"، وسط مقاطعة الفلسطينيين لها.
صورة من: Reuters
وسط ترحيب إسرائيلي ورفض فلسطيني
قوبل إعلان ترامب يوم 28 يناير/كانون الثاني 2020 عن خطته للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، بترحيب إسرائيلي، ورفض وتنديد من قبل القيادة الفلسطينية. فيما توالت ردود فعل العواصم العربية والعالمية. ولا تتوفر حتى الآن معلومات دقيقة عن هذه الصفقة. غير أن ما رشح عنها يفيد بأنها تتضمن مفاوضات شاملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بمشاركة دول عربية كالأردن ومصر وبرعاية أمريكية. إعداد: شارلوته فوسه/ إيمان ملوك