قلق أممي وحقوقي على مئات آلاف المحاصرين وسط القتال في الفاشر
خالد سلامة د ب أ، رويترز
٢٧ أكتوبر ٢٠٢٥
حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من "تصعيد مروّع للنزاع" في السودان، غداة إعلان قوات الدعم السريع السيطرة على مدينة الفاشر المُحاصرة، آخر معاقل الجيش في غرب السودان.
صورة من الأرشيف لمدنيين أثناء توزيع طعام في آب/أغسطس 2025صورة من: AFP/Getty Images
إعلان
قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أمس الأحد (26 تشرين الأول/أكتوبر 2025)، إن مئات الآلاف من المدنيين محاصرون وسط تصاعد القتال في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان.
وصرح منسق الأمم المتحدة لشؤون الإغاثة في الحالات الطارئة توم فليتشر بأنه: "مع توغل المقاتلين أكثر داخل مدينة الفاشر وانقطاع طرق الهروب، فإن مئات الآلاف من المدنيين محاصرون وهم في حالة رعب - حيث يتعرضون للقصف، ويعانون من الجوع، ولا يمكنهم الوصول إلى الغذاء أو الرعاية الصحية أو الشعور بالأمان".
السودان.. أكثر من 1000 قتيل في انزلاق أرضي بإقليم دارفور
02:20
This browser does not support the video element.
وتابع فليتشر إنه "يشعر بقلق بالغ إزاء تقارير تفيد بسقوط ضحايا مدنيين ووقوع عمليات نزوح قسري"، ودعا إلى "وقف فوري لإطلاق النار في الفاشر، وفي أنحاء دارفور، وفي عموم السودان". وأضاف: "يجب السماح للمدنيين بالمغادرة عبر ممرات آمنة وتمكينهم من الحصول على المساعدات. كما يجب السماح لمن يفرون إلى مناطق أكثر أمناً بالقيام بذلك بأمان وكرامة، ويجب توفير الحماية لمن يبقون - بمن فيهم العاملون المحليون في مجال الإغاثة. ويجب أن تتوقف فوراً الهجمات على المدنيين والمستشفيات وعمليات الإغاثة الإنسانية".
غوتيريش: تدخل خارجي متزايد
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة الاثنين من أن الصراع أدى إلى انخراط قوى خارجية، مضيفاً خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة إقليمية في ماليزيا إنه "حان الوقت ليقول المجتمع الدولي بوضوح لكل الدول التي تتدخل في هذه الحرب وتزوّد أطرافها بالأسلحة أن تتوقف عن ذلك". وتابع أنه "من الواضح أن الأمر لم يعد مجرد صراع سوداني بين الجيش وقوات الدعم السريع، بل نشهد تدخلاً خارجياً متزايداً يقوّض فرص التوصل إلى وقف لإطلاق النار وحلّ سياسي".
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، يعيش نحو 300 ألف شخص في أوضاع مأساوية بمدينة الفاشر، التي ظلت معزولة عن العالم منذ أكثر من عام.
وأفادت بيانات قوات الدعم السريع شبه العسكرية بأنها سيطرت على مدينة الفاشر، آخر مدينة كانت خاضعة لسيطرة الحكومة في إقليم دارفور.
ولم يعلق الجيش السوداني على ذلك في البداية. ووفقاً لتقارير إعلامية، لا تزال المعارك مستمرة في عاصمة ولاية شمال دارفور. ولم يتسن في البداية التحقق من صحة هذه المعلومات من مصادر مستقلة.
وتعتبر الأمم المتحدة الوضع في السودان أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ نزح أكثر من 12 مليون شخص، وهناك أكثر من 26 مليون شخص يواجهون خطر المجاعة - أي ما يقارب نصف سكان البلاد - يعانون من جوع حاد.
تحرير: حسن زنيد
السودان: نار الحرب تأكل الأخضر قبل اليابس
خلفت الحرب في السودان آثاراً سلبية كبيرة على الغطاء النباتي والغابات لا سيما في ولايات دارفور وكردفان، حيث أدت العمليات العسكرية المستمرة إلى تدمير مساحات واسعة وزيادة معدلات قطع الأشجار لتلبية احتياجات الوقود والبناء.
صورة من: Sam Mednick/AP/picture alliance
تدهور الغطاء النباتي
فقد السودان نحو 90% من غاباته بعد انفصال الجنوب، حيث كانت معظم الغابات الاستوائية تقع في الإقليم الجنوبي. وبحسب تقرير نشرته صحيفة التغيير السودانية في آب/أغسطس 2024، أكد "مرصد حرب السودان" أن صوراً التُقطت في حي الخرطوم بيلي بمدينة نيالا (عاصمة ولاية جنوب دارفور) أظهرت عدداً كبيراً من الأشجار التي تعرضت للجفاف الكامل وماتت، وأخرى تعرضت للجفاف الجزئي نتيجة الحر الشديد خلال العام الماضي.
صورة من: Adrien Vautier/Le Pictorium/MAXPPP/dpa/picture alliance
القطع الجائر
وأكد عدد من المواطنين لبرنامج "السودان الآن" الذي تبثه قناة DW عربية الألمانية، أنهم باتوا يعتمدون بشكل رئيسي على الحطب الذي يتم جمعه من الغابات والمناطق المجاورة، بالرغم من إدراكهم للتأثيرات البيئية السلبية الناتجة عن هذه الممارسات.
صورة من: Sam Mednick/AP/picture alliance
ندرة في مصادر الحطب
كما أدى تدفّق أعداد كبيرة من النازحين إلى مخيمات النزوح في دارفور إلى مزيد من الضغط على الموارد البيئية، ما نتج عنه استنزاف الموارد الطبيعية ومنها الحطب. ما سبق نتج عنه تراجع كبير في الغطاء الشجري، خاصة في المناطق التي استقبلت أعداداً كبيرة من الفارين من مناطق النزاع.
صورة من: Samir Bol/Anadolu Agency/picture alliance
اقتصاد الصمغ العربي في السودان
يساهم تراجع الغطاء الغابي في السودان في تسارع التصحر وتدهور الأراضي الزراعية والرعوية، مما يهدد سبل عيش المجتمعات الريفية. كما أدى هذا التدهور إلى تراجع إنتاج الصمغ العربي، أحد أهم صادرات البلاد، والذي يُستخرج من أشجار السنط ويُستخدم عالمياً في الصناعات الغذائية والدوائية ويعد السودان من أكبر مصدري الصمغ العربي في العالم.
صورة من: Ashraf Shazily/AFP
السودان يخسر ثروته الخضراء
في ظل غياب الدولة، أصبحت الغابات عرضة للاستغلال من قبل المدنيين والمسلحين والتجار، دون أي اعتبار للتوازن البيئي أو التنوع الحيوي. يُستخدم الخشب والفحم النباتي كمصدر رئيسي للطاقة المنزلية في معظم المناطق، وهو ما أدى إلى تراجع كبير في المساحات الغابية. وتشير تقارير بيئية إلى أن السودان يفقد سنوياً آلاف الهكتارات من غطائه الغابي، في ظل ضعف الرقابة وتراجع جهود إعادة التشجير.
صورة من: AFP/Getty Images
تأثيرات طويلة الأمد
في تقرير نُشر قبيل انعقاد مؤتمر "كوب 16" لمكافحة التصحر، حذّرت الأمم المتحدة من أن إزالة الغابات وتدهور التربة يقوضان قدرة الأرض على التكيف مع تغير المناخ، ويقودان إلى خسائر فادحة في التنوع البيولوجي، واستنزاف موارد المياه، وتفاقم مستويات الفقر، خصوصًا في المناطق الريفية.