قطع الطريق بين دمشق وحلب: أكثر من 200 قتيل بمعارك شمال سوريا
٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤
تصاعدت التوترات في شمال سوريا مع اندلاع معارك وصفت بأنها الأعنف منذ سنوات أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص وقطع الطريق الدولي بين دمشق وحلب. المعارك اندلعت بعد هجوم شنته هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة على مواقع الجيش السوري.
إعلان
أعلنت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، المدعومة بفصائل مسلحة أخرى، سيطرتها على نقاط استراتيجية شمال سوريا، بما فيها عقدة الطرق الدولية "M4" و"M5"، مما أدى إلى قطع الطريق الدولي الذي يربط دمشق بحلب.
وأفاد المرصدالسوري لحقوق الإنسان اليوم الخميس (28 نوفمبر/ تشرين الثاني) أن المواجهات، التي اندلعت منذ فجر الأربعاء، أسفرت عن مقتل 182 مسلحًا، بينهم 102 من هيئة تحرير الشام و19 من فصائل موالية لتركيا، إضافة إلى 61 من الجيش السوري وحلفائه.
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع السورية عن "تصدي قواتها" لهجوم وصفته بـ"الكبير"، مشيرة إلى أن الفصائل المسلحة استهدفت القرى الآمنة والنقاط العسكرية باستخدام أسلحة ثقيلة. كما شنت القوات السورية والطائرات الروسية غارات مكثفة استهدفت مناطق في إدلب وريف حلب، ما أسفر عن مقتل 19 مدنيًا على الأقل، وفقًا للمرصد.
تصعيد إقليمي
في تطور موازٍ، أعلنت إيران عن مقتل أحد كبار مستشاريها العسكريين، العميد كيومرث بورهاشمي، في هجوم شنته الفصائل قرب حلب. تأتي هذه الخسارة في وقت تشهد فيه المنطقة تزايد الضغوط على الوجود الإيراني في سوريا، وسط استهدافات متكررة من قبل إسرائيل لمواقع الميليشيات الإيرانية والفصائل الموالية لها.
يرى محللون أن هذا الهجوم يمثل محاولة استباقية من الفصائل المسلحة لإفشال خطط الجيش السوري، الذي يبدو أنه يستعد لشن حملة عسكرية واسعة بدعم من روسيا لاستعادة مناطق جديدة. ويعتقد المحلل نيك هيراس أن الوضع الحالي يعكس محاولة تركيا إرسال رسالة إلى دمشق وموسكو للتراجع عن تحركاتهما العسكرية شمال غرب سوريا.
أبعاد إنسانية وأوضاع متوترة
من جانبها، قالت "حكومة الإنقاذ"، التي تدير مناطق هيئة تحرير الشام، إن العملية العسكرية جاءت كرد فعل على قصف الجيش السوري للمدنيين، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف. وأوضح رئيس الحكومة محمد البشير أن هدف العملية هو "إبعاد مصادر النيران وتأمين عودة النازحين".
تعد هذه الاشتباكات الأحدث ضمن نزاع دامٍ مستمر منذ 2011، أسفر عن مقتل أكثر من 500 ألف شخص وتشريد الملايين، مع استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية والبنية التحتية في البلاد.
وتسيطر هيئة تحرير الشام مع فصائل معارضة أقل نفوذا على نحو نصف مساحة إدلبومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.
ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من آذار/مارس 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، وأعقب هجوما واسعا شنّته قوات النظام بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.
وتشهد المنطقة بين الحين والآخر قصفا متبادلا تشنّه أطراف عدة، كما تتعرض لغارات من جانب دمشق وموسكو.
ع.أ.ج/ أ.ح (أ ف ب)
المدنيون يتحملون العبء الأكبر للهجوم التركي في سوريا
يحاول من نزح جراء المعارك في شمال شرق سوريا النجاة بالاحتماء في منازل ومدارس مهجورة. ومع رحيل المنظمات الدولية غير الحكومية، يصطف المواطنون لساعات من أجل كسرة خبز. أما القلة القليلة التي تبقت من الأطباء فغارقة في عملها.
صورة من: DW/K. Zurutuza
المحطة الأولى رأس العين
تشير مصادر أممية إلى وجود أكثر من مائتي ألف نازح داخل شمال شرق سوريا منذ بداية الهجوم التركي، الذي بدأ في التاسع من تشرين الأول / أكتوبر 2019. وكان لمدينة رأس العين الحدودية النصيب الأكبر إثر هجوم مشترك لميليشيات مدعومة من تركيا التركية وقصف جوي. وستبقى المدينة تحت السيطرة التركية وفق اتفاق سوتشي الذي توصلت إليه روسيا وتركيا.
صورة من: DW/K. Zurutuza
"فقدنا كل شيء"
وتفيد تقارير بأن أغلب الفارين ينتمون إلى الأكراد. أما ما تبقى في المدينة من مدنيين فهم غالبًا من العرب الذين لا يزالون على تواصل هاتفي بجيرانهم القدامى. وقال هذا الرجل لـ DW (دويتشه فيله): "لقد أخبروني أمس أن الإسلاميين كانوا ينهبون منزلنا؛ لقد فقدنا كل شيء".
صورة من: DW/K. Zurutuza
كل كَسرة خبز تساعد
قوات النظام السوري تتمركز على مسافة كيلومترات قليلة من تل تمر بمحافظة الحسكة. ومن ثم، فقد فرَّت على مدار الأيام القليلة الماضية منظماتٌ دولية غير حكومية كانت تتخذ المنطقة مركزًا لها في السابق. ويعتمد النازحون داخليًّا من رأس العين والقرى المجاورة على عمل المنظمات غير الحكومية التي تكافح لمواكبة الأزمة.
صورة من: DW/K. Zurutuza
قرى خاوية ومخاطر عديدة
وبخلاف تل تمر، تستقبل قرى متاخمة أخرى مئات النازحين، الذين يعتمدون على منظمات محلية غير حكومية. وأوضح حسن بشير، منسق محلي لمنظمة غير حكومية، في تصريحات لـ DW أنهم "يعيشون في قرى خاوية، يوجد كثيرٌ منها بالقرب من مواقع أخرى خاضعة لسيطرة المليشيات المدعومة من الأتراك أو خلايا نائمة لداعش".
صورة من: DW/K. Zurutuza
وجبة واحدة لكل أسرة
لهذا النازح العربي القادم من رأس العين أربع زوجات وسيكابدون جميعا مشقة الحصول على ما يكفي لإطعام جميع أطفالهم، إذ تقول المنظمات غير الحكومية إنها لا تستطيع توزيع أكثر من وجبة غذائية واحدة لكل أسرة. وقال لـ DW بعد أن حصل على وجبة غذائية واحدة: "ليس ذنبهم أنهم مجرد أطفال".
صورة من: DW/K. Zurutuza
المدارس مغلقة.. إلى الأبد؟
منذ بداية الهجوم في شمال شرق سوريا والمدارس مغلقة، ويستقبل كثيرٌ منها الآن نازحين داخليًّا من رأس العين. وسينتقل من يستطيع تحمل التكلفة إلى مدن مثل الحسكة، التي تقع على بعد 80 كيلومترًا نحو الجنوب، أما البقية فسيتعين عليهم التكيف مع الظروف القاسية في مدينة حدودية تواجه المزيد من الهجمات من الشمال.
صورة من: DW/K. Zurutuza
"استمرار الوضع ينذر بكارثة كبرى"
تعيش حاليًا 50 أسرة كردية من رأس العين في هذه المدرسة المهجورة بتل تمر، وسط غيابٍ للمياه والكهرباء. ومع تدهور الأوضاع الصحية، يخشى أطباءٌ محليون والمستشفى في تل تمر من تفشي الكوليرا وغيرها من الأمراض، إذ أخبر أحد الأطباء المحليين DW: "إذا استمر الوضع هكذا، يجب أن نستعد لكارثة إنسانية كبرى".
صورة من: DW/K. Zurutuza
مرضى تقطعت بهم السبل
على الرغم من أن المشفى في تل تمر يعالج الجرحى، فإنه لا يستطيع مساعدة أولئك الذين يعانون من أمراض مثل السرطان. وأخبر نازحان DW أنهما كانا من المفترض أن يتلقيا علاجًا كيميائيًّا في دمشق قبل بدء الهجوم، إلَّا أن الوضع الأمني الحالي يجعل الوصول إلى هناك مستحيلًا.
صورة من: DW/K. Zurutuza
نوع آخر من أماكن اللعب
منذ سيطرة تنظيم "داعش" على تل نصري، بقيت القرية المسيحية الواقعة على أطراف تل تمر خاوية، إذ رحل أغلب سكانها السابقين خلال حصار داعش عندما دمَّرت المليشيات الكنائس بمتفجرات، قبل سقوط "الخلافة" المزعومة. ومع عدم وجود مكان آخر يذهبون إليه، يعيش العديد من النازحين داخليًّا من رأس العين في تل نصري.
صورة من: DW/K. Zurutuza
العيش على الصلاة
هؤلاء الفِتيانٌ من بين عشرات العالقين في تل نصري، إلَّا أن أوضاع المعيشة القاسية هي أبسط مشكلاتهم. فقبل التقاط الصورة مباشرة، أخبر نازحون DW أنهم تعرضوا لهجوم من قرية مجاورة يُقال إنها واقعة في قبضة إسلاميين، وأوضح مقاتلٌ بقوات سوريا الديمقراطية لـDW: "بدأوا بإطلاق النار علينا واشتبكنا [معهم] لأكثر من ساعة".
كارلوس زوروتوزا (تل تمر) / ج.ا