قطاع غزة: انقطاع الاتصالات مجددا وتكثيف العمليات في الجنوب
٤ ديسمبر ٢٠٢٣
يحاول الجيش الإسرائيلي إحكام قبضته على جنوب قطاع غزة، حيث توغّلت عشرات الآلات العسكرية في إطار الحرب مع حماس، فيما أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية انقطاع الاتصال بالهاتف والانترنت في عموم قطاع غزة.
إعلان
قال سكان وصحفيون إن إسرائيل شنت غارات جوية مكثفة على جنوب قطاع غزة، الإثنين (الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2023)، مما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين، بعضهم في المناطق التي طلبت إسرائيل من السكان الاحتماء بها، كما نقلت وكالة رويترز.
وواصلت القوات والدبابات الإسرائيلية شن حملة برية لاستهداف مقاتلي حماس في جنوب القطاع، بعد أن سيطرت على معظم أنحاء الجزء الشمالي المدمر الآن. وفي وقت سابق اليوم، أمرت إسرائيل السكان بمغادرة مناطق من خان يونس المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة. لكن السكان قالوا إن المناطق التي طُلب منهم الذهاب إليها تتعرض لإطلاق النار أيضا.
ونشر الجيش الإسرائيلي خريطة على منصة إكس للتواصل الاجتماعي تحدد نحو رُبع مدينة خان يونس باللون الأصفر الذي يشير إلى المناطق التي لا بد من إخلائها. وشملت الخريطة ثلاثة أسهم تشير إلى الجنوب والغرب، مما يعني مطالبة السكان بالتحرك باتجاه البحر المتوسط ومدينة رفح بالقرب من الحدود المصرية.
وحزم سكان مدينة خان يونس في غزة أمتعتهم وتوجهوا نحو رفح. وكان معظمهم يسيرون على الأقدام مرورا بالمباني المدمرة.
لكن مدير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) توماس وايت قال إن سكان رفح يُجبرون على الفرار. وقال على منصة إكس للتواصل الاجتماعي "الناس يطلبون المشورة بشأن أي مكان آمن. ليس لدينا ما نقوله لهم".
انقطاع الاتصالات في عموم قطاع غزة
في غضون ذلك أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل" الإثنين انقطاع الاتصال بالهاتف والانترنت في عموم غزة، مع توسيع الجيش الإسرائيلي عملياته البرية في اتجاه جنوب القطاع.
وقالت الشركة في بيان "نأسف للإعلان عن انقطاع كامل لكافة خدمات الاتصالات والإنترنت مع قطاع غزة، وذلك بسبب تعرض المسارات الرئيسية والتي تم إعادة وصلها سابقاً للفصل مرة أخرى".
وفي الجزء الشمالي من القطاع، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن 50 شخصا على الأقل قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية استهدفت مدرستين تؤويان نازحين في حي الدرج بمدينة غزة. ولم يتسن الاتصال بوزارة الصحة في غزة للتعليق على هذه الأنباء ولا التحقق منها من مصادر مستقلة. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنهم ينظرون في مدى صحة هذه التقارير.
وعلى نحو منفصل، أعلنت السلطات الصحية التابعة لحماس في غزة مقتل ما لا يقل عن 15899 فلسطينيا، 70 بالمئة منهم من النساء أو الشباب والأطفال فيما دون 18 عاما، حتى الآن في هجمات إسرائيلية على القطاع الذي تحكمه حماس خلال الحرب المستمرة منذ ثمانية أسابيع تقريبا. ولا يزال آلاف آخرون في عداد المفقودين ويخشى أن يكونوا مدفونين تحت الأنقاض.
وشنت إسرائيل هجوما للقضاء على حركة حماس، ردا على هجوم شنه مسلحو الحركة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مما أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، واحتجاز 240 آخرين، حسبما تقول إسرائيل.
يشار إلى أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وقال قائد سلاح المدرعات الإسرائيلي البريغادير جنرال هشام إبراهيم لراديو الجيش إنهم حققوا معظم الأهداف العسكرية في شمال غزة. وقال "بدأنا توسيع المناورة البرية إلى أجزاء أخرى من القطاع بهدف واحد هو الإطاحة بجماعة حماس الإرهابية".
ونشر الجيش لقطات لجنود يقومون بدوريات بالدبابات وسيرا على الأقدام في الحقول والمناطق الحضرية التي لحقت بها أضرار بالغة ويطلقون النار من أسلحة من دون تحديد موقعهم داخل غزة. وتقول إسرائيل إن أوامر الإخلاء تهدف إلى حماية المدنيين من الأذى، وطلبت من المنظمات الدولية مساعدتها في حث سكان غزة على الانتقال إلى المناطق التي تعتبر آمنة على الخرائط الإسرائيلية.
وقالت الأمم المتحدة إن المناطق الجنوبية التي أمرت إسرائيل بإخلائها منذ انهيار الهدنة قبل ثلاثة أيام كانت تؤوي أكثر من 350 ألف شخص قبل الحرب إضافة إلى مئات الآلاف الذين لجأوا حاليا إلى هناك قادمين من مناطق أخرى.
وكثيرون ممن فروا اليوم الإثنين كانوا بالفعل نازحين من مناطق أخرى. وقال أبو محمد لرويترز إن هذه هي المرة الثالثة التي يضطر فيها للفرار منذ أن ترك منزله في مدينة غزة في الشمال. وتساءل عن سبب إخراج السكان من منازلهم في غزة ما دامت هناك خطط لقتلهم.
وتدعو الولايات المتحدة إسرائيل إلى بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين جنوب قطاع غزة بشكل يفوق ما فعلته في الحملة التي شنتها الشهر الماضي في الشمال. لكن السلطات الصحية في غزة قالت إن نحو 900 شخص قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية منذ انتهاء الهدنة يوم الجمعة.
وخلال زيارة لها إلى غزة اليوم الإثنين، قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش إن مستوى المعاناة الإنسانية لا يطاق. ودعت سبولياريتش في بيان لها إلى حماية المدنيين واحترام قوانين الحرب وإطلاق سراح الرهائن لدى حماس.
وأضافت "من غير المقبول ألا يكون لدى المدنيين مكان آمن للذهاب إليه في غزة، ومع وجود حصار عسكري قائم لا توجد استجابة إنسانية كافية ممكنة حاليا".
ف.ي/ أ.ح/ ز.أ.ب (د ب ا، رويترز، ا ف ب)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance