قفزة في أسعار النفط العالمية هي الأكبر منذ ثلاثين عاماً
١٦ سبتمبر ٢٠١٩
سجلت أسعار النفط ارتفاعا بنسبة وصلت إلى 20% في بداية تعاملات الأسبوع هذا اليوم على خلفية الهجوم على منشآت آرامكو في السعودية، ووصلت العقود الآجلة لخام برنت إلى 71.95 دولار للبرميل في أكبر مكسب منذ 14 يناير 1991.
إعلان
صعدت أسعار النفط اليوم (الاثنين 16 أيلول/ سبتمبر 2019) إذ سجل خام برنت أكبر مكسب بالنسبة المئوية خلال يوم منذ بداية حرب الخليج في عام 1991، بعدما أدى هجوم على منشأتي نفط في السعودية إلى توقف إنتاج ما يعادل خمسة في المئة من الإمدادات العالمية.
وقد ارتفعت أسعار النفط بنسبة وصلت إلى 20% في الدقائق الأولى من التعاملات اليوم قبل أن تتراجع قليلا فيما بعد. وارتفع سعر خام برنت وهو الخام القياسي للنفط في الأسواق الدولية بمقدار 6ر6 دولار أي بنسبة 11% تقريبا إلى 66,82 دولار للبرميل ليصل إلى أعلى مستوى له منذ منتصف تموز/يوليو الماضي. كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط وهو الخام القياسي للنفط الأمريكي بمقدار 5,34 دولار أي بنسبة 10% إلى 60,19 دولار للبرميل.
وقالت شركة أرامكو السعودية إن الهجمات خفضت إنتاج النفط بنحو 5.7 مليون برميل يوميا. ولم تقدم الشركة إطارا زمنيا لاستئناف الإنتاج بالكامل. وقال مصدر مطلع لرويترز إن العودة إلى الطاقة الإنتاجية الكاملة قد تستغرق أسابيع.
وقال مصدر بصناعة النفط لرويترز إن صادرات السعودية من النفط ستستمر كالمعتاد هذا الأسبوع إذ تستخدم المملكة المخزونات من منشآتها الكبرى.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في وقت متأخر أمس الأحد موافقته على اللجوء إلى مخزون النفط الاستراتيجي الأمريكي لمواجهة النقص في الإمدادات "إذا لزم الأمر". وقال ترامب على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي "في ضوء الهجوم على السعودية والذي يمكن أن يؤثر على أسعار النفط، وافقت على استخدام الاحتياطي الاستراتيجي إذا لزم الأمر من أجل ضمان تدفق الإمدادات في الأسواق".
وقفزت العقود الآجلة لخام برنت ما يصل إلى 19.5 في المئة إلى 71.95 دولار للبرميل خلال تعاملات اليوم في أكبر مكسب منذ 14 يناير 1991. وبحلول الساعة 0343 بتوقيت جرينتش ارتفع عقد الشهر المقبل إلى 66.20 دولار للبرميل بزيادة 5.98 دولار أو 9.9 في المئة مقارنة بالإغلاق السابق.
وخلال تعاملات اليوم قفزت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي الوسيط لما يصل إلى 15.5 في المئة إلى 63.34 دولار للبرميل وهو أكبر مكسب بالنسبة المئوية خلال يوم منذ 22 يونيو حزيران 1998. وبحلول الساعة 0343 بتوقيت جرينتش، ارتفع عقد الشهر المقبل إلى 59.73 دولار للبرميل بزيادة 4.88 دولار أو 8.9 في المئة.
في ردود الفعل، قالت كوريا الجنوبية اليوم الاثنين إنها ستدرس سحب نفط من احتياطيات الخام الاستراتيجية إذا تدهورت أوضاع واردات النفط الخام في أعقاب هجوم يوم السبت على منشآت نفط سعودية.
وتملك كوريا الجنوبية، خامس أكبر مستورد في العالم للنفط، نحو 92 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات المكررة كمخزونات استراتيجية. ومن بين الإجمالي البالغ 96 مليون برميل، تحتفظ البلاد بنفط خام قدره 82 مليون برمل والباقي منتجات مكررة مثل البنزين والديزل والنفتا.
وتغطي المخزونات حوالي تسعين يوما من احتياجات كوريا الجنوبية من النفط.
م.أ/ز.أ.ب (د ب أ، رويترز)
هل تتحمل أسواق النفط العالمية أزمة جديدة؟
هل تُقدم اسواق النفط العالمية على أزمة جديدة؟ يبدو أن هذا السؤال هو ما يشغل بال مهتمين كثر بالنفط في العالم. البلدان المنتجة والمستهلكة لم تسلم من تأثير هذه الأزمات الناتجة عن ارتفاع أسعار البترول وانخفاضه كذلك.
صورة من: Getty Images/J. Raedle
حظر عربي
بعد يوم من بداية حرب "الستة أيام"، قررت مجموع من الدول العربية المصدرة للنفط حظر المادة الثمينة على الداعمين لإسرائيل عسكريا. البعض حدد تاريخ الحظر في 6 يونيو/ حزيران 1967. قرار الحظر لم ينجح في التأثير على كمية النفط المتاحة على الأقل بالنسبة لجزء من البلدان، كأمريكا. وتجدر الإشارة إلى أن دول عربية لم تلتزم بالحظر ولا بتحديد شحنات النفط التي تصدرها لهذه البلدان رغم موافقتها على القرار في البداية.
صورة من: Shabtai Tal/GPO/Getty Images
أزمة النفط الأولى
كانت صدمة أكثر من أزمة النفط الأولى، كما يٌطلق عليها. في عام 1973، قررت دول عربية تنطوي تحت منظمة "أوبك" تخفيض إنتاج النفط، وفرضت حظرا على بعض شحنات النفط الخام المتجهة إلى دول كأمريكا وهولندا، للتأثير على إسرائيل. هذه القرارات ساهمت في ارتفاع أسعار النفط بشكل لم يكن منتظراً. واستمرت الأزمة لغاية 1986، كما يشير البعض. ولكن من هي "أوبك"؟
صورة من: picture-alliance/dpa
منظمة عربية بطابع دولي
"أوبك"، هي اختصار لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط. منظمة عربية إقليمية بطابع دولي، تم تأسيسها بموجب اتفاقية وٌقعت في لبنان، بتاريخ 1968. وتمت في البداية بين السعودية والكويت وليبيا، كما تم الاتفاق على الكويت كمقر رئيسي لها. فيما بعد التحقت الجزائر والإمارات والبحرين للمنظمة، مصر تونس والعراق وسوريا. وتهدف المنظم إلى التعاون بين الدول الأطراف في استخراج النفط وتوحيد الجهود في هذا المجال.
صورة من: picture-alliance/dpa
ارتفاع في الأسعار
ارتبطت هذه الأزمة بالثورة الإيرانية. أزمة النفط الثانية في عام 1979، كانت نتيجة لارتفاع الأسعار بعد انخفاض انتاج النفط بإيران. انسحاب عشرات آلاف العمال، وقيام إضرابات واحتجاجات في البلد، فضلا عن خروج شاه إيران وزوجته من بلد، قلص انتاج البترول بملايين البراميل. وبالرغم من محاولات أعضاء "أوبك" بزيادة الانتاج، إلا أن ذلك لم يمنع من ارتفاع الأسعار.
صورة من: picture alliance/UPI
نكسة الثمانينات
عقب الغزو العراقي للإيران، وفي عام 1980 تحديدا، توقف إنتاج النفط في إيران بشكل كبير، كما تقلص إنتاج العراق للنفط بشدة أيضا. وفي عام 1982، شهدت أسواق النفط تنافساً شرساً بين الدول المنتجة، مما ساهم في خفض الأسعار بسبب انخفاض الطلب والإفراط في الإنتاج. الأمور تطورت كثيرا خلال السنوات المقبلة وفي 1986، شهد العالم حرب أسعار طاحنة بين الدول المنتجة ومنافسة في زيادة الإنتاج علاوة على انخفاض الأسعار.
صورة من: cc-by-nd/astronautilus
أزمة قصيرة الأمد
تعتبر الأزمة الثالثة في تاريخ الأزمات بالعالم العربي. كان تأثيرها سلبيا رغم استمرارها لتسعة أشهر لا أكثر. أدت أزمة 1990 إلى ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى وبقيت كذلك إلى غاية1997. وفي هذا العام ظهرت الأزمة الأسيوية، وهي ماجعلت أوبك تجتمع في إندونيسيا وتقرر رفع إنتاجها لتنخفض الأسعار، وترتفع من جديد في 1999.
صورة من: AP
مضاربات على الأسعار
كان للأزمة المالية 2008 دور كبير في رفع اسعار النفط، حيث وصل البرميل إلى 147 دولارا، وهو أعلى مستوى له في التاريخ. إلا أن الأسعار انهارت في النصف الثاني من نفس العام بسبب الأزمة المالية العالمية التي نشأت نتيجة سقوط المصارف الأميركية الكبرى وانهيار شركات الرهن العقاري، ولم تستعد عافيتها إلا بعد اجتماع أعضاء "أوبك" في وهران بالجزائر، حيث استعادت الأسعار عافيتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
انهيار جديد
عام 2014، انخفض سعر برميل النفط في أسواق العالم بنسبة 55 بالمائة في أقل من سبعة أشهر. وقد عرف النصف الثاني من عام 2014 انهيارا في أسعار النفط أفقدها نحو 45% من قيمتها. ويرجع البعض أسباب هذا إلى ضعف الطلب العالمي وزيادة الإنتاج، علاوة على طفرة النفط الصخري في أمريكا. واختلفت حينها التأثيرات بين الدول المنتجة والمستهلكة.
صورة من: Reuters/N. Chitrakar
قلق مستمر
تعرف أسعار النفط ارتفاعا وانخفاضا دائمين، لكن الزياد عن الحد يساهم في ظهور أزمات جديدة. وإذا كانت أزمات النفط تساهم في قلب موازين السياسات فإن هذه الأخيرة أيضا تؤثر على أسعار النفط، لهذا يرجح البعض ظهور أزمة نفطية جديدة خاصة بعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس الإيراني روحاني، وردات الفعل الدولية التي لاحقتها. فهل يمكن أن يعرف النفط نكسة جديدة؟. إعداد: مريم مرغيش.